طالما فعلوها مع الالوسي.. فلتكشف كل الأوراق!

 كفاح محمود كريم

    في مهزلة مثيرة للضحك والبكاء اقترفت مجاميع انفعالية من أعضاء مجلس النواب العراقي واحدة من المهازل التي لا تقل في مزايداتها وألاعيبها عما حصل في الثاني والعشرين من تموز الماضي في صفحة من صفحات تلك الثقافة البائسة التي ما زالت تعشش في زوايا ومفاصل كثير من مؤسسات عراقنا الجديد ومراكز قراره وتشريعاته.

   ولست هنا مع أو ضد السيد مثال الالوسي بل ملزم هنا أيضا أن أرفض أي تجريح أو تشويه أو تشكيك في وطنية هذا الرجل وعراقيته الخالصة ومشاعر ووطنية عشرات الآلاف من الناخبين  العراقيين الذين أوصلوه إلى مقاعد مجلس النواب.
   أن موضوع العلاقة مع إسرائيل وشماعة العداء التاريخي والصراع العربي الصهيوني ما هي إلا سلالم يستخدمها أولئك المنافقون والانتهازيون وأصحاب الدكاكين السياسية المعروفين على مدى التاريخ السياسي لهذه المنطقة الموبؤة بالنفاق السياسي والازدواجية المثيرة منذ حرب 1948 م الهزيلة وحتى ثغرة الدفرسوار وحصار الجيش المصري الثالث في حرب العبور عام 1973م، للوصول إلى أهدافهم باستخدام هذه الوسائل البالية وتخدير الشارع العربي والاستمرار بالحكم الشمولي تحت يافطة حرب التحرير أو النفط من اجل المعركة.

   لقد بدأ الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة اولى خطوات الحل العقلاني للقضية الفلسطينية بمشروعه الذي رفضته ذات الأصوات التي سمعناها في مجلس نوابنا والتي راحت اليوم تبحث على عشر ما حصل عليه في ذلك الوقت الحبيب بورقيبة، وكذا فعل الرئيس المصري أنور السادات برحلته التاريخية إلى إسرائيل بعد أن استأذن كل العرب وراح يخاطب العدو في عقر داره ليصنع السلام والنصر بدلا من الكذب والنفاق والمزايدات، ولو وافق هؤلاء في حينها وأشباههم لحصل الفلسطينيون ودول الجوار هناك على أكثر مما تحاول الحصول عليه اليوم.
   واليوم وبعد سنوات من المهاترات والكذب على الجماهير فان العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل اليوم هي على أحسن ما يرام  وبالذات مع الإخوة  الفلسطينيين أصحاب الشأن والجرح سواء من كان منهم في إمارته بالقطاع أو في حكمه الذاتي برام الله، ولعل لقاءات الود بين الرئيس الفلسطيني والإسرائيلي تؤكد نفس الروحية في لقاءات الملك الأردني أو المصري  مع أولاد العم في تل أبيب، وما شاهدناه قبل فترة من مشاهد الصداقة والود في زيارة المسؤول الإسرائيلي الرفيع ووزيرة الخارجية إلى قطر وقناتها المناضلة والمجاهدة تؤكد تطور العلاقة وتجعل الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات قرير العين في برزخه الأبدي مع الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة.
    وليست بقية الدول العربية وأعضاء المؤتمر الإسلامي سواء ما كان منها في العلن أو ما كان منها بين أحضان الحليف الأكبر في بلاد العم سام وأشقائه في بريطانيا أفضل من هذه الدول التي تتمتع بعلاقات ودية جدا مع الكيان الصهيوني!.
    وهنا دعونا نتوقف برهة عند إخوتنا في الدين وحزبهم المتدين الذي يقود البلاد في بقايا إمبراطورية بنو عثمان في آسيا الصغرى (تركيا) وعلاقتهم بإسرائيل منذ تأسيسها وحتى مبادراتها الإنسانية في الحوار السوري الصهيوني الأخير، كما نتذكر هنا للفائدة صفقات حزب حسن نصر الله مع إسرائيل والمسرحيات التي تلي كل لقاء واجتماع  بالنصر المبين؟.
   وإذا كان لابد من (تجريم) السيد مثال الالوسي فعلينا أن نكشف كما قال كل الأوراق والملفات لكثير من الذين يتبجحون بمزايداتهم الفهلوية وانفعالاتهم الساذجة وخطاباتهم العنترية ونتساءل هنا بكل حسن نية وحرص على الجميع:
حول العمالة وتعريفاتها:
هل للعمالة تعاريف عدة ومستويات عالية ومنخفضة وهل هناك عمالة سلبية وأخرى ايجابية؟ أم أن المبدأ واحد في العملية برمتها؟
ما الفرق في أن تكون عميلا لإسرائيل أو أمريكا أو إيران أو سوريا أو حتى بنكلاديش؟
حول الخيانة ومفهومها:
هل للخيانة معنى غير الذي ادركناه غريزيا منذ الأزل؟ وهل هناك كما في العمالة مستويات للخيانة؟
ما الفرق بين خيانة صدام حسين وازلامه للعهد مع الكورد وزعيمهم مصطفى البارزاني في محاولة اغتيال الزعيم بعد اتفاقية آذار بعدة أشهر، وبين خيانة نواف زيدان الحامد لأنجال صدام حسين عدي وقصي في الموصل؟
وأخيرا في موضوع زيارة السيد مثال الالوسي إلى إسرائيل:
هل الآخرين ممن رفعوا عنه الحصانة البرلمانية مؤهلين وطنيا في أن يتصدوا لزيارته ويسقطوا حصانته هكذا؟
وهل أن زيارة طهران وأجهزتها الخاصة وفيالقها القدسية والتنسيق معها في الصغيرة والكبيرة أكثر طهرا من زيارة الالوسي إلى إسرائيل، وخصوصا إن ما بيننا وبين الجارة إيران بحور من الدماء والقتلى وعشرات الآلاف من المعاقين ومليارات من الأموال والتعويضات مقارنة مع اسرائيل ؟
وكذا الحال مع الحكومة السورية ومخابراتها الضالعة في كل صغيرة وكبيرة منذ سقوط النظام السابق وحتى يومنا هذا، ومع الدولة التركية وتعاون العديد من أعضاء البرلمان بل والأحزاب السياسية معها ومع أجهزتها الخاصة كما يعرف الجميع في زياراتهم المكوكية حول الشؤون العراقية البحتة بما يعيق بناء العراق واستقراره؟
   كنت أتمنى أن نسجل سابقة برلمانية متحضرة فنستدعي السيد مثال الالوسي إلى الحوار بهدوء وبروح وطنية أصيلة وبعيدة عن الإسقاطات والتهم الجاهزة ومناقشته كشخصية وطنية عراقية مرموقة عن سبب زيارته إلى إسرائيل وما فائدة تلك الزيارة للوطن العراقي وما جناه للعراق بحضوره ذلك المؤتمر، من خلال هيئة متخصصة من لجان الشؤون الخارجية في البرلمان والأمن والدفاع ومستشار الأمن القومي ومتخصصين في العلاقات السياسية والقانون الدولي ووزارة الخارجية لكي نظهر للعالم إننا قد تقدمنا أنملة باتجاه بناء دولة  ديمقراطية متحضرة، كما أقترح الدكتور فؤاد معصوم عن قائمة التحالف الكوردستاني.
   وأخيرا علينا أن نتذكر جيدا إن الدول الممنوعة من السفر في الجواز العراقي أيام النظام السابق ولعقود طويلة كانت: إسرائيل وإيران وسوريا، وقد تم إسقاط دولتين منهما لحد الآن وهذا يعني إننا نتجه إلى رفع المنع كليا عن كل دول العالم ما عدا المريخ!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…