الجاهليــــة الجديـــــدة

  افتتاحية صوت الأكراد *

لقد اعتقدنا واعتقد معنا الكثيرون أن عصر الجاهلية قد انتهى إلى الأبد ، وأن قيمها ومفاهيمها البدائية السلبية وسلوكها الهمجي بات جزءاً من الماضي ، ولكن تبين أننا كنا على خطأ ، بل على خطأ كبير ، فالسلطات السورية بعد أن سدت آفاق المستقبل أمام شعبها باتت مصممة على العودة إلى عهد الجاهلية وانتقاء الأشد سلبية من مفاهيمها وسلوكها ، وما حصل في احتفال عيد المرأة الذي أقامته المنظمة النسائية التابعة للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي ، في مدينة القامشلي وفي منطقة شعبية في أطراف المدينة وتحت المطر وأجواء البرد القارس ، حيث حضر الحفل أكثر من /250/ امراة بينهن عدد كبير من حاملات الشهادات الثانوية والجامعية ، وكان مقرراً أن يكون برنامج الحفل عرض أزياء فولكلورية من مختلف المناطق الكردية  بالإضافة إلى الأغاني والدبكات الشعبية والمسابقات الثقافية .
وبعد أن بدأ الحفل بنصف ساعة تقريباً فوجئ الحضور بعدد كبير من قوات الأمن السورية تجاوز   المائة عنصر وبينهم عدد من الضباط وهم مسلحون بالرشاشات والعصي ، وقد داهموا الحفل بالقفز من فوق الحيطان ودخول المكان بشكل أدخل الرعب إلى قلوب الأطفال ،  وباشروا على الفور بإيقاف الحفل وتكسير الكراسي وكأنهم يقومون بعملية فدائية .
في الجاهلية عندما كانت إحدى القبائل تغزو قبيلة أخرى أي ان الطرفين كانا في حالة قتال ، وكان الرجال لا يتنازلون البتة بمهاجمة النساء ، بل كانت تعتبر أكبر إهانة للرجل ، والمنتصر كان يأخذ معه ما تيسر له من الغنائم .اما المعركة هنا فكانت مختلفة ، مائة وأربعون مسلحاً يهاجمون /250/ امرأة وطفل ليس بحوزتهم سوى الألبسة الفولكلورية والآلات الموسيقية ، وقد غنم المنتصرون الأشاوس (قوات الأمن) عدة آلات موسيقية ، وجهاز مكبر صوت وهو يعود لشخص معاق ويعتاش من وراء إيجاره ، وأربعين كرسياً وتم اعتقال السيد فيصل نعسوعضو اللجنة المركزية للحزب والسيد فنر سعدون لتبرير مداهمتهم لهذا الاحتفال .
فإذا لم يكن هذا السلوك جاهلية جديدة فماذا يمكن أن نسميه ؟ لا نعتقد أن مثل السلوك موجود وفي أية بقعة من الأرض حسب معلوماتنا ، ونحن بانتظار أن يطلق قائد الحملة (الضابط المظفر) اسماً على غزوته  ويحدد مصير الغنائم.

* الجريدة
المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )  العدد ( 412)

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…