زيور العمر
بعد أن باءت كل محاولات و مساعي إخفاء و إنكار الحالة المرضية و اللاواقعية للحركة السياسية الكردية بالفشل، باتت الأحزاب الكردية تعترف بأن الواقع الحالي للمشهد السياسي الكردي وصل الى مستوى، لا يمكن غض الطرف عنه، و القفز على عيوبه و أمراضه و نواقصه، و بالتالي القبول به، كأمر واقع لا مفر منه، أمام حملات التصعيد التي لا تتوقف من قبل النظام و أجهزته القمعية بحق الشعب الكردي، أخرها كانت قتل المواطنين الكرد في نوروز الرقة.
و إذا كانت هذه الأحزاب باتت تقر بضرورة إجراء إصلاحات في الحركة السياسية الكردية، من دون ذكر الخطوات و الإجراءات الواجب القيام بها في هذا الشأن، فإن من المهم التذكير بأن هذا ( الإصلاح ) ليس بالأمر الهين و اليسير، إن لم يكن من باب المستحيل، لا سيما في الوقت الذي تستمر فيه، محاولات اللف و الدوران حول جذر المشكلة و أساسها.
و إذا كانت هذه الأحزاب باتت تقر بضرورة إجراء إصلاحات في الحركة السياسية الكردية، من دون ذكر الخطوات و الإجراءات الواجب القيام بها في هذا الشأن، فإن من المهم التذكير بأن هذا ( الإصلاح ) ليس بالأمر الهين و اليسير، إن لم يكن من باب المستحيل، لا سيما في الوقت الذي تستمر فيه، محاولات اللف و الدوران حول جذر المشكلة و أساسها.
وإذا قدر للمرء، أن يقوم بقراءة متأنية و صريحة للمشهد السياسي الكردي في سوريا، و دراسة أوجه و جوانب الأزمة السياسية و التنظيمية التي تعاني منها الحركة الكردية، و إستقراء أفاق و مستقبل القضية الكردية في ظل المعطيات الراهنة، سواء من جانب النظام، او فيما يتعلق بحالة الأحزاب الكردية، فإنه لا بد و أن يجد من الحقائق و الوقائع ما تثبت، إنغلاق كامل في الحالة السياسية الكردية، جراء غياب الرؤية، و إنعدام الفعل، لدى الحركة الكردية في سوريا، مقابل إصرار النظام على مواصلة سياساته المؤذية و الموجعة بحق شعبنا.
و بما أن هذا الواقع السياسي الكردي الحالي، ليس وليد اللحظة الراهنة، لإعتقاد البعض أن الظروف أملت شروط و حدود معينة، عرقلت إنفراج الفعل السياسي الكردي، و إنما يمتد لعقود من الزمن، أقل ما يمكن القول في شأنه، أنه بقي حبيس شكل و طقس معين، من التفكير و الممارسة، إستعصت على التغيير و المواكبة مع المستجدات، و هو ما أدى الى جمود في التفكير السياسي، و حالة سكون في الفعل الميداني، كانتا سبباً أساسياً من جملة أسباب أخرى، في تعرض مرمانا للضربات المتتالية.
و إذا كان هذا التوصيف بات محل إجماع و إتفاق بين جميع المتابعين و المهتمين بالِشأن السياسي، فإن تحليل و قراءة، مسبباته و تداعياته، لا تقل أهمية من حيث المبدأ، طالما أن البحث عن أو الحث على إيجاد بديل سياسي كردي جديد، يستلزم من الطامحين إليه، أو الداعين له، إجراء قراءة سياسية فكرية معمقة، لمسيرة العمل السياسي الكردي، منذ ظهور الوعي القومي الكردي في سوريا، في النصف الأول من القرن الماضي.
فمن شأن قراءة في هذا الإتجاه، أن يعيد الإعتبار للتفكير السياسي الكردي السوري، الذي وجد نفسه في بدايات تشكله، مرهون بإعتبارات و توجيهات و إرادات خارجة عن خصوصيات و شروط تشكله الطبيعي، تاريخياً، جغرافياً، سوسيولوجياً و ثقافياً، مما أدى به، الى الإغتراب، بكل أوجهه و أشكاله، عن إشكاليات تشكلت فيما بعد، بفعل تطور الحالة القومية و نهوضها، خاصة بعد ظهور أولى (بشائر) الفكر العنصري الإقصائي العروبي في سوريا.
لذلك كان التحرر من هذه الأغلال و القيود، محل نقاش و حوار العديد من المثقفين الكرد، بعد أن إستشعروا ركوناً كردياً سورياً، مقصوداً، من جانب الطبقة السياسية الحزبوية، الى الإرث السياسي المتشكل في كنف إنتصارات و بطولات الأخ الكردي خارج الحدود، و إعتباره متكئ (إستراتيجي) لحل قد يأتي بفعل ظرف لم ينضج بعد.
إن النزعة الإتكائية التي تجسدت في الواقع الكردي السوري، أفرزت مع مرور الوقت نخبة سياسية حزبوية، في غاية الضعف والسقم الفكري و السياسي، لم تنحو صوب قراءة حيثيات و تفاصيل، القضية التي تناضل من أجلها، و لم ترتق بوعيها الى مستوى التغيرات التي حدثت، من أجل إغناء تجربتها، و مدها برؤى و تصورات، تحمل صفة تطورية تصاعدية.
إن دوران البرامج و الشعارات الكردية الحزبوية، في فلك و فضاء النزعة الإتكائية التي تتحكم فيها، و تجمدها في سبات طويل، لم تستيقظ منه حتى الآن، دليل على ما سبق ذكره.
و إذا كان من سبب يفسر غياب التغيير و التطور في برامج تلك الأحزاب، فإن ذلك عائد بالدرجة الأساسية الى الذهنية السياسية ¸الغارقة في البدائية و السطحية، و المسنودة بشخصية مهزوزة و ضعيفة، مفتقدة للإرادة و زمام القرار، السياسيين.
و بعد أن فشلت جميع الأطر السياسية الكردية في سوريا، في السابق و الحاضر، في إيجاد مخارج لأزماتها و مشاكلها، و عجزت عن التغلب على ضعفها و خمولها، و استحلت على نفسها حالة الركود و السكون، فإن من المستبعد أن يدفع أي إطار جديد، بغض النظر عن المسميات و العناوين، المشهد السياسي الى حالة من التغيير و التحول، بسبب بقاء هيمنة الشروط و المقدمات السابقة الذكر.
إن ذهنية و منطق القائمين على الشأن السياسي الكردي، لا تسمح بنشوء ممارسة سياسية سليمة، تنسجم مع خصوصية القضية الكردية في سوريا، لانها باختصار لا تأخذ مصالح و أهداف شعبها في الإعتبار، و لا توليها أي إهتمام.
و بدلاًعن القيام بمراجعة نقدية لتجربتها، و إستخلاص العبر و الدروس من أخطائها و أخفاقاتها، تورطت الأحزاب الكردية في نهاية المطاف، في آليات و أساليب، النظام المعادية لشعبها، من خلال التعويل على إمكانية الحوار معه، و إستحصال بعض الحقوق، بالتوازي مع محاولات قامت بها هذه الأحزاب للإنعزال عن الشأن السوري، و نأي نفسها عن جبهة المطالبين بإجراء إصلاحات و تغييرات ديمقراطية في البلاد، مما حرم الممارسة السياسية الكردية من إمكانية الإنطلاق و التحرك و أخذ المبادرة، و تشكيل حراك ديمقراطي كردي، ينخرط فيه، الشارع و الجمهور الكرديين، حول برامج و إستراتيجيات واقعية و قابلة للتحقيق، و يتوافق مع طبيعة و خصوصية القضية الكردية في سوريا.
لذلك فإن غياب البوصلة الفكرية والسياسية لدى الحركة الكردية، وإستمرار تخبطها بين ما هو قومي، مرتبط بمطالب وحقوق الشعب الكردي من جهة، و ديمقراطي فيما يتعلق بعدم إمكانية تحقيق أي شئ في ظل النظام الشمولي الحالي من جهة أخرى، في ظل إستمرار دعاوى من جهات كردية للحوار مع النظام رغم كل ذلك بسبب الموقف السلبي للمعارضة السورية من القضية الكردية، أو الغامض على الأقل، و بالتالي لجم محاولات إدماج الحالة الكردية في المسار الديمقراطي العام في البلاد، فضلاً عن بقاء التعويل على العمق الكردستاني في جهة أخرى، كلها أسباب تعرقل العمل السياسي و الممارساتي الكردي في سوريا، و تعيق محاولات الخروج من النفق المسدود.
من هنا كان دائما ً ضرورياً، البحث من جديد، في إمكانية التخلص من هذا الواقع الصعب، و التحرر من معيقاته، بما يؤدي الى حالة سياسية كردية جديدة.
و بما أن هذا الواقع السياسي الكردي الحالي، ليس وليد اللحظة الراهنة، لإعتقاد البعض أن الظروف أملت شروط و حدود معينة، عرقلت إنفراج الفعل السياسي الكردي، و إنما يمتد لعقود من الزمن، أقل ما يمكن القول في شأنه، أنه بقي حبيس شكل و طقس معين، من التفكير و الممارسة، إستعصت على التغيير و المواكبة مع المستجدات، و هو ما أدى الى جمود في التفكير السياسي، و حالة سكون في الفعل الميداني، كانتا سبباً أساسياً من جملة أسباب أخرى، في تعرض مرمانا للضربات المتتالية.
و إذا كان هذا التوصيف بات محل إجماع و إتفاق بين جميع المتابعين و المهتمين بالِشأن السياسي، فإن تحليل و قراءة، مسبباته و تداعياته، لا تقل أهمية من حيث المبدأ، طالما أن البحث عن أو الحث على إيجاد بديل سياسي كردي جديد، يستلزم من الطامحين إليه، أو الداعين له، إجراء قراءة سياسية فكرية معمقة، لمسيرة العمل السياسي الكردي، منذ ظهور الوعي القومي الكردي في سوريا، في النصف الأول من القرن الماضي.
فمن شأن قراءة في هذا الإتجاه، أن يعيد الإعتبار للتفكير السياسي الكردي السوري، الذي وجد نفسه في بدايات تشكله، مرهون بإعتبارات و توجيهات و إرادات خارجة عن خصوصيات و شروط تشكله الطبيعي، تاريخياً، جغرافياً، سوسيولوجياً و ثقافياً، مما أدى به، الى الإغتراب، بكل أوجهه و أشكاله، عن إشكاليات تشكلت فيما بعد، بفعل تطور الحالة القومية و نهوضها، خاصة بعد ظهور أولى (بشائر) الفكر العنصري الإقصائي العروبي في سوريا.
لذلك كان التحرر من هذه الأغلال و القيود، محل نقاش و حوار العديد من المثقفين الكرد، بعد أن إستشعروا ركوناً كردياً سورياً، مقصوداً، من جانب الطبقة السياسية الحزبوية، الى الإرث السياسي المتشكل في كنف إنتصارات و بطولات الأخ الكردي خارج الحدود، و إعتباره متكئ (إستراتيجي) لحل قد يأتي بفعل ظرف لم ينضج بعد.
إن النزعة الإتكائية التي تجسدت في الواقع الكردي السوري، أفرزت مع مرور الوقت نخبة سياسية حزبوية، في غاية الضعف والسقم الفكري و السياسي، لم تنحو صوب قراءة حيثيات و تفاصيل، القضية التي تناضل من أجلها، و لم ترتق بوعيها الى مستوى التغيرات التي حدثت، من أجل إغناء تجربتها، و مدها برؤى و تصورات، تحمل صفة تطورية تصاعدية.
إن دوران البرامج و الشعارات الكردية الحزبوية، في فلك و فضاء النزعة الإتكائية التي تتحكم فيها، و تجمدها في سبات طويل، لم تستيقظ منه حتى الآن، دليل على ما سبق ذكره.
و إذا كان من سبب يفسر غياب التغيير و التطور في برامج تلك الأحزاب، فإن ذلك عائد بالدرجة الأساسية الى الذهنية السياسية ¸الغارقة في البدائية و السطحية، و المسنودة بشخصية مهزوزة و ضعيفة، مفتقدة للإرادة و زمام القرار، السياسيين.
و بعد أن فشلت جميع الأطر السياسية الكردية في سوريا، في السابق و الحاضر، في إيجاد مخارج لأزماتها و مشاكلها، و عجزت عن التغلب على ضعفها و خمولها، و استحلت على نفسها حالة الركود و السكون، فإن من المستبعد أن يدفع أي إطار جديد، بغض النظر عن المسميات و العناوين، المشهد السياسي الى حالة من التغيير و التحول، بسبب بقاء هيمنة الشروط و المقدمات السابقة الذكر.
إن ذهنية و منطق القائمين على الشأن السياسي الكردي، لا تسمح بنشوء ممارسة سياسية سليمة، تنسجم مع خصوصية القضية الكردية في سوريا، لانها باختصار لا تأخذ مصالح و أهداف شعبها في الإعتبار، و لا توليها أي إهتمام.
و بدلاًعن القيام بمراجعة نقدية لتجربتها، و إستخلاص العبر و الدروس من أخطائها و أخفاقاتها، تورطت الأحزاب الكردية في نهاية المطاف، في آليات و أساليب، النظام المعادية لشعبها، من خلال التعويل على إمكانية الحوار معه، و إستحصال بعض الحقوق، بالتوازي مع محاولات قامت بها هذه الأحزاب للإنعزال عن الشأن السوري، و نأي نفسها عن جبهة المطالبين بإجراء إصلاحات و تغييرات ديمقراطية في البلاد، مما حرم الممارسة السياسية الكردية من إمكانية الإنطلاق و التحرك و أخذ المبادرة، و تشكيل حراك ديمقراطي كردي، ينخرط فيه، الشارع و الجمهور الكرديين، حول برامج و إستراتيجيات واقعية و قابلة للتحقيق، و يتوافق مع طبيعة و خصوصية القضية الكردية في سوريا.
لذلك فإن غياب البوصلة الفكرية والسياسية لدى الحركة الكردية، وإستمرار تخبطها بين ما هو قومي، مرتبط بمطالب وحقوق الشعب الكردي من جهة، و ديمقراطي فيما يتعلق بعدم إمكانية تحقيق أي شئ في ظل النظام الشمولي الحالي من جهة أخرى، في ظل إستمرار دعاوى من جهات كردية للحوار مع النظام رغم كل ذلك بسبب الموقف السلبي للمعارضة السورية من القضية الكردية، أو الغامض على الأقل، و بالتالي لجم محاولات إدماج الحالة الكردية في المسار الديمقراطي العام في البلاد، فضلاً عن بقاء التعويل على العمق الكردستاني في جهة أخرى، كلها أسباب تعرقل العمل السياسي و الممارساتي الكردي في سوريا، و تعيق محاولات الخروج من النفق المسدود.
من هنا كان دائما ً ضرورياً، البحث من جديد، في إمكانية التخلص من هذا الواقع الصعب، و التحرر من معيقاته، بما يؤدي الى حالة سياسية كردية جديدة.
16/04/2010