القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: في أزمة الحراك الحزبي الكوردي وسبل الخروج منها ( الجزء الأول )

 
الثلاثاء 12 كانون الأول 2023


شاهين أحمد

مامدى حاجتنا كـ حراك حزبي كوردي في سوريا للمكاشفة والاعتراف بالأخطاء والاستعداد لمناقشة المراحل السابقة بكل تفاصيلها، وتحديد الذين يتحملون المسؤولية سواءً أكانوا أطرافاً كوردستانية أو أحزاب الحراك بما في ذلك تلك القيادات التي تصدرت المشهد ، ومن ثم الاعتذار الواضح والصريح للحاضنة الشعبية وفتح صفحة جديدة وإعادة بناء جسور الثقة بين الشارع الكوردي والحراك الحزبي بعد إعادة بنائه على أسس علمية جديدة، وصياغة خطابه عصري وفق مفردات سياسية مرنة خارج حقول الايديولوجيات المستوردة ومصطلحات الحرب الباردة ، والتحلي  بروحية مختلفة ورؤية جديدة مناسبة للمرحلة، والتسامي فوق الجروح لتجاوز آثار تلك الحقب، ومن ثم التأسيس لمقومات وحدة الموقف وصولاً لوحدة الصف وتشكيل مرجعية قومية كوردية سورية جامعة، مالكة لقرارها، معبرة عن التطلعات المشروعة للشعب الكوردي في إطار المشروع الوطني السوري التغييري الجامع ؟. وسنعتبر هذا الجزء ( الأول ) كمقدمة للحديث عن واقع الحراك والأزمة التنظيمية والسياسية التي يعيشها .


المكاشفة تعني الكشف عن الأخطاء والتجاوزات التي حصلت، وكذلك التهرب من المسؤولية وعدم اتخاذ مواقف مناسبة في المراحل السابقة ،وعدم التمييز بين الحلفاء والجهات المعادية، وغياب الرؤية تجاه ماتجتاح المنطقة من أحداث ستتمخض عنها تغييرات وتحولات قد تطال جوانب كثيرة بما فيها منظومات الحكم والخرائط التي رسمتها الدول المنتصرة في الحربين العالميتين ...إلخ . بدون شك هذه العملية تشكل الخطوة الأولى التي تمهد للاعتراف بالأخطاء وبالتالي الاعتذار والتأسيس لثقافة الصدق والتسامح والشراكة والبناء، وهي خطوة ضرورية لطي مرحلة والتخلص من مخلفاتها. وكي تكون المكاشفة عملية ومنتجة لابد من القيام بتشخيص الواقع تشخيصاً علمياً دقيقاً والاتفاق على الجوانب التي ستشملها وذلك من خلال جهد جماعي ، ومن ثم البدء بإلقاء الضوء على الأخطاء والتجاوزات التي حصلت سابقاً في مختلف المجالات ومن ثم تحديد الأطراف التي تتحمل المسؤولية، وتقسيمها حسب الحجم والأضرار، لأن هناك تجاوزات وأخطاء ربما تكفي الاعتذار عنها كي تطوى صفحاتها، ولكن هناك أخطاء لايمكن الاكتفاء بالاعتذار عنها ونسيانها وقد يتطلب الأمر التعامل معها وفق ضوابط وإجراءات وإبعاد المتسببين بها عن المشهد والحراك. علينا أن ندرك بأن المكاشفة والاعتراف بالخطأ، والاعتذار والأسف عنه ليست مجرد كلمات تقال في زحمة الخطابات الشعبوية لتبرير الأخطاء أوالالتفاف على النتائج المترتبة أوالبحث عن مخارج من تلك الورطات التي سببتها سلوكيات وممارسات خاطئة. لأن الاعتذار يعني بأن الفاعل قد وصل إلى يقين تام بأنه إرتكب خطأً ينبغي تصحيحه، وتطلب ذلك الكشف عنه، وتوجب الاعتذار ، وبالتالي فإن شكل الاعتذار لابد أن يتناسب وحجم الخطأ. وبما أن الموضوع متشعب وكبير ولـ مراعاة ظروف النشر وكذلك المزاج العام للقراء الأكارم وظروف العمل، سنقوم بنشر هذا الموضوع على حلقات متتالية ومتقطعة علها تدرك مقاصدها آملين من القراء الأكارم ومن مختلف الانتماءات الحزبية والمناطقية تفهم أهمية هذا الموضوع وضروراته لجهة الكشف عن بعض الامور التي سوف تكون وقعها ثقيلاً أو تحدث بعض الخدوش والجروح في نفوسنا. لكن علينا أن ندرك بأن امتلاك الجرأة على الاعتراف بالخطأ يشكل المدخل الصحيح من أجل البحث عن المعالجات السليمة. ونحن على يقين تام بأن أصحاب الأقلام والمهتمين ومناصري حرية الرأي والتعبير تقع عليهم واجب التفاعل الإيجابي والمساهمة في هذا الموضوع الذي يشكل بتقديرينا المدخل لثقافة جديدة نحتاجها لطي حقبة ومن ثم الانطلاق نحو وضع أسس سليمة لتشخيص الواقع القائم والحالة المزرية للحراك الحزبي في سوريا، ومن ثم العمل على إطلاق مبادرات لصياغة رؤى واقعية لمعالجته والسير نحو إعادة بناء الحركة وفق أسس علمية سليمة تتناسب مع متطلبات المرحلة. وفي ظل الأزمات والحروب التي تعصف بمناطق عدة من العالم وخاصة في منطقتنا، والتداخل الكبير بين مختلف الأزمات نظراً لمشاركة ذات الجهات في العديد من تلك الحروب ، وانعكاسات ذاك التداخل على الأزمة المستعصية التي تعيشها سوريا منذ انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في منتصف آذار 2011،وبعد مرور نحو ثلاثة عشر عاماً وما تخللتها من تحولات سياسية وتغيرات ميدانية وتقسيمات جغرافية جعلت من طرفي الصراع - النظام والمعارضات - الحلقة الأضعف في عملية اتخاذ القرار حول مصير سوريا ومستقبلها، وحولت سوريا لدويلات متناحرة ومناطق نفوذ موزعة بين المتدخلين ومسرحاً لتصفية حساباتهم وإطالة أمد الأزمة على حساب معاناة الشعب السوري الذي تم إخراجه تماماً من مساحة القرار. والواقع الكوردي هو جزء من تلك اللوحة السوداوية المزرية وليست هناك أية مؤشرات إيجابية تبشر بإمكانية أن تقوم نخب شعبنا سواءً تلك المنتمية للقوى السياسية أوالمستقلة بتشكيل مؤسسة لدراسة تلك اللوحة وتشخيصها وصياغة رؤية واقعية - موضوعية لإعادة بناء الحراك الحزبي المالك لقراره وصياغة خطاب واقعي بما يتناسب مع الخصوصية الكوردية في سوريا، وينسجم مع تطلعات شعبنا في إطار المشروع الوطني التغييري الجامع والهادف لطي حقبة الاستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي . ولا يخفى على أحد الأزمة التي يعيشها الحراك الحزبي الكوردي في سوريا ، والفوضى التي تعم ساحته، وآفة التفريخ والتشرذم التي تعصف به وسط غياب مشاريع سياسية واقعية تتناسب مع سمو الأهداف وحجم الإمكانات وتتقاطع مع مصالح القوى المؤثرة وتلامس آلام الشارع وتشكل عامل جذب للفئات صاحبة المصلحة الحقيقية في أي مشروع جدي يعيد الثقة للشارع ، ويبعث الأمل في النفوس المثقلة بالهزائم . ومع قناعتنا التامة بأن الحزب بحد ذاته ليس هدفاً والأحزاب بمختلف مسمياتها هي عبارة عن أدوات مؤقتة ومتغيرة بصورة دائمة شكلاً وهيكلية وبرامج وآليات عمل وأهداف. وبغض النظر عن الاعتراضات التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على مجرد التفكير أوأية محاولة جادة في إيجاد بدائل واقعية مختلفة للحراك الحزبي السوري بشكل عام والكوردي بصورة خاصة وبالرغم من قناعة المعترضين التامة بأن الحراك القائم ببعديه القومي الكوردي والوطني السوري فشل تماماً في صياغة مشاريع واقعية لإخراج سوريا من أزمتها السياسية الخانقة وتمر في أسوأ مراحلها منذ تأسيسها كدولة بموجب اتفاقيات معروفة من أهمها سايكس - بيكو لعام 1916، ولوزان لعام 1923 ووفق إرادة المنتصرين في الحرب العالمية الأولى ومصالحهم وبالرغم من إرادة شعبها . 
مناسبة الكتابة في هذا الموضوع المصيري والحساس هو الأزمة التي يعيشها الحراك وفشل التجارب الوحدوية التي أنجزت خلال مراحل تاريخية مختلفة بدءاً من المؤتمر الوطني في ناوبردان سنة 1970 ومروراً بكل التجارب الوحدوية، ودوام حالة التشظي والانقسام التي تضعنا في مواجهة لوحة تزداد تعقيداً، ولايمكن القفز فوقها أوإهمالها . ومن الأهمية بمكان هنا التأكيد بأننا لسنا بصدد الوقوف على محطة محددة وشرح تفاصيل ما جرى فيها لأن عمليات التوحيد التي حصلت تتشابه لجهة طغيان الحالة العاطفية والاحتفالية على الأسس والمعايير والآليات التي كانت مغيبة تماماً في كل تلك التجارب الأمر الذي أدى إلا أن تكون نهاياتها متشابهة أيضاً لجهة حصول الترهل ومن ثم الضعف وظهور الشللية والتكتلات والانشغال في الصراعات الثانوية والشخصية والدفع نحو الفشل والانقسام من جديد نتيجة غياب المعايير العلمية وسيطرة عقلية التفرد على حساب غياب المؤسساتية وحرمان مساحات واسعة من جغرافية التواجد الكوردي من حقها في التمثيل العادل في المحطات المفصلية بالإضافة إلى غياب المشروع السياسي والقضايا الأخرى التي تم ذكرها . طالما أن غاية النضال القومي الكوردي هو حماية وجود شعبنا وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية في إطار الشراكة الوطنية الحقيقية، وهذا النضال يحتاج إلى وحدة الكورد بمختلف شرائحهم وتنظيمهم في أطر وتعبيرات سياسية تشارك فيها جغرافية التواجد الكوردي بشكل كامل وفاعل ومتوازن ويتمثل فيها كورد كافة المناطق بشكل عادل فإن التهميش والإقصاء والعشائرية السياسية والمناطقية والفئوية كانت من جملة العوامل التي أدخلت الحراك في حالة الصراع الداخلي استنزفت إمكاناته، وحرفت مسار النضال عن الصراع الأساسي الذي يتمثل في مواجهة الاستبداد والعنصرية والشوفينية. وبالتالي من الضرورة بمكان الانتباه والتيقن بأن هذا الوباء القاتل لم يأت عن عبث ،وإنما نتاج خطة مدروسة وممنهجة من جهات معادية لا تريد الخير لشعبنا ومن خلال أدوات رخيصة لإغراق الحراك في دوامة الصراعات الداخلية وإخراج السموم من ثغور العشائرية السياسية والفئوية والمناطقية وبث الفرقة والتناحر في أوساط الحراك ومن ثم الشعب لإضعاف الشعور بالانتماء القومي الواحد وصرف النظر عن الظلم والاضطهاد والحرمان.وبما أن هذا الموضوع هام وعام وكبير سنحاول قدر المستطاع الاستعانة بنخبنا المستقلة وخاصة الذين ناضلوا في صفوف الحراك ومن ثم ابتعدوا عنه لأسباب مختلفة، وعقد ورشات في مختلف أماكن التواجد الكوردي السوري في الداخل والخارج للوقوف على الحالة المزرية التي تعيشه وبيان الأسباب الحقيقية التي جعلته في هذه الحالة وتبادل الاراء لتوليد أفكار من شأنها المساعدة في صياغة رؤى " قد " تساعد في إخراجه - الحراك الحزبي - من الحالة الراهنة والبحث عن مقومات إعاد بناءه وفق محددات واضحة لجهة استقلالية القرار السياسي والهيكيلية والخطاب والبرامج وواقعية الأهداف ... إلخ . وهنا جملة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح شديد علينا جميعاً ومنها : هل الحاضنتان الشعبية والحزبية اللتان أصابهما الوهن والتعب والإنهاك قادرتان على تحمل أعباء إعادة البناء؟. طالما أن كل تلك الأدوات العاملة في الميدان فشلت في حماية الشعب من الكوارث ما الذي يدفعنا للتمسك بها والنفخ فيها والمحاولة عبثاً في إحيائها؟. نعم الكل يعلم بأن الحراك الحزبي الكوردي بمختلف توجهاته وخنادقه ومحاوره فشل في المعركة وخسرالفرصة التاريخية التي توفرت نتيجة موجات ماسميت بثورات الربيع ، ماالذي يمنع من البحث والعمل عن صيغ جديدة مختلفة عن نمطية التفكير القائمة وعدم الاستسلام للواقع والبحث الجدي عن بدائل واقعية جديدة ومختلفة ؟.هل الحراك الحزبي الموجود يجب نسفه بالكامل أم أنه مازال هناك إمكانية لترميمه وإصلاحه وإدارة المرحلة الحالية من خلاله ؟. 
يتبع ....

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات