القضاء السوري في ميزان العدالة

  المحامي حسن برو

يعتبر القضاء أحد أعمدة أي حكم فبصلاح القضاة يصلح الحكم وهي إحدى السلطات الثلاثة التي تحافظ على ميزان العدالة سواء أكان بين الحاكم و المحكوم، أو بين المحكومين ذاتهم أو حتى بين الحكّام ،وإن أي خلاف يثار مابين جميع هؤلاء البشر يلجئون فيه إلى القضاء لوضع خلافاتهم في كفيه ليقوم هو بوزن أو مقارنة مابين الأدلة المتوفرة وعلى ضوئها يتم الحكم فيما بينهم لأن القضاة هو الأصل و هو الضمانة الحقيقية للإنسان في المجتمع والمؤتمن على حقوق الناس وحرياتهم..؟
وهو المكلف بالسهر على تطبيق القوانين تطبيقاً سليماً.

وهو الذي أحتل مكانة سامية وعالية مابين الناس على مر العصور وأحيط بالهيبة والإجلال والسمو والقداسة،
– فقد اتخذ الفراعنة من القاضي إلها أسموه إله الحق وكان الفرعون يطلب من القضاة أن يقسموا أمامه يمينا بعدم إطاعة أوامره، ولو أنه طلب منهم هو نفسه ما يخالف العدالة.
-وما كتبه الإمام علي رضي الله عنه لعامله في مصر قوله: “اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك، وأفسح له في البذل ما يزيل علته وتقل حاجته إلى الناس”
– أما تشرشل، فقد طمأن شعبه خلال الحرب العالمية الثانية بقوله: “إن بريطانيا سوف تنهض وتتقدم طالما أن القضاء فيها بخير ويحكم بالعدل.”
بعد هذه المقدمة، مالذي نتلمسه في سورية سنقوم بطرح عدة أسئلة على هامش زيارتنا لأي محكمة في محافظتنا الحسكة لاستقصاء أراء الناس حول وضع القضاء في سورية ؟
فكانت الأسئلة كالتالي:
1- هل صحيح أن القضاء السوري بخير وهل الوقائع تشير إلى نزاهته وعدالته ؟ عائلة تتردد منذ مايقارب العامين على أبواب قصر العدلي بالحسكة، وكلما تسمع عن خبر بأن فلان من الناس له واسطة في القصر العدلي فأنهم يقومون بزيارته لربما يخرج بعض من أبنائهم الذين اشتركوا في مشاجرة جماعية حيث يقول بعض الأفراد بأن غالبيتهم لم يكونوا متواجدين لا من بعيد أو من قريب في هذه المشاجرة ،ولكنهم موقوفين كما يقال على ذمة التحقيق ،عند سؤالنا لأحد أفراد هذه العائلة عن القضاء قال أحدهم: لكل من القضاة مفتاح ونحن نسمع كثيراً عن دخلات المحامي الفلاني أو العلاني،وهناك من المحامين من يقول لنا بأن نصف النقود التي يأخذها كأتعاب هي للقضاة ،ولكن لانعرف أين تكمن الحقيقة ،ولكن ما نرجوه فعلاً وهذا ما يرجوه ويتوق إليه ملايين السوريين أن يكون القضاء نزيهاً لأن فيه قوة للمجتمع وللدولة معاً وعامل ارتياح واطمئنان ، نريد للقانون أن يكون فوق الجميع لايفرق بين أحد من المواطنين.
2- يقول أحد المواطنين بأنني صاحب مصالح وأقوم بشراء العقارات وبيعها في كثير من الأحيان ،وهذه الأمور بحاجة إلى إجراءات سريعة في المحاكم من حيث الإقرار بالبيع أو التنازل عنها ، إلا أنني كنت أصطدم في كثير من الأحيان بعدم إستجابة القاضي أو عرقلته لأمور عملي دون أي مبرر ، فتعرفت عليه وتم الأمر ،والأمور ماشية الآن دون عرقلة ، صحيح إنني أوكل محامي في الأمر إلا أنه يقوم بشكل نظامي وقانوني ولكنني أعبد له الطريق كي لايتأخر في الوصول إلى محطة الحسم السريعة …..
3- يقول أحد المحامين بأن المحامين الكبار في المحافظة هم الذين لايقفون أمام القضاة لأن مصالحهم تتطلب المسايرة ، و يسكتون على كل شيء في سبيل أن تسير أمورهم بسلام وتحسم دعاويهم بالسرعة الممكنة،الذنب ليس ذنب القضاة فقط ،وإنما المحامين أيضاً مذنبين أيضاً لأن المحامين والقضاة يمثلون جناحي العدالة.
ولكن القول بأن القضاء في سورية هو نزيه فعلاً فيه الكثير من المغالطات فيتم طرح هذا السؤال : لماذا تم فصل أكثر من ثمانون قاضياً في العام الماضي؟ يقول البعض من المحامين والمواطنين : بأن هذا دليل على استشراء الفساد في مؤسسة القضاء في سورية وأن الرئيس بشار الأسد أحس بذلك فقرر حسم الموضوع وتم فصل هؤلاء القضاة بناءً على توجهاته .
4- يتردد بين جميع المحامين في المحافظة بأن المسابقة الأخيرة التي تمت في أواسط عام 2007 ونجح من مجموع المتقدمين خمسة محامين فقط في المحافظة وأن الكثيرمنهم وجد طريقاً خاصاً به للوصول إلى هذا النجاح ، ولكن هل هناك من يصدق بأن الناجحين من المتقدمين للمسابقة لم يدفعوا شيئاً للوصول إلى هذا النجاح؟؟ ، وأعتبر البعض من المحامين بأن على الدولة أن تقوم بعدة إجراءات لمكافحة الفساد القضائي ومن بينها إنشاء هيئة أومجلس مستقل لتعيين القضاة،وأن تتناسب رواتبهم مع سنوات الخبرة والقدم ، وأن تكون هذه الهيئة أو المجلس مخولة بالتحقيق وتوجيه الاتهامات إلى القضاة ، ويجب أن يتمتع القضاة بالحصانة المطلوبة ، و أن يتم إبعاد القضاة من الضغوط السياسية لكي لايتم حرمان المواطنين من حقوقهم في الدفاع واللجوء إلى المحاكم العادلة
فما الذي تقوله المواثيق الدولية والدستور السوري بشأن القضاة ؟
– جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليؤكد في المادة 14 منه على أن “الناس جميعا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أوفي حقوقه والتزاماته،في أية دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون، وفي المادة الثانية منه، دعا كل دولة طرف أن تكفل لكل متظلم أن يبت بحقوقه، التي يدعي انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة”) انضمت إليه سورية بالمرسوم التشريعي رقم 3 لعام 1969)
الدستور السوري يقول في المادة 131 منه: السلطة القضائية مستقلة، ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال، يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى.

ونصت المادة 133/ : (1- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون -2- شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم.)
– الكثير من الناس تكلم والكثير أيضاً من المحامين تكلموا عن الرشاوي ، إلا أن غالبية الناس رفضوا ذكر أسمائهم أو حتى أن يشار إلى قضية محددة بعينها لكي لايتم التعرف عليهم ويكونوا بذلك قد وضعوا العراقيل هم بذاتهم لذاتهم ،وقد قمت بدمج أراء مختلفة وكثيرة برأي واحد وبشكل مختصر لأن الأمور تتشابه كلها ولكن أشخاصها وصورها تختلف من مكان لأخر.
——

( كلنا شركاء ) 16/1/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…