هل من إصلاح بدون الإصلاح السياسي ؟؟

  افتتاحية صوت الكرد *

    لم يعد يخفى على أحد مسالة ضرورة القيام بإصلاح الأوضاع الداخلية باعتبارها ضرورة ملحة تقع على عاتق كل من يشعر بالمسؤولية اتجاه هذا الوطن ، و إن أصبحت إشكالية خلافية لنوعية الإصلاح المطلوب و أولوية مواضعه  و على ما يبدو إن السلطة والتي يتوقف عليها تنفيذ الإصلاح ، لا تقر بان المطلوب هو إصلاح سياسي بل تصر و تصور أن الإصلاح يجب أن يتخذ شكلاً إدارياً و اقتصادياً  بالدرجة الأولى و هذا يعتبر تجاهلاً لحقيقة مفادها إن أي شكل من أشكال الإصلاح لا يمكن أن يتحقق بغياب الإصلاح السياسي الذي يكفي غيابه ليسد الطريق أمام أي شكل إصلاحي أخر يفرغه من مضمونه .

فكيف يمكن انجاز الإصلاح الإداري أو الاقتصادي في حين أن كل المناصب و المفاصل الإدارية و الاقتصادية الهامة في الدولة محتكرة من قبل حزب البعث و المتنفذين فيه بينما يبقى أصحاب الكفاءة و الخبرة والنزاهة من باقي أبناء الشعب السوري مستبعدين عن سلطة القرار.

ومن المعلوم إن التركيز على الإصلاح السياسي لا يعني أن مشاكلنا تتوقف عند حدود الأزمات السياسية وغياب الديمقراطية والحريات العامة وانتهاكات حقوق الإنسان والقوانين الاستثنائية فقط بل تمتد هذه المشاكل والأزمات إلى الاقتصاد والتعليم والصحة و القضاء والفساد الإداري و..و..و ، فيجب أن يترافق الإصلاح السياسي مع الإصلاح الإداري و الاقتصادي و إلا فإن أية عملية إصلاح ستفرغ من محتواها ، فعندما نطرح مسألة الإصلاح السياسي في البداية فذلك لأنه المدخل لحل معظم الأزمات وفي مقدمتها إطلاق الحريات العامة والتعددية السياسية.
——
* يصدرها الحزب الديمقراطي الكردي السوري (  P.D.K.S) العدد (223) آوائل تشرين الثاني 2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…