نحو مرجعية كردية حقيقية

رأي الديمقراطي

لقد تم تداول مفهوم المرجعية منذ عدة سنوات وخاصة بعد أن طرح التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الديمقراطية الكردية مشروعهما السياسي تحت اسم (الرؤية المشتركة للجبهة والتحالف) والذي اعتبر كبرنامج سياسي للإطارين المذكورين الذين اتفقا على بدء الحوار مع الأطراف الكردية الأخرى للوصول معا إلى عقد مؤتمر وطني كردي يشارك في أعماله كافة الأحزاب إلى جانب مجموعات من المستقلين من فعاليات المجتمع الكردي للوصول إلى مرجعية كردية تكون ممثلا للشعب الكردي في سوريا
 وقد كانت الغاية الأساسية من فكرة التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا آنذاك ولا تزال هي صياغة برنامج سياسي موضوعي وواضح وموحد للحركة الكردية والتخلص من تعددية الشعارات والمواقف السياسية المتباينة لدى أحزاب الحركة بغية مخاطبة الساحة الوطنية السورية بكل تلاوينها بما فيها السلطة والمعارضة بخطاب سياسي واضح من جهة وتفعيل الدور الكردي في الحراك السياسي العام في البلاد من جهة أخرى.

وعلى الرغم من أن الحوار وصل إلى مراحل متقدمة وخاصة في الجانب السياسي منه ، إذ اتفقت الأطراف على مسودة الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة رغم بعض التحفظات والاعتراضات من جانب حزبنا (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا) حول بعض الاقتراحات من جانب لجنة التنسيق الكردية ، إلا إننا وفي إطار التحالف أعلننا عن موافقتنا للذهاب إلى المؤتمر المنشود على أن تطرح هذه القضايا الخلافية في المؤتمر ، وما يقره المؤتمر يكون ملزما لجميع الأطراف.

إلا إن لجنة التنسيق وتالياً الجبهة ،تملصتا من عقد المؤتمر تحت حجج وذرائع ، منها أن الأجواء غير مواتية لعقد هكذا مؤتمر ، كما طالبتا اعتبار ما تم الاتفاق عليه في مسودة الرؤية يجب اعتباره برنامجا سياسيا وعليه يستوجب نشره في وسائل الإعلام ،ومن ثم تنصلتا من مشاركة المستقلين في أعمال المؤتمر .
وعلى الرغم من أن التحالف ابدي مرونة فائقة في التعاطي مع القضية إلا إن الطرفين تهربا من استحقاقات عقد المؤتمر لأسباب غير التي تم ذكرها وفق تصورنا ، والسبب الرئيسي هو كون المؤتمر وفي حال مشاركة المستقلين فيه لن يوافق وبكل تأكيد على تلك النقاط الخلافية بل سيتبنى برنامجا سياسيا موضوعيا يأخذ في الحسبان الواقع السياسي الكردي في البلاد ومصالح الشعب الكردي على وجه الخصوص لان الكرد سئموا وملوا من الطروحات الغوغائية والتضليلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع .

لان الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الكردي لا ترى في رفع الشعارات البراقة وغير الموضوعية كشعار “حق تقرير المصير، والحكم الذاتي” وغيرها من الطروحات الضبابية، ما يجلب الفائدة للكرد ومصالحهم الوطنية والقومية بل أنها تلحق الضرر والأذى بمصالح الكرد وحقوقه المشروعة وتؤدي إلى تعميق الهوة بين أبناء الوطن الواحد وتساهم في تأليب الرأي العام السوري ضد الكرد من جهة والى إيجاد الذرائع لدى الأوساط الشوفينية سواء داخل السلطة أو خارجها لتشديد وتيرة الاضطهاد القومي بحق الكرد مستفيدة من هذه السياسات التي تطرحها بعض الأحزاب الكردية من جهة أخرى ..

إضافة إلى هذا فان الحركة السياسية الكردية ستفقد بلا شك حلفاءها وأصدقاءها في الساحة السياسية السورية وبالتالي ستقع في فخ الانعزالية القومية ويتضاءل تأثيرها في المشهد السياسي السوري العام ، وان عزل الحركة الكردية عن محيطها الوطني هو ما تريده وتعمل على تحقيقه الأوساط التي تتربص بالكرد والتي تتحين الفرص للإجهاز عليه عبر مشاريعها الشوفينية وسياسيات التمييز القومي.
إن أفضل الخيارات لدى الكرد هو الانخراط في الحراك السياسي العام في البلاد لان القضية الكردية بحاجة إلى أصدقاء وحلفاء في البلاد ويتم هذا من خلال تحويل القضية الكردية في سوريا من قضية للكرد فقط إلى قضية لكل أبناء سوريا أي قضية وطنية سورية بامتياز ولا خيار لنا غير هذا الخيار الوطني السوري ، فالكرد جزء من المجتمع السوري وقضيتهم جزء من القضايا الوطنية السورية وحلها يمكن في الإطار الوطني السوري فقط عبر تفهم القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية والثقافية لحقيقة مطاليب الكرد.
إن المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا يتبنى هذه السياسات ويعمل جاهدا على تحقيقها ومن هنا كانت مبادرته الأخيرة لعقد المؤتمر الوطني كخيار استراتيجي لا رجعة عنه إيمانا منه بأنه السبيل الوحيد للتخلص من حالة الانقسام والتشرذم داخل الحركة الكردية، وتبني خطاب سياسي موضوعي وطني وموحد.


ومن المؤسف أن بعض الأطراف لم تتجاوب مع هذه المبادرة بل عمدت إلى تشكيل تحالف حزبي تحت مسمى “المجلس السياسي للأحزاب الكردية” الغاية منه قطع الطريق أمام مشروع المجلس العام للتحالف والتهرب من استحقاقات المؤتمر الوطني وبالتالي من استحقاقات المرجعية الكردي وتتذرع هذه الأحزاب بذريعة عدم توفر المناخ الملائم لعقد هكذا مؤتمر ، وعلى الرغم من أن المجلس العام توجه بالدعوة لأطراف المجلس السياسي لتشكيل لجنة تحضيرية مشتركة للمؤتمر إلا أنها رفضت الدعوة مرة أخرى بل إن بعض أطراف المجلس السياسي وعبر منشوراتها الحزبية تدافع عن خيارات أخرى  ثلاث ،كانت حسب رأيها ، السبب وراء تشكيل المجلس السياسي :
الأول: انه لا يريد التغريد خارج السرب الكردي والاحتماء في ظل أي إطار، وكأنه بهذا القول يعني أن المجلس العام ومن خلال مشروعه الوطني والقومي يغرد خارج السرب الكردي والسوري ..

ولذا فهو يدعو إلى تشكيل مرجعة كردية شاملة من الأحزاب والمستقلين، فكيف يغرد خارج السرب؟ وصاحب هذا الطرح ينسى بل يتناسى إن التحالف وإثناء الحوارات مع الجبهة الكردية عرض عليهم القبول ببرنامج الجبهة بكامله واعتباره برنامجا للتحالف أيضا وبالتالي إلغاء برنامج التحالف السياسي إلا أن الجبهة رفضت هذا الطرح وهنا يحق لنا أن نتساءل من الذي يغرد خارج السرب ؟
الثاني:
يبدي البعض خشيته من مبدأ الرضوخ لإرادة الآخرين..

والانضمام بهدوء إلى المجلس العام ..! .

وهذه خشية غير واردة لأن التحالف لم يدعُ أحدا إلى الانضمام إليه وخاصة بعد طرح رؤيته المشتركة ومشروعه الأخير بخصوص المؤتمر والمرجعية ، كما انه ليس أطارا نخبويا كما يحلو للبعض تسميته بل هو إطار جماهيري فعال داخل المشهد السياسي الكردي خاصة والسوري عامة وان مجالسه المحلية ومجلسه العام لهو دليل على التفاف الكرد حول سياسته الموضوعية.


إن اتهام التحالف بالركون إلى الخطاب الحمائمي ووصفه من قبل البعض بالعقلانية السياسية ليس محل خلاف، بل إذا كانت السياسة العقلانية والموضوعية تهمة للتحالف فنحن نقبل هذه التهمة وسنسعى إلى تعزيز هذه السياسة إيمانا منا بأنها السبيل الوحيد لخدمة مصالح شعبنا وان خيارات التصعيد التي يطرحها البعض فنحن نقولها بملء الفم جهارا وعلانية لأبناء شعبنا الكردي بأننا لسنا من أصحاب مفاهيم المواجهة والتصعيد ورفع المزيد من الشعارات البراقة، ونستند في ذلك على بديهية بسيطة جدا هي أننا لسنا من أنصار إلحاق المزيد من الضرر والأذى بمصالح شعبنا ، بل ما نسعى إليه هو حماية مصالح الشعب الكردي وعدم العبث بمقدراته ومصيره تحت أية مسميات كانت لان مصير الكرد خط احمر لا يحق لأي كان العبث به .
وفي الختام فإننا كحزب يعمل في إطار المجلس العام للتحالف نجدد الدعوة إلى المجلس السياسي والى الأحزاب الأخرى خارج إطاره إلى تشكيل لجنة تحضيرية والذهاب إلى المؤتمر الوطني المنشود بمشاركة المستقلين من أبناء الشعب الكردي لتحقيق تطلعات شعبنا في وحدة الصف الكردي والإسهام الفاعل في الحراك السياسي السوري كونه السبيل الأمثل والأفضل .

8/3/2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….