ابا لقمان من السجن الى السجن الى القبر……. وداعا

المحامي محمود عمر

من الصعوبة بمكان على المرء أن يقف في هذا المقام ليعيش لحظات حزن ووداع على رحيل أي كان’ فكيف بمن يقف وقد وقع على عاتقه بأن يعزي أخا وصديقا بخصال أبا لقمان.
رجل لطيف, شديد التواضع , دمث الخلق, سريع الحضور, بعيد عن التكلف, مشرق الوجه, أنيق المظهر, بسيط سلس جميل, تراه حاضرا على وجه السرعة حين تريد, لا تفارق الابتسامة ثغره, إنسان له حاسة الشاعر’ أليس هو القائل:
شيرين كلي أبريزتى  نيشانى آلى لى ته تي
شيرين كلي أبري زينى  جيهان بو ته هار أو دينى.

كلمات قالها في حبه لابنته (ابريزت) ليبث  ويعبر من خلالها عن حبه لوطنه.
بهذه الخصال أحب أبا لقمان وطنه, وبطيبته كان ينقاد إلى فكرتك ويدافع عنها حين يدرك إن ورائها غاية نبيلة.
أبو لقمان اعتركته الحياة منذ الصغر, وأغلقت السجون أبوابها دونه وهو في ريعان شبابه, كان يقول دوما لقد أدركنا في السجن ما تم سجننا لأجله ,لأننا ردننا شعار عاشت الإخوة العربية الكردية دخلنا السجن, وقبل أن نغادر باب السجن تنادى فينا مجموعة من الإخوة المساجين من الإخوة العرب وهتفوا بصوت واحد عاشت الإخوة العربية الكردية, حينها أدركنا بأن أيام اعتقالنا لم تذهب سدى, وان هذا الوطن لا ولن يكون جميلا إلا بهذه الإخوة الحقيقية القائمة على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وعلى قاعدة الاعتراف بالآخر واحترام خصوصيته, فها هم هؤلاء الإخوة  يرددون شعارنا بعد أن أدركوا عدالة ومشروعية قضيتنا, هكذا ظل أبا لقمان حاضرا في كل مكان وفي كل مكان كان يحمل معه هم وطنه  يحاول جاهدا أن يوفق بين العام والخاص بين عدالة قضيته وبين سمو ونبل انتمائه الوطني, انضم معنا ومنذ عدة سنين للعمل في حقل حقوق الإنسان, وكان أكثرنا نشاطا وطموحا, رغم تقدمه في العمر, وسوء أحواله المعيشية, وحين تم اعتقالنا في بلدته تربه سبيه في شباط 2009 على خلفية مشاركتنا في الاحتجاج الذي دعت إليه الحركة الكردية بالوقوف خمس دقائق احتجاجا على المرسوم49 وتداعياته, قلت له ونحن في سيارة الاعتقال أبا لقمان يبدو إن قدرك أن تدخل السجن في بداية عمرك وفي نهايته, فرد علي بابتسامته المعهودة: لا يشغلك أمري فأنا اعتقد بأنني ووفق ظرفي قد أديت رسالتي في الحياة, ومن أدى رسالته فليس بالأمر العظيم أن يكون داخل السجن أو خارجه , وأنا على يقين بأن شعبنا سيقطف وفي يوم ليس ببعيد ثمار نضالنا هذا.
نم قرير العين أبا لقمان فقد أديت رسالتك على أكمل وجه, لك منا الوفاء وليكن مثواك جنان الخلد.

* نص الكلمة التي القيت بإسم منظمة ماف في مراسيم جنازة المناضل أكرم ابو لقمان

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…