اعتقال المناضل محمد موسى قوة لنضال الشعب الكردي في سوريا

محمود بادلي

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المناضل محمد موسى محمد، سكرتير الحزب اليساري الكردي في سوريا، للاعتقال من قبل الأمن السوري.

فقد تعرض للاعتقال في 11 نيسان  عام 1996،  وبقي معتقلاً حتى 11نيسان 2007، لمدة سنة، دون محاكمة، في فرع فلسطين بدمشق.

وفي السجن، تعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي للنيل من كرامته وإنسانيته.

حيث كان وما يزال القيادي الأبرز في صفوف اليسار والحركة الكردية نشاطاً وشجاعة وجرأة، لا مثيل لها، في الدفاع عن هموم وقضايا الشعب الكردي وجماهير الشعب السوري عموماً.

وبعد خروجه من السجن، وفي فترة قصيرة، استطاع محمد موسى أن يعيد الروح مجدداً إلى جسد اليسار الكردي، ليلعب دوره الطبيعي على الساحة السياسية الكردية، بشكل خاص، والساحة السياسية السورية بشكل عام.

حيث أن ذاك الاعتقال الجائر، لم ينل من قوة عزيمته وصلابة مواقفه في النضال من أجل قضية الشعب الكردي العادلة، وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة، والدفاع عن مصالح الشعب السوري وهمومه وقضاياه عموماً، بل زاده إيماناً في التمسك بالثوابت الوطنية والقومية، وإصراراً قوياً على الاستمرار في النضال ضمن الدائرة الصغيرة ” الهم الكردي ” والدائرة الكبيرة ” هم الوطن “.
وضمن هاتين الدائرتين، ناضل محمد موسى وحزبه، بكل إمكانياته وطاقاته الفكرية والسياسية والاجتماعية، من أجل المزج والتفاعل الطبيعي بين هموم وقضايا هاتين الدائرتين.

ذلك لأنه يرى بأن قضية الشعب الكردي في سوريا، هي قضية وطنية بامتياز، وان مطالب الشعب الكردي في الاعتراف الدستوري بوجوده كقومية ثانية في البلاد، وإزالة الاضطهاد والتمييز العنصري، وإلغاء كافة القوانين والمشاريع والمخططات الاستثنائية التمييزية، وخاصة مشروعي الإحصاء والحزام العربي الرجعيين بحقه، وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية المتمثلة بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية، وهي حقوق ومطالب مشروعة، باعتبار أن الشعب الكردي يعيش على أرضه التاريخية منذ أقدم العصور، فمن حقه أن يمارس حقوقه القومية والديمقراطية على قاعدة “الأرض والشعب” أسوة بباقي مكونات الشعب السوري.
أما ما يتعلق بنضال محمد موسى وحزبه في الدائرة الأكبر ” الوطن السوري “، فقد انطلق معتقداً بأن الوطن للجميع، منادياً بالمساواة في الحقوق والواجبات بين كافة شرائح الشعب السوري ومكوناته القومية والدينية.

ويرى بأن ذلك لن يتحقق، إلا بتحقيق الديمقراطية.

وعلى هذا الأساس، ناضل بكل جرأة وحماس موضوعي، من أجل التغيير السلمي الديمقراطي، ومن أجل إطلاق الحريات الديمقراطية، وحرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة والتنظيم … ومن اجل تحسين المستوى المعيشي للجماهير الشعبية، ومحاربة الفساد والبيروقراطية، ومحاربة البطالة والفقر والغلاء المستشري، وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري، التي تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع، وإلغاء كافة القوانين التي تحد من حرية المواطن، وتعرقل تطور المجتمع السوري.

واعتقد موسى بأن التغيير لا بد منه.

واعتبر العامل الخارجي، شرط التغيير.

أما العامل الداخلي، فهو أساس التغيير.

لذلك، آمن إيماناً كبيراً بالتغيير من الداخل، على يد الشعب السوري وقواه الفاعلة المناهضة لسياسات النظام، القائمة على الإلغاء والإقصاء والاضطهاد والقهر والحرمان وإغراق الوطن في فوضى من الجمود السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتعطيل تطوره في كافة المجالات والمناحي الحياتية.

ومن أجل ذلك، لعب موسى وحزبه دوراً بارزاً في إعلان دمشق، منذ تأسيسه، وعمل على إقامة العلاقات مع كافة القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية على الساحة السياسية السورية، وبذل جهوداً كبيرة من أجل تأسيس التجمع اليساري الماركسي / تيم / للدفاع عن مصالح الطبقة الكادحة، ومصالح جماهير الشعب السوري، ضد سياسات النظام الرامية إلى التهميش والقهر والاضطهاد والجوع وكبح عجلة التطور والتقدم نحو الإصلاح والتغيير والديمقراطية.
يبدو أن هذا النضال الوطني الشريف الذي انتهجه محمد موسى، من أجل بلورة القضية الكردية وقضايا الوطن عموماً، ونشاطه المتفاني والدؤوب من أجل بناء المرجعية الكردية المنشودة، وتكريس مفهوم “الأرض والشعب” في وثيقة مشتركة موحدة، كاستراتيجية مستقبلية لنضال الحركة الكردية، ونشاطه في التحالف الديمقراطي الكردي وفي إعلان دمشق، لم يرق لمزاج السلطات السورية.
لذلك كله، فقد قامت السلطات السورية باستدعائه، من قبل فرع الأمن العسكري في مدينة القامشلي، للتحقيق معه على مدى أسبوعين وأكثر، ومن ثم تحويله إلى فرع فلسطين في دمشق.

وبعد أسبوع من التحقيق، وفي صبيحة يوم السبت 19/7/2008، اعتقل المناضل محمد موسى مرة أخرى، لكبح دأبه ومراسه النضالي، من أجل قناعاته ومبادئه التي آمن بها منذ نعومة اظفاره، دون أي نوع من أنواع المساومة.


في حين، أن التاريخ لا يرحم.

وفي يوم ما، سوف يكشف بكل جرأة عن أسراره.

وكذلك الاضطهاد والظلم، لن يدوما إلى الأبد.

ولا بد لشمس الحرية أن تشرق بكل بهائها وجمالها على الشعب الكردي والسوري عموماً، وعلى كافة معتقليه السياسيين، وفي مقدمتهم المناضل الصلب محمد موسى محمد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…