في ذكرى ميلاد البعث – ما المطلوب؟

صالح دمي جر- بيروت

مارس حزب البعث الحاكم في سوريا على مدى العشرات من السنين سياسة الإبادة الصامتة والقتل الخفي  لكل ما كان يمكن أن يؤدي إلى تحسين وضع الكرد في محيطهم على الأقل , حتى باتت المناطق الكردية أشبه بحيزٍ سُحِبَ الأكسجين منه تدريجيِاً بعد حقنها بجرعات ٍهائلة من التوتروالإجراءات البوليسية التي طالت كل كردي ٍ في عقر داره, بغية النيل من عزيمته وعدم تفكيره إلا بتأمين رغيفه اليومي .
 بالإضافة الى منع المشاريع الخدمية والإستثمارات, بهدف دفع الكرد نحو الهجرة من مدنهم وقراهم الى الداخل السوري تمهيداً لإقامة فراغ ٍ جغرافي في هذه المناطق وعزلها عن إمتدادها الكردستاني, ليتسنى لهم فيما بعد إعادة تأريخ هذه المناطق حسب أهواءهم ونزعاتهم العنصرية والشوفينية حيث فشلت سابقاً سياساتهم في تغيير أسماء البشر والساحات و القرى والبلدات الكردية .

واذا كان النظام قد فعل ما فعل إرضاءاً لغرائزه التوسعية وتطبيقاً لأجندته القومية الشوفينية -التي لا تقبل بالآخر شريكاً في الوطن- فإن الحركة الكردية من جانبها- وللأسف –  لم تدّخر جهداً في إرضاء النظام وتبعيتها غير المباشرة له, ولم توفر مناسبة ً لتقديم براءة ذمتها والحرص على عدم الخوض في أي موضوع يمكن أن يفسره النظام على أنه مساسٌ بالسيادة الوطنية وترجمةٌ لأجندة ٍخارجية وذلك قبل المضي في أي مطلب لها كحركة قومية متميزة عن النهج العروبي (الممانع).
الحركة كانت- وأقول كانت متفائلاً بالآن والآتي- تتعامل مع النظام على أنه الوصي على كل شيء في سوريا وكل موقف يصدر منها يجب عليه بشكل من الأشكال أن يحظى برضاه أو بعدم إنزعاجه منه.
هذا الموقف كان يفسر من جانب البعض على أنه موقف مبدئي نابع من إنتمائهم الكرد الوطني ومن جانب البعض الآخر دليل ضعف وغياب المبادرة لدى الحركة.

وطبعاً بين هذين الموقفين كان ثمة موانىء ترسو عليها شرعية الأحزاب الكردية.
أمّا وقد تغير الواقع ايجابياً بفعل الثورات الشبابية وإنقلاب موازين القوى لصالح المظلومين وإنهيار جدران الخوف التي بنتها الأنظمة في المنطقة العربية بين المواطنين وتطلعاتهم, فهل ثمة مبرر للأحزاب الكردية في سوريا بعدم تبني قرار الشباب ورغبتهم في التظاهر و الإنتفاض؟.
لكي لا نبدوا منفعلين اكثر من اللزوم,  يجب أن نعترف للأحزاب الكردية –بإستثناء القلة- بوضوح موقفها مما يجري.

إنها من حيث المبدأ تسير في الإتجاه الصحيح وهذا التوجه يمكن أن يكون مدعاة لتفاؤل الشباب الكردي إذا ما إقترن بخطوات عملانية من شأنها أن توحّد الخطاب الكردي أكثر وتجعل من الحركة جسداً متماسكاً عصياً على كل من يحاول ضربه بهدف شرذمته وتفريق مكوناته .
لأننا نعلم جيداً أن النظام سيلجأ الى اللعب بورقة إستخدام ازلامه في الحركة- وهم قلة- لفض أي إتفاق مستقبلي- بعد أن حاول إختصار القيادات الكردية ببعض الرؤوس القبلية وحصر الحقوق الكردية ببعض المطالب الخدمية.
 إذاً المطلوب من القيادات الكردية في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة الإبتعاد عن التشنج والكيدية وردود الأفعال والدعوة لرص الصفوف وتوحيد الجهود عبر عقد لقاء موسع يجمع (المجلس السياسي الكردي , حزب الاتحاد الديمقراطي وكافة الاطراف والاحزاب الاخرى) بهدف الخروج  برؤية وقراءة مشتركة للتطورات في سوريا وما يجب أن تكون عليها وفقاً لمشروع حل شامل في سوريا يضع الشباب أمام مسؤولياته ويبارك له رغبته بالتغيير .

7-4-2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…