حوار مع الأستاذ عبد الباقي يوسف السكرتير الأسبق لحزب يكيتي الكردي في سوريا

  حاوره ( انترنيتياً) : زارا سيدا

1.

تظاهرة 10/12/2002  قرار اتخذه حزبكم كسابقة في تاريخ سوريا الحديث , هل كانت تطلعاتكم نحو التغيير
تدفعكم إلى حدود  المغامرة ؟

–    الحديث عن قيام حزب ما بتظاهرة لأناس يعيشون في بلدان تتمتع بقدر من الحرية فيه حرج كبير، لكن عندما تتعلق المسالة ببلد مثل سوريا يرزح تحت الديكتاتورية ويعيش منذ عام 1963 في ظل قانون الطوارئ ، هو نوع من المغامرة ..

لهذا نرى إن أجيالاً من الشعب السوري لا يعرفون المظاهرات التي تدعو إليها المعارضة السياسية سوى ما تراه في نشرات الأخبار في الدول ذات الطابع الديمقراطي ، لذا لم يكن استغراباً أن اعتبَر الكثير دعوة “يكيتي” إلى التظاهر يوم 10/12/2002 نوع من المغامرة.
ما أقوله أن تلك المظاهرة لم تكن وليدة وقتها ، بل تعود إلى القرارات والتحاليل السياسية التي سبقت عملية الوحدة في عام 1992 ، عند بدايات تأسيس حزب يكيتي الكردي في سوريا حيث توصلنا إلى إمكانية القيام ومن الضروري القيام بفعاليات سياسية في الشارع السوري ، والقيام بمثل هذه الفعاليات لا يتطلب بالضرورة وحدة الحركة الكردية والتي يتحجج بها بعض القوى السياسية ، لقد أثبتت تجربة يكيتي عن إمكانية قيام حزب بمفرده بفعاليات عملية في ظل نظام ديكتاتوري.
من ناحية أخرى فان أي نشاط تجاري أو صناعي أو إحصائي يترك فيه نسبة من الخطأ تصل إلى حد 7% ويمكن أن تكون هذه النسبة عند ممارسة السياسة يعتبر نوع من المغامرة ، إن ممارسة السياسة الحقيقية دائما تكون فيها نوع من المغامرة ، لكن يجب ألا ننسى بان التفريط بحقوق الشعوب بحجة وجود الديكتاتورية هو أيضا مغامرة.

1.

وفق نظام حزبكم الداخلي ينتخب السكرتير لمرة واحدة .

كنت أول من داول ديمقراطياً القيادة بعد انتهاء ولايته , برأيكم ما الذي يمكن لهكذا القرار أن يغير في واقع الحركة الكردية ؟

– التجربة الكردية في كردستان سوريا مريرة مع هذا المنصب الحزبي ورغم أن الممارسة الحقيقية لهذا المنصب يتطلب مزيدا من الجهد والوقت والتضحيات المادية ….

، لهذا المنصب مسؤولية كبيرة في التصدي والنجاح في المهام الجديدة مع الحفاظ على تكاتف و وحدة الحزب في ظروف الديكتاتورية ، وحرب تدار بالوكالة عن النظام .
لا تزال العلاقات الشرقية الريفية سائدة في معظم الأحزاب الكردية في سوريا، لكوننا جزء من هذه المجتمعات ، فمن يصل إلى سدة السكرتارية يصعب عليه التخلي ، لا توجد برامج ثقافية داخل معظم الأحزاب الكردية ، هناك دعاية معظمها شفهية ولا تستند إلى حقائق واقعية ، تنال من الأحزاب الأخرى وتمجد القائد ” السكرتير” وكأنه حالة استثنائية يتحتم بقاءه على سدة السكرتارية .
تجربة يكيتي أظهرت بطلان العديد من الآراء داخل الحركة الوطنية الكردية ، فالحزب يمكن أن يتصدى لوحده للمهام النضالية ، كما أكد على وجود آخرين في الحزب عدا السكرتير يمكنهم أن يديروا الحزب ويعملوا على ملئ المنصب ، كما أن تداول السكرتارية لا يشكل خطرا على وحدة الحزب ، ورغم أن اسم حزب يكيتي لا يقترن بالديمقراطية ، إلا أن ممارسة الديمقراطية في مؤسسات الحزب زاد من التماسك الحزبي ، لذا يمكنك أن ترى اليوم ثلاث شخصيات شغلت هذا المنصب وهم على تعاون كامل فيما بينهم لخدمة حزبهم وقضية شعبهم .

إنني واثق بان تجربة يكيتي هي مجال بحث داخل الأحزاب الأخرى وسوف يستفاد منها .

2.

ما أهمية وجود ممثليه (منظمة) لحزبكم في كردستان العراق , علماً أنكم حزب كردي لا كردستاني, وكيف تقّيمون علاقاتكم كردستانياً  ؟

–   الحديث عن وجود منظمة حزبية في كردستان العراق لا يختلف عن وجود المنظمات الأخرى لحزبنا إن كانت في البلدان الأوروبية أو في لبنان فهي تقوم بتنظيم أمور الرفاق المتواجدين في ذلك البلد ، وربطهم بجسم الحزب التنظيمي ، كما وتساعد على تعريف الآخرين بالقضية الكردية في سوريا .


أما بشان المناقشة التي جرت في المؤتمر الخامس للحزب ورؤية قسم من الرفاق تغيير اسم الحزب إلى الكردستاني ، فان هذه الرؤية يمكن مناقشتها مجددا في المؤتمر القادم خاصة وفي المؤتمر الخامس برهن الرفاق وبشكل عملي  احترامهم للعملية الديمقراطية ، وإنني واثق بان المؤتمر القادم سيشهد أجواء أكثر ديمقراطية مقارنة بالمؤتمر السابق.
بتصوري في المؤتمر القادم سوف يقرنوا اسم الحزب بالكردستاني خاصة ونحن أول من استعدنا في برامجنا وخطابنا السياسي كردستان سوريا ، بعد إن غاب نحو ثلاث عقود عن خطاب الأحزاب الكردية في غرب كردستان.

3.

شهد كردستان العراق – و قبلها في أوربا  – مؤخراُ ظاهرة ولادة عدد من الأحزاب الكردية ( السورية ) التي يكاد  الشارع الكردي  لم يسمع  بأكثرها  .

هل هي –  كما يقال –  ظواهر انترنيتية  أم  أنها أحزاب فعلية .

ما تفسيركم لهذه الظاهرة ؟

–  إن تطور العلم والتكنولوجيا خدم باستمرار تطور المجتمعات البشرية ، وهذا لا يعني بأن هذه المسيرة قد خلت من الجوانب السلبية ، بل أحيانا كانت كارثية نتيجة التناقض وحرب المصالح.
 كانت للثورة المعلوماتية تأثير ايجابي على الشعوب المضطهدة ، لم تعد الدول الديكتاتورية قادرة على إخفاء ما يجري داخل مجتمعاتها عن أنظار ومسامع العالم خاصة وان انتشار شبكة الانترنيت وشبكات الاتصال الخلوية مكنت الحركة الكردية من إيصال معاناة شعبها إلى الخارج ، والتواصل بشكل سريع مع جالياتها في مختلف بلدان العالم.
ما نشاهده اليوم من ولادة أحزاب كردية عديدة ، لا وجود لها في الشارع الكردي ليست ظاهرة تخص فقط شعب غرب كردستان ، بل أنها ظاهرة عالمية ، توجد في الكثير من دول العالم ، حسب معرفتي وتصوري يقف وراء هذه الظاهرة إحدى السببين : الأول الأنانية لدى هذا الشخص أو ذاك.

أما السبب الثاني هو الأكثر شيوعا ، تصور البعض جعل مثل هذه المنظمات الوهمية مصدرا للارتزاق ، هذه الظاهرة لن تدوم كثيرا ، لان محاولاتها غير مجدية.

4.

يقول منتقدي الحركة ” أن الأحزاب الكردية لو كانت جمعيات اجتماعية أو اقتصادية لاستطاعت إنجاز حياة أفضل لشعبها ” .

هل فعلاً أن الحركة لم تنجز شيئاً خلال نصف قرن أم واقع الحركة يدفع الشارع إلى اليأس  ؟

–   جاء ميلاد الحزب الديمقراطي الكردستاني- سوريا كرد فعل على الأفكار والسياسات والنزعات العنصرية السائدة في المجتمع العربي وإزاء تهميش الكرد وعدم الاعتراف بهويتهم القومية ، وسن قوانين تقر بحقوقهم اللغوية والثقافية والقومية بعد حصول الاستقلال .

إن إحدى العوامل التي أدت إلى تهميش الكرد تعود إلى الثقافية المثالية التي كانت سائدة في المجتمع الكردي وهي ثقافة التآخي في الدين مع العرب وتصورهم بان إخوتهم العرب سوف يبادرون إلى منحهم كامل الحقوق ولا داعي للتعاون مع الأجنبي لفرض حقوقهم، لهذا كان الكرد من أوائل الذين بادروا إلى الثورة في وجه الفرنسيين.بتصوري منتقدي الحركة و أصحاب هذا الرأي غير ملمون بتاريخ العرب وتاريخ الغزوات العربية تحت راية الإسلام ، أو أنهم واقعون في شباك ودعايات أجهزة النظام وان بعضهم قد يكون نتيجة واقع الحركة الكردية ، فالثقافة العربية لا تعترف بحق الآخرين ، التعريب والصهر للآخرين رافقت الإسلام منذ البداية من خلال فرض اللغة العربية بحجة كونها لغة القران وإلصاق الجاهلية بثقافة الشعوب الأخرى.

في عصرنا الحالي زكي الارسوزي كان يرى في إبراهيم هنانو خطرا كبيرا لكونه كرديا رغم انه قاد ثورة ضد الفرنسيين.

وهكذا ميشيل عفلق احد مؤسسي حزب البعث مع زكي الارسوزي ، عند توحيد حزب البعث العربي  مع الحزب الاشتراكي العربي بزعامة أكرم الحوراني عام  1952، اشترط على أكرم الحوراني أن لا ينضم الكرد إلى الحزب الجديد والذي سمي بالحزب البعث العربي الاشتراكي.
الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ التأسيس وتركته الأحزاب الكردية العديدة ساهمت في تكوين الحس الكردي الذي نجده اليوم وخدمت اللغة والثقافة الكردية ، وقامت بنضالات لكن تعقيد المسالة الكردية بسبب تشابك مصالح القوى العالمية مع مصالح الدول التي تتقاسم كردستان وفي ظروف الحرب الباردة كانت عائقا كبير لنجاح الحركة الكردية ليس في سوريا بل أيضا في بقية أجزاء كردستان.

وهذا لا يعني بأنني ابرر حالة التشرذم والركود الذي نشهده اليوم.

5.

شاركت في أكثر من مؤتمر حول القضية الكردية في سوريا , عقدوا في أوربا وأمريكا , ما الذي أضفته هذه التجربة على القضية الكردية في سوريا  ؟

–    تعد مثل هذه الكونفرانسات والاجتماعات محطات تلتقي من خلالها الأحزاب والقوى والشخصيات والفعاليات السياسية الكردية للتباحث عن السبل والتي يمكن من خلالها تأطير فعاليات الشعب الكردي في سوريا ، ومشاركة الجاليات الكردية في المهجر لإيجاد صيغ نضالية ووضع أسس للنضال الكردي في المرحلة الراهنة وكيفية الاستفادة من الظروف الحالية لإيصال عدالة القضية الكردية إلى القوى الدولية ، كما تساهم مثل هذه الكونفرانسات في التعريف بالقضية الكردية وعدالتها .


وجرت مثل هذه الكونفرانسات في أوروبا وأمريكا وتتطابق مع عقيدتنا والعديد من القوى السياسية الأخرى لإيصال القضية الكردية إلى الرأي العام , وإشراك شخصيات اعتبارية أجنبية في مثل هذه الكونفرانسات لإيصال القضية إلى أصحاب القرار في الدول الغربية لتشكيل عامل ضغط على النظام السوري , رغم أن مؤتمر واشنطن جاء بناء على طلبي من المؤتمر القومي الكردستاني في أمريكا عام 2005 , وإنني اشكرهم على مساعدتهم في تحقيق رغبتنا .

فقد جرت العملية في البداية بشكل سليم حيث استقبلت وزارة الخارجية الأمريكية وفدا من ثلاث أحزاب كردية ، كما إن قرارات الكونفرانس كانت ايجابية .

رغم فشل كونفرانس بلجيكا عام 2006 بسبب الأنانية والمصالح الشخصية للذين أعدوها ، وأيضاً تقصير فصائل الحركة الكردية إلا أن هذه الكونفرانسات ورغم بعض السلبيات تضفي تجربة جديدة على النضال الكردي وتقربها إلى الطريق الصحيح.

6.

هل تعتقد أن الحركة الكردية في سوريا اليوم قادرة أن تكون حركة تحرر تنتزع مطالب شعب مضطهد من المفترض أنها تمثله  ؟

–  الحركة الكردية في سوريا إن استطاعت أو لم تستطع اليوم تحقيق حقوق الشعب الكردي في سوريا تبقى حركة تحررية لكونها تطالب بحقوق عادلة تقرره كافة الوثائق الدولية , رغم وجود فصائل ضمن هذه الحركة أصبحت ومنذ عقود عامل تأخير وعبء على هذه الحركة .

إن قراءة واقعية لطبيعة النظام السوري تقودنا إلى أن النظام ورغم تشدقه بالشعارات القومويوية وممارساته للسياسات العنصرية تجاه الكرد  يؤثر بوضع مصالحه فوق جميع المصالح ، وحتى الوطن وكما إن طبيعة النظام وما جنته يداه خلال العقود العديدة من حكمه يجعله يخاف من العملية الديمقراطية كما يخاف الجن من الحديد , وبالتالي فان النظام من المتوقع أن يتنازل للحركة الكردية ويقيم معها حوارا للتوصل إلى اتفاق يضمن استمرارية وسلامة النظام كي لا تستغل هذه المسالة في مشروع التغيير الديمقراطي.

7.

تتحدثون في خطابكم السياسي عن حتمية التغيير , كيف تفهمون التغيير , وعلى ما تعولون , وهل تجدون الشارع السوري عامة والكردي خاصة جاهزاً لمرحلة ما بعد التغيير ؟

–  منذ تفكك الاتحاد السوفيتي حدثت سلسلة من التغيرات في أوروبا الشرقية أدت إلى تحول العالم  إلى نظام القطب الواحد ، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم، وهذا تتطلب إجراء إصلاحات من خلال الفك والتركيب بما يضمن مصالحها الإستراتيجية ومحاصرة القوة التي يمكن أن تصبح منافسة لها في المستقبل .

وبحكم الدور الأمريكي الجديد يفترض عليها متابعة مسألة حماية حقوق الإنسان خاصة وانه لم يعد بالإمكان الاعتماد على الأنظمة الديكتاتورية  والتي أنتجت وتنتج الإرهاب ،فهذه الأنظمة نفسها ساهمت في الهجوم على برجي التجارة العالمي في نيويورك 2001.
لقد قامت الولايات المتحدة بالحرب على الإرهاب ، وهذه الحرب وضعتها وجها لوجه مع الأنظمة الديكتاتورية ، فقد شاهدنا حرب أفغانستان والعراق وستمتد إلى بلدان أخرى ، في إطار إستراتيجية كبيرة وبما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير .
النظام البعثي في سوريا  بسبب تركيبته وإيديولوجيته وتاريخه لا يستطيع إجراء إصلاحات ،على العكس فهو أصبح أكثر تشددا بسياساته القمعية والاقصائية ، لذا يعيش الآن في عزلة عربية ودولية وبالتالي فان النظام سيجني بذاته على ذاته .

وهو سيدفع بالبلاد غير آبه بما جرى في العراق.

8.

هل أنتم – في يكيتي – مع تدويل القضية الكردية في سوريا ؟

–  إذا ما عدنا إلى الوراء نرى بان المسألة الكردية في سوريا هي ضحية الاتفاقيات والمعاهدات بين مصالح القوى الدولية ، كما أن الأنظمة التي تتقاسم كردستان فيما بينها عقدت اتفاقيات سياسية وأمنية إزاء المسألة الكردية في المنطقة هذه الاتفاقيات تسقط عن القضية الكردية صفة القضايا الداخلية ، لو كان غير ذلك لما لم توجد لغاية اليوم حلولا لبعض جوانبها .

لذا من الخطأ لا بل المشكوك في أمره كل من يحصرها بالقضايا الداخلية.
من جانب آخر لغاية اليوم لا يمكن المراهنة على تلك القوى التي تدعى بالمعارضة السورية .

عبد الحليم خدام هو جزء من النظام السابق ولا يستطيع تأسيس لنظام ديمقراطي علماني تعددي ، وان ما جمعه بالإخوان المسلمين هو الاستئثار بالسلطة .ومشاركتهم معا في الفكر القوموي العروبي .
أما ما يسمى بإعلان دمشق فان موقف معظم فصائله لا تختلف عن جبهة الخلاص وبالتحديد الموقف من القضية الكردية ، إنهم ينفون تماما وجود قضية كردية في سوريا ، ويحصرونها بحقوق المواطنة لا غير .

9.

هل دخل يكيتي مرحلة من المرواحة في المكان  و استنزف كل  أدواته النضالية , أم أن خطابه السياسي بات  يُتبنى من قبل معظم فصائل الحركة الكردية  ؟

–  النضال السياسي للأحزاب لا يمكن أن يكون نضالا تصاعدياً بشكل خط مستقيم ، طالما يشمل مجموعة بشرية وموضوعها مرتبط بقضايا أوسع واشمل تؤثر وتتأثر بها .
يجب ألا ننسى بان نضال الحزب يشمل جانبين : الحقل النظري والسياسي والدبلوماسي: تمكن الحزب من إجراء بعض التغييرات وإيصال المسالة الكردية إلى قوى دولية مؤثرة، وهو مستمر في العمل بهذا الاتجاه ، وهذا يلقى التأييد و التثمين من الشارع الكردي.

وقد بدأت منذ ثلاث سنوات أحزاب كردية أخرى بإعادة النظر في خطابها السياسي ، وبدت تتبلور أرضية أفضل لتشكيل مظلة سياسية على أرضية أن القضية الكردية في سوريا ليست قضية إنسان فقط بل هي قضية ارض أيضا.


 أما الجانب الآخر يشمل الحقل العملي ، ورغم استمرار الحزب بانتهاز المناسبات إلى جانب بعض القوى الكردية للتظاهر والاعتصام إلا أن هذا الجانب يحتاج إلى بعض التجديد وهنا يتطلب عدم الاكتراث بمواقف بعض الأحزاب الكردية التي أخذت على نفسها ونيابة عن النظام محاربة يكيتي والقوى الكردية الأخرى الفاعلة .

10.

كثر الحديث مؤخراً عن تيارات ( تكتلات ) حزبية – لا فكرية سياسية- متصارعة داخل حزبكم يكيتي , و تدرج أسماء قيادات في هذه التصنيفات .

هل هي لعبة ضرب حجر بحجر يلعبها النظام و رجالاته للنيل من يكيتي في هذه المرحلة الدقيقة , أم أن الحياة الديمقراطية المفترضة ماتت داخل حزبكم في الداخل والخارج .

 هل لك أن تبين لنا حقيقة الأمر  ؟

–  يمكن القول بأن حزب يكيتي حالة جديدة في الحركة الوطنية الكردية ، ليس فقط بطرحها النظري وأساليبها النضالية الجديدة ،  بل أيضا بدفاعات رفاقها أمام محاكم أمن الدولة واستفادتها من الإعلام العالمي لإيصال الصوت الكردي إلى الرأي العام العالمي والسوري، وكسر جدار الخوف الذي شيده النظام ضمن المجتمع الكردي خلال عشرات السنين .

وكان ذلك عاملا حاسما في الانتفاضة الكردية في آذار عام 2004 .
التجديد في يكيتي شمل أيضا الحياة السياسية الداخلية في الحزب ، القرارات تؤخذ بالأغلبية ، وتعلمون بأن حزبنا كان الأول في تداول منصب السكرتارية .
الممارسة الديمقراطية  في مجتمعات متخلفة وفي ظل نظام ديكتاتوري ،الشعب فيه لا يعرف ممارسة  الحياة الديمقراطية ، يخلق لنا بعض المصاعب.


حضرت المؤتمر الخامس ، لم ألاحظ  أي نوع من التكتلات التي أشرتم إليها ، هناك تباينات في وجهات نظر الرفاق ، هذه التباينات داخل الحزب الواحد غريبة على الحركة الكردية ، إلا أننا نتعامل بشكل ديمقراطي معها ، وهي تكسب الحزب القوة والمتانة.
لدينا إشكاليات في منظمة ألمانيا لحزبنا لم تعد الخلافات هناك في إطار التباينات في وجهات النظر ، وهي أخذت طابعا تكتلياً ، وقد تكون هناك أيادي خارجية تستهدف إضعاف منظمة الحزب ليس منظمة ألمانيا فقط بل ومنظمة أوروبا أيضا ، كما حاول البعض ويحاول نقل هذه المشاكل إلى القيادة ، لكنهم فشلوا في ذلك وقد اتخذت القيادة بعد المؤتمر الخامس قرارا حازمة ضد هؤلاء.

11.

خلافات التحالف الكردي  تفجرت أخيراً في الشارع الكردي , وهناك  حديث مصحوب بالفعل عن عزل التقدمي (حميد) الذي يصفه منتقديه “بالمعيق” , أين تقفون من هذا الخلاف , وهل  تعتقدون أن معادلة الاصطفاف في الحركة الكردية  ستتغير ؟

–  تتكون الحركة الكردية من تيارين، تيار يرى بأن القضية الكردية هي قضية أرض وشعب ويدعو إلى ممارسة النضال الجماهيري وإيصال القضية الكردية إلى المؤسسات الدولية، وبين تيار ُيقزم المسألة الكردية إلى حقوق المواطنة ويحصرها داخل سوريا ، ويتهم التيار الآخر بالاستقواء بالخارج الأجنبي ضد الداخل الوطني .

وتعلمون بان السيد عبد الحميد درويش يتزعم هذا التيار .
تأتي هذه الخلافات بعد فشل التيار الثاني في ادعاءاته ومصداقيته بدعوته لإيجاد مرجعية للحركة الكردية ، عندما رفض الحزب الديمقراطي التقدمي بزعامة حميد درويش الصيغة التي توصلت إليها كل من لجنة التنسيق الكردية والجبهة الكردية ، والتحالف الديمقراطي الكردي ، أي تسعة أحزاب من أصل عشرة هذه الأحزاب ترى بان القضية الكردية في سوريا هي قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية ، ورفض حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) من جانبه إعلان هذا الاتفاق استرضاءً للحزب الديمقراطي التقدمي.
من جانب آخر محاولات الديمقراطي التقدمي مصادرة آراء الحزبين الآخرين معه في التحالف الديمقراطي بعد نجاحه في مصادرة رأي حزب الوحدة وجعله تابعا له، كما عمل الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب الوحدة وكعادتهما على طرح بدائل أخرى لصرف نظر الشارع الكردي عن قضاياه الأساسية بعد إن كشفت نواياهم الغير جادة ، لكن هذه المرة محاولاتهم  أصابها الفشل بسبب الموقف المشرف من قبل الجبهة الكردية، لذا لم يبقى أمام هذا التيار إلا ما إثارته داخل مؤسسة التحالف.

12.

هل خسر دعاة الديمقراطية  والتغيير في المنطقة رهانهم  بعد ” فشل أو تعثر” مشروع الشرق الأوسط الجديد  , أم أن الرهان قائم ؟

–  للإجابة يتبادر سؤال ، ما الذي خسره دعاة الديمقراطية والتغيير في المنطقة وبالتحديد في سوريا، هل كان لهم مشروع آخر تخلوا عنه بسبب رهانهم على مشروع الشرق الأوسط الجديد؟!! وهل بمقدور هذه القوى إجراء تغيير في سوريا وفق برنامجها وخطابها السياسي ؟ في وقت خطاب النظام وما يقدمه اقرب إلى مصالح القوى الدولية وحتى إلى إسرائيل.
كل الوقائع تبرهن عدم إمكانية إجراء التغيير من الداخل في بلدان الشرق الأوسط في ظل التشابك بين مصالح الدول الكبيرة والأنظمة المحلية خاصة وان الولايات المتحدة الأمريكية اتسع مجال أمنها القومي بعد إن أصبحت القوة العالمية الأولى، فان تغيير أي نظام في المنطقة لا يمكن أن تتم بمعزل عن إرادة هذه الدولة.
رغم تعثر وتائر المشروع الأمريكي يبقى المشروع قائم ومستمر لان المصالح الأمريكية الإستراتيجية تفرض ذلك ، لأنها لم تعد تثق بالأنظمة الديكتاتورية .

13.

تجرى هذه الأيام  شكل من مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل في تركيا.

هل بتصوركم أن النظام السوري قادر على أن ينجز  السلام ؟

–  الوقائع السياسية والتاريخية ومعظم المحللين السياسيين متفقين فيما يذهب إليه العديد من الدول العربية مثل مصر والسعودية والأردن بان النظام السوري يجد حالة اللاسلم واللاحرب مع إسرائيل ، وحالة عدم الاستقرار في المنطقة  المناخ المناسب لاستمراره وللحفاظ على مصالحه، وهذا يتطابق مع رؤيتنا بان النظام البعثي في سوريا غير قادر على إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويتعذر بحالة اللاسلم واللاحرب لإرجاء كل الإصلاحات لحين الانتهاء من تحرير الأراضي.
بتصوري ما يسمى بالحوار السوري الإسرائيلي وبرعاية تركية لها أهداف أخرى غير معلنة عنها، فتركيا ليست بالدولة التي لها القدرة بالضغط وتقديم الضمانات لطرفي الصراع ، كما إن إسرائيل غير معنية اليوم بتقديم تنازلات كبيرة  إلى حين الانتهاء من حل نزاعها مع الفلسطينيين، فهي تستخدم الموقف السوري كورقة ضغط على المفاوض الفلسطيني، أما سوريا تستهدف من وراء ذلك كسر عزلتها العربية، والعالمية وتحاول أن تظهر بأنها جادة في إيجاد تسوية مع إسرائيل واستعادة أراضيها المغتصبة.

تعريف بالمحاور الأستاذ عبد الباقي يوسف :
– من مواليد عام 1954 ، درست الابتدائية في مدرسة تل شعير التابعة لمنطقة القامشلي، انتسبت إلى الحزب اليساري الكردي عام، 1969 حصلت على الثانوية عام 1972 وانتقلت لاستكمال دراستي في دمشق ، عام 1973 دخلت عضوية اللجنة المنطقية للحزب اليساري الكردي في دمشق.


– عام 1974 اعتقلت من قبل الأمن السياسي في دمشق لمدة خمسة أشهر، فوصلت بعدها من الدراسة.
– انتقلت إلى العمل في شركة النفط برميلان، لكنني فوصلت من هناك أيضا.
– في عام 1975 سافرت إلى الاتحاد السوفيتي السابق.
– في عام 1981 أنهيت درجة الماجستير في هندسة الاتصالات اللاسلكية من المعهد العالي التكنيكي في اوديسا.

وفي نفس العام عدت الى الوطن.
– في عام 1987 انتخبت في المؤتمر السادس للحزب الاتحاد الشعبي لعضوية اللجنة المركزية ومن ثم لعضوية المكتب السياسي.
– عام 1992 كنت ممثلا عن حزب الاتحاد الشعبي في الحوارات الوحدوية التي سبقت إعلان حزب يكيتي.
– في كانون الأول عام 1992 اعتقلت من قبل الأمن السياسي على خلفية البيان الملصق الذي اقره القيادة المشتركة بمناسبة الذكرى الثلاثين لسحب الجنسية السورية لعشرات الآلاف من الكرد ، حوكمت حينها لمدة عامين من قبل محكمة امن الدولة العليا في دمشق
– عام 2000 انتخبت سكرتيرا للجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا ، ومنذ انتهاء المدة الدستورية في منصب السكرتارية اعمل في عداد اللجنة السياسية للحزب، ولأسباب سياسية وأمنية أعيش الآن خارج الوطن.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…