رسالة هيلاري كلينتون إلى الأحزاب الكردية

  سيامند إبراهيم

بكل شجاعة, وثقة بالنفس, ظهرت السيدة هيلاري كلينتون على المنصة السياسية, وهي تعلن انسحابها من الانتخابات الأمريكية أمام ناخبيها الذين صفقوا لها طويلاً , وهي تعتذر لهم في تحمل مشاق حملتها الانتخابية الطويلة, وإلى رحلة المصاعب التي شهدتها, وهي تنافس رفيقها في النضال, والمنافس اللدود في كسب مندوبي الحزب الديمقراطي الأمريكي.

وبكل روح رياضية, وثقة بالنفس اعترفت السيدة القديرة هيلاري بالهزيمة أمام غريمها الزنجي الكيني الأصل أوباما الذي كسب المعركة الانتخابية بفضل عدة عوامل منها دور الصحافة الأمريكية التي تلعب دوراً مهماً في توجيه الرأي العام الأمريكي إلى مختلف القضايا الحساسة من أمن أمريكا القومي, ومسائل النفط, والضمان الصحي ومستقبل الأفراد في المجتمع الأمريكي
فالصحافة في الغرب لها الدور الأكبر والمؤثر في التأثير على الرأي العام وقد لعبت وسائل الإعلام الأمريكية دوراً كبيراً في تناول الكثير من رؤى وبرنامج أوباما, وهي التي أسهمت في رفع أسهمه الانتخابية, ومهما قيل عن أصوله الإسلامية فقد نأى بنفسه عن كل هذه الآراء والطروحات التي أرادت النيل منه, والصحافة الأمريكية هي التي أسقطت عدد من الرؤساء كما هي في قضية ووترغيت, وغيرها.
وهنا نعود إلى قول كينيدي الشهير في خطاب القسم «لا تسألوا ما يمكن ان تصنعه بلادكم لأجلكم بل اسألوا ماذا بإمكانكم انتم ان تفعلوا لبلادكم»، فهو قول مأخوذ من قول لجبران خليل جبران في «البدائع والطرائف»: «أسياسي يقول في سرّه أريد أن أنتفع من أمتي أم غيور متحمس يهمس في نفسه، أتوق إلى نفع أمتي».(1)
نعم النفع للأمة الأمريكية التي تتقدم على العالم في كل شيء, ولنتساءل عن هذا الوجه المشرق والضحكة العريضة للسيدة هيلاري كلينتون السناتور السابقة وزوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون, التي اعترفت بالهزيمة بكل شجاعة ولم تصرخ وتلعن وتقيم الدنيا ولا تقعدها على الخسارة المذلة التي أصابتها في هذه الحملة الانتخابية الطويلة والتي صرفت فيها ملايين الدولارات, أجل إنها المرأة المكافحة التي وصفها ماكين المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية بالشجاعة, لكن قمة الشجاعة والتواضع أنها ستمنح أصوات جمهورها ومناصريها إلى أوباما الرجل الزنجي الكيني الذي هزمها, لكن مصلحة الحزب الديمقراطي, ومصلحة الفوز بدخول القصر الأبيض لأوباما الديمقراطي, ومصلحة أمريكا هي فوق كل اعتبار وفوق المصالح الشخصية, إنها التربية الأمريكية الصحية وهو درس في الابتعاد عن الأنانية الحزبية والشخصية وبعيداً عن المهاترات والتكتل والعمل على الانشقاقات الحزبية, التي تفرق الحزب الواحد فتشظيه وتجعله أضعف, والتي أصابت مجتمعنا الشرقي في العالم الثالث المتخلف جداً, حيث تتسم روح مسؤولي الأحزاب العربية والكردية,  , وحب الذات والاستئثار بالكرسي الوهمي لعشرات السنين؟! ! أو تنتقل العدوى إلى الأحزاب الكردستانية, إنها ثقافة التخلف والرأي الواحد التي تعلمنها في مدرسة النضال ذات الفكر الشمولي الواحد, والزعيم الأوحد هو الأساس في كل شيء, والبقية هي تحصيل حاصل لشخصيته الطولانية والعرضانية بمختلف أوجهها, فتنازل السنياتور هيلاري كلينتون هو درس لكافة الأحزاب الشرقية كلها في التواضع والتنازل عن الكرسي, والوقوف بكل شجاعة على مسيرة هذا الحزب ماذا حقق وأين أخفق بكل شجاعة ورجولة وأن يتنحى جانباً لأن للإنسان طاقة معينة وتنتهي طاقته الذهنية والفكرية والجسدية وسيبقى اسمه مرفوعاً بين شعبه وكفى الله المؤمنين القتال!   ولندع القضية تسير مع رؤى جديدة ودماء جديدة من الشباب.

———————-

  (1)  منافع الأمة – سمير عطا لله – جريدة الشرق الأوسط  شهر حزيران

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…