مرور 20 يوماً على اعتقال المناضل الكردي بهجت بكي (أبو شنو)

*سردار بدرخــان

   عشرون يوماً مضتْ على اعتقال المناضل الكردي المعروف بهجت بكي(أبو شنو) عندما أقدمتْ دورية من الأمن السياسي على اعتقاله من الشارع صباح يوم20102009 من بلدته عامودا وسوقه إلى فرع الأمن السياسي بالحسكة بدون أمرٍ من النائب العام كما يقتضي الدستور، وبصورة منافية لكافة المواثيق الدولية ولوائح حقوق الإنسان، ولا يزال حتى الساعة مصيره مجهولاً، ويمكن أن يكون قد تعرّضَ خلال فترة اعتقاله واستجوابه إلى ضروب من التعذيب النفسي والجسدي.
   كلّ الذين يعرفون هذا الرجل وتعاملوا معه سواءً كانوا من الجزيرة أو غيرها من محافظات القطر، يشهدون على صدقه واستقامته ونزاهته في العمل والتعامل، وعلى حبه الكبير لوطنه سوريا ولشعب سوريا عرباً وكرداً وآثوريين وأرمناً…، وأنه سخرَ جلّ حياته للعمل في الشأن العام واندمج فيه، ودافعَ عن المظلومين أياً كانت قومياتهم وأديانهم ولغاتهم وبلدانهم، كما أحبَ شعبه الكرديَ حباً جماً، وقدّمَ كل ما يستطيع على طريق رفع الظلم والغبن اللاحقيْن به جرّاء استمرار العمل  بجملة السياسات العنصرية الظالمة بحقه، مدافعاً دون هوادة عن حقه الطبيعي والمشروع في المساواة بالحقوق والواجبات وحقه في ممارسة لغته القومية قراءة وكتابة والعمل على تطوير فولكلوره وثقافته القومية واعتبارها جزءً من الثقافة الوطنية السورية العامة، كما أنهم يشهدون له بحمله قيماً وأخلاقاً رفيعة وإنسانية قلّما يحملها قلب رجلٍ في عالمنا هذا، المتصارع على الملذات الفردية والمصالح الشخصية.

   لمْ يدعُ هذا الرجل يوماً إلى بث التفرقة العنصرية بين أبناء الوطن الواحد، بل على العكس تماماً، فقد حاربَ الجهات والأفراد الذين يبثون هذه الأحقاد في المجتمع محاربة ضارية ولم يهادن أصحابَ الضمائر الميتة الذين يبحثون عن فتات على موائد الظالمين يوماً..
   فلماذا إذاً يتمّ اعتقال رجالٍ يتمتعون بكل هذه الخصال والسجايا الطيبة التي تؤهله أن يتبوأ موقعاً قيادياً في مجتمعه لا سجيناً خلف القضبان؟!!
   عبثاً تحاول الجهات الأمنية وبإيعاز مباشر من الجهات المتنفذة وأصحاب القرار أن تظهر الانتماء إلى الحركة الوطنية الكردية في سوريا جرماً قانونياً يجب أن يلقى العقاب، وشددت من قبضتها الأمنية في التعامل مع الشأن الكردي بشكل خاص بعد أحداث آذار الدامية عام 2004 والتي خططت لها وأدارتها جهات حاقدة على الشعب الكردي ولا تريد الخير لسوريا وشعبها، متجاهلة ومتناسية عن قصد، بأن الحركة الكردية في سوريا بكافة أحزابها هي حركة وطنية، تضع مصلحة البلاد والمصلحة الوطنية في مقدمة المصالح الأخرى، وليس هناك من لبس أو غبار على وطنيتها البتة.

فعلى الرغم من تعرض الشعب الكردي لمظالم وسياسات استثنائية مرفوضة إنسانياً وأخلاقياً، ورغم توفر الأجواء الإقليمية والدولية في كثير من الأحيان أن ترتبطْ هذه الحركة بالخارج وتحصل على الدعم المالي وكافة متطلبات إثارة الشغب والقلاقل في البلاد، إلا أنها أبتْ أن تقوم بهذا العمل يوماً، بل بقيت محافظة على هويتها الوطنية وانتمائها السوري، وتاريخها في هذا الشأن ناصع البياض، يشهد لها القريب والبعيد، وعملتْ كل ما بوسعها بالأساليب الديمقراطية السلمية من أجل التعريف بعدالة القضية الكردية في الوسط السياسي والثقافي العربي والدولي الديمقراطي، لضرورة إيجاد حلول وطنية لها من خلال الحوار المباشر والعلني على قاعدة الشراكة الوطنية، بعيداً عن التدخلات الأمنية التي عليها التفرغ  لأعمالها وواجباتها الدستورية، وقد تمكنت الحركة الوطنية الكردية والمثقفون الكرد في السنوات الأخيرة من تحقيق بعض النجاح في كسب أصوات وتأييد جمعٍ من المثقفين والكتاب والمفكرين العرب بالإضافة إلى بعض التنظيمات السياسية وهيئات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان التي أدركتْ أهمية حل القضية الكردية في البلاد حلاً منصفاً يضمن عودة الحقوق لأصحابها، كونها قضية وطنية تخصّ حياة ومستقبل ما يزيد عن الـ ثلاثة ملايين مواطن سوري يعيشون على هذه الأرض منذ مئات السنين في مناطق الجزيرة وكوباني وكرداغ وبعض المدن الكبرى مثل دمشق وحلب والرقة قبل تشكل الدولة السورية الحالية،  وتعرضوا للظلم والتهميش والإنكار على أيدي أنظمة حكم توتاليتارية ردحاً طويلاً من الزمن.
   إننا إذ نعتقد أن هذه الصحوة المشرفة من جانب أولئك الأخوة بقدر ما هي تعكس واجبهم الوطني حيال جزء من شعبهم السوري لم يُنصَف، تعتبر وساماً على صدورهم وموضع تقدير واعتزاز لدى شعبنا الكردي، الذي يتطلع إلى المزيد من التضامن مع قضيته الوطنية العادلة.
   لقد آنَ الأوان أن تعيد السلطة في سوريا النظرَ في حساباتها وسياساتها التي تحتاج إلى التغيير، وتدرك جيداً أن الانتماء إلى الحركة الوطنية الكردية في سوريا ليس جرماً ولم تعدْ ترهب أحداً، بل أنه عمل نضالي خلاق يسعى إلى توحيد الطاقات وتوجيهها الوجهة الوطنية الواعية وبما يخدم مصالح الشعب الكردي والمصلحة الوطنية العليا التي نحرص عليها حرصنا على حدقات أعيننا.


   كما ينبغي عليها أن تدرك بأن ممارسة القمع والإرهاب وممارسة سياسة السوط لا تجيد نفعاً ولا تصلح حلولاً لقضايا بمستوى القضية الكردية التي يتم حلها فقط عبر حوار وطني علني وشفاف، وأن المستفيد الوحيد من إبقاء هذه الحالة على وضعها، هي الجهات التي لا تريد الخير لسوريا ولشعبها، تلك الجهات التي خلقت من الكرد أعداءً وهميين للوطن، كي يتسنى لها نهب المزيد من ثروات  الوطن وخيراته وحجبَ الديمقراطية عن شعب سوريا تحت يافطة (مواجهة الأخطار المحدقة بأمن الوطن)!!

   إن الوفاء للوطن ولقيم ومبادئ الوطنية الحقة والحرية يفرض الإسراع بإخلاء سبيل المناضلين الكرد وكافة معتقلي الرأي، وحلّ  القضية الكردية عبر الحوار، والتي يتم بحلها تحرير ملايين الناس من قيود الظلم والحرمان، ويكسب الوطن زنوداً وعقولاً جديدة تساهم في بناء الوطن وتقدمه وتعمل على رفعة شأنه إلى جانب المكونات الوطنية الأخرى الغيورة على مصالح الشعب والوطن.
·        كاتب كردي من سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…