الحلم يتحقق في جنوب السودان ، فمتى يتحقق حلم الكرد ?

خورشيد شوزي

عندما كنت طالباً في المراحل الأولى من سنين الدراسة، كانت هناك مادة في منهج الدراسة اسمها “المجتمع” ومواضيعها تلخص الأفكار الشوفينية لحزب البعث، ومن ضمن المواضيع التي كنا ندرسها في هذه المادة ” الحركات الشعوبية في الوطن العربي “، حيث صنفت تحت هذا البند الثورة الكردية في العراق – كردستان حالياً – وحركة تحرير جنوب السودان … ، بينما صنفت لواء إسكندرونة وكيليكيا وعربستان – الأحواز – تحت بند الأجزاء السليبة من الوطن ….

، وتمر الأيام والأشهر والسنون لتحذف الأجزاء السليبة من المناهج، وحتى من الخرائط، وليتحقق حلم جنوب السودان في تقرير مصيره ضمن دولة مستقلة،  بينما نحن الكرد محرم علينا هذا الحق.

.

.

فإلى متى علينا الانتظار ؟ ، إن انتظارنا سيطول طالما أن كل فرد منا يؤمن بـ ” الأنا ” والحسد، وسننتظر كثيراً إلى حين أن نتفق على ” نحن ” ، والدرس ماثل أمامنا في إقليم كردستان عندما تخلوا عن الأنا وتمسكوا بال”نحن” !!! .


نعم انفصال جزء من دولة واحدة يحز في النفوس ، ولكن هذا الانفصال إذا كان برغبة كل سكانه، فعلى الجميع احترام هذه الرغبة ، وتقديم كل المساعدة الممكنة لتحقيق هذه الرغبة ، ولا ننظر إلى الأمر بنظرة ضيقة، من منظار الشوفينية البالية المناقضة لكل المفاهيم الإنسانية …، وعلينا أن نتشرب المفاهيم العصرية والديمقراطية الحقيقية، لا أن نتغنى بها، من دون أن نؤمن بها ..

يجب علينا أن نغذي أطفالنا ، أجيالنا القادمة ، من هذه المفاهيم الإنسانية ، لكي لا يكونوا نسخة فوتو كوبي عنا ، ولنخلق منهم جيلاً بناء يتماشى ومنطق العصر الذي سيعيشون فيه ، وليس أدوات هدم مثلنا.

  
كنت أشاهد على التلفاز احتفال شعب جنوب السودان، باللحظة التاريخية، الحاسمة، في حياته ، والتي كرست خاتمة نضاله وكفاحه الطويل، بإعلان دولته، دولة قامت على أنقاض حرب أهلية لعشرات السنين بعد أن حصدت أرواح ما يقارب مليوني شخص … الكل يعبر عن ابتهاجه على طريقته الخاصة ..

البعض يرقص ..

البعض يضحك ..

البعض يبتسم وهو يذرف دموع الفرح … ، وأنا أنظر إلى هذه المشاهد الرائعة، انتابتني قشعريرة حسرة، أخرجت من فمي آهات متتالية ؟ ولم أستطع أن أمنع من مقلتي دمعة لم أقو على حبسها، سألتني: وهي تصرخ متى؟ ..

متى؟ ..

متى؟، سيتحقق حلمنا ، وحلم آبائنا وأجدادنا الذين بذلوا كل ما باستطاعتهم في سبيل رؤية مثل هذه اللحظة على أرضهم، ويرفرف علمهم على أرض الحرية المغتصبة … في اللحظة نفسها التي أزيح الستار فيها عن تمثال لبطلهم “جون غارنغ”، تذكرت قول قائدنا الخالد ” مصطفى البارزاني ” وهو على فراش الموت (رحمه الله) بأحد مشافي أمريكا ، عندما كان ينظر إلى أعلام الدول التي ترفرف عبر النافذة المفتوحة أمامه ، وانهمرت دمعة من مقلتيه ، قام الرئيس مسعود بالتقاطها، سائلاً والده بحرقة ، لماذا تبكي يا والدي ؟ فكان رد الخالد في أنفسنا … : أبكي لأنني لا أرى علم كردستان بين هذه الأعلام، رحمك الله يا ملهمنا ، ورحم الله قاضي محمد ، والشيخ سعيد ، وأحمدى خاني ، وكل كردي شريف ناضل في سبيل تحقيق حلمنا، مهما كانت الأداة التي كان باستطاعته أن يستخدمها بإخلاص .
    9 / 7 / 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، دخلت سوريا منعطفًا تاريخيًا بعد إسقاط نظام الأسد، إيذانًا ببدء مرحلة انتقالية تهدف إلى إعادة بناء الدولة على أسس جديدة، بعيدًا عن عقود من الاستبداد والحرب. هذه المرحلة تشكل نقطة تحول نحو تحقيق تطلعات السوريين للحرية والكرامة، بعد أربعة عشر عامًا من النضال والتضحيات. الفرص والتحديات أمام سوريا الجديدة مع إسقاط النظام، باتت…

يبدو أن هناك مرضاً متجذراً في المنظمات الكردية في روج آفاي كردستان، يتمثل في التبعية لمحاور كردستانية وإبراز المصالح الفردية على حساب الروح الجماعية والمؤسساتية. وللأسف، أصبح العمل عكس الشعارات والمواثيق والبرامج التي تعلنها هذه المنظمات ظاهرة واضحة، وكان آخرها ما يُسمى بـ”جبهة كردستان سوريا”. لقد كانت مطالبنا في هذه المرحلة واضحة وصريحة: توحيد الخطاب السياسي الكردي، والاتفاق على حقوق…

عصمت شاهين الدوسكي * هل الحرية أن تكون إنسانا أم شبيه إنسان ..؟ * هل ربحنا الحرية وخسرنا أنفسنا ..؟ * هل ربحنا الحرية وخسرنا أرض تنعم بالصحة والنعمة والأمان والسلام ..؟ * يا ترى من يقرأ ومن يسمع ومن يرى ومن يدون الحرية الإنسانية الحقيقية ..؟ تراكمت الحريات في العصر الحديث واغلب الناس يتمسك بها كملاذ لفكره وسلوكه وعمله…

إبراهيم اليوسف الثورة بين المفهوم والواقع لا يختلف اثنان على أن الثورة الحقيقية، في جوهرها، هي تعبير عن إرادة الشعوب الطامحة إلى التغيير الجذري في الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسلب حقوقها وحرياتها. إنها حركة تنبع من شعور عميق بالظلم والقهر، تهدف إلى تأسيس واقع أكثر عدلًا وإنصافًا. بهذا المعنى المثالي، كانت الثورة السورية في بداياتها-…