mihyediniso@gmail.com
الخ، وقد كان ميلاد أول حزب كردي معبرا بصدق عن إرادة الشعب الكردي النضالية ومستجيباً لآماله وطموحاته القومية والوطنية، ولكن بعدها توالت الانقسامات والانشقاقات في صفوف الحزب الأم حتى أصبح عددهم في الفترة الأخيرة ثلاثة عشر حزبا كودياً أو ربما أكثر، بعض منها يطالب بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد ” دون توضيح ماهية الحقوق القومية المشروعة ” والبعض الآخر يطالب بكردستان الغربية، ومنها من يطالب بكردستان سوريا، ومنها من يرفع شعار المجتمع الكردستاني، ومن يطالب بالحقوق الثقافية والمدنية، وغيرها من الشعارات القومية والوطنية في آن واحد
لم تكن للحركة السياسية الكردية أي دور في محاولة إيقاف المشاريع العنصرية التي طبقت بحق الشعب الكردي في سورية من الإحصاء الاستثنائي عام 1962 إلى الحزام العربي عام 1973 إلى مرسوم ( 49 ) وإلى آخر هذه المشاريع لم تقف تلك الحركة بوجه من يحرم الأكراد حتى من رغيف الخبز لا بل ربما كانت مساهمة وشريكة في تلك المشاريع من خلال سكوتها على الحق الكردي المُداس من قبل النظام الحاكم، فكل الكتب والدراسات والكراسات التي تناولت الحركة السياسية الكردية منذ ولادتها لم تتناول إلا الخلافات الشخصية بين قادة هذه الأحزاب والانشقاقات والاصطفافات الحزبوية لأنها لا تملك في إرثها التاريخي غير الأمراض السرطانية التي تفاقمت يوما بعد آخر.
آخر هذه الإبداعات أو البدعات السياسية أطلقها الأستاذ فيصل يوسف عضو المكتب السياسي السابق لحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا الذي أكن له شخصيا كل الاحترام والتقدير لكتاباته وجرأته في طرح القضية الكردية عبر المواقع الالكترونية وفي ندوات المراكز الثقافية حين يتحدث عن المشاريع العنصرية بحق أبناء جلدته، والدور الكبير الذي لعبه في حزبه من خلال الحوار الكردي – العربي، فكان بحق أحد ابرز الشخصيات الثقافية والسياسية التي تواصلت مع رجالات المجتمع المدني في سورية، لكنه في الآونة الأخيرة قدم مشروعا لولادة حزب كردي جديد – رغم عدم الإعلان الصريح عنه – سمي بـ الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا (حركة الإصلاح) وهو يدعي بأن هذه الحركة ليست حركة انشقاقية بقدر ما هي دعوة إصلاحية بحسب تعبير الأستاذ فيصل يوسف في إحدى ندواته التي أقامها في الجزيرة السورية بالقول ” نحن في صدد دعوة إصلاحية داخل حزبنا وبسبب هذه الدعوة الإصلاحية يسد الرفيق حميد كل السبل لعودة الحياة الحزبية الطبيعية عن طريق هذه الإجراءات والممارسات الاقصائية وفرض إجراءاته التي يحاول بها قطع العلاقة بين الرفاق وتأجيج الخلافات بينهم لتمرير مشروعه في التأبيد والتوريث وإطلاق العنان لفرديته ومزاجيته” أعتقد أن الأستاذ فيصل يوسف يدرك جيداً بأن الحركات والمحاولات الإصلاحية يتم داخل جسد الحزب وعندما يكون الشخص عضواً في هذا الحزب يمكن طرح هذه المشاريع، ويسعى لتغيير الحالة النمطية السائدة بما يمكنه من تصحيح الاعوجاج إن وجد، ولكن حالة الأستاذ فيصل مختلفة تمام فهو مفصول من الحزب بقرار المكتب السياسي المنتخب من قبل المؤتمر العام كما أعتقد، وبحسب العرف السياسي المتبع لا يحق للشخص المفصول أن يطرح مشاريع إصلاحية داخل الحزب لأنه لم يعد جزء منه، وما كلام الأستاذ فيصل بأننا “نشكل رؤية لحالة إصلاحية ولم نفكر ولو مجرد تفكير لزيادة رقم إلى الحركة الكردية” ليس إلا مجرد دعاية لا يصدقها من يملك ذرة عقل أو عَمِل في الحقل السياسي ليوم واحد فقط، فحركة الإصلاح حزب كردي جديد يضاف إلى الأرقام الكردية وسيزف خبرها الأستاذ فيصل يوسف آجلاً أم عاجلاً لكنه يحتاج إلى بعض الوقت ربما لكسب التأييد والمباركة من قبل الأحزاب التي تتصارع مع سياسة الأستاذ عبد الحميد درويش.
يعلم الأستاذ فيصل يوسف إن طرح أي مشروع سياسي أو ثقافي يحتاج على حوامل فكرية واجتماعية وشعبية … ويحتاج أيضاً إلى آليات لإنجاح هذا المشروع أو ذاك، لكن حالة الحراك السياسي أو الثقافي الكردي في سورية لا تشبه أي حالة في العالم، فقد وصلنا إلى مرحلة يجتمع فيها ثلاثة سياسيين لا يفقهون من السياسة إلا أسمها ويعلنون إنشاء حزب كردي جديد ويطرحون المشاريع الكبيرة دون وجود آليات حقيقية بيدهم لكنهم يطرحونها هكذا، أو يجتمع ثلاث متثاقفين يعلنون عن ولادة مجلة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية بعناوين عريضة لا تصدر منها إلا إعداد قليلة ثم تتوقف لأنها تأتي دون تخطيط مسبق أو سياسة واضحة، أو يجتمع عدة مهتمين بالشأن العام ويعلنون عن إنشاء منظمة تهتم بحقوق الإنسان أو بالبيئة أو بالطفولة… وتكون القرارات في لحظة طيش ومجرد فكرة عابرة ليكتشفوا فيما بعد بأنهم قد وضعوا أنفسهم في غير المكان المناسب، ولا أتمنى حقيقة أن يكون الأستاذ فيصل يوسف من بين هؤلاء وأن يفكرا ملياُ قبل إطلاق مشروع حزبه الجديد.