نقلت وكالة الأنباء الليبية خبراً يقول بأن ليبيا وبصفتها الرئيسة الحالية للقمة العربية قررت تأجيل موعد انعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين المزمع إنعقادها في بغداد في التاسع والعشرين من شهر آذار القادم إلى موعد لاحق.
لقد تمكن الشعب العراقي، بمختلف أعراقه وفئاته ومذاهبه، من إركاع الديكتاتورية أمام محكمة الشعب، وسوقه ذليلاً إلى حبل المشنقة، واستطاع أن يؤسس لنظام ديمقراطي تعددي فيدرالي حر، والإستفتاء على دستور عصري يضمن حقوق الجميع، وإنتخاب برلمان يمثل مختلف القوميات والمذاهب والأديان، وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي تعكس كافة ألوان الطيف العراقي من زاخو إلى البصرة..
أجل، لقد كان الشعب العراقي سباقاً في إنجاز كل هذه التحولات الجذرية بينما كانت الأنظمة العربية بمعظمها تتباكى آنذاك على النظام البائد، وتلوم الشعب العراقي لإرتهان مصيره لقيادات وصفتها بالعميلة والخائنة وغيرها من النعوت وبأنها دمى يديرها المحتل كيفما يشاء، إلاّ أن هذا الشعب العراقي الحر ظل يتسابق مع الزمن منصرفاً إلى البناء والتعمير وتأمين الخدمات وتوفير الأمن والإستقرار وحماية تجربته التي تجبلت بدماء الشهداء ودموع الثكالى والأرامل وعرق جبين المناضلين الوطنيين الذين قادوا هذه التغيير الجذري العميق في عراق لم يألف سوى أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي، متحدياً قوى الأرهاب والتطرف وفلول النظام البائد التي كانت واثقة بأنها تخوض معركتها الأخيرة ضد المفاهيم الديمقراطية وحقوق الشعوب والأفراد..
وعندما لم يبق أمام الأنظمة العربية إلاّ أن تقر أخيراً بنجاح العملية السياسية، وعندما لم تنجح تدخلاتها الفظة لشطب الوجه الكردي عن رئاسة العراق وخارجيتها، وعندما لم تفلح في إغماض عينها عن نجاح ما كانت تسميه بـ”الجيب العميل” في إستنفار المكونات السياسية العراقية ودعوتها إلى عاصمته وحل تناقضاتها التي كادت تصل إلى حد الطلاق، وإنقاذ العملية السياسية وصولاً إلى تشكيل حكومة وفاق وطني، عندئذ فقط قبلت تلك الدول، مرغمة لابطل، عقد قمتها في بغداد ولكن بعد فوات الآوان لسوء حظ بعض أنظمتها، حيث بدأت أوضاعها التي كانت تعتقد بإنها محصنة وراسخة، بالإنهيار مع الشرارة الأولى التي أضرمها البوعزيري في جسده لتنتشر في هشيم النظام في تونس ومصر، وتتطاير جمراتها إلى الأردن واليمن والبحرين وليبيا..
حتى أعلن الرئيس الحالي للقمة العربية وعلى جناح السرعة، بأن القمة قد تأجلت إلى إشعار آخر، بسبب الظروف الطارئة التي تمر بها المنطقة العربية، ولك من دون أن يثير الخبر شماتة العراقيين بالطبع..