صوت الأكراد *
فالأنظمة الاستبدادية التي تعاقبت على سدة الحكم تجاهلت وجود شعبنا وهويته القومية ، وطبقت بحقه مشاريع شوفينية وتدابير تمييزية، لا يزال شعبنا يعاني من وطأتها، رغم أنه يناضل بأساليب ديمقراطية سلمية من أجل التغير الوطني الديمقراطي وبناء نظام ديمقراطي يضع الحلول الواقعية لكافة القضايا والمشاكل التي تعاني منها البلاد ويضمن حقوق القوميات والأقليات في المجتمع السوري بما فيها الحقوق القومية والديمقراطية لشعبنا الكردي من (سياسية وثقافية واجتماعية) ، وبما يوفر للجميع الأمن والاستقرار ….
ومن جانب آخر فأن الحركة الوطنية الكردية لا تزال تعاني من حالت التشرذم – رغم التقارب النسبي بين أطرافها – وغياب الديمقراطية في التعامل فيما بينها، بسبب الأنانيات الشخصية والمصالح الحزبية الضيقة التي لا تخدم القضية الكردية في سوريا، عدا عن ذلك فان حالة من الضبابية تخيم على شعارات البعض، الأمر الذي يؤدي إلى خلط الأوراق ، فيستغلها الوسط الشوفيني لإثارة الشكوك والمخاوف في نفوس الأشقاء العرب بوجود (خطر كردي) مزعوم كما يطيب للبعض ، والأسوأ من ذلك هو محاولات صرف أنظار أبناء شعبنا الكردي عن نضالهم الوطني و القومي في سوريا ، وتوجيهها نحو ساحات أخرى، في حين أن الحركة الوطنية الكردية في سوريا ، تتبنى في برامجها مسؤولية دعم ومساندة نضال الشعب الكردي وحركته التحررية في كافة أجزاء كردستان ، وتدعو إلى بناء أفضل العلاقات النضالية مع أطرافها الوطنية على أسس من الاحترام المتبادل ، بعيداً عن التدخل في شؤون بعضها البعض ، ولكن ولكون الشعب الكردي مجزأ وموزع بين أربع كيانات مختلفة بموجب اتفاقيات استعمارية ، وبحكم هذا الواقع فإن الشعب الكردي وحركته السياسية يتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوقه القومية و الديمقراطية في كل جزء ، وفق ظروفه وإمكاناته المتاحة ، وطبيعي أن القضية الكردية في هذه البلدان ليست بدرجة واحدة من التفاعل ، نتيجة جملة من العوامل والأسباب الذاتية والموضوعية لكل جزء ، فمن الطبيعي أن تكون القضية الكردية في سوريا ومستقبل حلها هي محور نضال حركتنا الوطنية الكردية ، وتعنيها قبل غيرها ، وكذلك بالنسبة لهذه القضية في بقية الأجزاء الأخرى من كردستان ، لذلك من الموضوعية أن نلفت انتباه شعبنا الكردي في سوريا وحركته الوطنية الكردية إلى أن تتفهم هذه المعادلة السياسية الهامة وأخذها بعين الاعتبار ، لأن في ذلك تكمن مصلحة شعبنا وقضيته العادلة ، وعليه أن لا ينجر وراء شعارات تدغدغ المشاعر وتأجج العواطف لأغراض شخصية وحزبية ليس إلا … بل يجب اعتماد سياسة موضوعية وواقعية واختيار أسلوب العمل الجماعي في الدفاع عن قضية شعبنا بدلاً من اللجوء إلى أسلوب الاستئثار بالساحة الكردية في سوريا كما يحلو للبعض ووضعها في مواجهات مع النظام الذي يسترخص حياة ودماء مواطنيه من أبناء شعبنا الكردي دون وازع من ضمير كما حصل في التجمع السلمي يوم الجمعة الواقع في 2/11/2007م في مدينة القامشلي.
لهذا كله فإننا نؤكد على ضرورة ترسيخ نهجنا الوطني والقومي الديمقراطي السلمي في مسار نضال حركتنا الوطنية الكردية في سوريا، القائم على أساس الإيمان بإرادة شعبنا الكردي، وعدالة قضيته، وطموحه نحو التحرر والبناء، وكذلك إيمانه بالعلاقات الديمقراطية والحوار البناء، بعيداً عن روح التناحر، والمهاترات الضارة، وذلك من خلال التوجه الجاد نحو ترتيب البيت الكردي من الداخل ، وتقوية الذات ، والاستجابة لاستحقاقات المرحلة السياسية الراهنة، والتي تأتي في مقدمتها توحيد الخطاب السياسي الكردي ، وتشكيل مرجعية كردية تمتلك حق التمثيل والقرار من خلال مؤتمر وطني كردي في سوريا ، على طريق الحوار والتفاهم واللقاء ، ونبذ كافة الدعوات الضارة والممارسات الخاطئة ، وصيانة القرار السياسي الكردي المستقل في سوريا ، والانطلاق منه نحو تعزيز العلاقات الوطنية مع سائر القوى السياسية الوطنية والديمقراطية والفعاليات المجتمعية من لجان إحياء المجتمع المدني ، ولجان حقوق الإنسان في سوريا ، بغية تجميع الطاقات الوطنية وتسخيرها في مواجهة التحديات ، وفي خدمة تطوير وازدهار بلادنا.
—–
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) العدد (397) تشرين الثاني 2007