قراءات في واقع حركة التحرر الكوردية

ميرآل بروردا

 

 ( آزادي كخطوة في الاتجاه الصحيح)

ليس خفياً على أحد ما عانته حركتنا التحررية الكردية في سورية – وما زالت تعانيه- من حالة التشرذم والتشتت على مدى عقود من الزمن كنتيجة واقعية للمخاض الذي تعانيه المنطقة برمتها ,شعوباً وحكومات في عجزها وتذبذبها أمام إقرار خطاب سياسي وتحول ديناميكي واضح يقرر مصيرها سياسيا ًواقتصاديا ًواجتماعيا ً وتحولهما –الشعوب والحكومات – إلى ركاب منتظرين قطار التغيير القادم من محطات العامل الخارجي والمتجه نحو فضاء الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان هذا القطار الذي مر بمحطات عديدة كانت جاهزة لاستقباله .
والسؤال هنا هل نحن على استعداد لاستقبال هذا التغيير ؟
إن نظرة تأملية لما قبل الانتفاضة المباركة في 12 آذار 2004
وما تلاها يؤكد حالة التخبط الذي تعانيه مجمل فصائل الحركة على الرغم من وجود بعض الطفرات التي لا تزال تحمل بعض مورثات المرحلة القديمة والتي تؤثر بالسلب وبشكل مباشر على استمرارية هذه الطفرات.
ولعل إحدى أهم تلك الطفرات هو ولادة حزب آزادي والذي جاء نتيجة طبيعية للضغط الشعبي الواسع ونتيجة قراءة سياسية قيد النضوج.
لكن .؟ وبعد مرور أكثر من عام على تأسيسه نشاهد ضعفاً في معالجة تلك المورثات فهو كجزء من اليسار القومي ما يزال يعاني المركزية الديمقراطية المتشددة والانغلاق الإيديولوجي و التنظيم المصاغ من نظريات ومناهج و نظم لم تعد مجدية لأصحابها فكيف لنا .؟!
إضافة للقيادات الكلاسيكية التي كانت ولا تزال السبب الأساس في الانفلات والصراعات الحزبية والعقبة الأساسية أمام توحد الحركة .
لقد كان للخطوة التي قام بها السياسي صلاح بدر الدين – بغض النظر عن  ما قيل ويقال -ذلك بانتقاله من الموقع القيادي إلى الموقع الوطني والقومي أهم القفزات نحو إعادة بناء التنظيم المرتقب المتماشي مع ضرورات المرحلة و متطلباتها .
إن ما ذكرته سابقاً كان سرداً سريعاً للواقع المعاش دون التوغل في شعاب الأسباب والخلافات.
وكخطوة تكتيكية وديناميكية للانتقال بآزادي من الدائرة الفئوية الضيقة إلى فضاء الكردايتي , وتحويل هذا الحزب من الشكل التقليدي الإيديولوجي الروتيني إلى حركة شعبية ديمقراطية تتماشى مع المتطلبات الشعبية التي هي بالأساس برامج هذا الحزب والانتقال به إلى الشارع الكردي من قوقعة المحسوبية والتسلق والتسلط, جاء المؤتمر الأول ليضع الأسس والخطط لهذا الانتقال
والتي اعتمدت بشكل أو بآخر على محاولة صياغة نظام داخلي يتماشى مع التغييرات العالمية والثورة التكنيكية الهائلة و يلبي تطلعات الجماهير .
وعلى الرغم من هذه المحاولة لكن ما يزال النفس الخمسينياتي يسيطر عليه ولكن نحو الانحسار التدريجي .
حيث التأكيد على ضرورة إحداث المجالس الشعبية والمنظمات الطلابية والشبابية والنسوية كانت اختيار صحيحاً ولكن لم يكن من الضروري التزام هذه التنظيمات بالتنظيم الأساس بل كان من الأفضل لو أنها تكون رديفة له تناقش معه مختلف القضايا حتى الحزبية منها وإشراك هذه الجماهير في اتخاذ القرارات المختلفة
واختيار ممثلين عنهم بإرادتهم وفي أعلى المستويات وفتح القنوات للتحاور مع مختلف الفصائل والتجمعات والتيارات سياسية كانت أو ثقافية أو اجتماعية .وكخطوة ثانية لا بد له من تأسيس أرضية اقتصادية متينة على أساس المشاريع الإنتاجية  البسيطة التي تلبي احتياجاته .
هكذا يستطيع الانتقال إلى خطوة جديدة نحو تحقيق الأهداف المرجوة
كما أن بقاء و استمرار القيادات الكلاسيكية في السيطرة والتحكم في مصير هذا الحزب –مع خالص الاحترام لها – تشكل العقبة و التهديد القادم له.
خاصة بعد القراءة التنظيمية الخاطئة لواقع منظمة أوربا والخلاف الذي حصل دون قدرة هذه القيادة على معالجة حقيقية لهذه الأزمة , و التي تسببت باستقالة بعض أعضائها و التكتل عند البعض الآخر.
مما عرض هذا الانطلاق التاريخي للسؤال و تمرير البعض لمآربهم الشخصية و الهجوم من هنا وهناك عليه بهدف تشويه صورته وقذفه بالقال و القيل.

والمراهنة الكبيرة على إجهاضه و إسقاطه .
فلنتأمل خيراً لهذا الحزب ودوام الموفقية له ولباقي الفصائل نحو غد أفضل

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…