محاولات إنعاش نظام الأسد

طارق الحميد

نحن أمام ثلاثة نماذج إقليمية الهدف منها إنعاش نظام بشار الأسد، وليس إنقاذ السوريين، بعض تلك النماذج فشل، والبعض الآخر لا يزال يحاول بكل ما أوتي من قوة إلى درجة أنه بات مفضوحا، وهذا أمر جيد.

فهناك النموذج التركي الذي حاول الظهور بمظهر الصديق للشعب والنظام في سوريا، حيث حاول حقن الجسد البعثي الهزيل بالدم الإخواني، على أن يتم إنعاش النظام الأسدي من خلال وضع «الإخوان» في مكان مؤثر، مثل رئاسة الوزراء، لكنها محاولة فاشلة، لأسباب عدة، أهمها أن نظام الأسد غير قابل للإصلاح، كما أن حجم الجرائم المرتكبة بحق السوريين من شأنه أن يجعل «الإخوان» شركاء في الدم مع نظام الأسد، وهذا انتحار سياسي لـ«الإخوان».
وهناك أيضا النموذج العربي، وليس عليه إجماع، بل اجتهادات، ويكفي التذكير هنا بخطاب العاهل السعودي الذي لا يزال يعد السقف الأعلى في الدفاع عن السوريين، لكن النموذج العربي المتمثل بعدة نماذج، يظهر محاولات لتحييد نظام الأسد عن إيران، وهذا أشبه بمن يريد جعل طقس الجزيرة العربية شبيها بطقس لندن، ولذلك فشل وسيفشل ما دام الأسد يحكم سوريا.

كما أن هناك النموذج العربي المتحسب لإيران، وأمور أخرى، ويكفي هنا تأمل أسباب فشل مؤتمر المعارضة السورية الأخير بالدوحة، حيث كان السبب هو محاولة دفع المشاركين في المؤتمر لتبني المبادرة العربية تجاه سوريا، وهي المبادرة التي اعتبرها النظام الأسدي كأنها لم تكن، وتعامل مع الأمين العام للجامعة العربية بكل استخفاف!

حسنا ما الذي تبقى؟ يتبقى بالطبع النموذج الإيراني؛ فبعد محاولات طهران لإنقاذ الأسد على الأرض، من خلال الدعم المالي للنظام، وتجهيزه بالمعدات، والخبرات الأمنية، ومنها الخطة الإسرائيلية الشهيرة المتمثلة في تقسيم المدن إلى مربعات أمنية، وهذا ما يتم اليوم بدمشق وباقي المدن، فإن إيران تسعى اليوم للدعوة إلى مؤتمر إسلامي بطهران تحضره الدول الإسلامية المؤثرة، بحسب بيان الرئيس الإيراني، لمناقشة الأزمة السورية، وليكون المؤتمر نواة لأي طارئ آخر يحدث بالدول العربية مستقبلا!

وهذا يعني أن إيران لا تتذاكى وحسب، بل وتكشف عن ورطتها؛ فالمحاولة الإيرانية، مثل المحاولات العربية أعلاه، تعني أن الجميع باتوا متيقنين من نهاية النظام الأسدي، مهما حاولوا إنعاشه، كما تعني أن إيران أيضا تريد التقليل من حجم خسارتها السياسية الفادحة بالمنطقة جراء تشرذم أوضاع حليفها الأسد، وذلك من خلال محاولة إنقاذه بشراكة إسلامية، أي السعودية وتركيا، فإما تم إنقاذ الأسد، أو ظهرت طهران صديقا للشعب السوري، كما تعوض إيران معنويا الصفعة السياسية الموجعة التي تلقتها بعد تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين.

ومن شأن هذا المؤتمر أيضا أن يؤسس لفتح نافذة جديدة للتدخل الإيراني المستقبلي في المنطقة، في حال سقط الأسد، وانقطعت يد إيران من المنطقة.

ولذا فإن ما سبق يعكس فشل محاولة إنعاش النظام الأسدي، وأن الجميع باتوا مقتنعين بحتمية نهايته، ومنهم إيران، وعليه فمن الضروري أن ينتقل العرب الآن للمرحلة الأساسية، والمطلوبة، وهي تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية، ومطالبة مجلس الأمن بضرورة التحرك لحماية السوريين العزل من نظام الأسد.

tariq@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…