إعلان دمشق… اغتيال ربيع آخر

مسعود عكو

قد يكون كتب على دمشق أن لا تعيش ربيعها المعارض، وبات مستقبل إعلانه زنازين مظلمة بحق قواده، وأنصاره، الذين أعلنوه كقوى للتغيير الوطني الديمقراطي، وظهوره كأبرز القوى السياسية المعارضة داخل البلاد، ناهيك أن هذا الإعلان قد استقطب معظم القوى السياسية، بأغلب أطيافها الإثنية، والدينية، والطائفية، ويعد حتى الأن؛ أحد أبز التحالفات السياسية للمعارضة السورية داخل وخارج البلاد.
إعلان دمشق… الذي ضم قوى عربية وكردية وأشورية، إسلامية ومسيحية، علمانية ومتدينة، يسارية ويمينية.

سعياً منهم لوضع مذكرة تفاهم للقوى المعارضة، أو المختلفة مع النظام من شأنها تأسيس، أو تسعى لتأسيس اتحاد سياسي يطرح فكرة إصلاحية، محاولاً إقامة نظام وطني ديمقراطي، يكون مدخلاً أساسياً في مشروع التغيير الوطني، والإصلاح السياسي العام، والشامل في البلاد، منتهجين الأساليب السلمية، والمبنية على التوافق، واحترام الحوار والاعتراف بالرأي، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية في البلاد، ورفض التغيير الذي يأتي محمولاً من الخارج كما ورد في المذكرة التأسيسية للإعلان.
إعلان دمشق… ربيع باتت تزهر براعمه، وتتفتح أزهاره، ناثراً حبات طلعه في رياح التغيير، معلناً انتصاراً جديداً على الاعتقالات، والأحكام العرفية، وقوانين الطوارئ، فارضاً نفسه كحقيقة سياسية اجتماعية، مؤسساً لثقافة المواجهة، وتحدي القمع، والاستبداد الذي اغتصب الحياة بكل ألوانها وأشكالها… ربيع واجه شتاء الفساد، الذي طال كل شيء، وباتت رياح ربيعه، تغير المفاهيم القمعية، والاستبدادية، وتؤسس لإيديولوجية جديدة، تواجه التسلط، وتغمد سيوف القمع من فوق الرقاب، وتنادي لحرية حقيقية انتظرها الكثيرون.
إعلان دمشق… ربيع طال انتظاره، حركة حان وقتها، لتبدأ بوضع قطار البلاد على السكة الصحيحة، والتي من شأنها إيصال الوطن، والمواطن إلى بر الأمان، بما يعصف بها من كوارث، وعواصف ترتطم بها، وكثيرون يستغلون هذه الكوارث، لاستجرار الويلات إلينا.

فالحري بكافة أبناء هذا الوطن التكاتف لنصرته، لا النيل من دعاة، ورموز الديمقراطية، وطلاب الحرية التي اغتيلت منذ عقود.
إعلان دمشق… ربيع متجدد يزهر كل يوم في كل بقعة من أرض سوريا، ستتحول كل الميادين، والساحات إلى رياض للإعلان، وحدائق تزهر  فيه أهدافه، ومبادئه، وسيمضي  قدماً كأداة للتغيير، والتعبير عن أمال، وتطلعات شعبا التواق للعيش كبقية شعوب المعمورة، وينسف كل أغلال الحقد، ويحطم كل جدران الكراهية، ويبدد غيوم الذل، والخنوع، لينتصر بقوة، وإرادة شعب كان، وما يزال حياً، وحراً، وأبياً.
رغم النداءات الدولية التي طالبت النظام السوري بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، لكن! بدون جدوى فما زالت د.

فداء الحوراني، وأكرم البني، ود.

وليد البني، وأحمد طعمة، وجبر الشوفي، وعلي العبد الله، ومحمد ياسر العيتي، يقبعون في أقبية الأجهزة الأمنية، من دون أدنى مراعاة للقوانين الدولية، وحتى الوطنية التي تفرض وجوب مذكرات قضائية رسمية، لتوقيف المواطنين، ولا يجوز حجز حرية أي إنسان، ولكن! هكذا تكون الحياة السياسية، والقضائية في بلد يرزخ تحت نير قوانين طارئة، وأحكام عرفية.
كثيرون دفعوا حياتهم ضريبة لحرية، وديمقراطية سوريا، وكثيرون يقبعون الأن في زنازين مظلمة، فمازال البروفيسور، والعالم الاقتصادي عارف دليلة، والناشط والمحامي أنور البني، والكاتب والصحفي ميشيل كيلو، والسياسي د.

كمال لبواني، ومحمود عيسى، ورياض درار، وفايق المير، وآخرون، وانضمت إليهم كوكبة أخرى من السياسيين، والمعارضين لقوانين الطوارئ، والأحكام العرفية الراغبين في إصلاحات ديمقراطية حقيقة في البلاد، فإلى متى تعامل الدولة مواطنيها بهذا الشكل؟؟؟ وتوئد أي بصيص حوار بين نظرتين مختلفتين للواقع.

تساؤلات تنخر تلافيف الذاكرة السورية، لماذا موجة الاعتقالات هذه؟ ولما كل هذا الانتقام من مواطنين سوريين يعبرون عن آرائهم وأفكارهم بطرق سلمية؟ لماذا يخشى نظام كامل من عشرات المواطنين الذين لا يملكون سوى أقلامهم، وأفكارهم، وسنين امضوا معظمها قابعين في سجون منفردة؟؟؟ شيء بات مخجلاً بكل المقاييس، ويبدي مدى الخطورة القادمة من وراء ممارسات هذه العقلية الضيقة النافية للآخر!!! لا غرابة في هذا ولكن! لما هذه الشراسة في الاعتقالات الأن؟؟؟ أثمة صفقات، ومساومات تكون أثمانها مواطنون سوريون؟؟؟ أم هو استمرار وأد حرية التعبير، والانتقام من الحقائق، واغتيال ربيع آخر باتت تخضر أوراقه رويداً رويداً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…