هوشنك أوسي
«مصير المالكي سيكون إقصاءه عن كرسيّه، قبل أن يقوم بأيّ تعديل».
بهذه اللهجة التهديديَّة الوعيديَّة، صرَّح النائب في البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني، رؤوف عثمان لموقع «نقاش» الالكتروني، المعنيّ برصد ومتابعة الشؤون العراقيَّة والعمليَّة السياسيَّة، ونشر المقالات والتحقيقات والدراسات والحوارات والاستطلاعات ذات الصِّلة، بلغاتٍ ثلاثة؛ العربيَّة والكرديَّة والإنكليزيَّة.
وللموقع نفسه، صرَّح نوَّاب أكراد آخرون في البرلمان العراقي، بنبرةٍ لا تقلُّ حدَّةً عن التصريح السالف، حيث قال النائب محمود عثمان: «إنَّ المالكي كان يتكلَّم بصفته الشخصيَّة، وليس كرئيس دولة.
إلاَّ أنَّ كلامه، لا يتناسب مع الدستور، وأقواله غير قانونيَّة، ولن تلقى أيّ اهتمام».
وأردف: «من الواضح، أنَّ رئيس الوزراء العراقي، يقوم بإثارة المشاكل ضدَّ الكرد.
ولا بدَّ أن يتَّخذ الكرد موقفاً من ذلك.
لا بدَّ أن نضع حدَّاً لهذه المشكلات».
«مصير المالكي سيكون إقصاءه عن كرسيّه، قبل أن يقوم بأيّ تعديل».
بهذه اللهجة التهديديَّة الوعيديَّة، صرَّح النائب في البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني، رؤوف عثمان لموقع «نقاش» الالكتروني، المعنيّ برصد ومتابعة الشؤون العراقيَّة والعمليَّة السياسيَّة، ونشر المقالات والتحقيقات والدراسات والحوارات والاستطلاعات ذات الصِّلة، بلغاتٍ ثلاثة؛ العربيَّة والكرديَّة والإنكليزيَّة.
وللموقع نفسه، صرَّح نوَّاب أكراد آخرون في البرلمان العراقي، بنبرةٍ لا تقلُّ حدَّةً عن التصريح السالف، حيث قال النائب محمود عثمان: «إنَّ المالكي كان يتكلَّم بصفته الشخصيَّة، وليس كرئيس دولة.
إلاَّ أنَّ كلامه، لا يتناسب مع الدستور، وأقواله غير قانونيَّة، ولن تلقى أيّ اهتمام».
وأردف: «من الواضح، أنَّ رئيس الوزراء العراقي، يقوم بإثارة المشاكل ضدَّ الكرد.
ولا بدَّ أن يتَّخذ الكرد موقفاً من ذلك.
لا بدَّ أن نضع حدَّاً لهذه المشكلات».
وردَّاً على التطمينات التي أطلقها المالكي لجهة تبديد المخاوف الكرديَّة، المتعلِّقة بدعوة المالكي إلى زيادة صلاحيَّة الحكومة المركزيَّة، على حساب تقليص صلاحيَّة الفيدراليَّات أو المحافظات، صرَّح النائب نوري طالباني عن كتلة التحالف الكردستاني لـ»نقاش»: «الدستور وليس المالكي، هو من يطمئن الكرد.
الدستور يحدد آليَّة وكيفيَّة إجراء أيّ تعديل عليه، عن طريق إجراء استفتاء شعبي، يشمل كافة المحافظات العراقيَّة.
وفي حال لم تتمَّ الموافقة على التعديل، بنسبة ثلثي المحافظات، فإنَّه لن يتمّ».
في سبيل الوصول إلى عراقٍ جديد، معافى من الطغمة والاستبداد، وينعم بالديموقراطيَّة، كثيراً ما تحدَّث أكراد العراق عن التضحية بقسم كبير من كيس مكتسباتهم واستقلالهم الذاتي، الذي كانوا ينعمون به منذ 1992 ولغايَّة 2003.
وانَّ تلك التضحيات، لهي دليل على الرغبة الكرديَّة في الالتئام تحت سقف الإرادة الوطنيَّة العراقيَّة، الفيدراليَّة، بعيداً من الانفصال عن العراق من جهة، ومن أن تبخس بغداد الأكرادَ حقوقهم العادلة من جهة أخرى.
لكن أقوال الأكراد، وعودتهم إلى الحظيرة العراقيَّة، وانخراطهم في العمليَّة السياسيَّة، كان ولا زال يلقى المزيد من الشكوك وعدم الثقة، وحتَّى الطعون، من الأخوة العرب عموماً، وعرب العراق خصوصاً.
ووسط هذه الشكوك والطعون، والضغوط الإقليميَّة التي وجدت لنفسها تعبيرات سياسيَّة عراقيَّة متنفَّساً لأجنداتها، واصل الأكراد مسعاهم الوطني في توطيد وإرساء الفيدراليَّة.
ولا شكَّ أن هذا المسعى الكردي العراقي الوطني، شابه ما شابه من العلل والخلل والذلل…الخ.
لكن، تلك الشكوك العربيَّة العراقيَّة، سرعان ما بدأت تأخذ منحى عمليَّاً، رامياً إلى إفساد التجربة الفيدراليَّة الوليدة في العراق، مروراً بتقويضها وتحجيمها، وصولاً لوأدها، بعد أن اشتدَّ العضد العربيّ، السُّنِّي – الشيعي، بدعم إقليمي.
وكثيراً ما كان يصرِّح شركاء الأكراد من العرب في العمليَّة السياسيَّة، قبل سنتين أو أكثر، بما معناه: «إنَّ الأكراد، يمسكوننا من اليد التي توجعنا.
وحال استتباب الأمر لنا، نحن لهم لَعارفون».
والحقُّ، إنَّ الراهن العراقي يشي ببدأ ترجمة هذه التهديدات عمليَّاً.
المادة 140 من الدستور العراقي، كان السقف الزمني لتفعيلها وتطبيقها هو 2007.
ولكن، تمَّ تمديد هذا السقف ستة أشهر من بداية 2008.
ونحن الآن، على مشارف نهاية العام، ولا زالت هذه المادة رهن التعطيل.
ليس هذا وحسب، وبل بدأ البعض من الأفرقاء العرب، يتحدَّث عن استنفاد هذه المادة لشرعيتها، بعد مضي هذه المدَّة على عدم تطبيقها!.
ما يؤكِّد ما أشار إليه كاتب هذه السطور في مقالات عديدة، نشرتها صحيفة «الحياة»، أن التمديد لتطبيق المادة 140، كان ينطوي على نوايا شطبها من الجانب العربي.
والحقُّ أن حكومة نوري المالكي ألحقت مساعي تعطيل وعطب المادة 140، بسلسلة من الإجراءات العمليَّة، كتمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات، مع تأجيل الانتخابات في كركوك وباقي محافظات إقليم كردستان العراق الفيدرالي.
وعليه، لحق تأجيل تصويب قانون انتخابات المجالس المحليَّة، فيما يتعلَّق بكركوك، وباقي المحافظات الكرديَّة، بتأجيل المادة 140 من الدستور!.
كما هدد المالكي بطرد البيشمركه من خانقين، واعتبارها ميليشيا خارجة عن القانون، إنْ هي لم تخرج من المدينة.
ونفَّذ تهديده، بعد تحريك الجيش.
وهو الآن، يسعى إلى تقويض ولجم، بل ضرب حضور البيشمركه في كركوك والموصل أيضاً، عبر البدء بتشكيل، ما يسمَّى بـ»مجالس الإسناد» المرتبطة به شخصيَّاً.
وغالب الظنّ أن تهديدات المالكي حول تعديل الدستور، وإعادة النظر في الفيدراليَّة، ستجد تطبيقاتها العمليَّة، في حين أن أكراد العراق، يكتفون بتصريحات التهديد والوعيد، دون أيَّة إجراءات عمليَّة!.
التيار الصدري، فرض أجندته على المالكي، بالخروج مراراً من العمليَّة السياسيَّة، والعودة إليها.
وكذا فعلت جبهة التوافق السنيَّة، وحزب الفضيلة.
أمَّا الأكراد، فلا زالوا يراهنون على لغة التهديد والوعيد إيَّاها، وعلى العامل الأميركي!.
في حين ان الراهن العراقي يشير إلى أن أعداء الفيدراليَّة في العراق، سنَّةً وشيعة، قد نجحوا في استمالة الأميركيين.
وبعد أن شارف التدخُّل الأميركي في العراق على نهايته، واستتباب المعادلة السياسيَّة بين الشيعة والسنَّة، وتمرير الاتفاقيَّة الأمنيَّة بين العراق وأميركا، ومسرحيَّات بعض الكتل العربيَّة «الرافضة» للاتفاقيَّة البرلمان، وتراجع الاهتمام السياسي – العسكري بالعراق للمرتبة الثانيَّة، بعد أفغانستان، لن يجدي الأكراد نفعاً، لا أفعالهم ولا أقوالهم في التهديد والوعيد.
وبعد أن صار نوري المالكي مدججاً بالدعم الداخلي والإقليمي والأميركي، أيُّ حديث كردي عن خلع المالكي عن كرسيه، كما حدث مع إبراهيم الجعفري، هو حرثٌ في السَّراب، وذرٌّ للرَّماد في العيون.
على ضوئه، ليس من باب السخرية القول: لقد تمسكن نوري المالكي، حتَّى تمكَّن.
ولقد تساهل الأكراد الى حدَّ التخاذل.
وغالباً ما كانت التطمينات الأميركيَّة هي الكفيلة بإخماد التهديدات الكلاميَّة الكرديَّة.
ولعل انتفاح أنقرة وطهران على كردستان العراق، أنسى قادة الإقليم الكردي ما دأبت عليه هاتان العاصمتان «الصديقتان» للعراق وأكراده، من نصب الفخاخ وافتعال الأزمات وتعميقها.
وعليه، فالتهديدات الكرديَّة حيال حكومة المالكي، سقطت بالتقادم.
وإنْ كان هنالك ثمَّة أفعال، فهي أيضاً، أقلُّ ما يُقال فيها، بأنَّها أتت بعد فوات الأوان.
فقد سقطت التهديدات الكرديَّة لحكومة المالكي في أكثر من امتحان محلِّي وإقليمي وأميركي، بعد جسَّ الجميع نبض هذه التهديدات، وتفحَّصوا منسوب جدّيَّتها.
* كاتب كردي.
الحياة – 03/12/08
الدستور يحدد آليَّة وكيفيَّة إجراء أيّ تعديل عليه، عن طريق إجراء استفتاء شعبي، يشمل كافة المحافظات العراقيَّة.
وفي حال لم تتمَّ الموافقة على التعديل، بنسبة ثلثي المحافظات، فإنَّه لن يتمّ».
في سبيل الوصول إلى عراقٍ جديد، معافى من الطغمة والاستبداد، وينعم بالديموقراطيَّة، كثيراً ما تحدَّث أكراد العراق عن التضحية بقسم كبير من كيس مكتسباتهم واستقلالهم الذاتي، الذي كانوا ينعمون به منذ 1992 ولغايَّة 2003.
وانَّ تلك التضحيات، لهي دليل على الرغبة الكرديَّة في الالتئام تحت سقف الإرادة الوطنيَّة العراقيَّة، الفيدراليَّة، بعيداً من الانفصال عن العراق من جهة، ومن أن تبخس بغداد الأكرادَ حقوقهم العادلة من جهة أخرى.
لكن أقوال الأكراد، وعودتهم إلى الحظيرة العراقيَّة، وانخراطهم في العمليَّة السياسيَّة، كان ولا زال يلقى المزيد من الشكوك وعدم الثقة، وحتَّى الطعون، من الأخوة العرب عموماً، وعرب العراق خصوصاً.
ووسط هذه الشكوك والطعون، والضغوط الإقليميَّة التي وجدت لنفسها تعبيرات سياسيَّة عراقيَّة متنفَّساً لأجنداتها، واصل الأكراد مسعاهم الوطني في توطيد وإرساء الفيدراليَّة.
ولا شكَّ أن هذا المسعى الكردي العراقي الوطني، شابه ما شابه من العلل والخلل والذلل…الخ.
لكن، تلك الشكوك العربيَّة العراقيَّة، سرعان ما بدأت تأخذ منحى عمليَّاً، رامياً إلى إفساد التجربة الفيدراليَّة الوليدة في العراق، مروراً بتقويضها وتحجيمها، وصولاً لوأدها، بعد أن اشتدَّ العضد العربيّ، السُّنِّي – الشيعي، بدعم إقليمي.
وكثيراً ما كان يصرِّح شركاء الأكراد من العرب في العمليَّة السياسيَّة، قبل سنتين أو أكثر، بما معناه: «إنَّ الأكراد، يمسكوننا من اليد التي توجعنا.
وحال استتباب الأمر لنا، نحن لهم لَعارفون».
والحقُّ، إنَّ الراهن العراقي يشي ببدأ ترجمة هذه التهديدات عمليَّاً.
المادة 140 من الدستور العراقي، كان السقف الزمني لتفعيلها وتطبيقها هو 2007.
ولكن، تمَّ تمديد هذا السقف ستة أشهر من بداية 2008.
ونحن الآن، على مشارف نهاية العام، ولا زالت هذه المادة رهن التعطيل.
ليس هذا وحسب، وبل بدأ البعض من الأفرقاء العرب، يتحدَّث عن استنفاد هذه المادة لشرعيتها، بعد مضي هذه المدَّة على عدم تطبيقها!.
ما يؤكِّد ما أشار إليه كاتب هذه السطور في مقالات عديدة، نشرتها صحيفة «الحياة»، أن التمديد لتطبيق المادة 140، كان ينطوي على نوايا شطبها من الجانب العربي.
والحقُّ أن حكومة نوري المالكي ألحقت مساعي تعطيل وعطب المادة 140، بسلسلة من الإجراءات العمليَّة، كتمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات، مع تأجيل الانتخابات في كركوك وباقي محافظات إقليم كردستان العراق الفيدرالي.
وعليه، لحق تأجيل تصويب قانون انتخابات المجالس المحليَّة، فيما يتعلَّق بكركوك، وباقي المحافظات الكرديَّة، بتأجيل المادة 140 من الدستور!.
كما هدد المالكي بطرد البيشمركه من خانقين، واعتبارها ميليشيا خارجة عن القانون، إنْ هي لم تخرج من المدينة.
ونفَّذ تهديده، بعد تحريك الجيش.
وهو الآن، يسعى إلى تقويض ولجم، بل ضرب حضور البيشمركه في كركوك والموصل أيضاً، عبر البدء بتشكيل، ما يسمَّى بـ»مجالس الإسناد» المرتبطة به شخصيَّاً.
وغالب الظنّ أن تهديدات المالكي حول تعديل الدستور، وإعادة النظر في الفيدراليَّة، ستجد تطبيقاتها العمليَّة، في حين أن أكراد العراق، يكتفون بتصريحات التهديد والوعيد، دون أيَّة إجراءات عمليَّة!.
التيار الصدري، فرض أجندته على المالكي، بالخروج مراراً من العمليَّة السياسيَّة، والعودة إليها.
وكذا فعلت جبهة التوافق السنيَّة، وحزب الفضيلة.
أمَّا الأكراد، فلا زالوا يراهنون على لغة التهديد والوعيد إيَّاها، وعلى العامل الأميركي!.
في حين ان الراهن العراقي يشير إلى أن أعداء الفيدراليَّة في العراق، سنَّةً وشيعة، قد نجحوا في استمالة الأميركيين.
وبعد أن شارف التدخُّل الأميركي في العراق على نهايته، واستتباب المعادلة السياسيَّة بين الشيعة والسنَّة، وتمرير الاتفاقيَّة الأمنيَّة بين العراق وأميركا، ومسرحيَّات بعض الكتل العربيَّة «الرافضة» للاتفاقيَّة البرلمان، وتراجع الاهتمام السياسي – العسكري بالعراق للمرتبة الثانيَّة، بعد أفغانستان، لن يجدي الأكراد نفعاً، لا أفعالهم ولا أقوالهم في التهديد والوعيد.
وبعد أن صار نوري المالكي مدججاً بالدعم الداخلي والإقليمي والأميركي، أيُّ حديث كردي عن خلع المالكي عن كرسيه، كما حدث مع إبراهيم الجعفري، هو حرثٌ في السَّراب، وذرٌّ للرَّماد في العيون.
على ضوئه، ليس من باب السخرية القول: لقد تمسكن نوري المالكي، حتَّى تمكَّن.
ولقد تساهل الأكراد الى حدَّ التخاذل.
وغالباً ما كانت التطمينات الأميركيَّة هي الكفيلة بإخماد التهديدات الكلاميَّة الكرديَّة.
ولعل انتفاح أنقرة وطهران على كردستان العراق، أنسى قادة الإقليم الكردي ما دأبت عليه هاتان العاصمتان «الصديقتان» للعراق وأكراده، من نصب الفخاخ وافتعال الأزمات وتعميقها.
وعليه، فالتهديدات الكرديَّة حيال حكومة المالكي، سقطت بالتقادم.
وإنْ كان هنالك ثمَّة أفعال، فهي أيضاً، أقلُّ ما يُقال فيها، بأنَّها أتت بعد فوات الأوان.
فقد سقطت التهديدات الكرديَّة لحكومة المالكي في أكثر من امتحان محلِّي وإقليمي وأميركي، بعد جسَّ الجميع نبض هذه التهديدات، وتفحَّصوا منسوب جدّيَّتها.
* كاتب كردي.
الحياة – 03/12/08