أزمة أخلاق

بقلم : دليار آمد

لا يخفى على أحد أننا نعيش أزمة اقتصاد وأزمة سياسة وأزمة علم وأزمة تحضر وأزمة مطر وأزمة ثقافة , ولكن هل نعيش أزمة أخلاق ؟!
قد يكون السؤال مركبا – معقدا – كثيرا , وبالتالي سيكون الجواب مركبا , إن أي مجتمع يعيش الأزمات السابقة لابد وأنه سيعيش أزمة أخلاق .


والأخلاق تعريفا هو كل فعل اجتماعي نسلكه تجاه الآخرين ابتداء من الأب والأم والأخوة مرورا بالأصدقاء والأقارب والجيران وانتهاء بكل أفراد المجتمع .

وأما أزمة أخلاق تعريفا فهو الخلل في تطبيق تلك الأفعال الاجتماعية .

إذا رجعنا بالوراء إلى ما قبل خمسين عاما مضت لوجدنا تباينا وتفاضلا واضحا في المنظومة الأخلاقية آنذاك والمنظومة الأخلاقية الآن , ففي ذلك الوقت كانت الحياة بسيطة جدا مرتكزة على العملية الرياضية التالية :

1 + 1 = 2

ولم يكن هناك ثورة في الاتصالات والمواصلات , كما أن نسبة الفقر كانت منخفضة, فكان كل شيء آنذاك مرتبطا بالمبادئ والقيم والأخلاق والكرم وإغاثة الملهوف ….

الخ .


أما الآن فأصبحت الحياة معقدة جدا حيث باتت تعتمد على العملية الرياضية التالية :
1+1 = [(1+4)*2]^2/[7^2+(7*2)-13] = 2

ونشهد كل يوم ثورة في الاتصالات والمواصلات , كما أن الفقر وصل إلى درجات مرعبة , وبات التشتت الاجتماعي والسياسي أمرا واقعا لا مفر منه , ونتيجة لهذه التغيرات القسرية شهدت المنظومة الأخلاقية تغيرات أيضا مابين قسري واختياري , وكانت تغيرات المنظومة الأخلاقية نحو السلب وليس الإيجاب , حيث انتشرت عمليات النصب والاحتيال والسرقة والربا , وانتشرت الدعارة والجنس , وأصبحت عمليات ترقيع وترميم غشاء البكارة تتم في عيادات الأطباء , وعمليات الربا تتم في بيوت رجال يصفون أنفسهم برجال دين , وفي الأوساط الطلابية باتت عمليات الغش في الامتحان مفخرة للكثيرين وتبتدع كل يوم طرق جديدة لذلك من بلوتوث وسماعات وأجوبة جاهزة ….

الخ , ويتم ذلك بمساعدة المراقبين والمستخدمين والموظفين , وأصبح كثير من الدكاترة – الذين يعتبرون قدوة للكثيرين – يتاجرون بموادهم وعلى عينك يا تاجر , لا يمكنني حصر كل المشاكل والأزمات والصور الواقعية لمنظومتنا الأخلاقية فهي غير قابلة للحصر .


ومن الواضح للجميع أنه لا يمكن معالجة هذه الآفات بشكل كلي , فما أفسده الدهر لا يصلحه العطار.

ولكن يبرز هنا الدور المحوري والتاريخي لفئة الشباب وخاصة الشباب الجامعي منهم , هذا الشباب الذي يفترض به بأنه يميز الإيجابي من السلبي , والصح من الخطأ , وعليه أن يكون قائدا لمجتمعه المحتضر , والمطلوب الآن أن يبدأ كل منا بذاته لعله وعساه يكون على قدر مسؤولياته التاريخية لتصحيح مسار منظومتنا الأخلاقية وتمتينها .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…