عقود على كونفرانس الخامس من آب 1965التحول العميق الأول في بنية الحركة الكردية السورية

صلاح بدرالدين
 
سرد بانورامي سريع
 
مشهد ماقبل التحولات: 
  بعد نحو تسعة أعوام على قيام ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا – الذي تغير الى الكردي بعد ثلاثة أعوام من الميلاد من دون اية توضيحات )، خلافات بين أعضاء القيادة ذات طابع فكري، وسياسي، وشخصي، ومن دون الإفصاح عنها في وثائق، تكتلات، وتجمعات متمردة على الحزب خصوصا بالجزيرة، انفكاك الجسم التنظيمي، اعتقالات، وملاحقات، لم تشمل نشطاء اليمين خاصة بالجزيرة الذين استغلوا الفرصة لافراغ الحزب من زخمه الثوري، وتحويله الى جمعية موالية للسلطة، حصول بعض الاختراقات الأمنية في التنظيمات الحزبية .
  تحركت القواعد، والكوادر، وبينهم فلاحون فقراء، وكسبة، وطلبة، ومعلمون، ووطنيون حريصون على صيانة، وتعزيز الحركة في المناطق، وإنقاذ الحزب بمعزل عن جميع أعضاء القيادة الموجودون منهم بالسجون او خارجها، وتم التوافق بينهم على عقد الكونفرانس الخامس للحزب الذي انعقد بقرية جمعاية من التالية أسماءهم :
  ١ صلاح بدرالدين. 2- محمد نيو. 3- هلال خلف. 4- محمد بوطي. 5- عزيز أومري. 6- عبد الحليم قجو. 7- يوسف اسماعيل. 8- محمد حسن. 9- نوري حاجي. 10- أحمد بدري. 11- فخري هيبت. 12- شمو ملكي. 13- محمد قادو. 14- ملا محمد أمين ديواني. 15- غربي عباس. 16- محمد خليل. 17- ملا شريف. 18- عبد الرزاق ملا أحمد. 19- ملا داود. 20- نوري حجي حميد. 21- محمد علي حسو. 22- ملا هادي. 23- عيسى حصاف. 24- ملا أحمد قوب. 25- ابراهيم عثمان. 26- سيد ملا رمضان. 27- رشيد سمو.
     الثقل الأساسي للمشاركين من الجزيرة، مع تمثيل رمزي لجياي كرمينج – عفرين – بسبب الاعتقالات، والملاحقات، وغياب أي تمثيل لمنطقة – كوباني – لضعف او حتى انعدام وجود التنظيم هناك بتلك المرحلة .
  أقر الكونفراس مشروع البرنامج السياسي الجديد، وانتخب قيادة مرحلية، التي انتخبت بدورها كل من : ( محمد نيو وهلال خلف وصلاح بدرالدين ” كهيئة سياسية عاملة، وقامت بأداء وظيفتها بالتواصل مع جميع أعضاء القيادة السابقين ودعوتهم لتحمل المسؤليات، فقط استجاب كل من ( آبوا وصمان صبري ومحمد ملا احمد – توز – ) وفي نشر جملة من الوثائق النظرية والتحضير للمؤتمر العام الذي عقد وانتخب  لجنة مركزية، وبدورها انتخب مكتبا سياسيا وسكرتيرا ” اوصمان صبري ” .
   انضم الشاعر الكبير – جكرخوين – وكذلك – محمد ملا احمد – الى القيادة المرحلية، وانسحب الاثنان بعد عدة اجتماعات قيادية لانهما لايستطيعان العمل التنظيمي مع آبوا وصمان لانه يرفض القيادة الجماعية كما اخبراني، وبقيا صديقين للحزب، وحضر – جكر خوين المؤتمر الأول مابعد الكونفراس بالهلالية ( ١٩٦٦ ) وترشح ولم ينل الأصوات المطلوبة، وعلى اثر ذلك حصلت لديه ردود فعل غاضبة والتحق باليمين فيما بعد .
  كان العالم يتوزع في ذلك العصر بين القطبين : الاشتراكي، والغربي ( الامبريالي )، والحرب الباردة على اشدها، وكانت حركات تحرر الشعوب جزء من الحركة الثورية العالمية، وقوتيها الاساسيتين : الدول الاشتراكية، والحركة العمالية العالمية، وكانت الحركة الكردية ضمن اطار القطب الأول بشكل عام لاسباب عديدة موضوعية وتاريخية، من بينها مبدأ حق تقرير مصير الشعوب الذي تبناه هذا القطب، وكذلك بسبب وقوف القطب الغربي مع الأنظمة في الدول المقسمة لوطن الكرد، وارتباطه معها باحلاف عسكرية وامنية، واجندات لمحاربة الكرد، وقد انبثق اليسار الكردي عموما تحت تاثير الظروف، والوقائع الداخلية والخارجية وبينها القضايا الاجتماعية .
     ( البارتي اليساري – الاتحاد الشعبي ) انجز مهاما تاريخية مثل : إعادة احياء الحزب وانقاذه – إعادة تعريف الشعب والقضية والحقوق، إعادة بناء  التحالفات الوطنية، والكردستانية، والإقليمية، والاممية على أسس برنامجية جديدة، وانتصر في تثبيت مبدأ وحقيقة وجود شعب كردي سوري من السكان الأصليين، وحل قضيته في اطار مبدا حق تقرير المصير، وتنشيط الحراك الفكري والثقافي، ودمج النضال القومي بالكفاح الوطني من اجل الديموقراطية والتقدم، وطرح فكرة استقلالية القرار، وصيانة الشخصية الوطنية الكردية السورية، وبناء علاقات اخوة و،تضامن، وتنسيق مع العمق الكردستاني وخاصة كردستان العراق والزعيم الراحل مصطفى بارزاني، على قاعدة احترام خصوصيات البعض الاخر، استطاع الحزب ايفاد نحو – ٣٠٠ – طالبة وطالب للدراسة بالخارج، وانشا ( رابطة كاوا للثقافة الكردية )، و ( جمعية الصداقة الكردية العربية )، وقدم الدعم المادي، والسياسي، والإعلامي للحركات الكردية في العراق، وتركيا، وايران وقام بتربية كوادر في الاكاديميات، ومعاهد الكادر في المنطقة وأوروبا .
   كان للحزب أربعة لجان منطقية بالوطن، وكان يتناوب على ادارتها كل من الرفاق : محمد نيو، وسامي ناصرو أبو جوان، وآخرون، وثلاث منظمات : تنظيم دمشق العاصمة باشراف الرفيق ربحان رمضان أبو جنكو، تنظيم لبنان ومسؤوله الرفيق مصطفى جمعة، وتنظيم أوروبا ومسؤوله الرفيق د سعد الدين ملا  لفترة محدودة، وكان الأمين العام صلاح بدرالدين يشرف عليهما بقرار من اللجنة المركزية، كما كان الرفيق سامي مكلفا من الأمين العام للاشراف العام على الحزب بالوطن وبمثابة نائب له، وقد تولى كل من الرفيقين الشهيد مشعل تمو، وجلال ابوروزين وكل لمدة عامين تقريبا، مسؤولية التواصل مع الأمين العام خلال اقامته باوروبا بتكليف من القيادة .
  فضح الحزب منذ ان حصل على وثيقة محمد طلب هلال عام ١٩٦٦ مخطط الإحصاء والتهجير والحزام في الداخل والخارج حتى قبل المباشرة بتطبيقه، ووقف أعضاؤه من فلاحي عدد من القرى ( علي فرو – كري بري ) على سبيل المثال في مواجهة السلطة بالتظاهرات الاحتجاجية، وتوزيع المنشورات بتوقيت واحد، في جميع المدن، والبلدات، والمراكز بالجزيرة، وقامت السلطة على اثرها باوسع حملة اعتقالات طالت رفاقنا ومناصرينا بشكل أساسي .
  كانت منظمة الحزب في لبنان من مؤسسي الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الشهيد كمال جنبلاط، وممثلة في كل مؤسساتها، كما اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلية للحزب في – غزة – ولاحقا – رام الله – ودامت عدة أعوام، كما أبدت قيادة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية موافقتها على افتتاح ممثلية للحزب ب – عدن – وبسبب الظروف الداخلية هناك لم يتم ذلك .
  تم افتتاح ممثليتين لكل من ( حزب عمال كردستان تركيا – عمر جتن )، و( حزبي ديموقراطي كوردستان – ايران ) ضمن مكاتب حزبنا في بيروت، كما نظمت دورات سياسية، وعسكرية، وامنية، لكوادر الحركة الكردية داخل لبنان، وفي أوروبا الشرقية .
                                                       *
   ظل آبوا وصمان كسكرتير للحزب مايقارب ثلاثة أعوام ثم استقال في كونفرانس عامودة ١٩٦٨، وتوجه الى تركيا لاشعال ثورة هناك، وعاد الى دمشق واصبح مقربا من – ب ك ك – حتى وافته المنية عليه الرحمة .
  قيام، ونمو، وانتشار الحزب بفكره، ومواقفه السياسية الواضحة، في كل المناطق الكردية، والعاصمة، والمدن الكبرى، وفي الخارج، وبذلك الزخم الملحوظ، اثار مخاوف نظام حافظ الأسد، فوضع المخططات الأمنية لضربه، واضعافه، والى جانب الاستهدافات العديدة، ومحاولات الاختراق، وتقديم سكرتير الحزب، وعضوين من المكتب السياسي ( آبوا وصمان صبري و محمد نيو، وصلاح بدرالدين ) للمثول امام محكمة امن الدولة العليا بدمشق عام ١٩٦٩ حيث هذه المحكمة تعقد للمرة الأولى حول القضية الكردية،  تعرض الحزب الى محاولتي – انشقاق – الأولى عام ١٩٧٥ عبر عنصرين من القيادة،  بدعم مباشر من – جلال الطالباني – بالتنسيق مع اللواء – علي دوبا – رئيس المخابرات العسكرية، والثانية عام ١٩٩٠ عبر عناصر ثلاث من القيادة، باشراف مباشر من العميد – محمد منصورة – رئيس المخابرات العسكرية بالقامشلي، الأولى أخفقت، والثانية نجحت جزئيا .
  كان ضمن صفوف التنظيم الحزبي نسبة مقبولة من العنصر النسائي وذلك للمرة الأولى في تاريخ الحركة السياسية الكردية، وكانت المرأة وخاصة في الوسط الطلابي مشاركة في مختلف الفعاليات النضالية، كما كان للطالبات حصة من المنح الدراسية بالخارج .
  لن يغيب عن بالي رفاقي الذين عملنا معا في هيئات واحدة، وواجهنا المخاطر، والصعاب سوية، والذين غيب الموت العشرات بل المئات منهم ( على ارواحهم السلام )، ومازال البعض منهم على قيد الحياة ( طالت أعمارهم )، وبينهم : جميع أعضاء الكونفرانس الخامس ( السبعة والعشرون ) الذين اتذكرهم واحدا واحدا، ومعلمي سيد رمضان برزنجي، وآبوا وصمان، ومحمد نيو، وهلال خلف، ومصطفى جمعة، وسامي أبو جوان الذي كنا نطلق عليه في مراسلاتنا – شيخ الجبل – ومحمد ملا احمد – توز – ، وعزيز اومري، والشهيد مشعل التمو، وجلال أبو روزين، وعبدالله رشيد , ومحمد امين أبو جلنك – وربحان رمضان – أبو جنكو -، ونيازي، – وأبو لورين،  والشهيد خضر شانباز، وسليمان شريف،، وغيرهم بالمئات، ( مع الاعتذار لمن لم تنشر أسماؤهم هنا ) .
     ملحوظة : الهدف من سرد صفحات من نضال الماضي هو اطلاع الذين لم يعاصرو تلك المرحلة، والاستفادة من دروسها التي تحمل الصواب والخطأ، قدر الإمكان، ولست بوارد إعادة انتاج الحزب الذي عملت فيه اكثر من ستة عقود .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…