لمَ نشككُ ،ونرتابُ من مجرّد طرح مشروع أو فكرة حول توحيد الصف الكردي أو توحيد صفوف أحد التنظيمات الكردية التي تشترك بالبرامج أو المواقف، وحتى تتقاطع على مستوى “الاسم”؟؟ أليس من حقّ الرفاق والأنصار والمُقرَّبين من هذه التنظيمات أن تدعو إلى وحدة صفوفها في زمن غدا فيه التفرُّق والتفريخ الحزبي وتشظي التنظيمات الكردية في سورية إلى حد يخجل منه الجميع مَعلماً من المعالم التي لا نشتهيها، ولا تروق لنا النظر إليها، ومعروف أن هذا التشظي لم يأتِ عفو الخاطر، إنما كانت هناك أيادٍ ساهمت بكل حيوية” وهذا حقها” بزعزعة قناعة الشارع الكردي في سورية بجدوى هذه التنظيمات، وقطع التواصل معها جماهيرياً وإحجامها، وتقزيمها وبالتالي إفراغها من محتواها، وجعلها قربة خرقاء غزيرة الثقوب، وتهميش الهدف الذي من أجله تأسست، وعلى أساسها وضعت مشروعها السياسي.
إن الذين يُشكّكُون حتى بأحلام الكرد من مثقفين” لا يجيدون الإملاء والنحو ولا ألف باء الكتابة” ومتابعين سياسيين ومنخرطين في هذه الأحزاب، ليس من حقهم أن يتحدثوا عن هذه الأحلام بهذه الطريقة الفجة، ثم يتحدثون عن مشروعية مطلب الشارع الكردي من أجل توحيد ” الحركة السياسية الكردية” لأنهم يناقضون أفكارهم، وينطلقون من رؤية مضللة، مشوشة لم تقرأ الواقع بعناية، ووضعت نصب عينها معاداة أي تقارب كردي!!
وما يحزُّ في النفس أن بعضاً من هؤلاء محسوب على خارطة هذه التنظيمات” المفلسة” والبعض الكثير خارج هذه الخارطة، لذا كان جديرٌ بهم أن يعلنوا مواقفهم من غير إملاق، فتحسب – وأنت تقرأ لهم مكرهاً – أن بعضَ الـ ” هؤلاء” ميّتٌ على “الوضع المزري” لهذه الأحزاب، وقلبه ينفطر على ما آلت إليه الأوضاع، ويبدأ بالتنظير المجاني، ويقدّم حكمه الأفلاطونية من أجل أن تستمع هذه الأحزاب إلى رأيه بعد أن حرقتها نارُ الضلال، ويدعوها إلى سواء السبيل بعد أن ارتمت في ” الأحضان الدافئة إياها”
والأمر الثاني: ما الضيرُ إذا كان من يدعو إلى التقارب الكردي ” تنظيمياً وسياسياً” شخص يقيم هنا في أرض الوطن أو اضطرته ظروفه الخاصة لمغادرته، وبالتالي هو يتابع نضاله في ساحة أوسع وأرحب، وما علاقة الحنين والشوق والعاطفة بموضوع كهذا؟؟!!
هل مَن أدلوا بدلوهم كتبوا مواضيع إنشاء عن الحنين للوطن وأشجاره ومائه في مرحلة التعليم الأساسي حتى نحاسبهم على منسوب الخيال وجدّة الصورة الشعرية المشرقة عندهم أو عدمها، والأغلاط الشنيعة التي اقترفوها بحق اللغة التي يكتبون بها؟؟ أم كتبوا عن موضوع سياسي يهمُّ الشريحة الأوسع من الشعب الكردي، ومن حقهم أن يتناقشوا في أيِّ أمرٍ يلامس آمال وآلام شعبهم.
من الخطأ التشكيك بأي تقارب كردي، والحطُّ من شأنه لأنه يخلق حالة من القنوط واليأس بين الجماهير، وهي في غنى عنها في الوقت الحاضر على الأقل.
ولا يدّعي حصيفٌ أن لوحة الأحزاب الكردية زاهية، ولا تعاني من حالة تشرزم مقيت، لكن يجدر بالجميع أن يترصدوا بصيص الخلاص من هذا الواقع، وإشعال شمعة الأمل عبر نقد لوحة الحركة بموضوعية وعقلانية ودراسة جميع الجوانب التي تعيق انعتاق الحركة، وخروجها إلى نور توحيد الجهود، ونور الاتفاق على المستوى الأدنى لتحقيق الأهم وهو وحدة الصف الكردي ورصّ الإمكانيات تحضيراً لاستحقاقات المرحلة.
هي أحزاب ضعيفة ..
نعم، دورها هشٌّ بين الجماهير ..
نعم، لم تُطوّر أدواتها النضالية ..
نعم، كثيرة ولاداعي لهذا العدد الضخم ..
نعم..
لكن: هل يستحق أعضاؤها وقياديوها وجماهيرها القلة القليلة الحرق أو الإذابة بالأسيد؟؟
الشكاكون بكل تقارب؟؟ هلَّا عرّفونا على أجنداتهم هم؟؟ هل قدموا مشاريع وأفكاراً بديلة؟؟ أم تهيمُ كتاباتُهم في بوادي الجعجعة.؟!