محمد محمد
في ذلك اليوم الخريفي الثالث عشر تشرين الثاني 1960 كان يوما عاديا كباقي ايام السنة لو لم تحدث تلك الكارثة حيث كانت تلك المدينة الوادعة على موعد ليس ككل المواعيد ، إذ ودعت وفي طرفة عين كوكبة من فلذات اكبادها وهم في عمر الورود طالتها يد القدر
في ذلك اليوم الخريفي الثالث عشر تشرين الثاني 1960 كان يوما عاديا كباقي ايام السنة لو لم تحدث تلك الكارثة حيث كانت تلك المدينة الوادعة على موعد ليس ككل المواعيد ، إذ ودعت وفي طرفة عين كوكبة من فلذات اكبادها وهم في عمر الورود طالتها يد القدر
لقد كان بحق حدثا هز الوجدان والضمائر الانسانية من الاعماق لهول الفاجعة التي حلت بأهلها، حيث لم يخلو بيت إلا وكان فيه صراخ وعويل على فقد عزيز ،إنها كارثة سينما عامودا ..؟!
حيث قام في ذلك اليوم الأسود ليس في تاريخ عامودا تلك المدينة المسالمة ، وإنما امتد الألم والوجع على امتداد وطن الكورد بأسره ، إذ قام بعض المكلفين بزيارة المدارس لبيع تذاكر السينما للطلاب ليكون ريع الدخل دعما للثورة الجزائرية آنذاك .
وتقاطر طلاب المدارس الى ما كان يسمى بدار السينما وكان عددهم كبيرا لذا كانت الفاجعة بحجم العدد الهائل للطلاب وكان لها وقع الصاعقة ، والغريب في الأمر أن يكون عنوان الفيلم جريمة في منتصف الليل للكاتبة اجاثا كريستي !
كان الوقت ليلا والسينما مكتظة بالطلاب حين شبت النيران فيه والذي كان يفتقر الى ادنى درجات السلامة فهو صغير ومبني من الطين ويتكون السقف من الخشب ومن الداخل تغطى جدرانه بأغطية وستائر ربما للتغطية على العيوب والنواقص وكان المولد الكهربائي بحاجة الى صيانة كاملة ، فأية شرارة كانت كفيلة بالتهاب القاعة نارا وموتا !
الستائر مشت فيها النيران سريعا وكانت تقع على الطلاب كقطع ملتهبة فتحرق ما تقع عليه سقف الصالة توهج باللهيب ، هلع الأطفال وخوفهم ورعبهم وتدافعهم وتساقطهم على باب المدخل أدى الى سد الباب وفي جو خانق من الدخان ..
كل هذا وغيره كان سببا في موت عددا كبير من الطلاب ومن حالفه الحظ وافلت من المبنى كان بانتظاره جب فتحته مستوية بالأرض وفي قعره المحرك الكهربائي فكان بانتظاره الموت المحتوم .
ويجب ألا يفوتنا ذلك الرجل الشهم الذي أنقذ حياة العديد من الأطفال قبل أن ينهار المبنى ليكون شهيد الرجولة والشهامة إنه محمد سعيد آغا الدقوري الوحيد الذي سارع الى اغاثة هؤلاء الأطفال .
أمام هذا الحدث الجلل والمأساوي بكل المقاييس لم تقم السلطات السورية وقتذاك والى يومنا هذا باجراء تحقيق عادل وشفاف ونزيه في هذه الفاجعة بل كانت هناك جهود خجولة اكتفت بزيارة وفد للمقابر الجماعية التي ضمت تلك النفوس البريئة ولم نسمع الى ماذا توصل ذلك الوفد ، وقد وصلت مساعدات مالية من الخارج إلا أنها كانت شحيحة .
إن كل ذلك ان دل على شيء فإنما يدل على الاستهتار الواضح واللامبالاة من قبل السلطات السورية بأرواح الضحايا التي زهقت وهم في عمر الورود والذين كانوا مستقبل هذه المدينة الواعد ، إلا أن يد القدر كان أسرع الى قطافهم .
إن على المنظمات والجمعيات العاملة في مجال حقوق الانسان واجب انساني مقدس حري بها أن تفتح هذا الملف من جديد وتضغط على السلطات السورية الحالية لفتح تحقيق جديد في ملابسات هذه الحادثة الأليمة والتي ما زالت تؤرق اهالي الضحايا لكي تعود العدالة الى مجراها وتطمئن النفوس البريئة وتنال اليد الآثمة جزائها إن كانت هذه الفاجعة بفعل فاعل.
عقود مضت ومازالت عامودا تتشح بالسواد وتذرف الدموع السخية على فلذات اكبادها وهي ثكلى بأحبائها تتفطر قلبها حزنا وكمدا ، وعويل النساء ما زال يرن في الآذان…
المانيا
وتقاطر طلاب المدارس الى ما كان يسمى بدار السينما وكان عددهم كبيرا لذا كانت الفاجعة بحجم العدد الهائل للطلاب وكان لها وقع الصاعقة ، والغريب في الأمر أن يكون عنوان الفيلم جريمة في منتصف الليل للكاتبة اجاثا كريستي !
كان الوقت ليلا والسينما مكتظة بالطلاب حين شبت النيران فيه والذي كان يفتقر الى ادنى درجات السلامة فهو صغير ومبني من الطين ويتكون السقف من الخشب ومن الداخل تغطى جدرانه بأغطية وستائر ربما للتغطية على العيوب والنواقص وكان المولد الكهربائي بحاجة الى صيانة كاملة ، فأية شرارة كانت كفيلة بالتهاب القاعة نارا وموتا !
الستائر مشت فيها النيران سريعا وكانت تقع على الطلاب كقطع ملتهبة فتحرق ما تقع عليه سقف الصالة توهج باللهيب ، هلع الأطفال وخوفهم ورعبهم وتدافعهم وتساقطهم على باب المدخل أدى الى سد الباب وفي جو خانق من الدخان ..
كل هذا وغيره كان سببا في موت عددا كبير من الطلاب ومن حالفه الحظ وافلت من المبنى كان بانتظاره جب فتحته مستوية بالأرض وفي قعره المحرك الكهربائي فكان بانتظاره الموت المحتوم .
ويجب ألا يفوتنا ذلك الرجل الشهم الذي أنقذ حياة العديد من الأطفال قبل أن ينهار المبنى ليكون شهيد الرجولة والشهامة إنه محمد سعيد آغا الدقوري الوحيد الذي سارع الى اغاثة هؤلاء الأطفال .
أمام هذا الحدث الجلل والمأساوي بكل المقاييس لم تقم السلطات السورية وقتذاك والى يومنا هذا باجراء تحقيق عادل وشفاف ونزيه في هذه الفاجعة بل كانت هناك جهود خجولة اكتفت بزيارة وفد للمقابر الجماعية التي ضمت تلك النفوس البريئة ولم نسمع الى ماذا توصل ذلك الوفد ، وقد وصلت مساعدات مالية من الخارج إلا أنها كانت شحيحة .
إن كل ذلك ان دل على شيء فإنما يدل على الاستهتار الواضح واللامبالاة من قبل السلطات السورية بأرواح الضحايا التي زهقت وهم في عمر الورود والذين كانوا مستقبل هذه المدينة الواعد ، إلا أن يد القدر كان أسرع الى قطافهم .
إن على المنظمات والجمعيات العاملة في مجال حقوق الانسان واجب انساني مقدس حري بها أن تفتح هذا الملف من جديد وتضغط على السلطات السورية الحالية لفتح تحقيق جديد في ملابسات هذه الحادثة الأليمة والتي ما زالت تؤرق اهالي الضحايا لكي تعود العدالة الى مجراها وتطمئن النفوس البريئة وتنال اليد الآثمة جزائها إن كانت هذه الفاجعة بفعل فاعل.
عقود مضت ومازالت عامودا تتشح بالسواد وتذرف الدموع السخية على فلذات اكبادها وهي ثكلى بأحبائها تتفطر قلبها حزنا وكمدا ، وعويل النساء ما زال يرن في الآذان…
المانيا