دعوة إلى شيركو عباس لحضور مؤتمر الكرد السورين في كردستان الفيدرالية

وكل التكاليف مكفولة

غمكين ديريك
 
لولا هذه الأعجوبة الالكترونية, والتي سميت بالانترنيت, ما كنا سنسمع بهذه الأصوات, ولم نكن سنكحل أعيننا بهذه الصور المونودرامية الخلابة, ومنذ مدة ليست بطويلة ظهرت أسماء في الفضاء الالكتروني, تدعو الحركة الكردية التوجه إلى واشنطن تارة, وبروكسل, وباريس, وجزر البلطيق, تارات أخرى ، من اجل الوصول إلى صيغة نضالية مشتركة في كردستان سوريا ، والوصل إلى النظرة المشتركة لحل المسالة الكردية في سوريا ، وإيجاد سبل توحيد الخطاب الكردي ، إلا أن هذه الدعوات, والمؤتمرات لم تحقق ما تصبو إليه ، ليس لأنها غير منطقية, أو بعيدة عن أرض الواقع السوري بشكل عام, أو عن الواقع الكردي سياسياً ، بل لأنها بعيدة عن وصول الكرد إلى تلك الدول, والمناطق التي طالما حلم الكرد أن يوصلوا إليها أصواتهم ، وتنال منها دعماً لقضيتها القومية, والديمقراطية, وقبل كل ذلك الإنسانية .

أعتقد أن ميزانية الحركة الكردية في سوريا كلها بشكل عام لا تساوي 10 %  ما تم صرفه, أو أخذه في مؤتمر واشنطن، وإن هذه البائسة, وأقصد حركتنا الكردية لا يمكنها الوصول إلى تلك المناطق عبر ممثليها لأنهم, وبكل بساطة ممنوعون من السفر, وإن سمح لهم فإنهم لا يستطيعون الحصول على الفيزا، وإن حصلوا عليها فمن أين لهم بأن يأتوا بالمبالغ الطائلة التي يجب أن تصرف؟ وإن كان فإنه سيكون على حساب لقمة أطفالهم, وعوائلهم ، مع العلم أن راتب أمين عام أكبر حزب في الحركة الكردية في سوريا لا يتعدى ربع قيمة تذكرة الطائرة التي تقله إلى واشنطن, أو باريس, أو بروكسل ، بالإضافة إلى المصاريف الهائلة في هذه الدول التي تجهلها قيادة حركتنا السياسية, والشعبية على حد سواء.

ومن جهة أخرى فإن الإخوة منظمي هذه المؤتمرات يملكون في حوزتهم جنسيات أمريكية, وأوربية, ولهم الحق, والإمكانيات المادية في التنقل بين مجموع هذه الدول, وكأنهم يتجولون في حلكو, أو زندا, أو إذا أبعدت كثيراً كأنهم ذاهبين في نزهة إلى عين ديوار، التي لم تلتقي عيني بها منذ أكثر من عقدين ، ولا يكلفهم سوى بعض التعرق, والتعب الجسدي الذي قد يقضون عليه في سيارة فيميه مكيفة, ونظارة سوداء, أما بالنسبة لنا فهو كأسوأ نوع من الدخان الذي لا نستطيع الإقلاع عنه ،

لماذا لا يأتي منظمو المؤتمر إلى كردستان؟ أهي غريبة عنهم؟ وهل ويعتبرونها مغامرة خطرة؟ مع العلم أن كردستان العراق الأن دولة حرة, وفيدرالية, وتتمتع بالأمن, والاستقرار ، وإن كانت تفتقر أحياناً إلى الكهرباء, والماء, والطرق, والمواصلات الجيدة، ولا توجد فيها قاعات تشبه قاعات البيت الأبيض, والبرلمان الأوربي إلا أنها كردستان!!!….

كردستان!!!! ، واعتقد أننا دفعنا الآلاف من الشهداء من أجل هذه البقعة الجغرافية, ودفاعاً عن هذا الاسم، ومازلنا نناضل من أجل هذا, وستستمر نضالاتنا من اجلها .

رغم أن منظمو المؤتمرات العديدة في كل من أوربا, وأمريكا لم يقدموا أية تسهيلات لنا نحن ممثلي الحركة الكردية في سوريا، ولم يكلفوا خاطرهم  حتى السؤال عن هذا الأمر, ومن أجل تامين الفيزا للوصول إلى هذه المؤتمرات، مع العلم أننا صرفنا من قوت أطفالنا لنصل على الأقل إلى الأردن, ولكن مع الأسف لم نحصل على الفيزا، وقد نعمل لشهرين متتالين حتى نسدد الديون المترتبة علينا من جراء هذا السفر (من اجل القضية) ولست نادماً على ذلك بل مستعد أن أضحي بأغلى ما أملك من أجلها, ولكن أصحاب هذه المؤتمرات لم يسألوا عن أصحاب القضية, بل كان يكفيهم الدعم الأمريكي, والضجة الإعلامية ، لهذا فإننا نعلن لهم جميعا بأننا نتكفل بكافة المصاريف, والإقامة في كردستان الفيدرالي، ويسعدنا أن تكون هذه المؤتمرات في كردستان لأنها قريبة من الوطن السوري, ولن تشعروا بالغربة والاغتراب على العكس وكأن المؤتمر في قامشلو, أو عفرين, أو كوباني.

القضية الكردية في سوريا ليست بحاجة إلى من يتاجر بها (مع احترامي لكل التيارات السياسية) ولكنها بحاجة إلى من يحمل عبئ مسؤولياتها على عاتقه, ويتحمل مشقات النضال قريباً من أرض الواقع, وبالتلاحم مع القوى السياسية, والثقافية, والاجتماعية في الوطن، وأن يكون صوتاً للكردي لا صوت نفسه فحسب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

علي جزيري يُحكى أن (حسان) ابن رئيس «الجمهورية السورية» شكري القوتلي تأخر عشر دقائق عن الدوام المدرسي ذات يوم، بيد أن مدير المدرسة (جودت الهاشمي)، أنّبَهُ وأعطاه كتاباً ممهوراً بختم المدرسة، يطلب فيه ضرورة إحضار ولي أمره، ولبى حسان حينئذ أمر المدير، لكنه عاد إلى البيت مكسور الخاطر، فاستغربت والدته عودة ابنها الوحيد في ذاك الوقت المبكر، وحين…

صلاح بدرالدين مدخلالى جانب الانشغال اليومي بامور وشؤون الكرد السوريين كمهام لها الاولوية من خلال النضال في سبيل رفع الاضطهاد القومي، والاجتماعي، والسياسي عن كواهلهم، واستعادة حقوقهم القومية، والمساهمة في النضال الوطني العام من اجل الديمقراطية، والتقدم، ومواجهة الاستبداد، كان الهم القومي – الكردستاني – لم يفارق مشاعر جيلنا والذي من قبلنا، ليس كموقف سياسي عابر…

إبراهيم اليوسف الوطن في أرومته قبل الخريطة في حبرها أحدهم   لم يبدأ مشروع “الشرق الأوسط الكبير” من مقاعد البيت الأبيض، بل تسرّب ببطء من: غرف التفكير، مراكز البحوث، خرائط الجيوبوليتيك، وأقلام من ظنّوا أن المنطقة لا تستحق حدودًا ثابتة، وفق تصورات القطب الثاني الموازي بل المعادي للاتحاد السوفياتي السابق، كقطب قوي عملاق، قبل انهياره التاريخي. إذ إن…

شيرزاد هواري   تشهد منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة تصعيدات عسكرية متسارعة تقودها إسرائيل، مدعومة من حلفائها التاريخيين، في مشهد يشي بتحولات استراتيجية عميقة. هذه التطورات لم تأتِ من فراغ، بل تبدو كحلقة متقدمة من مسار طويل ابتدأ منذ ما يزيد عن قرن، مع توقيع اتفاقية سايكس – بيكو التي قسّمت إرث الإمبراطورية العثمانية على أسس استعمارية، دون أدنى…