لا دعاة طائفية بيننا بل الطائفية متجذرة في رأس النظام وأزلامه

ريزان محمد

فجرت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان قبل أكثر من أسبوعين موضوعاً لم يخطر في بال أي سوري، – الفتنة الطائفية – وذلك في مؤتمر صحافي تعقيبا على الاحتجاجات التي عمت البلاد آنذاك.

إصرار شعبان وولاة نعمتها، أن ما يجري في سورية من إحداث هو الشرارة التي ستشعل الفتنة المزعومة، تحت ذريعة نسف الوحدة الوطنية والتآخي المشترك، معتبرين المتظاهرين – المندسين والمخربين فيما بعد – الذين ينشدون الحرية والخلاص بـ “دعاة الطائفية”، وأن خروجهم للشوارع ليس طلبا للحرية، إنما من أجل قتل مكون سوري آخر لا يكن لهم إلا كل خير  دون الإشارة أن هذا المكون هو  “الآمر الناهي”.
  عقب تصريحات شعبان “الطائفية ” تشكلت في معظم أحياء ومناطق البلاد، لجان أطلقت على نفسها “اللجان الشعبية” تحتوي في عضويتها عناصر أمنية مهووسة بالدم، وثلة من الزعران و”الشبيحة” من اجل ضبط الأمن واعتقال مثيري الطائفية في دارهم.

لكن الذي حصل ان هؤلاء  البلطجية مارسوا الذعر لإرهاب الناس، وأحدثوا بلبلة في الأحياء وأزمة سير خانقة اثر تفتيش المركبات جيئة وذهابا بحجة البحث عن أسلحة مزعومة.

واللافت، أنهم  لم يكتفوا بذلك، انما أقدموا على ضرب “الغرباء” على حد زعمهم بالهراوات دون مبرر أو لعدم حملهم لأي إثبات شخصي.

هذه اللجان الشعبية ساهمت في بث الذعر والخوف في النفوس عبر انتهاكها لحرمة بيوت الناس الآمنين وخاصة في الليالي، زارعة الرعب في أفئدة الأطفال، من خلال طرق الأبواب بطرق إرهابية وتخويفية، بحجة البحث عن عدو وهي في صورة “ملثمين و غرباء”  كما أثبتت الوقائع فيما بعد، الا ان كل هذه الأمور كانت محض افتراء وكذب.
تبرع هؤلاء “البلطجية” بالتدخل ضمن المسيرات وتصوير المعتصمين، وضرب المتظاهرين أو تسهيل القبض عليهم وتصويرهم، وتفتقت العقلية الأمنية للنظام بأن دس حتى موظفي الدولة للذهاب إلى الجوامع للتعرف على المصلين المحتجين بعد الصلاة، وتصويرهم بأجهزة الموبايل، ومساعدة الأجهزة الأمنية في ذلك.
الآن وزارة الداخلية السورية أعلنت ” انه لم يعد هناك مجال للتهاون أو التسامح لتطبيق القانون والحفاظ على أمن الوطن والمواطن وحماية النظام العام تحت ذريعة التظاهر الذي نعتبره حالة صحية “.

و بات الإعلام السوري ومن وراءه المواقع الالكترونية المحسوبة على الدوائر الأمنية يبث إشاعة بأن الناس في الأحياء السورية تستنجد بالأمن ” ليحافظوا على أرواحهم وممتلكاتهم، بعد أن ثبت للناس بأن لا جدوى من اللجان الشعبية تلك.
بات من المألوف لأي سائر في احد أحياء دمشق أو غيرها من المدن، ان  يبادر أحدهم بانه رئيس اللجنة الشعبية، ويطلب منه التوقيع على العريضة حتى لو لم تكن من سكان الحي، وستسمع منه موشحاً مشروخاً عن قدرة اللجنة على القبض على المجرمين والفارين الذين اتوا من خارج الوطن ولهم خلايا نائمة في داخله.
و لاتستغرب إن ادعى أيضاً بان شباب الحي عثروا على سيارة جاهزة مفخخة وجاهزة للتفجير في الحي، والحي يسكنه فقراء المجتمع الذين يعملون اكثر من دوام من اجل أن يعيشوا ويعيشوا فقط، أي ان الحي المستهدف ليس حي السفارات ولا وجوه المجتمع، ولا المنظمات الدولية، إنما لتعزيز  ادعاءاتهم عن الطائفية .
بل وصل بهؤلاء العجب بأن قالوا لبعض تلاميذ المدارس الابتدائية بأنهم قبضوا على مفتعل الفتنة في سورية، وهو أمير عربي وأين في حاوية للزبالةّ !! وهناك من التلاميذ من قال لهم أهلهم بأن اتصالاً جاءهم ” رقم غريب” وعندما فتحوا الموبايل انبعث من الموبايل رائحة كريهة أغمي الأب على أثرها أرضاً.
بعد كل هذا يبدو لي ان النظام هو الذي يشجع على الفتنة الطائفية، وهو الذي أشاع الخوف من الطائفية منذ بداية الأحداث لتحريف أذهان المجتمع السوري، وتأليبه على المحتجين الذين يطالبون بالحرية والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري، دون التفريق بين هذا وذاك لأسباب لا تتعلق بالمواطنة العليا التي يطلبها ويناضل من اجلها كل السوريين.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…