قراءتي لتصريحات الرئيس بشار الأسد .. والموجة الإعلامية للفعاليات السياسية الكوردية حول تلك التصريحات ..

إبراهيم مصطفى (كابان)

ما زالت أصداء تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد تأخذ حقها في الإعلام الكوردي الالكتروني والنشرات الحزبية الصادرة عن الأطر السياسية الكوردية فيما ان الإعلام السوري الالكتروني والمنشور والمرئي والمسموع التابعة للدولة أو المستقلة لم تتطرق إلى هذه التصريحات ولم تذكر حتى لقاء الرئيس بشار الأسد بالصحفيين الأتراك وهذا مخالف للعادة حيث ان  جميع التصريحات السابقة للرئيس سواءً لوكالات الأنباء والأخبار أو الصحافة كانت تنقلها الإعلام السوري عن كثب وتتناولها الجرائد الرسمية الثلاثة وجريدة الوطن المستقلة خلال أيام عديدة بل وتعقد من اجلها الندوات والمناقشات من قبل الإعلاميين والسياسيين والمحللين في التلفزيون السوري
 وإذا دل هذا الأمر على شيء فيدل على انه هناك جهات نافذة معينة تكتم على هذه التصريحات المهمة للغاية وتمنع تداولها في الإعلام على أن هذه التصريحات لو نشرت في الإعلام السوري ستكون لها نتائج أجابية على المستوى الوطني العام كون القضية الكوردية من أولويات القضايا الوطنية التي تحتاج إلى حل عاجل وسريع .

ما صرح به الرئيس الأسد إنما خص بها بعض الصحفيين الأتراك ووكالة جيهان التركية للأنباء في الحين تقود الدولة التركية حرباً هوجاء لا قِبلَ لهُ ضد الشعب الكوردي وممثله الشرعي حركته التحررية التي تقود كفاحاً مسلحاً بعد نفاد كافة الوسائل السلمية والحوار الذي يرفضه الأتراك جهاراً لحل القضية الكوردية في تركيا بالوسائل الديمقراطية ، ولعل ما تم ذكره في تلك التصريحات حول الحزب العمال الكوردستاني والتلميح بضرورة فتح باب الحوار مع الكورد حسب قراءتي ورأي للمشهد إنما جاءت كحل طرحه الرئيس بشار الأسد على الأتراك لفتح باب الحوار مع الحزب العمال بدلاً من لغة السلاح الذي جربه الأتراك لسنين عديدة ولم تصفر عن شيء سوى مزيداً من القتلى والدمار في البنية التحتية والخراب والخسائر في الممتلكات والأرواح على عكس ما اعتقده وروج له الحركة السياسية الكوردية في سوريا وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي التقدمي (جناح حميد حج درويش) الذي دشن أول تصريح بهذا الخصوص ورحبت كما جميع الفعاليات الكوردية وسياسيه ومثقفيه وحتى المستقلين والمواطنين الكورد بتلك التصريحات على إنها تدل على إشارة واضحة وصريحة من الرئيس الأسد للتوجه نحو الحوار والتقارب مع الجانب الكوردي سواءً في تركيا أو سوريا فيما ان مجمل كلام الرئيس بشار الأسد تمحور حول حزب العمال الكوردستاني ، فلو كان الرئيس يقصد بتصريحاته الجانب الكوردي السوري وحركته السياسية دون حزب الكوردستاني لكنا فهمنا ذلك بوضوح ورأينا على الأرض الخطوات العملية بهذا الخصوص في الحين تدعوا وتناضل حركتنا السياسية الكوردية في سوريا ضمن وحدة البلد والحفاظ على مصالحه وأمنه ورغم كل ذلك فإن الحكومة السورية لم تبدي أي استعداد للتقارب منها أو الاعتراف بوجودها ..

كما ان هذه الحكومة لم تخطو خطوة واحدة نحو هذا الحوار ولم يبدأ بحل أبسط الحقوق الوطنية للكورد المجردين من الجنسية والذين حسب الإحصاءات الغير الرسمية بلغوا أكثر من 350 ألف مواطن سوري تم تجريدهم من الجنسية الوطنية عنوة وظلماً وزوراً بموجب إحصاء عنصري مستمر منذُ 62 .
وباعتقادي أنه من المهم أن يصرح الرئيس بشار الأسد في مقابلة إعلامية عن نقاط مهمة كالتي تناوله في تصريحاته للصحافة التركية ولكن المطلوب هو نتيجة عملية على الأرض ..

وليبدأ الحكومة السورية بإزالة كافة المشاريع والشوائب العنصرية ابتداءً من الإحصاء العنصري وانتهاءً بمرسوم 49 الذي شل الحركة الاقتصادية في شمال البلاد وأنهك كاهل المواطن الكوردي خصوصاً والسوري عموماً في الجزيرة ، وليبدأ الدوائر الأمنية بوقف اعتقالاتها المبرمجة بحق المواطنين الكورد ..

ووقف المحاكم الجائرة بحقهم ..

والإفراج عن جميع المعتقلين ..

والاعتراف بثقافتهم كثاني قومية وثقافة في البلاد والتي تزيد البلد تنوعاً وفسيفساءً ..

ولتبدأ الحكومة بإنشاء مشاريع لتشغيل العمال وإعادة المهاجرين الذين امتلأت منهم شوارع العاصمة دمشق والمحافظات الأخرى …
الكورد السوريين يتأملون ان تتحقق تلك التصريحات ويفتح الحكومة السورية باب الحوار معهم ويدركون تماماً ان ذلك هو خطوة مهمة نحو بناء سوريا لجميع السوريين عرباً وكورداً واثوريين وغيرهم .


فيما ان الحركة الكوردية في سوريا نشرت وأعلنت ببيانات مكوكية تصريحات الرئيس الأسد لقناة الجزيرة وبعد تلك التصريحات زادت معانات المواطن الكوردي وبينما صرح الرئيس الأسد وأعتقد ان كلامه كان بمثابة إصدار مرسوم رسمي على قناة الجزيرة بتاريخ 1-5-    2004 وجاءت تلك التصريحات بعد أحداث  12 آذار 2004وكانت لتلك التصريحات الدور المهم في إطفاء نار الأحداث ..

حينها فهم الكورد السوريين ان الرئيس أطلق بخطوات جديدة نحو إصلاح البيت السوري من البوابة الكوردية ولكن ما حصل ان القمع والمعانات زادت على كاهل المواطن الكوردي .


وبعد هذه التصريحات الجديدة للرئيس بشار الأسد كيف يجب قراءة الموقف والمشهد حيث ان الرئيس يصرح بكل ما هو مطلوب ويدع يده على الجرح الذي يجب ان يلتوي فيما ان الحكومة السورية تستمر في قمعها للكورد دون مبرر بل وتزيد من تشبثها بالغة الإنكار والقمع على عكس الأتراك الذين بدؤوا ببعض الخطوات الإصلاحية على مرمى ومسمع العالم ..!!!
ونحن نريد ان نفهم ان السيد الرئيس يصرح وكلامه بمثابة مراسيم وطنية في المقابل لا تبدأ الحكومة السورية بأية خطوة ايجابية اتجاه مواطنيها الكورد ترى كيف نفهم تلك المفارقة ..!!
ومن المفارقة أيضاً والأعجوبة ان جميع الأطر السياسية الكوردية نشرت البيانات حول تصريحات السيد الرئيس  ووجهت بإعلامها الالكتروني إلى الشارع الكوردي فيما كان يتطلب منها توجيه جميع تصريحاتها إلى الجهات النافذة في الدولة حتى يتم تناولها من قبل الدولة إذا كان الحكومة جادة في إيجاد حلول مناسبة للكورد السوريين ، فيما أن تلك البيانات المنشورة من قبل جميع الاتجاهات الكوردية لن يكون لها أي تأثير على الأرض ربما لم يتم قراءته من قبل الشارع السوري والجهات النافذة في الدولة أو حتى ابسط عنصر امني .
كان يتطلب من الحركة الكوردية بكافة اتجاهاتها صناعة حدث حقيقي على الأرض كمظاهرة سلمية أو مسيرة شعبانية للمطالبة الحقيقية بما تناوله تصريحات السيد الرئيس بشار الأسد ، وإذا كانت تلك التصريحات تقصد الجانب الكوردي السوري كما تدعي تنظيماتنا في تصريحاتها فإن المطالبة بالحقوق المواطنة الحقيقية مطلب مشروع حسب تلك التصريحات ، أما توجيه إعلامها إلى الشارع الكوردي وحده ومرور تلك التصريحات مرور الكرام كما مرت تصريحات من قبل فإن هذه الحركة ستبقى متخلفة بعيدة عن الأرض والواقع والعمل المطلوب منها في نضالها .


وفي الختام انوه :
إن العنف يولد العنف ..

وما يعانيه المواطنين الكورد السوريين من قمع وظلم ومشاريع وبرامج لابد ان ينتج عنده الشعور بالعنف المتبادل ، لذا إذا كانت الحكومة السورية جادة في إيجاد حلول وطنية مناسبة وقطع الطريق أمام العنف والقضاء على منابع العنف عليها ان تتحاور مع الشعب الكوردي الذي هو : (جزء أساسي من النسيج الاجتماعي والتاريخي لسوريا) كما جاء في تصريحات الرئيس بشار الأسد لقناة الجزيرة بتاريخ 1-5-2004
(ان الأكراد جزء من مجتمعاتنا في المنطقة و ليسوا ضيوف و سائحين ,و انه خلال تجربتنا مع الأكراد السوريين نرى بأنهم أناس وطنيون وإذا طورنا علاقاتنا مع هؤلاء الذين ساهموا في تأسيس بلداننا فيمكن حينها محاصرة الإرهاب) كما جاءت في تصريحات الرئيس بشار الأسد للصحافة ووكالة جيهان التركية للأنباء بتاريخ 18-7-2010 .
ولنبني سوريا لجميع السوريين …
9-8-2010
إبراهيم مصطفى ( كابان )

كاتب وشاعر وناقد كوردي سوري

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…

صديق شرنخي كردنا الاعزاء، هل يمكن ان نفكر خارج هذه البروباكندا التي اسمها وحدة الحركة وثم توحيد الموقف الكردي وثم تشكيل وفد مشترك الى اخرما يرد من أمان، والتي اطرنا بها اهدافنا في الخروج من هذه المحنة التي اسمها ايصال طلبنا المشروع الى دمشق لصيانة الحق الكردي المشروع بصيغة جماعية، انها احلام لن تتحقق! لو تحققت يوما سيكون هذا…

السيد ممثل الولايات المتحدة الأمريكية السيد ممثل دولة فرنسا السادة ممثلي التحالف الدولي تحية طيبة وبعد؛ بداية نُقدّر عالياً جهودكم الرامية لتوحيد الموقف السياسي الكوردي في سوريا، ونكتب إليكم هذه الرسالة بخصوص أفراد عوائلنا المختفين قسرياً في سجون قوات سوريا الديمقراطية. السادة الكرام، لا يزال مصير أفراد عوائلنا في سجون قوات سوريا الديمقراطية مجهولاً منذ لحظة اختطافهم ولحين كتابة هذه…

شكري بكر من أشرف على حركة الإنشقاقات في صفوف الأحزاب الكوردية عبر بعض الأدوات لن يدع الحركة في العودة إلى الوحدة مرة أخرى ، وبنفس الوقت من كان مساهما في شق الأحزاب لم يعد يتوحد مرة أخرى ، وإلا لماذا إنشقوا ؟. أعتقد أن دوافع الإنشقاق عديدة منها : 1 – الخضوع للضغوطات الخارجية إن كان من جانب النظام…