القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي




























 

 
 

مقالات: هل هكذا ستكون كوردستان القادمة

 
الأحد 03 كانون الأول 2023


د. محمود عباس

مطار هولير، ومعبر سيمالكا، والطرقات التي توصل الزائر إلى مدن غرب كوردستان، كقامشلو وديركا حمكو وغيرهما، ليست إشكاليات مهمة مقارنة بالقضية القومية والصراع مع الأعداء، لكنهم مع ذلك واجهة الإقليم الكوردستاني الفيدرالي، والإدارة الذاتية، تعكس إلى حد ما ثقافة الشعب، وسيماء حكومتهما، ونوعية السلطة فيهما، وتبين الواقع الإداري-السياسي المزري وكارثية البنية التحتية. فهي كجميع المعابر في العالم، يحصل القادم على حقيقة مما هي عليه داخل الدولة وأسلوب نظامها، وما سيلاقيه الزائر في إداراتها وشوارعها. 
وللأسف معظم الذين يعبرونهما من الأجانب والكورد بشكل خاص، يحصلون على انطباعات مؤلمة، من معظم النواحي، الأغلبية تكره العودة لولا الحاجة الماسة، وخاصة شعبنا من غربي كوردستان، والذين لا معبر لهم دون المطار وسيمالكا، وما يزيدهم ألماً واقع غرب كوردستان بشكل عام. 


يتحدثون عن معاملة الموظفين في المطار والجانب الشرقي من معبر سيمالكا، والتي تعكس ثقافة اجتماعية، تكاد أن تكون خالية من السمات الحضارية والقيم الكوردستانية المعروفة بكرم الضيافة ولباقة اللقاء، وبالعكس تستقبلهم الخدمات المتدنية، وبيروقراطية الأوراق، والغلاظة عند تفتيش الحقائب، بغض النظر عن ضرورات الحرص والأمان، والتي لا بد منها لكن بالإمكان القيام بها مع نوع من حسن الاستقبال والضيافة، لكن الحجة تضيع عندما يقال بأن المعاملة هي ذاتها أثناء الخروج أيضا، وهناك من يتحدث عن أشباه المافيا في تقديم المواصلات ما بين الباصات وشركة التاكسي. 
 وفي معبر سيمالكا والتي تبدأ من مدة الانتظار الطويل في العراء، والتي تمتد أحيانا إلى ساعات، وتناسي ضريبة الدخول الباهظة في المطار خاصة بالنسبة للعائلات الكوردية القادمة إلى غربي كوردستان والمتكونة من عدة أشخاص، تدفع ثانية أثناء الخروج من سيمالكا، وغيرها من السلبيات، بغض النظر عن سعادة الكوردي بدخوله إقليم كوردستاني، خاصة عندما يرى التطور العمراني، والسمات الكوردستانية التي يحلم بها كل كوردي، والتي تنسيه المعاملة الفجة في المعبرين، لكنه يعود ويصطدم ما بين العمران وخدمة المرافق العامة، ونظام الشوارع، والتعامل مع الإدارات والموظفين وغيرها.
 لسعادتنا بكوردستاننا، وتطورها، ولئلا نعطي الأعداء حجة التهجم عليها، وجدنا دائما أن مثل هذه الحالات يجب التغاضي عنها، لأن إداراتنا لا زالت في طور التكوين، وعمرها الزمني مقارنة بالدول المحتلة والأخرى لا شيء تقريبا، وهذه السلبيات والأخطاء ستزول مع الزمن، فهي ولا شك من مخلفات الأنظمة الدكتاتورية المحتلة لكوردستان، ورجحنا بأن معرفة كيفية إدارة الدولة ستأتي مع خبرة السنوات وإعادة أحياء ثقافة الكورد التاريخية، لكن وللأسف عقدين من الحرية والإدارة، لم تتغير السمات بل ظلت كما هي ذاتها أو في تطور بطيء مقارنة بالمطلوب لبناء الوطن على بنية ديمقراطية، ولا يعمل عليه ليرقى التعامل إلى السويات الحضارية المتناسب مع التطور العمراني، وتوسع العلاقات الدولية، والتعامل مع المجتمعات الحضارية.
 ولا شك هنا لا ننسى ما تتسم به إدارة الإدارة الذاتية من السلبيات في الداخل، أحيانا شبه الكارثية، لكن كل من يزور غرب كوردستان يتحدثون عن فرق المعاملة على طرفي معبر سيمالكا، ونسبة تسهيل الدخول والخروج من جميع النواحي، وحتى عن نوعية البناء الذي يوفر الراحة للمسافرين والقادمين، مع ذلك نحن هنا بصدد الإقليم الفيدرالي الكوردستاني والتي يجب أن تكون القدوة الكوردستانية، والتي تكاد أن تنسى المنهجية البرزانية، حيث رقي التعامل السياسي والمذهبية الصوفية الإنسانية، والثقافة التاريخية الكوردستانية، والتي بناء عليها يتوجب على الإدارتين، خاصة الإقليم الفيدرالي المتمكن ماديا، بناء جسر متطور كبديل عن معبر سيمالكا الحربي، المبني بأمر من سيادة الرئيس مسعود برزاني لخدمة شعبنا في روج آفا المعاني من الويلات في بدايات الهجرة الكارثية.
 فعلى سبيل المثال، والتي تكررت مع العديد من الكتاب الكورد: سافر قبل فترة، كاتب كوردي معروف، من ألمانيا إلى قامشلو، كان يحمل معه نسخ من كتبه المنشورة وجلها باللغة الكوردية، كهدايا لأصحابه. بغض النظر عن البيروقراطية التي لاقاها في المطار، تم إيقافه في معبر سيمالكا لساعات، ينقبون بين صفحات كتبه، دون معرفتهم قراءتها لأنها مكتوبة بالأحرف اللاتينية، يسألونه ما تتضمنه الكتب، إلى أن جاء بعض الناس من المسافرين، وكانوا يعرفونه شخصيا وبعضهم من خلال الإعلام ربما، تحدثوا مع الموظفين، وعاتبوهم على هذه المعاملة غير اللائقة للكاتب، فتم السماح له بالمرور بعد الإرهاق والتعب، وهو في منتصف السبعينات من العمر، دون أن يقدموا له قبلها ولا بعدها أية وسيلة للراحة أثناء تفتيش كتبه وحقائبه. وهنا نتحدث عن كتب-ثقافة أي كانت مضامينها، وليست حقائب ربما تتضمن مواد خطيرة.
 يجب أن نعمل لنخلق من ذاتنا أمة حضارية من بدايات التكوين، ونبين للعالم بأننا عند تحرير كوردستان ستكون دولة ديمقراطية بكل سماتها العصرية، وستتسم بثقافة اجتماعية متطورة، بعكس ثقافة الدول التي تحتل كوردستان، بل والمجاورة، لنحصل على الدعم الدولي، وإلا فما هي المصالح التي يمكن أن تحصل عليها الدول العالمية والكبرى من بناء كوردستان متخلفة كالدول الحالية والتي تراعي مصالحها بكل أبعادها، وما هي الدوافع التي تقنعها لتساعدنا على تحرير دولة تكون على شاكلة الدول المتخلفة في المنطقة، ألم تكن هذه من أحد الأسباب التي دفعت بمعظم دول العالم الوقوف ضد عملية الاستفتاء في 25/أيلول/2017م.
من المؤلم القول: كوردستان وأعني الأجزاء الأربعة، فيما إذا أستمرت المسيرة الثقافية فيها كما هي عليه الأن، وظلوا على البنية الحزبية-السياسية الحالية، وإذا لم تحاول الإدارات الموجودة، والأحزاب السياسية الكبرى وبمساعدة الحركات الثقافية، الإقدام على خلق طفرات التغيير والتصحيح والتحديث، حتى إذا تقاطعت مصالح الدول الكبرى مع تحرير كل أجزائها، ستكون نسخ مشابهة للدول المسماة بالوطن العربي. 
 في حال التحرر، على البنية التي تعكسها الإدارتين، سنرى الوطن الكوردستاني، بعدة دول ذات ثقافات وأنظمة سياسية مختلفة ومتخلفة، قد تكون على عداء بين بعضها، والمعابر الحدودية بينهم ستكون على شاكلة الموجودة بين دول المنطقة إن لم تكن أكثر كارثية، بل وربما قد تكون أحيانا في حالات الصراع الحزبي قبل السياسي أبشع مما هي عليه اليوم الدول العربية والدكتاتورية.
 وإذا تمتعت عيناي بكوردستان محررة، ويكاد يكون حلما ليس لاستحالته، بالعكس أراها قريبة، بل لأنني في نهايات العمر، قد لا يكون كافي للتمتع برؤية بمثل هذا البناء شبه الإلهي، وظلت سوية سياسة الإدارتين على ما هي عليه، أو على شاكلة الدول المحتلة لكوردستان، سأكون من أول المعارضين، إن كنت في المهجر أو في الوطن، أما اليوم وبما أننا لا زلنا في مراحل التحرر فالمطلوب منا هو النصح، وتبيان السلبيات، ومحاولة التنوير، تنوير ذاتنا، ومجتمعنا، ومسؤولي حراكنا ،وإداراتنا، وإن طلب مني القراء أو بعض المسؤولين عرض البديل والذي لن أملكه في الواقع العملي غير التشخيص والنصح، بقدر ما تملكه الإدارتين على خلفية الخبرة والسنوات العديدة التي قضوها في البناء وحصولهم على المساعدات الدولية وفي كل المجالات، والتي تضيع  ما بين الاستلام وتطبيقها، آملين دراسة الواقع ومحاولة التحسين.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
10/11/2023

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات