مسعود عكو
بشكل شبه يومي، تطالعنا إحدى الصحف أو الجرائد العربية والإسلامية، بمواضيع عن معاودة حزب العمال الكردستاني استئناف القتال ضد القوات التركية، في حربه التي دخلت ربع قرن من الزمان، في سبيل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي في كردستان الشمالية، ولا تتوقف مواضيع هذه الصحف وتحليلاتها وتقاريرها عن ربط إعادة القتال وإسرائيل.
ومنذ لحظة إعلان الحزب وقف إطلاق النار في بداية حزيران الجاري الذي كان قد اتخذه منذ نيسان المنصرم، والذي تزامن مع الهجوم الإسرائيلي على “أسطول الحرية” لا تكف هذه الأقلام العربية عن اتهام الحزب بالتعاون مع إسرائيل لشن هجماته على تركية.
ومنذ لحظة إعلان الحزب وقف إطلاق النار في بداية حزيران الجاري الذي كان قد اتخذه منذ نيسان المنصرم، والذي تزامن مع الهجوم الإسرائيلي على “أسطول الحرية” لا تكف هذه الأقلام العربية عن اتهام الحزب بالتعاون مع إسرائيل لشن هجماته على تركية.
مرت الحرب الكردية التركية بالكثير من التطورات السياسية والعسكرية، ومنذ تبني حزب العمال الكردستاني الكفاح المسلح ضد القوات التركية، تلقى أموالاً وتدريبات من دول شتى منها من كانت في صراع مع تركية، ومنها من باتت الأن تصارع تركية.
فقد كانت لسورية حافظ الأسد الدور الرئيس في تجميع عناصر الحزب وتدريبهم داخل سورية، وعلى أرض لبنان إبان الوجود السوري هناك، كانت سورية تفسح حينها المجال لتدريب المقاتلين في معسكرات منتظمة، وتحت حراسة سورية، وساعدت سورية بنقل الأسلحة إلى مقاتلي الحزب في الجبال، كما وفعل الشيء نفسه صدام حسين، وعلى مبدأ عدو عدوي صديقي.
فقد كانت لسورية حافظ الأسد الدور الرئيس في تجميع عناصر الحزب وتدريبهم داخل سورية، وعلى أرض لبنان إبان الوجود السوري هناك، كانت سورية تفسح حينها المجال لتدريب المقاتلين في معسكرات منتظمة، وتحت حراسة سورية، وساعدت سورية بنقل الأسلحة إلى مقاتلي الحزب في الجبال، كما وفعل الشيء نفسه صدام حسين، وعلى مبدأ عدو عدوي صديقي.
ويظل الموقف الذي اتخذه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من أنبل المواقف مع حزب العمال الكردستاني، عندما طلب من زعيم الحزب عبد الله أوجلان مغادرة سورية، تجنباً لتسليمه إلى تركية، عقب حشد تركية عشرات الآلاف من جنودها على الحدود السورية في 1998 وانتهت بتوقيع اتفاقية “أضنة” الأمنية بين سورية وتركية، حيث تعهد بموجبها الجانب السوري بحظر نشاطات حزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية مما أعاد الثقة بين الطرفين.
وانتهى المطاف باعتقال عبد الله أوجلان في 14 /شباط/1999 في العاصمة الكينية نيروبي، وبمساعدة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية.
وانتهى المطاف باعتقال عبد الله أوجلان في 14 /شباط/1999 في العاصمة الكينية نيروبي، وبمساعدة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية.
في أي صراع بين طرفين يلجأ كل واحد منهما إلى حشد طاقاته وعلاقاته لهزم الطرف الأخر، والمنطق يحكم على حزب كالعمال الكردستاني أن يستثمر كل علاقاته في كسب الدعم المادي والمعنوي لشن الحرب التحريرية ضد القوات التركية التي تحتل كردستان الشمالية، وتعتقل الأطفال الكرد، وقتلت وشردت عشرات الآلاف من شعب كردستان، ناهيك عن إتباع سياسة الأرض المحروقة وتدمير آلاف القرى والبلدات الكردية وتهجير سكانها.
استغل الحزب العلاقات التركية المتوترة مع اليونان وقبرص، بسبب احتلال تركية لشمال قبرص، وكذلك الأمر مع أرمينيا بسبب الصراع التاريخي، وتسبب الأتراك العثمانيين بأكبر المذابح والتطهير العرقي في صفوف الشعب الأرمني، إضافة إلى علاقات أخرى منها أوربية وعربية، كانت وما تزال بعض الدول حليفة للعمال الكردستاني على حساب العلاقات مع تركية، بالرغم من إبداء هذه الدول مواقف مختلفة.
في هذه الحرب لم يعلن قط عن تعاون كردي إسرائيلي، بل على العكس يرى حزب العمال الكردستاني، إسرائيل عدوة مشتركة مع الشعب الفلسطيني، شركاء الكرد في معركة التحرير والخلاص، وقد قاتل مقاتلو حزب العمال الكردستاني إلى جانبهم في معارك شتى ولعل معركة قلعة “شقيف” ما تزال في أذهان اليهود قبل العرب.
هذا إذا لم ينسوها أو يتناسوها العرب كم يفعلون دائماً مع الأكراد.
هذا إذا لم ينسوها أو يتناسوها العرب كم يفعلون دائماً مع الأكراد.
إن محاولات تركية الأردوغانية في إعادة أمجاد السلطنة العثمانية تبوء بالفشل، بالرغم من أنها دخلت في أذهان الأمة العربية بدءاً من مسلسل لميس ونور ومروراً بوادي الذئاب، وليس انتهاء بالمسلسل التركي “أسطول الحرية” غير المدبلج هذه المرة، فتركية العثمانية بالرغم من ربطات العنق التي يضعها أردوغان ورهطه والتي قد تكون إسرائيلية الصنع، تحاول مواجهة المد الصفوي الإيراني في العالمين العربي والإسلامي.
وتنطلي الحيلة كما كان في التاريخ على العرب والمسلمين، فأردوغان صاحب مجازر الأكراد والأرمن والعرب في التاريخ، بات مخلص الأمة العربية والإسلامية، وقد يلقب في القريب بولي أمر المسلمين، أو الخليفة الإسلامي.
وتنطلي الحيلة كما كان في التاريخ على العرب والمسلمين، فأردوغان صاحب مجازر الأكراد والأرمن والعرب في التاريخ، بات مخلص الأمة العربية والإسلامية، وقد يلقب في القريب بولي أمر المسلمين، أو الخليفة الإسلامي.
إن فشل أردوغان الذريع في إدارة أزمة الحرب مع العمال الكردستاني، يجد مخرجاً لنفسه بأن إسرائيل تقف وراء العمليات الأخيرة للحزب، ولا يرى بأن محاولة الحزب التي باءت بالفشل بإقناع تركية العدول عن الحلول العسكرية لحل الصراع الدائر منذ ربع قرن بينهما، واللجوء إلى المفاوضات السلمية والدبلوماسية مع ممثلي الشعب الكردي، كما أن أعظم الأسباب وراء استئناف العمال الكردستاني قتاله هي استمرار الحرب ضد مقاتليه “الكريلا”، واستبعاد سياسيين أكراد من الساحة السياسية كأحمد ترك وحظر حزب المجتمع الديمقراطي، واعتقال مئات السياسيين الأكراد، بل حتى أطفال الكرد، كل تلك أسباب قوية وراء كسر حزب العمال الكردستاني قرار وقف إطلاق النار الذي كان أساساً من طرف واحد وهو الكردستاني.
إنه متوهم من يحاول تشويه صورة حزب العمال الكردستاني، في إطلاق الاتهامات جزافاً بحقه على أنه يتعاون مع إسرائيل في حربه ضد تركية، بالرغم من أنه كل شيء مسوح به ومتاح في الحرب، فلو مدت إسرائيل يد العون لأكراد تركية، فهذا يخدم مصالح الكردستاني، إلا أنني أجزم تماماً أن الكرد لم ولن يفعلوا ذلك، إنهم مقاتلون من أجل حريتهم ولن يمدوا أيديهم لمن يقتل الفلسطينيين، ويحتل أراضيهم.
إن الكردستاني مستمر في القتال ضد القوات التركية بجهوده الذاتية وعبر مؤسساته الداعمة لنضاله، وإن كان هناك تزامن بين معاودة قتاله مع إطلاق النار الإسرائيلي على “أسطول الحرية” ليس إلا وليد صدفة، تستفيد تركية منها لتشجن هجوماً عليهم وتتخذه ذريعة لتجييش جنودها على الحدود مع كردستان العراق، خاصة بعد فشلها في استمالة قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في حربها مع الحزب.
إن حكومة أردوغان تبحث عن من تضع في ذمته فشلها في الحل السلمي للقضية الكردية، كما أن جنرالات تركية يهدفون إلى خلق المزيد من المطبات أمام حكومة أردوغان الإسلامية، كونه يهدد علمانية تركية الكمالية.
فالداخل التركي يحارب نفسه بنفسه، ويشن العسكر حرباً ضروساً ضد السلاطين ذوي ربطات العنق، قد تنهي بانقلاب عسكري في البلاد، يعيد تركية إلى شهر العسل مع إسرائيل.
فالداخل التركي يحارب نفسه بنفسه، ويشن العسكر حرباً ضروساً ضد السلاطين ذوي ربطات العنق، قد تنهي بانقلاب عسكري في البلاد، يعيد تركية إلى شهر العسل مع إسرائيل.
حقيقة الأمر لا يوجد إلا العسل بين تركية وإسرائيل، وما صرح به أردوغان عن أن إسرائيل ما تزال صديقة لتركية، ولكن الحكومة الإسرائيلية الحالية أكبر عقبة في وجه التسوية في الشرق الأوسط.
ليس إلا تراجعاً تركياً عن انفعالها عقب ما جرى على متن “أسطول الحرية” ومقتل عدة أتراك ليست قضية كبرى، إن العلاقات الإستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية بينهما أقوى وأبدى من كل ذلك.
ليس إلا تراجعاً تركياً عن انفعالها عقب ما جرى على متن “أسطول الحرية” ومقتل عدة أتراك ليست قضية كبرى، إن العلاقات الإستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية بينهما أقوى وأبدى من كل ذلك.
فأيهما يتعاون مع إسرائيل تركية أم حزب العمال الكردستاني؟ وهل نسي أردوغان حروب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني واللبناني في ظل حكومات إسرائيلية متعددة غير حكومة نتنياهو؟ أم أن الأمر متعلق فقط بشخصية رئيس الحكومة الإسرائيلية التي يرى أردوغان بأنه عقبة في وجه التسوية في الشرق الأوسط؟! كل شيء ممكن.