إعلان دمشق يتجاوز تحديات صعبة

فايز سارة  

انهى تحالف اعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي في سورية اعمال مجلسه الوطني الموسع بعد أن انتخب قياداته في مستوى مكتب المجلس الوطني وفي مستوى الامانة العامة، واقر وثائقه الاساسية في الميدانين التنظيمي والسياسي.

وكانت تلك المهمات بين ابرز التحديات التي واجهت الاعلان منذ ولادته في أواخر 2005.
والاهم في المهام التي واجهها اعلان دمشق في العامين الماضيين واستطاع أن ينجزها، كان عقد المجلس الوطني ذاته، لأنه دون انعقاد المجلس.

فان اعلان دمشق، كان سيظل يراوح في مكانه حول فرضيات اساسية في مقدمتها الديموقراطية والانفتاح والتمثيل الاوسع للسوريين، وكلها برزت في قائمة البشائر الاولى، التي وعد اعلان دمشق السوريين بها بعد اغلاق وانغلاق سياسي عاشته سورية منذ تولى حزب البعث زمام السلطة بعد انقلاب آذار 1963.
لقد جعلت الظروف السياسية والامنية التي ولد اعلان دمشق في ظلالها ذهاب المعارضة الى تجربة ديموقراطية وتحقيق انفتاح وتوفير تمثيل اوسع للسوريين من الامور الصعبة التحقق، ومن وسط تلك الصعوبات، قام الاعلان بانتخاب ممثلين عن هيئاته، وفتح ابواب الحوار مع فعاليات من الشخصيات الاجتماعية والثقافية والسياسية من المستقلين ليكونوا في عداد اعضاء المجلس الوطني الذي زاد عدد المشاركين فيه عن مئة وستين عضواً مثلوا كل المحافظات السورية، وكل اتجاهات الطيف الفكري والسياسي والعرقي لبلد غني بتنوعه، كما تمثل الشباب والنساء في إطار الحاضرين.
وسط هذا التكوين، جاءت اعمال المجلس في انتخاب قيادات الاعلان المركزية، فتم انتخاب مكتب المجلس الوطني برئاسة سيدة ونائبين وامينين للسر، فازوا بتزكية الحاضرين، فيما جرت انتخابات بالاقتراع السري لاختيار اعضاء الامانة العامة للاعلان ففاز اربعة عشر عضواً بينهم سيدة اخرى، وتمت تسمية ثلاثة اعضاء بالتوافق، ليصبح اجمالي عدد اعضاء الامانة سبعة عشر عضواً، يفترض بهم أن ينتخبوا مكتباً للامانة يضم اقل من نصف اعضاء الامانه مهمته ادارة اعمال الاعلان العاجلة.
واقر المجلس وثائق سياسية – تنظيمية، تتعلق بتوجهاته وبنيته وعلاقاته الداخلية، مضيفاً اليها اقراره بياناً ختامياً عن اعمال المجلس، أكد فيه سلمية التغيير الوطني الديموقراطي، ونبذ العنف وسياسات الإقصاء والاستئصال، داعياً إلى تداول السلطة عبر الانتخاب الحر، وإلى حرية الرأي والتعبير والتنظيم، وفق مبادئ التعددية والمواطنة، وحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، واستقلال السلطات وسيادة القانون.
ودعا البيان للحفاظ على الاستقلال الوطني وحمايته، من خطر العدوان الصهيوني المدعوم من الإدارات الأميركية والتدخّل العسكري الخارجي، معتبراً أن «هذا الموقف لا يتناقض مع فهمنا لكون العالم أصبح أكثر تداخلاً وانفتاحاً، فينبغي ألا نتردد في الانفتاح والإفادة من القوى الديموقراطية والمنظمات الدولية والحقوقية في ما يخص قضيتنا في الحرية والديموقراطية، وخصوصاً في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان».
ولم يكن القيام بكل تلك المهمات ممكناً دون نقاشات تخللها شد وجذب من جانب اعضاء المجلس الوطني، تناولت ليس الموضوعات والمواقف فقط، وانما عمق التجربة ومستقبلها، الامر الذي عكس حيوية المشاركين وعمق المسؤولية التي تحلى بها الحاضرون، وعبروا عنها بصورة عملية في سعيهم الى الحفاظ على اساسيات الاعلان سواء في توجهاته السياسية او التنظيمية والعمل على تطويرها بصورة ايجابية.
لقد تحدى الاعلان الظروف السياسية والامنية المحيطة به على الصعيد الوطني، واستطاع أن يتغلب عليها، كما تغلب على تحدي الخلافات الداخلية التي راهن خصوم الاعلان على انفجارها تحت مزاعم الصراع بين الديموقراطيين والليبراليين، لاسيما في ظل امرين اثنين اولهما محاولة تكريس وجه خارجي للمعارضة السورية، والثاني ظهور تباينات داخل اطراف في الاعلان حول بعض المواقف السياسية، واستطاع المجلس الوطني في الامرين تم تجاوز الخلافات الداخلية في عملية معقدة، خلطت بين التوافق وعمليات التصويت الديموقراطي، وهي القاعدة الثنائية المعتمدة داخل اعلان دمشق، التي كفلت الحفاظ على الاعلان وقواه رغم ما بينهما من اختلافات وخلافات، لكنها اكدت عمق ايمانها بالديموقراطية.
اعلان دمشق في تجربة مجلسه الوطني الموسع، وما انتجه من خطوات وتوجهات اكد تجاوزه تحديات صعبه، لكن ما تم القيام به، وضع اعلان دمشق امام تحديات اصعب وفي مقدمتها الانخراط بصورة عملية في التغيير الوطني الديموقراطي التي رفع شعارها قبل عامين، فهل يكون الاعلان على قدر التحديد الجديد؟
كاتب سوري.
—–

 الحياة   – 17/12/07/

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…