الحريَّة للسياسيّ الكرديّ السوريّ محمد موسى والحقُّ والعدالة والمساواة للشعب الكرديّ السوريّ

هوشنك اوسي

ببالغ الأسف والأسى والغضب، تلقيتُ نبأ اعتقال السلطات الأمنيَّة السوريَّة للسياسيّ الكرديّ السوريّ، وسكرتير الحزب اليساري الكردي في سورية، الأستاذ محمد موسى.

ونبأٌ كهذا، ليس بغريبٍ عن نظامٍ، لم يعدُ يكترث لا بالقوانين والأعراف الدوليَّة الضامنة لحقوق الإنسان التي وقَّع عليها، ولا بقيم الشراكة الوطنيَّة التي أرست دعائمها الشعوب السورية بدمائها، أثناء مقارعتها الاستعمار الفرنسي، وبنائها الوطن السوري.

ونبأٌ كهذا، لَهو من بديهياتِ العمل السياسي في ظلّ حالة الطوارئ والأحكام العرفيَّة الجاثمة على صدر الوطن السوريّ منذ أربعة عقود ونصف.

وبذا، فالتضامن الحقيقيُّ والفعليُّ والجدِّيُّ والوطنيُّ والقوميُّ والديمقراطيُّ مع محنة السيّد محمد موسى، باعتقادي، ليس بلغة الاستجداء والتوسُّل والرأفة والرحمة بحال هذا المعتقل السياسي أو ذاك، لدواعي صحيَّة أو غيرها، بل رفع الصوت عالياً، كرداً وعرباً وسريان وآشرويين وتركمان وشركس وأرمن ومسلمين ومسيحيين ودروز وعلويين وإسماعيليين…الخ، والقول: كلُّنا محمد موسى، وكلُّنا أكرم وأنور البنّي، وكمال اللبواني، وميشال كيلو، وعارف دليلة…، فتعالوا واعتقلونا أيضاً معهم.
أعتقد بأنِّه حريٌّ بنا، كرداً سوريين، وبحزب ورفاق السيّد موسى، وبكافة فصائل الحركة الحزبيَّة، أن نستثمر قضيَّة اعتقال السيّد موسى، لجهة تفعيل وتدويل هذه القضيَّة، للحدود القصوى، وبكافة الأشكال المدنيَّة، السلميَّة، الديمقراطيَّة، المتاحة، لخدمة القضيَّة الكرديَّة في سورية بالدرجة الأولى، ولخدمة قضيَّة الديمقراطيَّة في سورية، بالدرجة الثانيَّة.

وليس فهذا الأمر، شخصنة أو اختزال قضيَّة في شخص، كما كان بعض السفهاء الجهلة يزعمون، وسيبقون على زعمهم الجاهل، كما يبدو.

هكذا إذن، محمد موسى، وحزبه اليساري، الذي كان ولا زال يعادي الإمبرياليَّة والصهيونيَّة، ونصيراً للقضايا العربيَّة، قد “تغيّرت سحنة سياساته وسياسات حزبه”، بالضدّ من التوجُّه السابق له، لدرجةٍ بات محمد موسى وحزبه “منفتحاً” على واشنطن وتل أبيب أكثر من اللازم!.

ومقتضيات المصلحة الوطنيَّة والقوميَّة العليا لسورية، تستوجب إيقاف محمد موسى وحزبه عند حدِّه، وإعادته لجادَّة الصواب الوطني السوري!.

بالفعل، إنه لأمرٌ مجزٍ حقَّاً أن تكون في وطنك، مشروع معتقل سياسي، أو مشروع ضحيَّة برصاص منْ يُفترض أن يكونوا ساهرين على أمنكَ وسلامتك!.

ربما بعض زعامات الأحزاب الكرديَّة، “تضحكُ في عُبِّها”، وقد تنفست الصعداء، إذ تخلَّصت من “شغب” هذا اليساري، الذي تمادى في تطاوله على الإقطاع السياسي لبعض نجباء وعقلاء ودُرر الحركة الحزبيَّة الكرديَّة في سورية!.

لعلَّهم الآن، ينامون ملئ قريرتهم، إذ تخلَّصوا برهةً من هذا اليساري الذي ارتكب نقيصة كبيرة، تتجاوز حجمه وحجم حزبه الصغير، بحقِّ شيوخ القبيلة السياسيَّة الكرديَّة في سورية!.

لكن، حجم الأحزاب، ليس مقياسه جمهورها، بل مواقفها ومواجهاتها.

أولئك القادة الهانئين حاليَّاً بوجود ذلك اليساري خلف الجدران.

لعلَّهم لا يعلمون أن محمد موسى، ورغم اختلافي معه في الكثير الكثير، إلا أنه الأكثر حريَّة منَّا جميعاً، وهو في مكان تواجده الآن.

وما أروع وأطيب أن تختلف مع إنسانٍ حرٍّ أسير، من أن تتَّفق مع إنسان أسيرٍ طليق، مهما أوغل في الحديث عن العقلانيَّة، إلاَّ أنه لا يستطيع الخروج من تخوم قبليته!.

اعتقالُ محمد موسى، والآن بالذات، يطرحُ أكثر من سؤال.

وما يأمله الشعب الكردي من الأستاذ محمد موسى، أن يجيب على قسم من هذه الأسئلة، بتلك الشجاعة التي لن ينال منها الاعتقال، بعد انتهاء محنته، وهي ستنتهي، آجلاً أم عاجلاً.
لقد توسَّط البعض لدى مام جلال طالباني، كي يتوسَّط هو بدوره لدى السلطات الأمنيَّة السورية لإطلاق صراح السيّد محي الدين شيح آلي.

وقد تكللت مساعي المام جلال بالنجاح!.

وما نأمله من السيّد محمد موسى، ألا تجرُّه محنة الاعقتال، التي هي من شيم المناضلين، على الاستنجاد بأحد، كائناً من كان، إلاَّ بشعبه الكردي السوري، كي لا تصبح مسألة التوسُّط في هكذا قضايا، عادة لدى قادة الحركة الحزبيَّة.
نحن معه في محنته، والشعب الكردي معه، ومع كل معتقلي الرأي والضمير في سورية.

وإن ضاقت عليه الجدران، فليتذكَّر المقاومين الأبطال: مظلوم دوغان، كمال بير، خيري دورموش…، ورفاقهم.

وليتذكَّر السيّد عبدالله أوجلان.

وليتذكَّر محمد موسى رفاقه الكرد والعرب والترك والفرس في السجون السوريَّة والإيرانيَّة والتركيَّة، الذين يشطارونه ضريبة العمل السياسي في “رحاب” التوتاليتاريا، بأشكالها المتعدِّدة.

دمشق 23/7/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…