اهتمام دولي ملحوظ بالوضع الكردي في سوريا

  افتتاحية نشرة يكيتي *

من المعروف أن القضية الكردية في سوريا كانت تعتبر قضية منسية لا تحظى بأي اهتمام محلي أو إقليمي أو دولي، وكانت في كثير من الأحيان تعتبر قضية لاجئين مجردين من الجنسية قدموا من تركيا.

حتى أن بعض القوى الكردستانية كانت تنظر إليها نظرة هامشية دون أي اهتمام، إلا أن التغييرات الدولية الكبيرة التي حصلت في نهاية القرن المنصرم التي تستمر حتى اليوم، والتي من أبرز سماتها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحقوق القوميات، وكذلك تنامي  الوعي القومي بشكل كبير لدى الشعب الكردي في كردستان سوريا، ووجود جالية كردية نشطة في أوربا..

كل ذلك أسهم في دفع بعض القوى الكردية في سوريا إلى إعادة النظر في سياستها  السكونية، وقررت القيام بممارسات عملية في الدفاع عن حقوقها، وكان حزب يكيتي متقدماً في هذا المجال؛ وذلك من خلال قراءته الصحيحة للواقع السوري والدولي، واستطاع -وفي مدة زمنية قصيرة- أن يخلق حيوية داخل المجتمع الكردي والحركة السياسية الكردية، وأثار جدلاً كبيراً حول جدوى النشاطات الميدانية..

وإلى متى الانتظار؟ ومن المستفيد؟ طالما أن النظام مستمر في سياسته العنصرية، وممارساته العملية في تجويع وإذلال الشعب الكردي من خلال القرارات الاستثنائية والاعتقالات التعسفية.

وقد انعكس هذا الجدل إيجابياً على أداء العديد من فصائل الحركة الكردية، وكان لانتفاضة آذار الدور الفاصل والحاسم بين التيارات المندقعة باتجاه العمل النضالي والمترددة، وكشف عورة النظام وعداوته لشعبنا، وسقطت الأقنعة، ولم يعد هناك مجال للتفلسف واختراع المفردات التي تعبر بشكل أو بآخر عن مواقف تصب في صالح النظام..

كذلك كانت الانتفاضة بمثابة بركان هز القوى الكردستانية، ووصل صداها بقوة إلى القوى الدولية التي أدركت ومن خلال اهتمامها الأولي وبحثها، أن هناك قضية كردية في سوريا، وأن هناك شعباً متماسكاً ومتذمراً من سياسة النظام، وأن هناك حقوقاً تنتهك، و..و …الخ.

إلا أن ما هو ملفت للنظر هو هذا الاهتمام المكثف منذ أربعة أشهر وحتى اليوم.
ففي 3/12/2008 دعا ممثلو عدد كبير من السفارات /12/سفارة، سكرتير حزب يكيتي الأستاذ فؤاد عليكو، وسكرتير البارتي الدكتور عبد الحكيم بشار، وعدد من ممثلي المنظمات الحقوقية في سوريا إلى ندوة حوارية حول القضية الكردية استمرت أكثر من ساعتين، تناولت مختلف جوانب القضية؛ السياسية والثقافية والاقتصادية، والإجراءات الاستثنائية والمراسيم الخاصة بالكرد…
وفي 23-25/1/2009 دعا معهد إسبن الألماني الأحزاب الكردية إلى مؤتمر يعقد في القاهرة وتمت تلبية الدعوة من قبل سبعة أحزاب كردية.

وعلى مدى ثلاثة أيام جرت نقاشات مستفيضة بين ممثلي الأحزاب الكردية والشخصيات الأوربية والأمريكية المهتمة بالشأن الكردي السوري، وتوصلوا إلى استنتاجات هامة لو قيد لها أن تخرج للنور فإنها ستحدث تحولاً جذرياً في أداء الحركة الكردية السياسي دولياً.
كما أن مشاركة ممثلي السفارات الأوربية في الحضور المكثف لمحاكمات قادة الحركة الكردية في دمشق (مشعل التمو، فؤاد عليكو، حسن صالح، ومجموعة من الموالين لـ PYD) لد دلالات سياسية واضحة أيضاً.
كما أن حضور وفد أوربي -أمريكي -كندي – الأمم المتحدة احتفالات نوروز في الجزيرة وتربه سبي أعطى إشارات واضحة لهذا الاهتمام.
وأخيراً دعوة سفيري السويد وسويسرا على حدة لقاء بعض القيادات في الحركة الكردية والبحث معهم حول جذور وجهر القضية الكردية في سوريا مع التأكيد على استمرار اللقاءات مستقبلاً.
كل ذلك يدفعنا إلى القول بأن هناك اهتماماً جدياً من قبل أوربا وأمريكا وكندا بالوضع الكردي في سوريا، ومن المحتمل أن يتم بحث الموضوع الكردي في المرحلة القادمة مع النظام السوري بجدية من قبلهم.

أي بمعنى أوضح إن القضية الكردية في سوريا دخلت مرحلة من التعامل الدولي والإقليمي، وهذا ما يتطلب من الحركة الكردية الوقوف بجدية على هذا التطور، وأن تؤمن لها مستلزمات تفعيلها، وذلك من خلال توحيد الرؤية السياسية، والعمل معاً وفق آلية موحدة قد تطلق عليها اسم “المجلس السياسي للحركة” أو أية تسمية تعبر عن وحدة الموقف، وتشكيل لجنة خاصة من الحركة للتعامل مع القوى الدولية للمساهمة فيشرح وتوضيح حقيقة القضية الكردية بموقف موحد، فالوضع أصبح مهيأً لمرحلة جديدة.

فهل نحن جاهزون؟

* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – العدد 167 آذار 2009 م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…