دفاعاً عن موقف الأحزاب الكوردية حول الأحداث التي تشهدها سوريا

دومام اشتي

لابد لنا وقبل كل شيء من رفع قبعاتنا والانحناء احتراما وتقديرا لما يقوم به شبابنا الكورد من رسم زخرفة جميلة في البطولة والشجاعة , هؤلاء هم وبحق من سيغيرون مجرى تاريخ وحياة الكورد في سوريا , فلهم من الجمع كل التقدير والاحترام , ولهم من الشعب الكوردي في سوريا كل الحب والعرفان الاحترام, أن من يخرج إلى الشارع حاملاً كفنه بين يديه – غير آبه بالعواقب- فهو لعمري بطل المرحلة القادمة بكل تأكيد .
هؤلاء الشباب الأبطال هم ذوو ضمائر حية , قلوباً جبارة, وإرادة من حديد, أثبتوا علوا كعبهم  ورقي تفكيرهم , بل أن ما نشاهده في تظاهراتهم في مدن قامشلو وسري كانية وعامودا ودرباسية تعد وبحق قفزة نوعية من التنظيم والترتيب ولعلنا أن استعرضنا بعضً منِ ما يتم في هذه المظاهرات نكون قد أوفينا ولو قليلا من حق هؤلاء الأبطال , فدعونا نعرج قليلاً على بعضً منِ ما يحدث في تظاهرات المناطق الكوردية في سوريا , ثم نعود إلى موقف الأحزاب الكوردية منِ ما تشهده سوريا هذه الأيام.
فلقد انطلقت ثورة شباب الكورد تضامناً مع أشقائهم في مختلف مناطق سوريا , مالبثت أن تحولت إلى لوحة رائعة جسدها شباب القامشلي بكورده وعربه ومسيحييه ولينشدوا معا أناشيد الحرية وتنطلق زغاريد الحياة من جديد من حناجر النساء والصبايا المشاركات في التظاهرات , أطفالٌ يحملون لافتات تفوق حجومهم الصغيرة, فتارة يدعون للحرية , وتارة يدعون لمناصرة أقرانهم الصغار في درعا وحمص, وأخرها وليس أخيرها , طلب من أطفال القامشلي لتأمين الحليب لأطفال درعا…………الخ , أعلام الوطن ترفرف عالياً وأسبوع بعد أسبوع يزداد حجمها وطولها وعددها, أما الشعارات , فما أجملها, المساواة …الحرية ..التأخي …فك الحصار…ياحيف…azadi…الخ فلعمري لو كنت أتقن فن كتابة الشعر والقصائد لحصلت على جائزة في الشعر والنثر …
ما يهم اليوم أن انحني إجلالا وإكبارا أمام شباب الثورة واقبل جبينهم فردا فرداً وأحييهم واشكرهم فلقد رفعوا رأس الشعب الكوردي خاصة والشعب الجزراوي بأعراقه عامة.
 إن من يتابع الإصرار والتصميم الجبار البادي على وجوههم حتى ولو كانت في الصور المنتشرة بكثرة في صفحات الانترنيت وما أكثرها , ولعل احد ابرز سمات ثورة شبابنا الكورد, التغلغل في الأعلام والفضائيات , والتركيز على الإعلام والنشر والتوزيع , وهذا خير دليل على التطور والقفزة النوعية الحاصلة لشبابنا ومثقفينا منذ انتفاضة 2004 إلى يومنا هذا , ميزة أخرى تضاف إلى ثورة صقورنا الكورد وهي الانطلاقة العفوية , والغير محزبة, وأيضا التنسيق مع الأحزاب الكوردية , بكونها الممثل الشرعي الوحيد للشارع الكوردي , وهذه أيضا سمة أخرى تضاف إلى سمات ثورة نمور الكورد , أي أننا بتنا أمام جملة من السمات التي تميز الحراك الشبابي في محافظة الحسكة قاطبة عن مثيلاتها في باقي المحافظات أن لم نقل في باقي الدول الأخرى أيضا والتي تشهد حراكاً أو شهدت وانتهت من حراكها … فالتنظيم و الالتزام والاتزان و سلمية التظاهرات وحيوية الشباب وخبرة الكبار و التفنن في إطلاق الشعارات والهتافات والحكمة في انتقائها بعيداً عن أي تجريح أو شب أو شتم أو تحزب ضيق هو  ما ميز ثورة شقائق النعمان, عن سواها وعن قريناتها .
بوركتم أيها الشباب, بوركتم أيها النشاما … نقبل جباهكم فرداً فرداً ونشد على أياديكم , ونشكركم على  تبييض صفحة الكورد من التواطؤ وإبرام الصفقات المشبوهة , والتي لولاكم ولولا تظاهراتكم , لكان الكورد اليوم في صفوف المرتزقة والخونة والمرتشين …..

مرة ثانية لكم من الجميع كل الاحترام والتقدير والمودة.
أما بخصوص الطرف الأخر من المعادلة الحالية في سوريا , واقصد موقف الأحزاب الكوردية , فأنني اشد على أياديهم بل اتفق معهم قلباً وقالباً في موقفهم , وهم ليسوا أصحاب موقف ضبابي , وليسوا عاجزين عن اتخاذ موقف صارم وحازم بل أنني أؤكد بأن لهم نظرة سياسية ثاقبة للأحداث التي تجري وقراءة دقيقة للواقع والمعطيات والمستجدات التي تحدث يوم بعد يوم , فهم يحيون الشباب على تظاهراتهم ويساندونهم , لكن لم يحن الوقت المناسب كي تنزل الحركة الكورية بكل ثقلها إلى الشارع , وهذا أن حدث- نزول الحركة السياسية إلى الشارع – فان زلزال سيحدث في سوريا , لكون الكورد منتشرين في كل أصقاع العالم وكل بقاع سوريا …أما لماذا لاتنزل الحركة الكوردية إلى الشارع فلهذه أسباب جوهرية سنورد بعضً منها بقدر ما تسعفنا ذاكرتنا وبمقدار ما سيقدمه لنا فكرنا :
1 – حتى هذه اللحظة لم تتضح بعد ملامح الحركة الشعبية الاحتجاجية في سوريا والى أين ستمضي أو تنتهي 
2 – المدن السورية الرئيسية الكبرى لم تتحرك إلى اليوم ((حلب , دمشق)) فإذا ما استثنينا طلبة جامعة حلب وحراكهم البطيء فأنه لغاية اليوم لا حراك ولا احتجاجات تذكر في حلب , المدينة الصناعية والتجارية الكبرى , ووريد وشريان الأقتصاد السوري الرئيسي, دمشق العاصمة….

باستثناء ريفها والعدد الكبير من الشهداء اللذين سقطوا في الاحتجاجات , فلا حراك يذكر أبدا
3 – إعلان دمشق: لم يخرج حتى الآن بالزخم المطلوب ولم يدعوا إلى التظاهر ولم يتبنى حركة الاحتجاجات التي تشهدها سوريا.
4 – الأخوان المسلمين: لم يتبنوا حركة الاحتجاجات ولم يدعوا علانية إلى التظاهر
5 – الموقف الدولي: ضبابي , غير واضح, عقوبات اقتصادية ((وهذه ستعود بإضرارها على الشعب)) , أما العقوبات الأمريكية الاقتصادية , لم ولن تأتي بثمارها كون هؤلاء المشمولين بتجميد أصولهم المالية لا يمتلكون أساسا مبالغ مالية ضخمة في البنوك الأمريكية , أذاً الموقف الدولي لا يزال يرى بارقة أمل في الإصلاح ووتجاوز المحنة , مع الإبقاء على النظام السوري مصحوبة بجملة من الشروط في مقدمتها الابتعاد عن إيران , حزب الله, حماس, الوقوف في وجه إيران ومنعها من التدخل في البحرين …………
6- أحيي موقف الأحزاب الكوردية في الدعوة إلى عدم رفع شعار إسقاط النظام .., فليس لنا ككورد أي مصلحة في رفع هذا الشعار, ولن يخدمنا بقيد أنملة, بل على العكس ستأتي بالويل على شبابنا وبيوتنا وأرزاقنا ,إن جاءت متسرعة, فيكفينا أن ننخرط في الحراك السياسي السوري الوطني ونيل كل حقوقنا المشروعة تحت سقف الوطن السوري وضمن اللحمة والوحدة الوطنية السورية … ولعلي بذكر أحدى المواقف الرسمية التي تدل على صحة موقفي ما ورد في اتصال بين قناة الجزيرة القطرية والسيد عبد الحكيم بشار سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي (البارتي) وبكونه أحد أطراف المجلس السياسي الكوردي وأحد الأحزاب الموقعة في ما يسمى ((مجموع الأحزاب الكورية الوطنية في سوريا))
ففي اتصال هاتفي من قناة الجزيرة القطرية مع الدكتور عبد الحكيم بشار صرح الأخير بما يلي
أن الإحداث الدامية التي تشهدها سوريا من احتجاجات وتظاهرات سلمية داعية إلى رفع الغبن وإطلاق الحريات وكف يد أجهزة الأمن عن الملاحقات والاعتقالات والتعذيب في السجون و..

الخ من مطالب الحراك الشعبي المحق , أنما جاء نتيجة تعمد السلطات إلى استخدام الأسلوب القمعي بدلاً من التحاور والالتفات إلى قضايا الشعب السوري, فأكثرت من الاعتقالات وزجت العشرات في السجون , مصرة, على الحل القمعي الأمني لهذا الحراك الجميل بدلاً من الجلوس إلى طاولة حوار وطني جامعة جميع الأطراف السياسية المعروفة في البلد من أحزاب وشخصيات مستقلة ولجان حقوقية للخروج من هذا المأزق الخطير وهذا المنزلق الذي وصلت إليه سوريا بسبب القبضة الأمنية على البلاد, وعوضاً عن السعي إلى التحاور والتفاهم مع الأحزاب السياسية السورية الوطنية , فأن النظام لجأ إلى الجلوس مع بعض وجهاء العشائر والعوائل في مختلف المحافظات , علما بان هؤلاء الوجهاء والشخصيات لا يمثلون سوى أنفسهم فقط, وليس لهم أي تأثير في الشارع السوري السياسي وما تزايد وتيرة التظاهرات يوماً بعد يوم إلا خير دليل على عدم تأثير هؤلاء على الشباب والحراك الشعبي .
وفي السؤال حول موضوع العقوبات الدولية المفروضة على ثلاثة عشر مسئول سوري رفيعي المستوى , أجاب الحكيم قائلاً: إن العقوبات الدولية لم تفرض على سيادة الرئيس بشار الأسد , أي أن الحكومات الأوربية لا تزال ترى بارقة أمل في إصلاحات حقيقية وجذرية , لذلك لم تعمد إلى فرض عقوبات على رأس النظام , مع أن الوقت ينحسر رويداً رويداً إلا إننا نتمنى أن نرى إصلاحا حقيقياً ودعوة إلى حوار وطني فاعل وجاد على أساس المشاركة الجادة والفعلية والحقيقية في مستقبل سوريا وأن نكون  جميعاً  شركاء حقيقيين في كل شيء على قاعدة المساواة في كل شيء
إذا هنا تلخيص لموقف الأحزاب الكوردية الوطنية …شركاء في كل شيء ..على قاعدة الوحدة الوطنية , وضمن سلامة ووحدة الأراضي السورية
7 – إن لم يغير الإتحاد الأوربي وأمريكة موقفهما أو لم يتخذا مواقف إضافية ((وهذا ما سيكون بكل تأكيد)) وأن كان الكورد منِ منَ يرتدون شعار الإسقاط أسوى بغيرهم , فحينها سنكون في وجه المدفع لوحدنا , وسنقدم هذه المرة ليس عشرات الشهداء ,بل مئات الشهداء أن لم نقل الموت السريري للكورد ((اقتصاديا, سياسياً , …الخ))
8 – أن ما تشهده المناطق الكوردية من حراك سلمي يعد رسالة مبطنة وسهلة القراءة للجميع , لكن رجائي ثم رجائي عدم الانجرار وراء ما يقوم به أنصار احد الأحزاب من رفع شعارات غير متفقة عليها , ورفع أعلام غير العلم الوطني , أو رفع صور لشخصيات ليست سوريا وليست معتقلة في سوريا
9 – حقوقي ضمن حدودي , وحدودي بما يضمن لي حقوقي , وطالما نرفع شعار الوحدة الوطنية والتأخي  وسلمية و…الخ فلابد من الواقعية في الطرح والشعارات , لذا نهيب بشبابنا الواعيين عدم السماح لهؤلاء برفع صور أو شعارات أو أعلام غير العلم السوري الوطني , وأن اقتضى الأمر , قمع, كل من ينادي بشعار غير وطني , مما ينعكس سلباً على التظاهرة وبطبيعة الحال سينفر العرب والمسيحيين من هكذا شعار وسينسحبون من التظاهرة ولن ويلاموا من هكذا تصرف, وباعتقادي هذا ما يبتغيه البعض, أي انسحاب العرب والمسيحيين من التظاهرات, لخدمة أطراف لا يروق لها رؤية أبناء هذه المحافظة في لوحة تآخي وتناغم , وليس من حل أو طريقة لشق صف التآخي الوطني في محافظة الحسكة, سوى الزج ببعض الأطراف لرفع شعارات ينفر أو يخشى منها الآخرون وبالتالي حدوث بلبلة وانشقاق في صفوف المتظاهرين وقد يؤدي إلى العزوف عن التظاهر لاحقاً وبذلك يكون قد خدموا خدمة جليلة وعلى طبق من ذهب , لمن لم يستطيعوا الحد من التظاهرات بالرغم من كل أنواع الترهيب والبطش والاعتقال
10 – ارجوا من شبابنا الواعيين والأبطال ذوو الهامات العالية أن يكفوا عن رفع شعارات تمس الأحزاب الكوردية علانية , فطالما هناك لقاءات واجتماعات تجمع بين الطرفين , فليطرحوا وجهة نظرهم في تلك اللقاءات , بدلاً من اتهامهم علانية وعلى شاشات الفضائيات وأمام مرأى من أعداء الشعب الكوردي في سوريا
11 – لكم منا جميعاً أجمل واخلص التحيات أيها الشباب الثائر الجبار , لقد رفعتم من شأن الكورد عالياً , واستبدلتم نظرة الأخريين عن الشعب الكوردي المتهم بالانفصال والعنصرية  إلى شعب مسالم ومساند ومتآخي وتواق للحرية والكرامة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…