رشــيد
– 1 –
إن أهم خصائص ومقوّمات (الصنف المستبدّ ) المنظومات الاستبدادية والديكتاتوريات
(( دينية كانت أم قومية أم طبقية أم …..، ضمن أية أطر كانت حزبية أم نقابية أم وظيفية أم تعليمية ….)) هي كم الأفواه، وكبت الأنفاس، وشلّ الحركات، وقمع النشاطات،….
لمصالحها وغاياتها ، فالأديب والفنان والمصليّ والحرفيّ والعامل والعالم ….
يجب أن يزاول كلّ منهم مهنته وهوايته في بيت المتسلّط وبإذنه ولأجله وعلى هواه ، ولا يحق لأي شخص كان أن يتنفس أو يتحرك أو يحلم أو يفكر أويتكلم إلا بحمد الزعيم (والقوى الخفيّة التي تسانده) وبأمره وباسمه ولمصلحته، ومن يخالف ذلك فهو خائن وعميل ومتمرد ومتآمر ضد كل المقدسات والمحرمات بتاريخها وحاضرها ومستقبلها … ، فيجب محاربته، ومعاقبته بشتى وسائل التصفية والاضطهاد والظلم والحرمان والعسف …
وعلى خلاف الصنف المستبد فإن حركات التحرر، والقوى المحبّة للسلام والديموقراطية، ودعاة المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الانسان، بالاضافة إلى مؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة …( الصنف المناضل ) يتفقون على أسس ومفاهيم في برامجها وأعمالها :
1- حرية التعبير والرأي والمعتقد والاقامة والتعليم والتنقل …..
( الحريات العامة )
2-احترام الراي الآخر – المعارض والناقد – وأخذه بعين الاعتبار والحسبان.
3-لا رقابة على الانسان الحرّ والواعي والمستقلّ سوى رقابة الضمير والاخلاق والأصول والقوانين الناظمة (إن وجدت !) لكل مجال واختصاص .
4-لا خطوط حمر أمام الانسان الحرّ و الواعي والمستقلّ سوى الاساءة إلى الآداب العامة والأخلاق الانسانية والثوابت القومية والوطنية، والخروج عن الأصول والقواعد ، والتعدّي على حقوق الآخرين ومعتقداتهم وخصوصياتهم عن سابق اصرار وتصميم .
5-الاشارة إلى مواطن الخلل وبؤر الفساد وفضحها ومحاربتها والدعوة لايجاد الحلول الناجعة لها .
6-مناصرة المظلوم وحماية المهدَّد وتشجيع الموهوب، ودعم المحتاج والضعيف ، وتقويم المعوجِّ ، وتصويب المخطئ .
7-تبنّي العلمية والموضوعية والشفافية والمصلحة العامة كمعايير ومبادئ عند تناول القضايا وتشخيص المشاكل ومعالجتها .
– 3 –
إن بعض المفاهيم الملازمة لنظام العالم الجديد( !!) كالديموقراطية وحقوق الانسان والبيروسترويكا والغلاسنوست …وكذلك التطورات الهائلة لتقنيات الاعلام والاتصالات والتي جعلت من الكرة الأرضية قرية صغيرة هبة ونعمة من العولمة لعامة المضطهدين والمظلومين والمهمشين والمعذبين في الأرض (إن أحسنوا استثمارها !)، فيحطمون بها جدران العزلة وقيود الحصار والتبعية المفروضة عليهم من قبل زعامات ومتسلطين يحتمون بأزلامهم وأبواقهم المضللة و المأجورة، ويتحصنون بالتمويه والديماغوجية …، فيتحكمون بمصير الناس ويجلبون لهم الويلات والنكسات والخيبات واحدة تلو الأخرى، ويسبّبون لهم الآلام والمآسي، فبعض مواقع الانترنت مثلاً ، فتحت أبواباً عريضة، وفرصاً ذهبية للعطشى والمحرومين الذين لم يجدوا سابقاً منابراً للحضور فيها، والابحار في فضاءات العالم الانساني بكل أبعادها ومناحيها …من خلال الاطلاع والنشر والبحث والتفاعل مع مكوناتها ومؤثراتها ، وسنحت لهم بعرض نتاجاتهم وطرح أفكارهم للملأ بعامتها وخاصتها، بقاصيها ودانيها .
– 4 –
باعتبار الكورد جزءاً من الصنف المناضل، فمن المفروض عليهم والمطلوب منهم ترسيخ أسس الديموقراطية والحريات العامة في أوساطهم ، وفي كافة المجالات، لأنهم من عشاقها و طلابها ودعاتها …
وتعقيبا ً على بعض النداءات والدعوات لجعل الآراء والمواقف الحرة والمستقلة تحت الوصاية والرقابة ، ووضع ضوابط وآليات سلطوية على أصحابها لصالح جهات سياسية أو ثقافية أو مهنية أو دينية … متواجدة في المجتمع الكوردي بصفة شبه رسمية تمارس المزاودة والوصاية والاحتكار، فتدعي امتلاك كامل الحق والحقيقة ، وتعتبر نفسها المعني الأول والوريث الشرعي الوحيد لكل مايتعلق بالكورد بصلة من سياسة وثقافة واجتماعية … إلخ ،، و هي وحدها تمتلك حق الاقرار والتصرف بمصيرها ، و مهمة الادارة والمعالجة لأمورها ، وامكانية تحديد خيرها وشرها ، وتعيين صالحها وطالحها، متذرعة بقلة شاذة (امتهنت الاساءة والانحراف والمساومة والمهاترة ….
واختارت البقاء في النكرة والضلال والمجهول والشواذ ) وتستهدف تلك الجهات الوصائية من ورائها التشريع والتبرير ثم التعميم لخنق صوت الشارع الكوردي بكامله، والاجهاز على الرأي الآخر دون تمييز بين سلبه وايجابه ، وكبح مساعي ومحاولات النقد والتدقيق والمحاسبة ….
، فغالباً ما يبرز هؤلاء المعارضين الحقائق والأدلة على بعض الوقائع والأحداث والأشخاص، ويسلطون الضوء عليها، ويكشفون أسرارها….، ربما تعتبر تلك الجهات الوصائية فضحاً لفسادها واخفاقاتها ، وطعناً في شرعيتها وفاعليتها ، وتهديداً لمناصبها ومصالحها ، وتعرية لتوجهاتها غير الشريفة وطموحاتها غير النظيفة …..
ثم أن الخوض في القضايا الأساسية الهامة والعامة يحتاج الكثير من الحذر والتروي والدقة ، ويتطلب جهداً ـ جماعياً متكاملاً وشاملاً ـ من الاستئناس والاستشارة من ذوي الشأن والخبرة والاختصاص ، ويستدعى طرح مشاريع ومسودات ومقترحات (متعددة ومختلفة) للمناقشة والحوار قبل تبنّي أيّ رأي أو موقف تجنباً للوقوع في الأحادية والإنفرادية ، ولاحترام الاجماع والآخرين أيضاً ، ويفترض على المعدّين والقائمين والمروّجين لأي مبادرة أن يكونوا من المطّلعين اليقظين والمختصّين المميّزين والكفوئين الملتزمين فعلاً وقولاً بما يطرحونه ويبادرون إليه ..، كل هذه الأمور تفرضها حقيقة ساطعة وهي عدم وجود مؤسسات منتخبة تمتلك الشرعية والأهلية والصلاحية لسن قوانين ناظمة ووضع ضوابط وقواعد ملزمة للمهتمين والمعنيين جميعاً ، خاصة إذا كان المهتمون والمعنيون متطوعين ومشاربهم مختلفة ومتنوعة ، ودوافعهم مخلصة وصادقة ومن منطلقات قومية انسانية ، ومرتكزة على المعاناة والقهر والحرمان …..
– 5 –
وبناء على ماسبق نقول :
أ- دعونا نمارس الحرية والديموقراطية فيما بيننا طالما نحن محرومون منهما،ونناضل لانتزاعهما من المستبدين والظلّام .
ب -دعونا نعرف حقيقة ما يدور ضمن الغرف المغلقة، وما يحدث خلف الكواليس من صفقات واتفاقات ومشاريع ومؤامرات ….
وما ستتمخض عنها لاحقاً .
ت -دعونا نعرف الوجه الحقيقي للأفراد ( والجماعات ) ومصداقيتهم وإمكانياتهم وفعاليتهم ، وذلك برفع الأقنعة عنهم وأفكارهم وأفعالهم، فما أكثر من ظلموا وغبنوا وضاعت حقوقهم وتضحياتهم، وسرقت منهم نتاجاتهم ونضالاتهم، وجيّرت لغيرهم ظلماً وبهتاناً، وكذلك ماأكثر الذين نالوا بتسلّقهم وتصّيدهم وتسلّطهم أوسمة وتبريكات ومدائح وألقاب… لا يستحقونها …
ث -دعونا نفسح المجال أمام الطاقات والمواهب ، ونشجّعها على العطاءوالابداع،
دعونا ننبذ الاحتكار والوصاية والتسلّط والارهاب ..
ج- دعونا نعترف بقوانين الطبيعة المتغيّرة والمتطوّرة والمتجدّدة ، ونواكب العالم المتمدّن والحرّوالمتقدّم بأفكاره ونتاجاته ومعطياته، لأن المعترض والمتخلف مصيرهما الانتحار والفناء …
ح – دعونا نسمع من ينتقدنا ويخالفنا القول والفعل ، قد نتعبّر منهم فنصحح أخطاءنا وهفواتنا (فهذه هي الديموقراطية طالما عشقناها ورضينا بها نهجاً ومنهاجاً) ، ولتكن هناك أقلام شاردة ومتمرّدة ومشاكسة، ومواقع ناقدة وساخرة، ودبابيس منبّهة (ما الضير في ذلك ؟!) ، تعالوا لندعمها ونشجعها ونوجهها نحو السليم والصحيح والمعقول … (من ذا الذي يدعي الكمال في العصمة والعفّة والنقاء ؟!) لا أن نحاربها ونقمعها لغايات وأجندات في أنفسنا .
خ- دعونا نتخلص من عقدنا القديمة ((الثقة المطلقة بالذات والاستخفاف بالغير))، وننزل من عروشنا البائسة الزائفة، ونخرج من هالات ِحصاناتنا الوهمية والهشة ، ونتحرر من القوالب التي ورثناها من المنظومات والسلوكيات الفكرية والثقافية الشمولية المتسلطة، التي ربّتنا على الأنانية والخصومة والانتقام والتخوين والتصفية والتآمر ….
د – دعونا نلغي الفيتو ( بطاقة الممنوع والحرام والالغاء والرفض) عن كل ماهو ماديّ ومعنوي وروحاني ، بقديمه وحديثه للبحث والدراسة والنقاش والتحليل..
لغاية الاطلاع وكشف الحقائق والأسرار دون تحفّظ أومشارطة ..
وفي الختام: ما أحوجنا نحن الكورد إلى الحرية والديموقراطية في البحث والنقد والحوار للوصول إلى الحقائق والثوابت، لأننا تعرضنا إلى الكثير من الطمس والتشويه والتخريب والتحريف … في تاريخنا وحاضرنا، في ثقافتنا وسياستنا، في قضايانا وحقوقنا ، في أحزابنا ومنظماتنا ، في زعاماتنا ورموزنا ، في قوميتنا ووطنيتنا، ……
كما نستثني من دعوتنا إلى حرية التعبير والرأي ، كل الذين يسعون ـ عن وعي واصرار وخبث ـ إلى هدم جسور الثقة والتفاهم والتعاون بين أصحاب المنابروالمحافل وروادها ، وكل الذين يزرعون الفتنة والريبة والعداوة والحزازيات بين أصحاب الفكر والساسة والكتاب والمثقفين والكوادر الفنية والمهنية … لغايات أنانية وانتقامية ومصلحية ضيقة وتافهة ، أو لتسويق أجندات ومشاريع معادية تستهدف النيل من الكورد وقضاياهم، وكل الذين يستغلون الحرية والديموقراطية للإساءة والتقريح والتشويه للآخر الخيّر والسليم والحقيقي والصحيح والنافع بدون وجه حقّ ، مع احترامنا وتقديرنا لكل الآراء في هذا الشأن .
——— انتهت ——–
15 / 10 / 2009