الذكرى السنوية السادسة عشر لميــلاد التحالــف الديمقـراطي الكردي في سوريا

صوت الأكراد *

في الأول من شهر شباط عام 1992م أعلن عن قيام التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا بين أربعة أحزاب كردية سورية هي: الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ، الحزب الديمقراطي الكردي السوري ، الحزب اليساري الكردي في سوريا – حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا، وفي كانون الثاني من عام1994م انضم إليه  الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، ثم انضم إليه حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

لقد جاء التحالف نتيجة حاجة موضوعية لجمع صفوف الحركة الوطنية الكردية وتوحيد كلمتها وموقفها السياسي، واستجابة موضوعية لحالة الانقسام التي أنهكت الحركة الكردية في سوريا ، وجاء ضرورة أملتها طبيعة المرحلة ومتطلبات النضال الكردي نحو تحقيق الأماني والأهداف التي تأسست من أجلها هذه الحركة منذ البداية والمتمثلة  في رفع الغبن عن كاهل الشعب الكردي وإزالة سياسة الاضطهاد القومي وإلغاء المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية بحق الشعب الكردي وتأمين حقوقه القومية السياسية والثقافية والاجتماعية في إطار وحدة البلاد وتقدمها…
وانبثق التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا كإطار سياسي وتنظيمي ضم عدداً من الأحزاب الوطنية الكردية التي اجتمعت حول برنامج سياسي مشترك ونظام داخلي وفق مبادئ سياسية وأسس تنظيمية يجب احترامها والالتزام بها ، التي أكدت على أن أطراف التحالف متساوية في الحقوق والواجبات وأن التعامل الديمقراطي هو الأساس لتطوير التحالف إلى صيغ أرقى ، وأن كل طرف في التحالف له الاستقلالية الكاملة في رسم سياسته ، أو اتخاذ المواقف السياسية بشرط أن لا تتعارض مع أهداف التحالف وسياسته ، ويحارب التحالف الأساليب الملتوية التي تنال من التعامل الديمقراطي والروح الرفاقية بين أطرافه ، كما وينص النظام الداخلي على : تحل الخلافات والمشاكل الطارئة بين أطراف التحالف بما يتفق مع البرنامج السياسي ونظامه الداخلي وبروح رفاقية ونظرة موضوعية .
إن الأحزاب المنضوية تحت لواء التحالف الديمقراطي الكردي تتفق فيما بينها على برنامج سياسي ونظام داخلي ، يحددان أسلوب النضال السياسي السلمي والديمقراطي ، على قاعدة الإقرار بالتعددية السياسية والفكرية وعلى أسس التكافؤ والندية واحترام استقلالية كل حزب في رسم سياسته ، ونجح التحالف في تنظيم العلاقة بين أحزابه في إطار يوحد طاقاتها وخطابها السياسي ، وفي مد جسور التواصل والتلاقي لإيصال معاناة الكرد إلى أوساط واسعة من أطراف الحركة الوطنية والديمقراطية والفعاليات الثقافية والاجتماعية والدينية في البلاد ، من أجل إنصاف شعبنا الكردي في سوريا ، والاعتراف بوجوده وحقوقه القومية والديمقراطية في إطار وحدة البلاد وتقدمها .
لقد استطاع التحالف توحيد طاقات الأحزاب العاملة في إطاره ، إضافة إلى طاقات فعاليات وطنية وثقافية واجتماعية في إطار مجالس محلية على مستوى محافظات دمشق وحلب والجزيرة ، والتي انتخبت بدورها ممثليها الذين شكلوا مع ممثلي أطراف التحالف هيئة سياسية باسم (المجلس العام) في حزيران عام 2001م ، من مهامها المشاركة الفعلية في رسم سياسة التحالف وإقراره ، حيث يشكل المستقلون 54 % من أعضاء المجلس.
وبذل التحالف جهوداً مضنية ومبادرات عديدة لإعادة ترتيب البيت الكردي ، وبناء مرجعية كردية متجاوزاً كل العقبات والعراقيل والأنانيات الحزبية الضيقة ، التي تعترض سبل التعاون والتنسيق بين التحالف والأطراف التي هي خارجه للوصول إلى تحقيق وحدة الصف الكردي في سوريا ، وتوصل في الأول من تموز 2005م لتشكيل الهيئة العامة بينه وبين الجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا ، وتوج عملهما بالوصول إلى رؤية مشتركة لحل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً ، وذلك في 20 نيسان 2006م .
ومن خلال الحوارات الجادة والمسؤولة في الهيئة العامة للتحالف والجبهة ، توصلت الهيئة إلى قرار تاريخي تمثل في المبادرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر وطني كردي سوري ودعوة مختلف القوى والفعاليات وممثلي الشرائح الاجتماعية الكردية إليه لبلورة برنامج سياسي واختيار مرجعية كردية تقود نضال الحركة الكردية في المرحلة القادمة ، وقد أبدى التحالف مرونة من أجل تذليل العقبات والعراقيل التي تظهر أمام هذا المسعى النبيل ، ليصار إلى إنجازه في أقرب فرصة ممكنة عبر تشكيل لجنة تحضيرية تقوم بالترتيبات اللازمة لعقد المؤتمر الوطني الكردي المنشود.
وفي المجال الوطني فقد اعتمد التحالف خطاباً سياسياً موضوعياً ، أجمعت عليه أطرافه وينطلق الخطاب من الأرضية الوطنية السورية ، ويهدف إلى تعرية السياسات الجارية بحق الشعب الكردي في سوريا ، ويدعو إلى الاعتراف بهويته وتأمين حقوقه القومية (السياسية والاجتماعية) معتمداً في نضاله الأسلوب السلمي والديمقراطي .

حيث جسد التحالف خلال مسيرته عملاً ميدانياً في مواجهة السياسة الشوفينية الهادفة إلى طمس وجوده ، ووقف إلى جانب ضحايا الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة عام 1962م وحقهم في التمتع بكل حقوقهم المدنية والقانونية ، كما ناهض سياسة التعريب بحق الشعب الكردي وتغيير الأسماء الكردية للقرى والأماكن الأثرية وعمل على فضحها ومواجهتها مبيناً خطر مثل هذه السياسات على مستقبل التعايش والوحدة الوطنية في بلادنا والتي يهدف البعض عبر مخطط مدروس نسفها وإثارة القلاقل في مجتمع يهمنا استقراره وتطوره ، ونجح التحالف في تنظيم العلاقة ومد جسور التواصل مع أطراف واسعة من أطراف الحركة الوطنية والديمقراطية والفعاليات الثقافية والدينية في البلاد ( فكان تأسيس لجنة التنسيق الوطني للدفاع عن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان ) في 17/1/2005م ، وخاض من خلالها العديد من النشاطات السياسية والميدانية وفق برنامج مرسوم ، كما كان التحالف أحد الأطراف الرئيسية المشاركة في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في
16/10/2005م ، الذي أقر لأول مرة في تاريخ الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية في البلاد ، إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا …
إننا ومن منطلق تعزيز العلاقات النضالية بين أطراف الحركة الكردية وجماهيرها ، نؤكد على أهمية التحالف الديمقراطي الكردي ودوره الهام في هذه الظروف الهامة من تاريخ شعبنا لما له من دور إيجابي في النضال الوحدوي بين أطراف الحركة من جهة ، ولما يصبوا إليه التحالف نحو جمع الشمل وتوحيد الطاقات الكردية وبتاء المرجعية الكردية عبر مؤتمر وطني كردي ، لذلك من الأهمية بمكان الوقوف بكل مسؤولية على الوضع الحالي للتحالف وذلك من أجل صيانته وتفعيل عمله ونشاطه على كافة الأصعدة التنظيمية والسياسية والجماهيرية والإعلامية بالالتزام بالبرنامج السياسي والتنظيمي للتحالف وكافة القرارات الصادرة عن لجنته العليا ومجلسه العام ، والعمل بروح المسؤولية التحالفية القائمة على أساس التكافؤ بين أطرافه والمساواة فيما بينهم في الحقوق والواجبات والتحلي بالسلوك الديمقراطي ، وإظهار نكران الذات بالابتعاد عن النوازع الحزبية الضيقة أو الشخصية في عمل التحالف ونشاطاته ، وتعزيز العلاقات الرفاقية بين أطرافه لدفع عمل التحالف ونضاله إلى صيغ أرقى وتحقيق أهدافه الوطنية والقومية والديمقراطية في هذا البلد ، لينعم الجميع بالعز والرفاه .
تحية إلى التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا في ذكرى تأسيسه
—-

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – العدد (399 ) كانون الثاني 2008م ـ 2619ك

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…