فليكن الخامس من اكتوبر يوم التضامن الوطني

 

صلاح بدرالدين

أربعة عقود ونيف تمضي تباعا على يوم اقتراف الجريمة الشوفينية النكراء بحق أكثر من مائة وخمسين ألفا من أبناء القومية الكردية في محافظة الحسكة عندما أجرت الأوساط القومية العنصرية احصاء استثنائيا – صوريا – بهدف اسقاط الجنسية أو حق المواطنة عن هذه النسبة العالية من المواطنين الكرد امعانا في سياسة الاضطهاد القومي وتنفيذا لمخطط أشمل وهو تحقيق مقترحات رئيس شعبة الأمن السياسي في المحافظة الواردة في تقريره المعروف بالتخلص من العنصر الكردي ودفعه نحو التهجير ومغادرة ارض الآباء والأجداد ذلك التقرير الذي تبنتها قيادة الحزب الحاكم بعد تسلم السلطة واعتمدتها الحكومات المتعاقبة حتى يومنا هذا

ولاشك أن النهج العام الذي تم في اطاره رسم وتخطيط وتنفيذ الخطوة العنصرية هذه تجاه الكرد السوريين هو نفسه الشكل الاستبدادي السائد منذ عقود في هذه المنطقة المعادي للديموقراطية والحريات العامة والعدل والتقدم والتنمية وفي مقدمته أنظمة الحزب الواحد الشمولية وتحديدا نظامي سورية والعراق ( سابقا ) .
كان مرور ما يقارب نصف قرن على اقتراف الجريمة كفيلا بمضاعفة المأساة : تعميق الكراهية والعنصرية , تهديد الوحدة الوطنية , محاولة عزل الكرد كمكون أساسي سوري بعد العرب عن قضايا الوطن المصيرية , خلق وتنمية توجهات شوفينية وانكارية لدى الرأي الشعبي العربي في سورية , تأليب العرب على الكرد ومحاولات اختلاق الفتن بين القوميتين , تعميق المحنة الانسانية لأكثر من ثلاثمائة ألف بعد أن زاد العدد أضعافا خلال هذه المدة الطويلة بسبب آثار الحرمان من حقوق : التملك والتعلم والعمل والتنقل والسفر والتوظيف والعمل الحر والأصعب من كل ذلك ابتزاز الكرد كل هذه السنوات ودفعهم الى الانتظار والترقب بعد اطلاق المئات من الوعود الكاذبة لحل المشكلة واعادة الحقوق المسلوبة من جانب المسؤولين وخاصة رئيس الدولة ووزير الدفاع السابق ورؤساء الحكومات وآخرها وزيرة الثقافة مما أكد كل ذلك أن نظام الاستبداد الراهن هو المسؤول عن الجريمة منذ البداية وحتى الآن وهو الخصم الرئيسي في القضية وعاجز عن حل الأزمة الوطنية العامة ومن ضمنها الأزمة الكردية .
من الواضح أن تكتيك نظام الاستبداد يصب باتجاه اعتبار مسألة حرمان الكرد من حقوق المواطنة واعادتها الجزئية لقسم منهم  كما يتوقع البعض السقف الأعلى للقضية الكردية وحقوق الكرد وبكل أسف انطلت الخدعة على مجموعات كردية وعربية وهناك خشية أن يجد مخطط النظام ترويجا لدى أوساط كردية معينة في سياق محاولة ابعاد الكرد وتعبيراتهم السياسية والثقافية وطاقاتهم الشبابية النشيطة عن المعارضة الوطنية الديموقراطية الى جانب ما يلوح في الأفق من وعود واحتمال سماح أجهزة النظام بعقد تجمعات باسم الكرد تحت أسماء ومسميات عديدة تحت أنظار مسؤول الملف الكردي المقرب من رأس النظام وذلك رضوخا لتأثيرات المعارضة الوطنية السورية وخاصة – جبهة الخلاص – ومواقفها المتقدمة تجاه الوضع الكردي وآخرها نداؤها بخصوص الاعتصام السلمي المزمع حدوثه في الخامس من الشهر الجاري بدمشق العاصمة وكذلك الضغوط الدولية بخصوص جريمة اغتيال الحريري وارسال الارهابيين والقتلة الى العر اق .
لقد قرر الكرد شعبا وجماهيرا وأحزابا ومجموعات وأفرادا التعبير عن ادانتهم واستنكارهم للجريمة في ذكراها الرابعة والاربعين بأشكال شتى في مختلف أماكن تواجدهم ومن بينها الاتفاق على تنفيذ اعتصام سلمي أمام مقر الحكومة السورية في دمشق وقد كان لمبادرة جبهة الخلاص الوطني في سورية في توجيه نداء الى السوريين للمشاركة في الاعتصام والتضامن مع شعبها الكردي وقع ايجابي على الساحة الوطنية السورية وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ سورية الحديث وسيشكل سابقة في التضامن العربي الكردي أمام الاستبداد في سورية وضربة مؤلمة لخطط النظام وتكتيكاته في سياسته – الكردية – كما سيشكل بداية نشوء المصداقية والموقف الوطني المتوازن لدى المعارضة السورية في نظر أبناء الشعب الكردي وانطلاقا من كل ذلك من حقنا أن نتفاءل بخصوص تحول الخامس من اكتوبر الى يوم وطني للتضامن العربي الكردي والوحدة الوطنية أمام نظام الاستبداد ومن أجل التسريع في عملية التغيير الديموقراطي .

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…