وفاء بوفاء أيها العم بشير

  بقلم : خالد كمال أحمد

عندما تلقيت صباح هذا اليوم الاتصال من العم العزيز فؤاد الضعين طالباً لقائي فوراً وكان صوته يحمل الحزن والأسى فرجوته أن يخبرني ما الذي حدث أجابني بأن عمك بشير الهبل قد توفي صباح هذا اليوم ولقد أوصى بأن نعلن ونلصق ورقة نعيه في ميدينته العزيزة على قلبه القامشلي بالرغم من أن مراسيم دفنه ستجري في العشارة وسوف تقبل التعازي بداره في مدينة دير الزور والتي أنتقل إليها قبل عامين من الزمن ، في هذه اللحظات الحزينة عادت بي الذاكرة إلى ليلة أستشهاد والدي تلك الليلة الكئيبة وتلك اللحظات الصعبة

فعندما جاء الخبر بوصول جثمان والدي إلى جامع قاسمو في مدينة التآخي الحبيبة قامشلو ، هرعت إلى المكان فإذ من أوائل من التقيهم عند باب الجامع العزيزين العربيين القريبين جداً إلى قلب الشهيد كمال , العمين بشير الهبل وفؤاد الضعين ، وكان العناق والبكاء في لحظات تأثر كل الحاضرين بهذا المشهد فهذين الرجلين الرائعين في الوفاء الصافيين تماماً من أي شعور عنصري واللذين جمعتهم مع والدي صداقة طويلة امتدت من سنوات الدراسة الأولى في المرحلة الابتدائية وتوطدت حتى بلغت درجة المحبة والأخوة الصافية رغم أن كل واحد منهم ينحدر من أصول قومية وأماكن مختلفة وكذلك ميول سياسية مختلفة ، ولكن الذي جمعهم كان أقوى من أي حالة فرقة أراد العنصريون والشوفينيون زرعها بين أبناء هذا البلد ، فكانت الأخوة الصادقة التي جمعت بينهم المثال الحي الذي كنا نفتخر دائماً به لدى التحدث عن الأخوة العربية الكردية ، وخلال السنوات التي تلت رحيل والدي كان هذين الرجلين (المرحوم العم بشير والعم فؤاد أطال الله عمره) ملتصقين بنا كعائلة واحدة دائمي السؤال عن أحوالنا لا بل تقديم المساعدة لإزالة الكثير من العقبات التي اعترضت حياتنا كأسرة غاب عنها الراعي الأول .


الفقيد بشير اثناء القائه كلمة ارتجالية  أمام ضريح الشهيد كمال أحمد درويش بمناسبة الذكرى السابعة لرحيله

إن الكثير من ابناء شعبي يتذكر الكلمة الارتجالية القيمة الرائعة في المعاني التي ألقاها العم بشير باسم الأصدقاء الدائمين للفقيد في الذكرى السابعة لاستشهاد المناضلين كمال أحمد وشيخموس يوسف وذلك في مقبرة قدوربك حيث مكان الدفن والتأبين ؛ لقد عبر المرحوم بشير في تلك الكلمة عن الكثير من أحاسيسه عن نفسه وعن العم فؤاد نحوى الراحل كمال أحمد حيث أوضح للحضور الكثير من الصفات والمواقف المبدئية لصديق العمر حيث لم يتم تسليط الأضواء عليها من قبل؛ لذلك كله أيها العم العزيز ومن مبادلة الوفاء بالوفاء فإنني أجد نفسي ملزماً كأحد أبنائك وأخوتك وبقية أفراد عائلتك بأن أنعيك وأتقبل العزاء فيك راجياً من العلي القدير أن يجعل مثواك الجنة ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان بهذا المصاب الجلل وإنا لله وانا إليه راجعون .

21 آب 2008    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…