الأحزاب الكردية في سوريا و مسألة الإعلام

كاردوخ

بداية لا بد من ذكر بعض الحقائق التي حدثت في سوريا وخاصة في مسألة محاربة وسائل الأعلام
قديما وحديثاً بالنسبة لسوريا والدول الدكتاتورية الأخرى في المنطقة لمنع المواطنين من قراءة الكتب أو الجرائد والمجلات والاستماع للإذاعات التي لا ترغبها الأنظمة الجائرة والأمثلة عليها كثيرة منها :
1- منذ عام 1959 أثناء الوحدة السورية المصرية والشعب الكردي ممنوع عليه القراءة أو الكتابة باللغة الكردية وكذلك جميع الكتب والمجلات أو الصحف والنشرات المتعلقة بالقضية الكردية العادلة وخاصة بعد قيام الثورة الكردية المباركة بقيادة المرحوم مصطفى البرزاني في كردستان العراق 1961كانت مخابرات جمال عبد الناصر يمنعون المواطنين من الاستماع لإذاعة الثورة وخاصة المواطنين الكرد , وكانوا يعتقلون كل من يثبت عليه ذلك وعندما كنا نود الاستماع إليها كان لابد لنا من إغلاق الأبواب أولاً وأن نتأكد من عدم وجود رجال الأمن وغيرهم من المشبوهين الموالين للمخابرات وحتى حراس الليل لأنهم كانوا يتجسسون على الكرد ويرفعون التقارير المزورة بحقهم وبحق كل من يتحدث عن الكرد والثورة الكردية في حين كان جمال عبد الناصر قد فتح قسماً كردياً في الإذاعة المصرية بالقاهرة.
2- كانت مخابرات عبد الناصر تعتقل كل من يحمل كتابا أو يقرأه إذا ثبت أن الكتاب يتحدث عن الكرد والقضية الكردية كما أسلفنا, أو أي فكر تنويري آخر يتعارض مع سياساتهم الدكتاتورية المقيتة وكذلك الحال في زمن الانفصال وإلى عهد البعث الذي نعيشه حالياً والذي هو أكثر جوراً.


3- في جميع العقود الماضية بداً من الستينات ومروراً بالسبعينات والثمانينات وانتهاء بنهاية القرن العشرين كان ممنوع على الشعب السوري قراءة المجلات والجرائد والنشرات السياسية مالم تكن تلك مرغوبة من قبل الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في سوريا أو ما لم تخدم سياستها يعاقب عليه, وليومنا هذا حسب قوانين الأحكام العرفية الجائرة وذلك كالسيف المسلط على رقاب الناس و التي طال عمرها, منذ ما يقارب 48 عاماً.


وأن كثيراً من الناس عندما كانوا يقرؤون تلك الجرائد أو النشرات يحرقونها فوراً كي لا تقع في أيدي رجال المخابرات, وكثيراً منهم كانوا يحرقون كتبهم أيضاً بسبب الرعب و الخوف, وخاصة منهم الكرد وهذا قد أثر سلباً على الثقافة الكردية ناهيك عن أن هذه الأنظمة كانت تشوه القضية الكردية وعدالتها, كما هي من صفات المستبدين وأعوانهم ووزراءهم وأبواقهم المأجورة .

4- في عام 1982 من القرن المنصرم أيضاً حصل ” س ” دون ذكر اسمه على جهاز تقوية استقبال البث التلفزيوني , وعند ما علمت به إحدى الجهات الأمنية صادرته, هذا في مدينة الحسكة.

5- في أواخر الثمانينات حصل “ص ” على الجهاز المذكور من ألمانيا وأتى به إلى سوريا وخوفاً من مصادرته من قبل الجهات الأمنية كان يخبئه في حوش بيته وأخيراً كره البلد وهجر رغم أنه كان غير حزبي ولم يكن يبالي بالسياسة وأصبحت لهاتين الحادثتين ضجة كبرى في المنطقة بشكل سلبي وهذا غيض من فيض, والأمثلة عليها كثيرة , ولكننا نستغني عن ذكرها لعدم الإطالة وهكذا كان الأمر في عراق البعث الشوفيني وإيران الشاهنشاهية المستبدة والملالي الصفوي العنصري وتركيا الفاشية , وبعض الدول العربية الأخرى و على الرغم من محاولات الأنظمة الدكتاتورية طمس المعلومات وتشويه الحقائق وإخفاءها عن الناس والاستفراد بالإعلام واحتكاره خدمة لسلطتها و تشويهاً للحقائق حسب مشيئتها, إلا أنها فشلت في جميع ما كانت تسعى إليه لمنعها , وذلك بفضل التطور السريع للتكنولوجيا بشكل عام وخاصة, في مجال المعلوماتية مما عجزت الأنظمة المستبدة المتخلفة عن حجبها أو منعها من الصدور .


والكل يعلم بأن الانترنيت أو المعلوماتية أصبحت أحدى الوسائل الحضارية الهامة المعاصرة في مجال الإعلام والتواصل بشكل عام , و لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها , وهي باتت من الحاجات الملحة اليومية بل الدائمة المتلازمة مع الإنسان في عصرنا هذا, وأصبح لها وجود على كل شبر من وجه البسيطة بل أصبحت شريكة الأسرة في بيوتها, وأضحت مادة علمية من العلوم المهمة في الميدان التعليمي في كثير من دول العالم المتقدمة كمادة دراسية أساسية و مهمة تدرس في المدارس والكليات, وأصبح لها رواجاً عالمياً وتطورت إلى أن أصبحت مادة مهمة تخصصية وأكاديمية عالمياً , ونرى كثيراً من الناس قد حصلوا على شهادة الاختصاص من جامعات العالم في هذا المجال و منذ سنين عديدة قد إتسع مجال عملها ولها مردود إيجابي في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا وتطوره كما في نقل الخبر والمعلومة وما تجري من أحداث في العالم بالسرعة القصوى , و أصبح من الصعب لأية جهة إعلامية أن تنفرد بالنشر والإعلام والإعلان في عصرنا هذا بعد الآن , وذلك بفضلها أيضاً , وأخذت الانترنيت تلعب دورا هاماً في جميع الميادين السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية , كما أصبح بإمكان الإنسان العادي أن يحصل على المعلومة أو الخبر بأسرع وقت ممكن من أقصى بقاع الأرض خلال دقائق قليلة,  حيث لم يبق أي مجال لأية جهة إعلامية أيضاً العمل على تشويه الخبر أو المعلومة كما كان سابقاً قبل دخول المعلوماتية في مجال العمل ,لأنها ستكشفها بسرعة , وهذه خطوة حضارية هامة ومتقدمة وكبيرة في ميدان التقدم التكنولوجي المعلوماتي إن صح التعبير, ولا بد من تشجيع التعامل معها إيجابياً بدلاً من محاربتها كما يحاربها بعض من الأحزاب الكردية في سوريا , بأسلوب غير مباشر وخاصة بين أوساط الذين لا يفهمون شيء عن الانترنيت ومنافعها التي لا تعد ولا تحصى , وكذلك محاربة الذين لهم مساهمات في إبداء الرأي والنقد , وطرح أفكار تنويرية جادة سياسياً وفكرياً وثقافياً , وكأنهم أي بعض الأحزاب الكردية يشعرون بضعفهم أمام هذا الزخم من التنوع الثقافي والفكري الهائل, وتأثيره الإيجابي على الشارع الكردي من حيث التنوير الفكري والثقافي, مما تحرجها في ميدان الثقافة بأنواعها وألوانها, مع العلم أن لجميع هذه الأحزاب جرائد و مواقع خاصة بها على الانترنيت , لكننا نسمع أحياناً من أفراد من هذه الأحزاب يهاجمون الانترنيت ومن يستخدمونها من الكتّاب الكرد .
وهذا ما يذكرنا بتصرفات الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة في الستينات و الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم ولغاية اليوم كما أسلفنا في مستهل موضوعنا هذا, وهذا شيء مضحك من ناحية ومؤسف من ناحية أخرى, عندما نسمع من بعض من الأحزاب الكردية مثل هذا الخبر, وإننا إذ نشعر بقلق كبير من هذه المسألة لأننا نلاحظ بأن بعض من أحزابنا لا زالوا يعيشون في تخلف يندى له الجبين وخاصة في عصرنا هذا الذي نحن بِأشد الحاجة إلى الثقافة الإنسانية والفكر التنويري الذي قد يخفف من عبئ الجهل والتخلف عن كاهل شعبنا ,
ألا يرى هؤلاء بأم عينهم كيف تصرف هذه الأنظمة المستبدة مئات الملايين من الليرات لشراء الشبكات المخزية لحجب المواقع الكردية ؟
أو التي لا ترضيها ومنع إظهارها على شاشات الانترنيت في بلدانها؟
كي يسود الجهل والتخلف بين أوساط الناس ومن ضمنهم شعبنا الكردي
وبناء على ماسلف فإننا ندعو شعبنا العظيم وخاصة المثقفين منهم الوقوف في وجه هذه الآفة لنبذها وفضحها بين الجماهير الكردية وعدم السكوت عليها إن راو مثل هذه الحالة أو سمعها لأنها جريمة بحد ذاتها لا تغتفر.
وعليه فإننا نطرح هذا الموضوع للمناقشة لتقييمه من الناحية السياسية والثقافية والفكرية وشرح أسباب امتعاض بعض من الأحزاب للانترنيت والكتاب المتنورين وأصحاب الأقلام الحرة ,لذلك ندعو جميع الكتاب وأصحاب الأقلام الحرة الجادة في منتدى ولاتى مه وجميع الذين يؤمنون بالحرية والديمقراطية والكلمة الحرة من جميع الاتجاهات السياسية والفكرية والثقافية دون استثناء للمشاركة في مناقشة هذا الموضوع وإبداء آرائهم ووجهة نظرهم , وذلك دون تشنج أو تجريح لأحد, مع الشكر للجميع .
الحرية لشعبنا الكردي المضطهد ولجميع المضطهدين في العالم .
* للمشاركة في مناقشة الموضوع وابداء الرأي, انقر على الرابط التالي:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. ولات محمد عندما قامت سلطات الجمهورية العربية المتحدة في الإقليم الشمالي (سوريا) عام 1960 باعتقال قيادات وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني (تأسس عام 1957 كأول حزب كوردي في سوريا بالتزامن مع صعود التيار القومي العربي آنذاك) قامت بمحاكمتهم بتهمة “السعي لاقتطاع أجزاء من سوريا وإقامة دولة كوردية”. وعلى الرغم من أن أي تنظيم كوردي سوري لم يرفع منذ…

كتب السيد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عبر حسابه الخاص على منصة X تدوينة باللغة الكردية ، جاء فيها : “يضيف الأكراد في سوريا جمالاً وتألقاً لتنوع الشعب السوري، لقد تعرض المجتمع الكردي في سوريا للظلم على يد نظام الأسد، سنعمل سوياً على بناء بلد يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدالة”. نرحب بهذه الخطوة التي تعكس بوضوح رؤية سوريا دولة متعددة…

شكري بكر كلنا نعلم أنه كان ولا يزال جوهر الخلاف بين تركيا والنظام البائد في سوريا ، وكذلك مع النظام الراهن في دمشق المدار من قِبل قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع هو ملف ال pyd الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني الذي يهيمن على مقاليد الإدارة في المناطق الكوردية في سوريا ، أعتقد أن على إدارة دونالد ترامب الجديدة في…

خالد حسو في هذه المرحلة التاريخية والمفصلية من تاريخ شعبنا والمنطقة عامة أتمنى أن نكون واعين مدركين لمسؤليتنا التاريخية في هذا الظرف بالذات ، علينا أن نمد الجسور فيما بيننا كفصائل وتيارات وأحزاب سياسية من الحركة الوطنية الكوردية والنخب الثقافية والإجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان وفيما بيننا وبين شركاءنا العرب. أقول إنه وبالأساس كان إعلام النظام البائد والساقط وكافة الأنظمة المتعاقبة…