لمصلحة من افتعال الأزمة في الحركة الكردية؟

سربست جزيري

ليس خافياً على أحد أن الحركة الكردية عامةً, تعاني من حالة التشرذم والانقسام, وليس بعيداً عن ذلك, ما يجري الآن في صفوف عدد من التنظيمات الكردية, وأخص بالذكر حالة آزادي أنموذجاً, فمنذ الذكرى الثانية لتأسيس هذا الحزب, بدأنا نسمع ونقرأ البيانات والبيانات المضادة على صفحات النت, واحتدم النقاش, وتوالى الجدل حول حقيقة الخلافات التي دبت في صفوف آزادي, والتي وضعت مستقبل هذا المشروع الوحدوي على كف عفريت, يخشى معه انفراط عقده, وانفضاض من التموا حوله.
فمنذ أن طرح هذا المشروع الوحدوي بين عدة فصائل, وأنا أشك في جدوى تطبيقه, وخصوصاً بعد فشل تجارب سابقة, إنه شكاً ممزوجاً بالأمل في نجاحه, وبالخوف من فشله, وتداعيات ذلك الفشل على نفسية أبناء الشعب الكردي.

ومع كل ما أحدق بالتجربة من مخاطر فقد غلبتُ الأمل على الخوف على مبدأ: “تفاءلوا بالخير تجدوه”, وأسباب أخرى حدت بي إلى هذا التصور والاعتقاد أهمها:
1- حاجة الشارع الكردي ومطالبته المستمرة بانجاز وحدة الصف الكردي, لضرورات المرحلة.
2- تلاقي الحزبين واشتراكهما في العديد من الجوانب, سياسية وفكرية وتنظيمية.
3- إن الحزبين كانا يعانيان من الضعف في التنظيم, والضعف في تبني العمل الجماهيري, وما رافق ذلك من دعوات وآمال بإصلاح بنية الحزب على أساس المشروع الوحدوي وتمتين بنائه, وتطوير آليات عمله بغية الانطلاق به إلى مرحلة نضالية جديدة أكثر جدية وأكثر فعالية.
إلا أن استمرار الخلافات على طول المشروع الخط الوحدوي زمنياً وحتى الآن, وحدة هذه الخلافات التنظيمية التي تجاوزت تداولها البيت الداخلي, لتطفو على السطح ويعلم بها الشارع الكردي, وليكون حديثه اليومي, جعل مكانة آزادي ووزنه يتعرضان للاهتزاز والصدمة, ومما أفقده احترامه بين الجماهير.

ونظرة متأنية فاحصة لفحوى تلك الخلافات وحيثياتها وملابساتها, يتبدى لنا وبشكلٍ جلي: أن السبب الرئيسي في إشعال جذوة تلك الفتن وبذر بذور الانشقاق بين صفوف أعضاء الحزب هو سكرتير آزادي, والذي جعلنا نتبنى هذا الرأي هو: ضلوعه في بعض الأحيان في التردد والتلكؤ والممانعة في المشاركة مع لجنة التنسيق في بعض النشاطات, هذه اللجنة التي شكلت لتكون بالأصل إطاراً للفعل الجماهيري والعمل النضالي الحقيقي في الشارع السياسي السوري, وقيامه غير مرةٍ بالوقوف حائلاً أمام مشاركة بعض الأطراف الكردية مع لجنة التنسيق للقيام بالنشاطات النضالية السلمية (تظاهرات, احتجاجات, تجمعات …الخ).
وقد حاولت قيادة آزادي أكثر من مرة تهدئة حالة التوتر الناجمة عن ممارسات سكرتيرهم, وإغضاء الطرف, وضبط النفس إلى أقصى حد, وامتصاص كل ما ترتب من قراراته الجائرة بحق العديد من كوادر الحزب النشطة, والذين أبعدوا عن العمل الحزبي جراء ممارساته المجحفة, ومع كل ما بذلته قيادة آزادي وما قدمته من تضحيات وما أبدته من سعة صدر وحرص كبير على صيانة هذه التجربة الوحدوية والحفاظ عليها, والمرونة العالية في التعاطي السلس الواعي البعيد النظر مع هذا السكرتير, الذي ما فتئ يمارس أسلوب الضغط وتحريض أعضاء الحزب ضد بعضهم البعض وإذكاء نار الفتنة والبغضاء في النفوس وترسيخ حالة من الانقسام والتمزق داخل منظمات آزادي, بهدف ضرب الوحدة وتعطيلها, وما صدر مؤخراً عما يسمى بـ (كونفرانس منظمة النمسا), لهو أكبر دليل على النوايا السيئة لتوجهات السكرتير وممارساته.

ومضمون البيان الصادر عن كونفرانس هذه المنظمة المتناقض مع مضمون بيان الهيئة القيادية لحزب آزادي, والذي دعى إلى تطويق الأزمة ولم الشمل ورأب الصدع وإطفاء نار الفتنة.

ومع الأسف فبدلاً من التدخل الإيجابي لمنظمة النمسا لحل الأزمة, فقد جاء بيانها تلبيةً للرغبات والتوجهات الخطيرة لسكرتير آزادي, مع العلم بأن منظمات أوربا لحزب آزادي عانت وأكثر من غيرها من ممارسات وإساءات السكرتير.
وفي السياق نفسه, وللتدليل على سلبية سكرتير آزادي, نذكر ما جرى مؤخراً من حادثة المصالحة بين عائلتين كرديتين في مدينة تربه سبييه (هذه الحادثة التي دفعتني للكتابة عن هذا الشخص, والذي يسكن في نفس البلدة), حيث شارك حزب آزادي بوفد مثله عدد من أعضاء اللجنة المنطقية, وشاركوا في عملية الصلح, وألقى أحدهم كلمة مقتضبة باسم آزادي, تشيد بالصلح وتنبذ الخلافات والنزاعات الكردية- الكردية, وتحث على الوحدة, والحب, والتعاون..

في سياق اجتماعي بحت, وبدلاً من أن يثني هذا السكرتير على رفاقه المشاركين في هذا العمل الإنساني النبيل, طالب قيادة منظمة الجزيرة بضرورة معاقبة العضو المشارك في الصلح والذي ألقى الكلمة المذكورة, والعقوبة تمت بأغلبية الأصوات, فالسيد سكرتير آزادي لا يحبذ أن تتصالح العوائل الكردية, وإلا ما معنى عدم مشاركته؟ وإصراره على محاسبة رفيقه المشارك؟.

تبقى الأسئلة برسم الإجابة؟؟؟؟؟؟؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* يُشكّل المسيحيون في سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، وقد لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البلاد منذ اعتناق المسيحية في القرن الأول الميلادي. تعتبر سوريا واحدة من المراكز الأولى التي احتضنت المسيحية، حيث يُعتقد أن القديس بولس تحول إلى المسيحية في دمشق، ومن هنا انطلق لنشر رسالته في العالم. كما تُعد مدينة أنطاكية، الواقعة شمال سوريا،…

كاميران حاج عبدو تُعدُّ سوريا مثالًا لدولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، تزخر بتنوع ثقافي واجتماعي ولغوي. ومع ذلك، فشلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في توظيف هذا التنوع كعامل قوة لبناء هوية وطنية جامعة. بدلاً من ذلك، اعتمدت سياسات إقصائية اختزلت مفهوم الهوية الوطنية في إطار ضيق، بعيدًا عن الاعتراف الحقيقي بالتعددية التي تميز المجتمع السوري. على مدار تاريخها الحديث، لم تشهد…

خليل مصطفى أمس (السبت 25/1/2025) نشر الأستاذ إبراهيم اليوسف، مقالاً هاماً، عبره سلَّط الأضواء على أكثر الناشطين خطورة ليس على كورد سوريا فحسب، بل على شعوب الأُمَّة السورية. أقتبس (مع إضافة): يبدأ (أ. إبراهيم) قوله: يبدو لكُلِّ عاقل بوضوح، أنَّ بعض العُربان (السوريين) الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، قد اتخذوا (لشخوصهم) دوراً محورياً في بثِّ خبثهم لتأجيج الخلافات بين الكورد…

عبدالرحمن كلو بعد سقوط النظام السوري، تغيَّرت معادلة توازن القوى في سوريا بشكل كبير وملحوظ. فغياب نظام الأسد وإيران معًا أحدث بيئة سياسية مختلفة تمامًا عما كانت عليه في السابق. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رفعتا الغطاء بشكل كامل عن السلوك الإيراني في كل المنطقة، مُنهيةً لعبة القط والفأر التي أدارتها إدارة أوباما-بايدن مع إيران، والهلال الشيعي…