ماذا بعد زيارة الوفد الوزاري ؟؟

  نشرة روز *
وفد وزاري زار محافظتنا المنكوبة مؤخراً , فماذا يمكن أن يحمل معه الى العاصمة ؟, وماذا يمكن أن ينبثق عن الزيارة ؟.
لقد اعتدنا منذ سنوات على أن أية  زيارة قيادية تتبعه اجراءات قاسية على المحافظة , ففي السنوات القليلة الماضية شهدت المحافظة زيارات على مستويات عالية , شملت الوزارات والقيادة القطرية بل وزيارة رئاسية كانت هي الثالثة لرئيس الجمهورية الى هذه المحافظة وتحديداً الى القامشلي , ولكن العبرة في النتائج كما يقال, فماذا جنت المحافظة من كل تلك الزيارات,وماذا كان هدفها؟.


بمراجعة بسيطة للسياسات المتبعة حيال أبناء المحافظة عموماً , والكرد منهم على وجه الخصوص , نرى أن أي من تلك الزيارات لم تأت بالخير على المحافظة , وشعبها , بل على العكس من ذلك
فما أن يشد الوفد الزائر رحاله الى العاصمة , ويقفل راجعاً حتى تظهر نتائج الزيارة مراسيماً وقوانين جائرة , تشدّ الخناق على أبناء المحافظة سياسياً , اجتماعياً , واقتصادياً فالزيارة الرئاسية التي وعدت بحل مشاكل المحافظة وعلى رأسها مشكلة المجردين من الجنسية , تمخضت عنها مرسوم العلاقات الزراعية والمرسوم / 49 / لعام 2008 م ,الذي جعل كل أبناء المحافظة بمثابة المجردين من الجنسية ,  والزيارة الوزارية , ولدت ارتفاع أسعار المشتقات البترولية , وخاصة سعرالمازوت في وقت كانت المنطقة بأمس الحاجة الى دعم مادي من أجل انتشالها من براثن الجفاف والقحط الذي لحق بالمحافظة جراء انحباس المطر خلال العام الماضي , أما وفد القيادة القطرية فكان معه قرار املاء السجون المكتظة أصلاً بأصحاب الرأي الحر والسياسيين الوطنيين  حتى كاد أحدنا يتوجس خيفة من أية زيارة , بل من أي مسؤول يطأ قدمه أرض المحافظة خشية أن يتم سد أي متنفس لأبناء شعبنا نجى من المراسيم والقوانين السابقة , ما جعل المرء يعتقد أن مهمة تلك الوفود تقتصر على البحث عن مثل هذه المنافذ لاغلاقها باحكام وذلك استناداً الى  ما جرى في ماسبق من الزيارات , واذا أردنا أن نتلمس أسباب ذلك نراها في عدة نقاط  نذكرمنها:
1 – النظرة التمييزية الى أبناء المحافظة , وخاصة المناطق ذات الغالبية الكردية منها , حيث يأتي الوفد حاملاً معه أفكار مسبقة عن أبناء شعبنا الكردي الذي يسكن المنطقة منذ آلاف السنين , وهي نظرة تكتنف كل معاني الشوفينية  والعنصرية , وتأسيساً على ذلك يتم الحكم على مظاهر الحياة اليومية للمواطنين واتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاربة هذا الشعب بكل السبل والوسائل .


2 – الترتيب الأمني للزيارة حيث نرى انتقاء الأشخاص المقربين من السلطة للالتقاء بتلك الوفود وقد يتم تلقينهم بما يمكن وما يسمح لهم بالتحدث فيه أو نقله الى الوفد الضيف , و يكاد لا يسمح لأحد مقابلة الوفد إلا الأشخاص الذين ( يؤتمن ) عليهم أمنياً  , بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني الشوفينية والتعصب والاستعلاء القومي العنصري , وما ينجم عن ذلك نقل صور ة مشوهة وواقع سيئ عن المحافظة الى الوفد الزائر, من خلال ترتيب الزيارة الى مواقع مختارة بعناية بحيث تخدم التوجهات الشوفينية , وتغييب الممثلين الحقيقيين لأبناء المحافظة , وخاصة ممثلي شعبنا الكردي .

وبعد الزيارة الأخير ة لعدد من السادة الوزراء الى محافظتنا المنكوبة والتي استمر فيها الوضع الاقتصادي المتردي لهذا العام حيث حبست الطبيعة خيراتها عنا لتلقي بنا بين أنياب الشوفينية المقيتة التي لاتبقي ولا تذر ,  هل يمكن أن تكون النتائج على غيرما اعتدنا عليه ونخشاه , خاصة اذا أدركنا أن الوفد زار مناطق بعينها , وعاد دون أن يلتقي كما في العادة بأصحاب الأرض الحقيقيين , والممثلين الحقيقيين لأبنائها .
ان مد يد العون لأبناء هذه المحافظة المعطاء في هذه السنوات العجاف , والغاء المراسيم والقوانين الاستثنائية والاجراءات الشوفينية وخاصة المرسوم / 49 / لعام 2008 م ومرسوم العلاقات الزراعية ,  واجب وطني مقدس , قبل أن تكون مهمة انسانية نبيلة , واننا لعلى ثقة تامة بأن المحافظة ستكون بألف خير بغياب هذه الاجراءات الاستثنائية , فماذا بعد هذه الزيارة ؟؟ ومتى تكون الزيارة ميمونة على المحافظة وأهلها ؟؟ .

* نشرة دورية تصدرها اللجنة المنطقية للحزب الديموقراطي الكردي في سوريا (البارتي) في الجزيرة _ العدد /98/ أيار   2009 م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين هناك شبه اجماع على ظهور الفكر القومي ، وانبثاق دول قومية بداية القرن التاسع عشر في اوربا ، وقيام الثورة الفرنسية بالدور الأبرز في بلورة الهويات القومية ، وقيام الدول ذات الطابع القومي ، ليس في القارة الأوروبية فحسب بل في مختلف انحاء العالم خصوصا لدى شعوب الشرق الأوسط حيث العديد من بلدانها كانت تحت الانتداب الفرنسي ومن…

د. محمود عباس أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية (الجناح الراضخ للدولة العميقة العصرية) في إدارة الملف السوري، حين تجاهلت تعويم القضية الكوردية، ولم تمنح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المكانة التي تؤهلها لتكون البديل الشرعي والوحيد عن وزارة الدفاع المنهارة بعد هروب بشار الأسد، لتصبح بذلك البوابة الأكثر أمانًا لعبور سوريا نحو الاستقرار والبناء ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله، ورجحت كفة الاستثمارات مع…

عبدالرحمن كلو في لقاءٍ تلفزيوني على شاشة روداو، وجّه أحد نازحي شنگال سؤالًا بسيطًا ومباشرًا إلى رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني: لماذا لم تُنفّذ اتفاقية شنگال؟ فجاء جواب السوداني ببرودٍ لا يخلو من استخفاف: هل تعلم ما هي اتفاقية شنگال؟ وحين أجابه الرجل بالإيجاب، قاطعه السوداني سريعًا قائلاً: الاتفاقية تعني التنمية ووجود القوات الأمنية العراقية في القضاء،…

نظام مير محمدي * شهدت إيران خلال الفترة المنصرمة تصعيدًا مروعًا وغير مسبوق في عمليات الإعدام، في ظاهرة خطيرة تكشف عن الوجه الحقيقي لنظام ولاية الفقيه الغارق في وحل القمع والإرهاب. إن هذه الموجة الهائلة من الإعدامات، التي تطال الشباب والنساء والمعارضين السياسيين والمحتجين، ليست مجرد أرقام تُحصى، بل هي صرخة مدوية في وجه ضمير الإنسانية، تؤكد الطبيعة الإجرامية لكيان…