الشعوب الضعيفة في هذا الكون البائس تبحث عن قوة الحق , وهذا لا يتحقق الا بوجود أصدقاء يقفون الى جانبه ويدعمون حقه ورفع الضيم عنه , إلا نحن الكرد السوريون , إذ يبدو أننا نبحث عن الأعداء , لأننا لا نؤمن بالمختلف , ونطالبه أن يكون ملكيا أكثر من الملك , أو كرديا أكثر منا , وإلا فهو عدو .
أتمنى من القارئ العزيز أن يعود أولا الى المراجع التي تشرح معنى “المواطنية ودولة الحق والقانون” ثم الى مقالة السيد عكلة وقراءتها بتمعن , كرأي لعربي يتمنى أن يكون هذا مستقبلنا جميعا في سوريا , لست أدري ماذا تريدون أيها الأعزاء من هذه القلة من الوطنيين السوريين – وهم ليسوا أفضل حالا منا – الذين توصلوا الى نتيجة مفادها أن حل أزماتنا تكمن في بناء الدولة الوطنية , هل تريدون منهم تحرير كردستانكم وتقديمها لكم على طبق من خشب !, وإلا فهم شوفينيون وعملاء السلطة وبالتأكيد أعداء للكرد , غريب أمركم يا سادة ! .
قبل أن أنتقل الى المقالة الأخرى والمليئة بالاتهامات أيضا , للسيد “عكلة” أقول لم أجد بداً من الدفاع عن رأي هذا الشخص , بعد أن يئست من عدم وجود رد من أحد أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا , يدحض كل هذا التجني ضد شخصية عربية وطنية يعتبر نفسه صديقا للكرد , وهكذا تعتبره الحركة الوطنية الكردية في سوريا , فاضطررت للرد وأقول للأخ “هوشنك أوسي” الذي أقرأ له باستمرار وأحترم آراءه وان اختلفت معه أحيانا , وهذا طبيعي , متمنيا عليه العودة الى مقالة السيد “عكلة” ليرى هل يتنكر فيها للتنوع القومي والديني والمذهبي , ألم يقل : ليكون هذا التنوع مصدر إثراء للثقافة والوعي , ولا تنتفي معه خصوصية مكونات المجتمع” , ثم أرجو من السيد “أوسي” أن يبتعد عن تكرار ذكر الحقائق التاريخية والحضارية , لأنها ليست في مصلحة أحد , وخاصة نحن , لأن التاريخ كتب لمصلحة القوى الجديرة بالحياة , وللأسف لم نكن من بينهم يوما , ثم هل الحقائق التاريخية تقول بوجود الأتراك في تركيا الحالية قبل ثمانمائة عام , وهل كان العراق أو سوريا موجودتين قبل تسعين عاما , لقد قسم الاستعمار المنطقة قبل تسعين عاما بدون رأي أي من أبناء المنطقة , ولم يكن للكرد نصيب في تلك القسمة , ليس لأن الاستعمار يكره الكرد وتقصّد حرمانهم من تأسيس دولتهم , أسوة بغيرهم من شعوب المنطقة , كما يدعي البعض منا , وانما السبب هو رغم أننا كنا ضعفاء جدا , إلا أننا كنا نعيش في الخيال , بعيدا عن الواقع , كما نحن اليوم , فبقينا خارج الوليمة , لأننا لم نكن جديرين بها , هل ننكرها أيضا أم نعترف بذلك بشجاعة .
العراق اليوم موجود كما سوريا وتركيا وايران ومعترف بهم دوليا وواقعيا , وهنا أرجو أن لا نسبح مرة أخرى في الخيال ونشبه أنفسنا ككرد سوريين بأخوتنا في العراق أو ايران أو تركيا – لا ديموغرافيا أو جغرافيا …- أو نذهب الى سويسرا وبلجيكا , وعلينا أن نسأل أنفسنا , هل وضع الكرد في سوريا يشبه وضع كرد العراق أو تركيا من كل النواحي والإمكانات , وكم دفعوا مقابل ما قد يحصلون عليه اليوم ؟ انني واثق أن السيد “أوسي” يعلم ما الذي حصل حين أراد العراقيون تطبيق الفدرالية , ويعلم أن من وقف ضد الفدرالية العراقية هم المثقفون من العراقيين والعرب المقيمين في سويسرا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وكلها دول عانت قرونا من الحروب والقتل على الهوية ثم عادت الى الواقع فازدهرت بعد الاعتراف بالتنوع العرقي والمذهبي وتطبيق الفدرالية في بلدانها , لكن البيئة والموروث الثقافي الذي ما زلنا نعاني منه كردا وعربا و … في هذه المنطقة التعيسة من العالم , وأمراض الشك والريبة تتحكم فينا قبل الثقة واليقين , حتى لو عاش أحدنا في بلدان حقوق الانسان والفدراليات سنين طويلة , فماذا نفعل , هل سنعمل على بناء الثقة بيننا وبين الآخر السوري بتبادل الاتهامات والشتائم ؟ أم نعمل معا وقدر ما نستطيع لوضع أساس لبناء تلك الثقة .
نعم يا سيدي حين يقول أحدنا “إقليم غربي كردستان” فان مثل هذا الطرح يؤدي الى خلق الريبة والشك لدى الآخر العربي لأنها تعني التشكيك في وجود سوريا , فنحن لسنا سويسريين بل شرقيون حيث البريء متهم حتى تثبت براءته .
أما بالنسبة للسيد وليد والذي أرسل لي رسالة حول نوعية الخوار وليس الحوار الذي تعامل بها معه أحد الفلسطينيين كما قال , فانني هنا أذكره بأنه يستخدم نفس الأسلوب ولا يوجد سبب لذلك سوى أنه يريد التغطية على تخاذله حين إعتقل ذات مرة , فمن يقرأ مقالته المعنونة “يكيتي وحروب داحس والغبراء” يتوقع أن السيد وليد كان المحرك والموجه الوحيد للحركة الكردية في سوريا , لكثرة ما أسبغ على نفسه من بطولات وهمية بينما الآخرون لم يكونوا سوى بيادق يتحركون بأوامر منه , لا أعتقد أن السيد وليد سمع بمصطفى جمعة ومشعل تمو وحسن صالح … وقبلهم المرحوم دهام ميرو ونذير مصطفى , ممن إعتقلوا مرات وعانوا الكثير , لكن لا أحد يشبه السيد وليد لأنه الوحيد الذي تم تهجيره قسرا الى الامارات ليعمل في تجارته من هناك , ولينظر لنا في أوقات فراغه , وهنا أسأل كل كردي وكل سوري , هل المغضوب عليهم يسمح لهم بالسفر أو يهجرون , أم يمنعون من السفر يا سيد وليد , كفانا شعارات ولعبا بعقول الناس البسطاء , تقول ضمن ردك :
“السادة دعاة المواطنة … إن المواطنة هي ذلك العقد بين الوطن والمواطن والتي تستند على أسس وقواعد قانونية ولكن ها أيضا المستندة على بنية ثقافية تربوية تؤسس لوعي جمعي في فهم حقيقة المواطنة من جهة وتلازمها مع مفهوم الإنتماء الوطني ثانية ..وهي تعني بالمطلق الإعتراف بالآخر ندا ومتساويا لابل ومتشاركا بالقرار وفعله” , هنا أقول أنك لم تقرأ ما قاله السيد عمار – ليس عامر- فلو قرأت مقالته لما كررت نفس ما قاله هو , ولم تفهمه , ولأن ما ذكره كان رأيا حول المستقبل الذي ننشده جميعا , فلو قرأت ما قاله لما نشرت كل هذا الخوار والذي لم يعن شيئا سوى الشك بأنك تريد التغطية على تخاذلك يا سيد وليد ,لأنك لست أفضل ممن تعذبوا واستمروا يناضلون من هنا من فوق الأرض , تقول :
“وقبل الختام أحبّ ان أؤكد على أمر بأنه لم يكن لديّ بالمطلق أية نية للرد على هكذا آراء خصوصا وخنادقنا كل قد توضح للجانب الآخر سوى بعد مشاهدتي لبعض من التداخلات والزج او الترابط لبعض من الكرد او الترويج وكأن كردا ذوي ثقل كبير وقد ـ إنجروا ـ صوب ذلك” .
هنا أقول أية خنادق يا سيد وليد هل تبنيها في الإمارات أم أنك تتاجر بها , ففي الامارات لا يوجد غير التجارة والأعمال , أما من يريد التحرير فليأتي ويحفرها هنا فوق هذه الأرض التي تدعي الدفاع عنها , لأنك لم تتحمل الاعتقال لشهور قليلة , بينما غيرك عانوا أعواما طويلة , ورغم تعدد الاعتقلات لم يهربوا , فكفى نفاقا وتجارة , نتمنى أن توفق فيها , لكن ليس على حساب آلام شعبنا وجوع أطفالنا , من يريد تحرير كردستان بالريموت كونترول , إما أن يأتي إليها , أو يأخذ تجارته الكردستانية اليه , ويكفي شعارات كاذبة والضحك على عقول البسطاء .
الشهيد عبد الرحمن قاسملو لأنه قال “كردستان حلم وأنا لا أحب الأحلام” تم اغتياله في أوربا , لأنه لم يستغل وجوده هناك للتنعم بالهواء العليل والحرية اللامحدودة , ولأن فراره الى أوربا لم يكن في سبيل تحسين أحواله المعيشية , وإنما خوفا حقيقيا على حياته من الاغتيال , لذا لم يتغير ولم يغير رأيه بل عاش واقع شعبه والمظالم التي يتعرض لها , ولأنه لم يستغل ذلك الجو الشاعري بالتحليق في الخيال , بل ظل يعاني من الواقع الذي يعيشه شعبه هناك , وكأنه مازال بينهم , لذا لاحقته سلطة الاستبداد الإيرانية واغتالته , لأن سلطات الاستبداد في كل مكان تخشى أمثال الشهيد قاسملو , ولولا واقعيته لكان الآن حيا يرزق متنعما بهواء أوربا وحريتها , لينشر كل يوم مقالات تشتم وتتهم يمينا ويسارا وتصر على تحرير وتوحيد كردستان الكبرى .
الحسكة في 10/11/2010
Hussein.isso@gmail.com