القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي

























 

 
 

مقالات: مفهوم الشراكة في الحكم والإدارة (مفاوضات الشراكة لإدارة غرب كوردستان)

 
الأربعاء 28 تشرين الاول 2020


 قهرمان مرعان آغا

تمهيداً ، لا بدَّ من التوضيح ، بأنه لا يوجد عاقل لا يحبِّذ وحدة الموقف من معظم الملفات ، التي تعترض قضية الشعب الكوردي العادلة في سوريا والمشاركة في إدارة إقليم غرب كوردستان ، بما فيها مناطق شرق الفرات ، التي تخضع لنفوذ التحالف الأمريكي والاحتكام في النهاية للعملية الديمقراطية كشكل مستدام للحكم الرشيد ، حيث من المفترض للحلف الغربي إذا طال به المقام ، نقل واعتماد تجربته في الحكم والإدارة وتنمية مؤسسات المجتمع المدني في تلك المنطقة ، من خلال انضمام ممثلي باقي المكونات إلى العملية السياسية التي ستنبثق من الجهود المشتركة في محاربة بقايا التنظيمات الإرهابية وحواضنها البائسة .


في النظم الديمقراطية يحدث شراكة سياسية عندما يخوض حزبان أو أكثر الانتخابات ضمن ائتلاف واحد أو يقوم حزبان فائزان أو أكثر بالتكتل ضمن البرلمان لتشكيل حكومة أو يشترك الأحزاب الفائزة بتشكيل حكومة موحدة ، كلٍ وفق حجم تمثيله ، لكن لم يسبق أَنْ حدث في مفاصل تاريخ الشرق القديم والحديث فيما يتعلق بالشراكة في الحكم والإدارة بصورة فعلية خارج مفهوم التبعية أو المحاصصة ، سوى حكم الفرد ، سواء كان سلطة الحكم إمارة أو ملكية أو جمهورية وسواء كانت الإدارة ذاتية أو محلية أو إقليماً  فيدرالياً ، أغلب الطغاة تخلصوا من آبائهم أو أشقائهم  بالمؤامرة والمكيدة ، ناهيك عن خصومهم ، حتى يستفردوا بالحكم والثروة والسلطة وتجربة الدكتاتوريات في الشرق الأوسط بعد مرحلة ما يسمى بالاستقلال الوطني لم تزل تخيِّيم على المشهد العام في أغلب البلدان ، دفعت الشعوب المستكينة والمتخاذلة ضريبتها في معدلاتها القصوى ، من حروب و فقر وتدمير للإنسان والأوطان .
قاد الفشل بالاستفراد حزب الإتحاد الديمقراطي ومنظومته الرديفة ، البحث عن شركاء في إدارة غرب كوردستان ومناطق شرق الفرات ، بعد أن قطع الاحتلال التركي ومرتزقته المأجورين من الجيش الوطني التابع للائتلاف السوري أوصال مناطق غرب كوردستان ، فيما المجلس الوطني الكوردي ساوم  بتحالفاته الهشَّة مع المعارضة و تخلف عن استحقاقات المرحلة أشواطاً ولم يعد يمثل سوى أحزابه المُتنفِّذة فقط ضمن هيكليِّته الحالية وأدائه المراوح في اللامكان ، فأصبح يراجع (لآته ـ لا) في مواجهة الآخر ، على أمل تعويض جزء من ما فاته ، لذا فإن حاجة الطرفين تحتِّم عليهما الدفع بعملية الشراكة نحو ما هو ممكن . وهم يعلمون جيداً بأن ضمانات راعي التفاوض ، رهن تطورات الأوضاع للأزمة السورية بثقلها الدولي والإقليمي .
حقيقة تبعية أطراف التفاوض :
مع استمرار رواية أنصار المجلس الكوردي ، أن كوادر قنديل المُتنفِّذين بأسمائهم الحركية و مسؤولياتهم المنفردة ، يغادرون مراكز القرار في (متصرفية) غرب كوردستان ، حيث وصلت درجة الغفلة بالبعض بان القرار أصبح بيد الكورد السوريين كما يوصفون ، لمعلوم هؤلاء ، لو لم يكن بالأساس وجود إشارات لدى الأمريكان والفرنسيين من قيادات قنديل ذاتها ، لما حصل هذا الماراثون البطيء من جلسات التفاوض وبالتالي الاتفاق السياسي وشكل المرجعية العليا  .
فالأجدى لكل طرف أن يتعامل مع الآخر من حيث المبدأ من خلال حقيقة وجوده أصلاً وليس افتراضاً ، عندما يتعامل المجلس الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي بمعزل عن مرجعيتهما على اعتبار أن َّ الطرفين  كورد سوريين ، يحدث للمفاوضين نوع من الـ (شيزوفرينيا) والانسلاخ من الواقع اليقيني والدخول في واقع افتراضي ، لأن العقل السياسي للذين يتصدرون المشهد السياسي في غرب كوردستان ثابت بالدليل على أنه قاصر في التعامل مع قضيته القومية بإنفراد ، وفق خصوصية هذا الجزء من كوردستان ، فهو دائم البحث عن وصي سواء في بعده الكوردستاني ( مع اختلاف المرجعيات من حيث المشروع القومي الكوردستاني ونقيضه ) أو السوري (من خلال الحنين إلى وصاية النظام الأمنية أو الموقف من الثورة السورية) ، لهذا فإن مبررات فشل الطرفين ستكون حتماً مُضلِلة .
تجربة الرئاسة المشتركة لمنظومة ب.ك.ك :
 من الطبيعي قيام الرئيسين المشتركين لأي هيئة في الإدارة الذاتية بنفسيهما بتسيير الأمور الإدارية و والمعاملات اليومية كـ(مأمورين) بصلاحيات محددة  ، بينما كل ما يتعلق من قرارات سواء بالجانب السياسي أو الأمني والاقتصادي وحتى وجود تلك الهيئة من عدمها ، فتأتي حكماً  كأمرٍ مُلزم بالتنفيذ من خلف الستار ، فالرئاسة المشتركة لا تعني المسؤولية الجماعية ولا توزيعها بين أكثر من شخص ولا المشاركة في اتخاذ القرار، بمقدار ما تعني من صورية في الشكل والهيكلية  لذلك الحزب أو تلك الهيئة ،  لأنها كنموذج في الهرم الوظيفي ، تقتصر على الدرجة الأولى (الرئاسات) فقط دون الهيئات الأدنى ، وهي بطبيعتها تتعارض مع مفهوم ( كومونة ـ  كومين ) كعمل ونتاج جماعي و مَشاعِ  ، (..لإدارة المجتمع الديمقراطي والمساواة بين الرجل والمرأة ولترسيخ مفهوم الأمة الديمقراطية) حسب التنظير والتلقين والصخب الإعلامي للخواء المعرفي . ويندرج كل هذا الـ (بروبوغندا) خارج التقاليد الديمقراطية للعالم الحر ، حتى أصبح مصطلح الديمقراطية مرادفاً ومزيلاً لمعظم التسميات لتلك المنظومة الحزبية وتفرعاتها . 
تجربة إقليم كوردستان الفيدرالي  في الشراكة :
إنَّ تقاسم السلطة في كل دورة انتخابية وتشكيل وزارة (كابينة جديدة) في إقليم كوردستان ، تعني ترسيخ مفهوم المحاصصة بين الحزبين الرئيسيين ، الحزب الديمقراطي الكوردستاني ( البارتي) والاتحاد الوطني الكوردستاني (يكيتي) ، ليس فقط لاعتبارات التجربة المريرة من الاقتتال الداخلي (1994ـ1998) المُدِّمر والبغيض ، بل الخوف من فشل التجربة الديمقراطية الناقصة في الحكم والإدارة للإقليم الفيدرالي وبالتالي تفكيكه إلى محافظات فيدرالية كاستدارة نحو الوراء بالاستناد إلى دستور العراق الاتحادي لعام 2005 علماً أن واقع إقليم كوردستان الفيدرالي ومؤسساته سابق لوجود العراق الاتحادي ، لهذا شمل الاتفاق الأخير بين الحزبين في آذار/2019 على تطوير قانون اللامركزية الإدارية والمالية للمحافظات (القانون رقم 3 لسنة 2009) بحيث يكون موسعاً لصلاحيات السلطات المحلية  ، حيث أضطر (البارتي) للتعامل مع القيادة الجديدة (المشتركة) لـ (يكيتي) منذ شباط/2020 ،التي أزاحت القيادات التقليدية من المشهد السياسي العام وحصر مهمتها في (المجلس الأعلى السياسي ) والشخصان متهمان في التآمر على سقوط كركوك وبقية المناطق المستقطعة في 16/اكتوبر/2017  و ذلك خوفاً من تداعيات أي خلاف من شأنه يزعزع الوحدة الوطنية كمفهوم يكرِّس سلطة الحزبين في مناطق نفوذ كلٍ منهما ، أكثر من حقيقتها الشعبية والمؤسساتية  ، لأن تجربة المحاصصة ، وقفت عائقة أمام بلورة مفهوم جامع للكيان الوطني المستقل باستحقاقاته الداخلية وهيئاته السيادية ، كالجيش (البيشمركة) والأمن والاقتصاد والقرار الموحد وساهمت بشكل أساسي في ما آلت إليه مجمل الأوضاع من عدم الاستقرار في مواجهة تحديات المركز والجوار الإقليمي .
الموقف من نظام الأسد :
ظل الموقف من نظام الأسد غائباً في معظم الاتفاقات التي حصلت بين الطرفين وآخرها (اتفاقية دهوك لعام/2014 ) التي من المفترض أن تكون أساساً للحوار الحالي حول ’’ الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع ’’، لهذا فإن الموقف من النظام والمعارضة السورية في الاتفاق السياسي المعلن ، لا يعدو كونه خطوط عامة ، لن يلتزم بها الطرفان  ، بحكم الواقع السياسي الحالي لكل منهما ، سواء بالنسبة لوجود المجلس ضمن الائتلاف السوري أو علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي في إطار (مسد) مع النظام  من خلال التصريح والاستعداد الدائم للحوار الذي لم ينقطع بترتيباته الأمنية  ، بما فيه الاستعداد لقبول قوات (قسد) كجزء من الجيش العامل (الجيش العربي السوري) الذي جرى تحت رايته قتل الشعب وتدمير البلد . والسؤال هنا ما ذا سيكون مصير (بيشمركة روز) في حال حصل الاتفاق العسكري بين قسد و النظام ، مع الأخذ في الاعتبار موقف التحالف الدولي الغامض من الصراع  الحاصل في شرق الفرات سواء ما يتعلق بالاحتلال التركي ومرتزقته أو وجود النظام وحاضنته الحزبية أو مساومات الروس لتوسيع النفوذ والهيمنة ، حيث ينصب كلها دفعة واحدة في مواجهة قضية الشعب الكوردي القومية العادلة .
التأثير المباشر لتدخلات ب.ك.ك وتواجده على أراضي إقليم كوردستان الفيدرالي في سير المفاوضات :
 كلما زاد التوتر على العلاقة المأزومة أصلاً بين حزب العمال الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني ( البارتي) أنعكس طرداً على المفاوضات الجارية بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الإتحاد الديمقراطي وتحالفه .   
لا شك أن استمرار وجود ( ب.ك. ك ) خارج ساحته الكبرى في شمال كوردستان ، لن تنهي مبررات اعتداءات الدولة التركية الغاصبة من احتلال مزيد من المناطق في غرب وجنوب كوردستان ، ناهيك في التدخل في الشأن الداخلي لحكومة إقليم كوردستان وكذلك في المناطق المستقطعة ، التي هي محل تنازع بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية وموقفه المعلن من الاتفاق بخصوص عودة النازحين وقوات البيشمركة إلى ( شنكال ) ومن قَبْلها تداعيات هجمات الجيش التركي وعملياته المتكررة على معاقل (ب.ك.ك) وعزل مئات القرى والقصبات من سكانها ، إضافة إلى التشهير الإعلامي المرافق لكل حدث عن علاقة الإقليم مع تركيا .
والسؤال الجوهري هنا ، هل بمقدور راعيا المفاوضات والاتفاق ، الأمريكان والفرنسيين الاستمرار في جولات الحوار بمعزل عن سطوة المرجعيات ، مع اختلاف هامش الحرية المحدود للطرفين  لصالح المجلس الوطني الكوردي ، منه ، عن حزب الاتحاد الديمقراطي وتحالفه نظراً لتشعب ارتباطاته الأيديولوجية والأمنية وتقلباته في تحالفاته السياسية ولاعتبارات كونه وبحكم الواقع الحالي ، السلطة الفعلية الإدارية والعسكرية والأمنية لمناطق غرب كوردستان وشرق الفرات ، لهذا فإنه يتفاوض على أساس أن يكون المجلس مساهماً في الإدارة الذاتية وليس شريكاً حقيقياً ، يتقاسم معه السلطة والثروة وبالتالي الحكم والإدارة .  
في 28/10/2020 . 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات