لماذا يرفض بشار الأسد كل المبادرات؟

عبدالباقي حسيني

السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مواطن، داخل سوريا وخارجه، ماهي أسباب رفض بشار الأسد ونظامه لكل المبادرات التي طرحت عليه من قبل الدول العربية، تركيا، إيران والدول الغربية؟، الجواب واحد وهو: أن نهايات كل المبادرات، تؤدي إلى نتيجة واحدة في المحصلة وهي رحيل بشار الأسد ونظامه من سدة الحكم.

لهذا يرفض كل النداءات والمحاولات التي تدعوه إلى وقف القتل، وسحب قواته وجيشه من شوارع سوريا، وترك الشعب يتظاهر بحرية.

على اعتباره يدرك، بعد الساعات الأولى من وقفه للقتل، وسحب جيشه من المدن والبلدات السورية، ستخرج فئات الشعب السوري، كافة، إلى الشارع وستطالبه بترك القصر الجمهوري،
وبالتالي القبض عليه، وإحالته إلى القضاء، لارتكابه أفظع الجرائم بحق هذا الشعب، و في هذه اللحظة، ستحسم نهايته ونهاية نظامه.

لذلك، لن يسحب أي جندي أو شبيح من الشوارع، حتى يقضي على آخر متظاهر في سوريا، كما يخيل له ولنظامه الدموي.


لنعود إلى المبادرات التي طرحت على الرئيس السوري، ونظامه، كحل للأزمة القائمة في سوريا.

ونأتي على المبادرة الأخيرة، والصادرة من جامعة الدول العربية، والتي كشفت جريدة القبس الكويتية عن الخطوط العريضة لهذه المبادرة، وإذا ما تأكدنا بأن المبادرة المطروحة هي فعلاً، هي الرسالة نفسها، التي كان سيحملها نبيل العربي، رئيس الجامعة، إلى بشار الأسد، فأنا كمواطن سوري، أقبل بها جملة وتفصيلاً، لكنني على يقين بأن النظام السوري سوف لن يقبل بأي فقرة من فقرات المبادرة، لأنه (أي النظام) لم يقتنع حتى الساعة بأن الشعب لم يعد يقبل به نظاماً، ورئيساً، وحزباً.

وإذا ماعدنا إلى فقرات المبادرة، وحللناها قليلاً، لرأينا جميع بنودها تتجه لصالح السوري العام، لكن النظام يعتبرها تدخلاً في شؤونه الداخلية وهو لا يقبل إملاءات من أحد.

إلا أن الرد الكويتي وعلى لسان وزير خارجيتها، كان أسرع عندما قال، ” الأزمة السورية قضية عربية، وليست شأنا داخلياً”.

وهذا مايأمله الشعب السوري من الأشقاء العرب، عندما يسعون لوضع حد لنظام بشار الأسد، لمنع إراقة الدم السوري، بهذه الوحشية، والوقوف إلى جانب الشعب السوري الأعزل وتطلعاته في الحرية والديمقراطية.


في هذا المجال تصاعدت الضغوط الإقليمية والدولية على النظام السوري،عندما صرح عبدالله غول (الرئيس التركي)، بأن تركيا فقدت الثقة بنظام بشار الأسد، و أن زمن الإصلاحات قد فات.

فيما صرح مصدر إيراني، أن دمشق رفضت مجموعة نصائح من عشرات البنود، قدمتها طهران لحل الأزمة الراهنة في سوريا.
وسيصل دمشق اليوم مبعوث روسي، رفيع المستوى، لإيصال آخر رسالة من روسيا، إلى النظام في سوريا وهو “موقف حازم ،يطالب القيادة السورية بإيقاف فوري لجميع أعمال العنف، والحملات العسكرية، وأن أي تقاعس من قبل دمشق، سيجبر موسكو على مساندة قرار يناقشه مجلس الأمن الدولي، بفرض عقوبات مشددة، تطول النفط والسلاح وحظر السفر”.
بشار الأسد ونظامه، لم يستفيدا من جميع هذه المبادرات كحل للأزمة السورية، وإذا ما رجعنا  قليلا إلى الوراء وتمعننا في أهم هذه المبادرات، ألا وهي: مبادرة ملك السعودية خادم الحرمين الملك عبدالله، عندما وضع بشار الأسد أمام خيارين، إما الحكمة أو الفوضى.

لكن مع الأسف وكعادته، تغلب على ذهنية النظام السوري العناد والتكابر، لذا لجأ إلى الفوضى وقمع المتظاهرين، بشكل أعنف ولم يسمع إلى صوت العقل، والذي كان سيجنبه ونظامه من تبعات جمة، لكن هيهات من نظام لا يرى في الأفق أكثر من طول أنفه.


الأوراق المتبقية في يد النظام السوري، والتي سيلعب بها في نهاية المطاف، عندما يجد نفسه وحيداً، دون أصدقاء، أو دون من يسانده في تعسفه وتسلطه، سيهرع إلى خلق فوضى في المنطقة، وذلك بتحريك بيادقه، في جميع الاتجاهات؛ في لبنان، سيقوم بتحريض حزب الله، أو بعض الفصائل الفلسطينية التابعة له، ضد إسرائيل.

في العراق، سيحرك بعض الفصائل الشيعية ضد الكويت.

في تركيا، سيحرك بعض عناصر حزب العمال الكردستاني المتبقية تحت رحمته، في قتل بعض عساكر الأتراك.

في فلسطين، سيحرك جماعة حماس بإطلاق بعض الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية.

إلا أن كل هذا لم يجده نفعاً، عندما يتضح للعالم أجمع، بأن هذا النظام برئاسة بشار الأسد، بات مصدر قلق في المنطقة، وعلى المجتمع الدولي التخلص منه.


الشيء المستغرب في الأمر، عندما يسمع السوريون من فريق في إيران أو من حسن نصرالله، بأن زوال نظام بشار الأسد يهدد المنطقة بالكوارث، وكأن بهم يقولون: إن بشار الأسد هو الوحيد في سوريا الذي يصلح أن يكون “صمام أمان” المنطقة، وليس أحد غيره!!.

إن هذه العبارات، تحولنا إلى تفسيرات جانبية، عندما يتردد على لسان العامة، بأن إيران وحزب الله و نوري المالكي ومقتدى الصدر، لايريدون زوال نظام بشار الأسد، لأنهم سيخسرون “دولة شيعية” في المنطقة برحيله.

نتمنى أن لا يكون منطق هؤلاء يسير في الاتجاه الطائفي.


أوسلو 29.08.2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…