جديرٌ بالإشارة وكذلك بالإشادة أن الوسطَ الكردي بفعالياته السياسية والثقافية والمستقلة قد حققَ نجاحاً غيرَ مسبوقٍ في معترك الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تركيا حيث فازَ بستة وثلاثين مقعد برلماني، وتراجعَ نفوذُ حزب أردوغان وكذلك نفوذ أحزاب تركية أخرى معروفة بنزوعها القومي المتشدد الناكر لحقيقة وجود قضية كردية عادلة في تركيا بحاجة ماسة إلى حلٍ سلمي بعيداً عن لغة العنف والعسكريتاريا.
وبالعودة إلى الهم الوطني الأساس في بلدنا سوريا الذي تتصدره حركة احتجاجية سلمية من الواجب حمايتها بشتى السبل، تبدو من الأهمية بمكان ضرورة وقف التعامل معها بلغة القتل والقمع والإذلال، أو الركون إلى نمطية الإعلام الرسمي الممجوج في أعين وعقول غالبية الشعب السوري منذ زمنٍ طويل.
فالخطاب الرئاسي الأخير لم يشِرْ إلى هذه الضرورة الوطنية الملحّة حيث أعقبَهُ توسع نطاق الحركة الاحتجاجية وازدياد في عمليات القتل والاعتقال العشوائي، رغم أنه وللمرة الأولى أشارَ الخطاب وبصراحة غير مسبوقة إلى احتمالية إجراء تغييرات دستورية سواءاً عبر إلغاء المادة الثامنة من الدستور الذي يشرعنُ ويبيح لحزب البعث قيادة الدولة والمجتع، أو عبر طرح مشروع دستور جديد يلبي متطلبات المرحلة ويواكب العصر.
من جهة أخرى وفي إطار الحراك الوطني الديمقراطي العام في البلاد، تشهد العاصمة دمشق والساحة الوطنية عموماً سلسلة مؤتمرات ولقاءات تشاورية وجلسات حوارية واجتماعات مصغرة وأخرى موسعة، الهدف منها هو تشخيص الواقع ورؤية معطياته كما هي وكما هو عليه الحال، وذلك بغية إيجاد وبلورة مخرج سياسي للأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد بعيداً عن لغة وخيار القمع والعنف ضد التظاهرات السلمية والحراك الشبابي التواق إلى الحرية والكرامة، حيث باتت شعارات ومطالب محقة ومشروعة تتصدر الساحة الوطنية من قبيل: الوقف الفوري للعنف وضمان حرية التظاهر وسحب قوات الجيش من المدن- دستور جديد للبلاد-قانون عصري لتنظيم عمل الأحزاب وآخر للإعلام- قانون عصري للانتخابات المحلية والتشريعية- مؤتمر وطني شامل واعتماد مبدأ ولغة الحوار، يفضي إلى نتائجَ ومقرراتٍ وتوصيات بناءة تخدم الصالحَ العام، ليجري تطبيقها وفق جدول زمني معين يضمن متابعة وحث الخطى على طريق الانتقال بالبلاد من مرحلة الاستبداد وحكم الحزب الواحد إلى مرحلة التحول الديمقراطي الآمن وإنجاز مهام التغيير الوطني الديمقراطي السلمي بعيداً عن العنف وإراقة الدماء.
إن مرحلة المخاضِ هذه التي تعيشها سوريا اليوم تستوجب تضافرَ كل الجهود المخلصة من قوى وأحزابٍ سياسية ونخب ورموز وطنية أكاديمية ومثقفة وشخصيات مستقلة ومن مختلف ألوان الطيف السوري ومكوناته دون تهميشٍ أو إقصاء لأحد، ليتحقق التلاقي تحت سقف الوطن ويكون أدب الحوار وتبادل الرأي هو السيد، والعمل من أجل التغيير الوطني الديمقراطي هو المبتغى، ولا ضَيرَ من أن تتباينَ أنماطُ التفكير والرؤى، وتتمايز الآراء والمواقف كالذي حصلَ مؤخراً بين وفد أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا من جهة وبعض الإخوة في قيادة أحزاب عربية معارضة في التجمع الوطني الديمقراطي السوري المعارض وغيره، وتريثنا في التوقيع على وثيقة هيئة تنسيق والمشاركة فيها وذلك من منطلق ألا نكون طرفاً في تعميق الشرخ وتشتيت شمل قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية من جهة وإصرار البعض على إبقاء الإلتباس في النص المتصل بالقضية الكردية في وثيقة هيئة التنسيق تلك من جهة ثانية مما يحملنا إلى مزيدٍ من العمل والتواصل واحترام الرأي والرأي الآخر بعيداً عن أي استعلاء قومي أو ديني من قبل أيٍّ كان، ولترتفع عالية راية الاستمرار في العمل من أجل التغيير الوطني الديمقراطي، من أجل السلم والحرية والمساواة.
04/07/2011م
اللجنة السياسية
لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا-يكيتي-