الحرية قادمة.. فلماذا كل هذا العنف؟

  د.

عيدة المطلق قناة

منذ الخامس عشر من شهر آذار الماضي وحتى يومنا هذا ( وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً ( بالنصر المبين لثورة الحرية والكرامة) باتت يوميات المواطن السوري ..

قمع وتنكيل جماعي لا يميز بين طفل وإمرأه وشاب وكهل ..

  فالمجازر في كل مكان ..

والمقابر الجماعية تنتشر فوق الجغرافيا السورية – التي كانت وادعة ذات يوم-  ..

حتى ليبدو للمراقب بأن عشرات القرى والبلدات والمدن ( بكل أحيائها وزنقاتها ) قد وضعت على جدول القمع الهمجي المكثف..

وأن المسألة بالنسبة للنظام هي مسألة وقت ليس إلا !!
لقد مورس على السوريين خلال الشهور الماضية قتل واعتقال واختفاء للآلاف ..

بل مورست كافة أفانين القمع والتنكيل والتعذيب المعروفة وغير المعروفة ..
ومعظم هذه الممارسات – غيرالمسبوقة – أفضت إلى موت ..

فتمثيل بالجثث لم ترحم حتى الأطفال ..

تم تصوير بعضها بكل ما شهدناه من فجور ورقص فوق الأجساد ..

وغيرها من سلوكيات استحضرت الغرائز البهيمية وكشفت عن كم فاحش من الكراهية وسوء الخلق..

!!
سوريون عزل ..ومدنيون أبرياء ..

ومتظاهرون سلميون..

تحولوا بقدرة قادر في تقارير الماكينة الإعلامية للنظام  ..

وفي مزاعم وتهديدات المسؤولين ..

والناطقين باسمهم من كتاب التدخل السريع وأدعياء الثقافة والتحليل السياسي..

إلى عصابات مسلحة مندسة تنفذ مؤامرة خارجية تطلق النار على رجال أمن رسميين ..

فاستغاث الشعب بالجيش..

فتدخل الجيش دفاعا عن الشعب والوطن ..

وتحولت بذلك موجة الاقتحامات العسكرية بعددها وعديدها للقرى الوادعة إلى مطالب جماهيرية ملحة ، تبرر الحصار وقطع الكهرباء والاتصالات ..

ومنع الغذاء عن الناس ..ومنع الحليب والدواء عن الأطفال والمرضى ، بل وتبرر ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في هذه القرى والمدن بتدميرها  واعتقال وتعذيب أطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها وزراعة عدد من المقابر الجماعية في بساتينها وحقولها ..

بل ويبرر قصف المدن والأحياء السكنية بالدبابات أو من خلال العملاء السريين والقناصة والشبيحة ..

كما تحول عشرات الآلاف من النازحون المرعوبين من نساء وأطفال إلى “آباء وأمهات وعائلات” تؤوي عصابات المندسين والإرهابيين ..

ففروا هرباً من القصاص العادل !!..
ويبدو أن أهل الحكم في الأنظمة العربية موحدون – على عكس ما نظن –  ويبدو لنا أن هناك توافقاً تاماً في المنهجية وحتى الأدوات والوسائل..

فكلهم يراهنون على آلة القمع الأمنية وعلى الأسلحة الفتاكة وعلى المرتزقة..

وكلهم يراهنون على القناصة والبلطجية والشبيحة ..

وكلهم لديهم ثقة مفرطة بأنهم يمتلكون من أساليب الخداع والتحايل والخطاب التضليلي والشعارات التي خبروها في الماضي والتي وفرت لهم حالة موات شعبي..

وكلهم أطلقوا على شعوبهم أبشع الصفات ففي سوريا هم عصابات مسلحة مندسة من الخارج ..

وفي اليمن هم “قطاع طرق وأفاعي” ..

وهم لدى “عقيد ليبيا” جرذان ومهلوسون ..

وكلهم منعوا وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والإنسانية من الدخول والاطلاع المباشر على المشهد..

في إجراء “يكاد المريب فيه أن يقول خذونيّ!!!
إن ما يحدث للشعب السوري باسم الأمن القومي ومقاومة الإرهاب، وتحت شعار الممانعة والصمود، – هو ما حدث ويحدث للشعب التونسي والمصري والليبي واليمني – مما يعد جريمة مروعة يندى لها جبين الإنسانية!!
ولكن الغريب في الحالة السورية أن كل ما يجري على هذه الساحة من فظائع – لم يتمكن النظام في إخفائها كما فعل في سابقاتها في القرن الماضي – لم يكن كافياً لكسر جدار الصمت الرسمي العربي..

الأمر الذي يثير الكثير من الشكوك ..

ويدعو للتساؤل عن سر هذا الصمت المريب؟
·   فهل النظام الرسمي العربي يريدنا أن نصدق حكاية المؤامرات الخارجية التي تنفذها “عصابات مسلحة إرهابية ” بمسمياتها المختلفة ..وتبرير صمته على الدماء المسفوحة والأجساد المنتهكة في كل ساحات الغضب العربي ؟
·   أم أن النظام الرسمي العربي يريد أن يغير الدور الطبيعي للجيوش التي أنفق عليها المليارات من عزيز أموال الأمة بحجة تحصين الوطن والدفاع عن الشعب والحدود..

لتصبح جيوشاً مكرسة لحماية النظام..

مما يسوع لها ممارسة القمع والقتل الوحشي واقتحام المدن والبيوت وحصارها ودكها بالدبابات والطائرات وكل أنواع الأسلحة وتحويلها إلى خرائب ؟  
·   ثم هل يمكن أن تعود هذه الجيوش إلى ثكناتها بعد أن استمرأت الاستئساد على المدنيين وتحقيق الانتصارات عليهم ؟؟
·   أو لا تخاطر هذه الأنظمة باستجرار التدخل الاستعماري الخارجي ..

أم أن هذه الأنظمة المستبدة جعلت التدخل الأجنبي وإعادة الاستعمار هدفاً استراتيجياً لها؟؟ 
·    ألم تدرك هذه الأنظمة بعد حقيقة أن الشعوب العربية – وفي مقدمتها الشعب السوري – قد عرفت طريقها إلى الحرية والكرامة والعزة والعدل والمنعة، وأيقنت بضرورة التمرد على الطغيان والاستبداد وحكم الفرد واحتكار السلطة، والقبضة الأمنية، وأن لا عودة إلى الوراء..

؟؟
لقد  وصل ثوار الأمة في كل الساحات إلى نقطة اللاعودة ..

وبعد أن مزقت بنادق الأنظمة آلاف الأجساد ..

تمزقت معها أسطورة الخوف الذي شكل متلازمة لهذه الأنظمة طيلة عقودها العجاف من ذلك الزمان العربي المظلم ..
إن الثورات العربية – كلها دونما استثناء – هي ثورات “شعبية ..وطنية..

شريفة ” ..

ولن تنجح أدوات الأنظمة وماكيناتها القمعية والإعلامية القائمة على التزوير والكذب في تشويهها ..

وستستمر حتى تحقيق أهدافها وفي مقدمتها الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي..

 ينعم فيه الإنسان بالمواطنة ..

والحرية والكرامة ..

!!
إن شعوب الأمة – كل شعوبها – جديرة بالحرية والكرامة..

وجديرة بموقع لائق بين الأمم الحرة ..

موقع تستأنف منه ممارسة دورها الطبيعي في بناء حضارة البشرية ..

!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…