هل المهدي قادم… ام الشرق الاوسط الجديد

غمكين ديريك
منذ ما لايقل عن اسبوعين والضربات المتلاحقة تنزل فوق لبنان واللبنانين ، وكان القيامة قامت والشعب اللبناني في يوم المحشر الى حين يلاقي ربه في ساعة الحساب ، زلازال تضرب الارض من فوق وبأوزان مختلفة من المتفجرات ، وبنايات وجسور وطرق تتهدم الواحدة بعد الاخرى ، كسيل جارف يبدأ من الجنوب ويتجه امواجه الى الشمال والوسط ، والسبب هو خطف اسيرين اثنين من الجيش الاسرائيلي .
هناك نظريتين متحاربتين على الارض اللبنانية ، وليس للبنان اية علاقة بهذين النظريتين او التيارين ، بالعكس تماما ، يعتبر لبنان حالة فريدة من نوعها في الشرق الاوسط ، حيث استطاع هذا البلد الصغير نسبيا من التطور الديمقراطي والحفاظ على حقوق الانسان وصيانة الكرامة الانسانية للفرد والمجتمع على مراحل تاريخها ، على الرغم من التدخلات الكثيرا من الشرق والغرب ، الا انها استطاعت الحفاظ على ثقافتها التعددية والمستندة على ان الانسان هو مركز كل الاحكام والقوانين ولاشيء يعلو على كرامة الانسان ، وبذلك استطاعت ان تحرز لقب عاصمة الثقافة الديمقراطية في الشرق الاوسط .
كلا النظريتين لم تقدما للشعوب المغلوبة علىامرها ما يحقق لها كرامتها الوطنية والقومية ، ولا حتى الانسانية ، وان كانت بفروقات نسبية ، وحاولت اصحاب وممثلي كلا النظريتين تقديم او تطوير بعض النظم السياسية والاجتماعية للمجتمع ، الا انها اهلكت كاهله من نواحي اخرى عديدة ، ولكن وبشكل عام استطاعت احدى النظريات التطور ، واحتلال مساحات واسعة من الكرة الارضية ، وتحت ضغط المثقفين  وهذه الشعوب الجبارة ، اضطر هذا النظام تحقيق البعض من امال وطموحات جماهيرها  ، وتحقيق الرفاهية والاعتراف بالكرامة الانسانية وحمايتها ونشر حقوق الانسان والديمقراطية ، الا ان اصحاب النظرية الاخرى فانها لم تستطع ان تحقق شيئا ماديا لمجتمعاتها وبقيت متقوقعة في الفكر واللاهوتية ، والادعاء بان الموت هو السبيل الوحيد للوصول الى الكرامة الانسانية ، لان هذه الدنيا فانية والاخرة هي الباقية .
النظرية الاولى والمتمثلة في النظام العالمي الجديد ، تتطلع الى عالم ومجتمع متكامل اقتصاديا ، وان يتم ذلك وفقا لتحقيق مصالحها في السيطرة على الاقتصاديات العالمية والتحكم بها وبشعوبها ، وهي تريد عالم منزوع من السلاح الا هي طبعا ، وعالم يتحقق فيه الحرية القانونية والدستورية ، على الرغم ان الانظمة التي تقود هذا النظام تعتبر نفسها فوق كافة القوانين؟، ولكنها بشكل عام تنتج نظريات وتقنع العالم بها ان شاءت ام ابت ، فكيف بعملية تفجير يقتل فيها عشرة اشخاص وتهدم المقهى مثلا يعتبر ارهابا ، ولكن هدم الالاف من البنايات وعن طريق الالاف من الاطنان من المواد المتفجرة وقتل المئاة وتشريد الالاف وتحطيم دولة بكاملها ، تصبح الان حق مشروع من اجل حماية امن اسرائيل ، انها مفارقة عجيبة حقا ولكنها حقيقة واقعة  وتعترف المجتمع الدولي بها ، وسوف تنجز اهدافها رغما عن الشعوب والامم التي لم تذق سوى العذابات في مسيرتها نحو الحرية والتحرر .
النظرية الثانية والتي تتزعمها القوى الاسلامية (الشيعية والسنية ) بمساندة الانظمة الشمولية الاخرى والمتفرقة والتي عفى عنها الزمان , تحاول مخاطبة الانسان باللاهوت و الاخرة ، واقناع المجتمعات بان هذه الدنيا صنعها الله من اجل عذاباتنا ، وعلينا التوجه الى لقاء ربنا ونحن مضرجون بالدم من اجل ان يسامحنا الرب ويدخلنا فسيح جناته ، وبشرط ان يكون دمائنا بسبب محاربة الكفار ، لانهم يهدفون الى انشاء عالم خالي من التعددية والراي الاخر ، ولايمكن نشر العدالة والمساواة بوجود قوة او انسان واحد لايتبع دين محمد ( ص ) ووفق شروط هذه الحركات وليس بشروط محمد ( ص ) والاسلام الحقيقي ، وحسب الرواية الرسمية لهذه الحركات فان الدرجال سيظهر في العراق ومقابل ذلك سيظهر المهدي ( مخلص الانسانية من الظلم والاضطهاد ) من الشام وسيقضي على الدرجال على مشارف دمشق ، وكان ظروف هذه الحادثة اصبحت قريبة وعلينا الاسراع الى ملاقات ربنا ، فامريكا في العراق الان وتحولت الحرب الى لبنان وقد تمتد الى سوريا عن طريق اسرائيل ، والسيد نصرالله يحاول بسط نفوذه الى ابعد من لبنان عن طريق ايران وسوريا ، من اجل ان تتحقق هذه الرواية .
والنتيجة : لبنان اصبحت الضحية وسوف يتم اقتطاع جزء من اراضيها بحجة انشاء حزام  او شريط امني يتخندق فيها القوات الدولية ، وتكون قوة مساعدة للحفاظ على امن وسلامة اسرائيل من الهجمات المستقبلية ، ويبقى الشأن اللبنان شائكا في الداخل بعدما كانت قد استقرت نوعا ما بعد خروج القوات السورية منها ، وسيتجمهر الالاف من المتطوعين للقتال من بلدان اخرى في لبنان ، وستبقى الحكومة والشعب في مأزق لاخروج منها ، الا اذا تحققت اهداف الدول الاخرى على ارض لبنان ، لانه لايوجد احد الان يهتم بالمصلحة اللبنانية ، ايران استفادت وستحاول الاكثر من اجل طي ملفها النووي ، وسوريا تحاول استعمال اقوى الاوراق في يديها من اجل لجم جماح التغير والديمقراطية في سوريا ، وهذين القوتين ربحو المعركة تكتيكيا ولكنهم يتطلعون الى النصر استراتيجيا ، ويبقى الشعب اللبناني يدفع الثمن تكتيكيا واستراتيجيا .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…