باقة نرجس لروح المناضل الفلسطيني نصير القضية الكردية شفيق الحوت

  سيامند إبراهيم

في زحمة الأحداث المؤلمة التي نمر فيها سياسياً ثقافياً وغيرها من المآسي تأخرنا أن نتذكر صديق الشعب الكردي السياسي والمثقف الفلسطيني شفيق الحوت, عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية.

فالذين عايشوه عن قرب أو الذين قرأوا مقالاته الجريئة تجاه القضايا الكردستانية في جريدة الحياة اللندنية يعرفون أي نوع من الرجال هذا, وقد أعدت هذه المقالات ووثقت  في كتيب تحت عنوان (آراء عربية حول القضية الكردستانية) وصدرت ضمن منشورات الإعلام الاتحاد الوطني الكردستاني مكتب دمشق, وفي هذه المقالات تقف مشدوهاً أمام هذا الفكر النير الذي تخرج من عقل مفكر, وشخصية وطنية عالية الهمة, ومن مواقف مناضل وقف شامخاً مسانداً ومعاضداً بقوة الريح أمام المشبوهين الذي يهاجمون الشعب الكردي وتطلعاته في حقوقه المشروعة.

رحل صديق الكرد شفيق الحوت وهو الذي امتشق القلم الكردي وخطت أنامله كلمات من أزيز  الرصاص الفلسطيني النظيف, ومن أتون قضيته الفلسطينية مدغدغاً البندقية الكردية في جبال كردستان, وفي عدة مواقف له وهو الفلسطيني المناضل الشامخ يعاضد القضية الكردية في عدة مقالات في جريدة الحياة اللندنية, وهو المثقف, والسياسي الذي يتألم ويدافع عن الكرد في سوريا والعراق, يفرح لفرحهم, ويحزن لحزنهم.
وفي مقالته الأولى يقول :” على أن أعترف في البداية أنني مع القضية الكردية من حيث المبدأ.

أنا أقرً أن هناك شعباً اسمه الشعب الكردي, شعباً عريقاً, معروفاً عبر التاريخ, له هويته القومية وتراثه ولغته وتقاليده وتطلعاته.

ولقد شاءت الأقدار أن تكون أرضه في موقع استراتيجي, حساس يجمع حوله دولاً عدة: العراق, تركيا, سوريا, إيران, مما يجعل القضية الكردية ذات بعد دولي باستمرار لأن تطلعات الشعب الكردي, على مشروعيتها وصوابها, تصطدم بالخريطة السياسية التي ورثناها عن الاستعمار وعن الذين خططوا الحدود بين البلدان القائمة”.
وهنا يصر على الدولة الكردية المستقلة وهي نقطة مضيئة في تسجيل موقف سياسي بكل الأبعاد السياسية والاعتبارات الإقليمية ويرى في أن تشكيل هذه الدولة بحيث لا يخلق رد فعل سلبي تجاه أخوتهم العرب فيقول:”
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل من متسع لتشكيل النظام الدولي الجديد لإقامة دولة كردية؟
أنا أتمنى ذلك, بحيث يقوم كيان سياسي كردي مستقل يتواصل من خلاله جميع أفراد الشعب الكردستاني وبشكل لا يستعدي أي طرف عليه….وأنا أستشعر من خلفيتي الفلسطينية, هذا الحزن لأن الشعب الكردي فعلاً قدم تضحيات جسيمة, وبات من حقه أن يحصل على مطالبه.

..وفي التاريخ الإسلامي عشنا مرحلة ذهبية في فترة الدولة الأيوبية التي كانت بمعنى ما دولة كردية”.


وهنا يقف بشدة ويحمل على المفكرين العرب أنهم لم يحملوا بجد القوميات الأخرى فيقول:” وعلى رغم من انتمائي العروبي والوحدوي العربي, فإنني كنت آخذ على المفكرين القوميين العرب أنهم لم يعوا في أدبياتهم السياسية قضايا القوميات الأخرى, ولا سيما القضية الكردية, ولم يولوها ما تستحقه من عناية واهتمام, فبدت العروبة والفكر القومي قومية استعلائية, عنصرية في بعض المراحل, ولكن في الوقت نفسه…ولكنها تؤكد على تلبية الحقوق القومية للشعب الكردي سواء في العراق أم في سوريا”.
وفي هذه المقالة يحذر السياسيين الأكراد من أمريكا وعودة الاستعمار الأمريكي ويقول:”
أتمنى أن لا يقع الأخوة الأكراد في فخاخ الخلافات القائمة في المنطقة, وكذلك الخلافات الناشئة عن تشتتهم في أكثر من دولة.

فالشعب الكردستاني هو شعب واحد ولكنه موزع بين دول مختلفة, وعليه أن يعرف كيف يحل قضيته بشكل موحد, وهنا نتذكر الشعب السويسري, فهو له جذور مختلفة: الإيطالي, وألماني, وفرنسي, ولكن في ما يتعلق بهويته الوطنية السويسرية, وفي ولائه لدولة سويسرا أثبت أنه شعب واحد .

بحيث مرت حربين عالميتين ولم يهتز كيانه, ويتم المقالة ويطرح رأيه في الفدرالية, ويرى:” من حق الشعوب أن تقرر مصائرها وأعتقد أن القرار يعادل القرار بالانفصال من حيث المبدأ.

فالشعب من حقه أن يكون ضمن هذا الكيان أو لا يكون, ولم يعد ممكناً أن تكره شعباً على وحدة كما أنه من غير الممكن أن تكره شعباً على وحدة….والفدرالية نوع من أنواع الخيارات المطروحة في أكثر من مكان في العالم بما في ذلك منطقتنا.

ولكن النمو الاجتماعي والسياسي وما وصل إليه من وعي في هذه المرحلة” صفحة 14 آراء عربي حول القضية الكردية
ويستطرد ويقول: إنني أتحدث عن القضية الكردية في عموميتها وليس ما يتعلق بكردستان العراق فقط.

لأنه من الخطأ الاقتصار على جزء فقط من كردستان…..فليس من المنطق أن في شيء الاقتصار على جزء من تحل القضية الكردية في العراق فقط دون أن ينسحب الحل على الأكراد الموجودين بكثرة في تركيا وسورية وإيران…وأنا أرى, وهنا ربما لا أستطيع أن أتخلص من كوني عربياً, أهمية العراق في الوطن العربي وحرص على أن لا أراه مقسماً, وأخشى أن تكر السبحة بما يتجاوز القضية الكردية, التي هي قضية قومية عادلة ومشروعة.

نحن نسمع عن دعوات لتقسيم العراق مذهبياً على أساس سني و شيعي.

هذه لعبة يحزنني أن أراها, يجب حل القضية الكردية بمعزل عن هذه الألاعيب, فلا علاقة للقضية الكردية بالتقسيمات المذهبية والطائفية” صفحة 15 من المصدر السابق.
وهذا درس وعبرة للقادة الأكراد في الوقوف بحزم أمام التيارات العراقية المذهبية من سنة وشيعة وعدم الانجرار أمام مصالحهم الطائفية, والوقوف أمام طروحاتهم المذهبية التي تحمل الطابع العروبوي كمحافظ الموصل القومجي الذي لا يدع في مناسبة وغير مناسبة إلا وهو يهاجم البيشمركة, المتواجدين في الموصل وخانقين وديالي بشكل قانوني من قبل رئيس مجلس الوزراء العراقي,  والقادة الأكراد بمختلف التهم القذرة, والقذارة تفوح من لائحة الحدباء, المحدودبة فكراً وممارسة ومنهجاً صدامياً نتن.

فالقضية القومية في العراق يجب أن تحل وخاصة المناطق المتنازع عليها وعد الرضوخ لكل القوى التي تناور للتنازل الكردي وخاصة مسألة كركوك الكردية العراقية وحذاري من آلا عيب قوى السنة والشيعة المتقوقعة فكرياً ورؤى قاصرة تبتعد عن حقائق الوجود الكردي في عموم كردستان.
—————————–
قرار الوحدة يساوي قرار الانفصال من حيث المبدأ
الحياة العدد 10 997 الاثنين 22 آذار 1993

آراء عربية حول القضية الكردية – مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني في دمشق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…