رسالة لا بد منها

مسعود عكو

كان قراراً صعباً وخطيراً اتخذته بالفرار من سورية نحو بلاد المجهول، الوطن الذي عشت فيه ثلاث وثلاثين سنة، أنهيت حياتي فيه في لحظة حاسمة، وقررت المغادرة، حقيبة صغيرة فيها بعض الثياب، وكومبيوتر محمول، تلك كانت أشياء التي خرجت بها من البلاد، والوجهة كانت لبنان.

أود من خلال هذه الرسالة، أن أشكر كل من ساعدني في الخروج من سورية، وإيجاد مسكن لي في لبنان وعمل أعتاش منه لفترة “مائة يوم” من الأصدقاء الأكراد السوريين في سورية ولبنان، والأصدقاء اللبنانيين، إضافة إلى التمثيليات الدولية التي قامت بإجراء السفر واللجوء إلى النرويج التي أعيش فيها الأن.
أشكر الأكراد السوريين الذين ساعدوني في لبنان، في كل شيء، وأتمنى من الله العلي القدير أن يوفقهم أينما ذهبوا، كانوا حقاً أخوة لي وعوناً لي على تخطي تلك الفترة العصيبة.

اثبتوا لي ولكل الناس بأن الأكراد شعب يحب بعضه بعضاً، ويسعى بكل طاقته مساعدة أشقاءه الكرد أينما حلوا.
بمعونة أصدقاء أكراد دخلت لبنان خلسة عبر شبكة تهريب سورية لبنانية، وتجاوزت الحدود أو كمال قال موقع “كلنا شركاء في الوطن” لصاحبة أيمن عبد النور ” رغم آلاف الجنود الذين يحمون الحدود: مسعود عكو الممنوع من السفر يظهر في لبنان؟” لا أدري حتى اللحظة لماذا كتب صاحب الموقع هذا الخبر ونشره؟ وهل هروبي من بلدي خبر أو سبق صحفي؟ فتداعيات الأمر أكبر من أي خبر يمكن أن يحصد أيمن عبد النور عدداً أكثر من القراء، واعتبرته شخصياً “إبلاغاً أمنياً، وإخباراً لملاحقتي” ولم يكتف عبد النور بذلك، بل عندما أخبرته عبر التشات الخاص ببرنامج غوغل توك، عن خبر اعتقال الصديق كمال شيخو نشر خبراً عن كمال وأضاف فيه جملة “كما فعل سابقاً مسعود عكو” لا اعلم لماذا أصر مرة أخرى عبد النور إقحام اسمي في خبر عن الهروب خارج سورية.

على أية حال انتهيت من لبنان وأصبحت خارجها الأن.

أشكر كل الأصدقاء اللبنانيين والذين لا أريد كتابة أسماءهم هنا، الذين اثبتوا بأن لبنان بلد الحريات والديمقراطية ونصرة المظلومين، بلد يحب ضيوفه ويساعدهم ويمنحهم كل ما يملكون من المساعدة والعطاء، هذا ما لمسته في لبنان، ولن أنسى فضل هؤلاء أبداً.

أشكر الهيئات الدولية والتمثيليات الدبلوماسية التي ساعدتني في الحصول على الإقامة في مملكة النرويج، والتي وافقت على طلب اللجوء والاستقرار فيها، كما لا يمكنني أن أنسى فضل دبلوماسيين في سورية ولبنان، لا أريد ذكر أسمائهم هنا، على كل ما قاموا به من اتصالات مع الهيئات المختلفة التي تابعت قضيتي وقدمت ما يمكن لها أن تقدم من العون والمساعدة.

أعاهد كل الناس الذي يعرفونني، بأنني سأبقى كما أنا ناشطاً كردياً سورياً في مجال حقوق الإنسان، أدافع عن كل سوري مظلوم، كردياً كان أم عربياً، أشورياً كان أم سريانياً، مسلماً كان أم مسيحياً، إيزيدياً كان أم درزياً أو علوياً أو إسماعيلياً، وغيرهم من ألوان سورية الجميلة.

سأبقى الصحفي الكردي الذي يكتب عن قضايا شعبه الكردي ووطنه سورية، وسأحاول قدر الإمكان أن أبقى كما كنت في سورية، إنساناً يفتخر بقوميته الكردية ووطنيته السورية، ويناضل من أجل أن تكون سورية وطناً للجميع، تعمه الديمقراطية والحريات، ويتمتع كل فرد فيه بحقوقه وحريته وكرامته، ولا فرق فيه بين أي مكون من مكوناته.
شكراً للجميع وشكراً للبنان والنرويج.

والله ولي التوفيق.
النرويج
19/9/2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   منذ 2011، فتحت تركيا أبوابها للسوريين، ليس دعماً لهم، بل لاستغلال نزوحهم، على أكثر من صعيد، متوهمةً أن سقوط النظام لن يطول. استقبلت الأيدي العاملة، بأجور جد زهيدة، و استغلتهم عبر أساليب مشينة، واستفادت من ضخّ المساعدات الدولية الممنوحة للسوريين، بينما اضطر رجال الأعمال إلى نقل مصانعهم إلى هناك، لاستمرار معيشتهم وديمومة حياتهم، ما عزّز الاقتصاد…

في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…

ماهين شيخاني كان يكبرنا سناً ومحل احترام وتقدير لدينا جميعاً وفي المؤتمر (……) كان بيني وبينه وسادة، لمحته ينظر لوجوه المؤتمرين، هامسته : هل أكملت جدول الانتخاب ..؟. أجاب: مازال قائمتي بحاجة الى بعض المرشحين ..؟!. وضعت ورقتي المليئة بالأسماء التي انتخبتهم حسب قناعتي بهم على الوسادة أمامه، تفضل ..؟. نظر أليَّ باستغراب، رغم ثقته بي ووضع…

صلاح بدرالدين   منذ عدة أعوام ولم تنفك وسائل اعلام أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – ب ي د و انكسي – تنشر تباعا عن تدخل وسطاء دوليين لتقريب الطرفين عن بعضهما البعض ، والاشراف على ابرام اتفاقية كردية – كردية ، وانهاء عقود من حالة الانقسام في الصف الكردي السوري !!، من دون توضيح أسس ، وبنود ذلك الاتفاق…