منتدى الاصلاح والتغيير ينظم محاضرة بعنوان: البحث في العلاقات الاجتماعية في منطقة الجزيرة – الاشكالية و العوامل المؤثرة –

 

بتاريخ ٣١ تموز ٢٠٢٤  استضاف منتدى الاصلاح والتغيير الكاتب والباحث الكردي الاستاذ وليد جولي لالقاء محاضرة بعنوان: البحث في العلاقات الاجتماعية في منطقة الجزيرة –  الاشكالية و العوامل المؤثرة  – وذلك في مركزها بمدينة قامشلو . حيث حضر اللقاء مجموعة من المثقفين والسياسيين ومن كافة مكونات المنطقة  وقد بدأ اللقاء بالترحيب  بالرواد والاستاذ المحاضر من قبل عضو ادارة المنتدى الاستاذ عصام احمد
وقد شارك الرواد بعد القاء المحاضرة  بمداخلات  أكدت في مجملها على اهمية العلاقات الاجتماعية والسلم الاهلي
نص المحاضرة:
تطور العلاقات الاجتماعية في منطقة الجزيرة – الإشكالية والعوامل المؤثرة
سوف أبدا محاضرتي برؤية فلسفية تعبر عن الواقع التاريخي والتنوع الثقافي والحضاري للمنطقة، وهذه الحالة غير مرتبطة بالحدود السياسية المصطنعة التي ظهرت على شكل كيانات سياسية زائفة، إنّما هي تعبير عن الوجود التاريخي لثقافات وحضارات بشرية نشأت ووجدت في بقعة جغرافية تميزت بقوتها الثقافية، وبرزت بوصفها مهد الحضارات البشرية، وهنا عندما نذكر مصطلح “مهد” فإنّنا نعني أنّ البشرية وَعَتْ وتشكلت في هذه البقعة التي تقسمت تحت وطأة الحضارة، باحتكاراتها واستغلالها وتمييزها الجنسوي والطبقي، الحضارة التي بدلت ثوبها مرات عديدة  في سياق  التطور التاريخي، نتحدث هنا عن مزوبوتاميا العليا، أو بلاد ما بين النهرين، أو بيث نهرين، او كردستان، هنا لا تهمّ التسمية بقدر أهمية الواقع الثقافي التاريخي لجماعات بشرية نشأت وتواجدت في هذه البقعة الجغرافية لآلاف السنين، تعايشوا معاً باختلاف خصائصهم وطبائعهم، تقاتلوا وأباد بعضهم البعض، إمبراطورياتٌ تشكلت على أنقاض أخرى، وتوسعت ومن ثم فُنيت، وظل الاختلاف الإيجابي يكافح من أجل الحفاظ على المسار الصحيح لحقيقة هذه المنطقة.
 هنا لن نتحدث عن أولوية الوجود لفئة معينة، إنما سنعمل على وضع أسس فلسفية مغايرة لمنطق الفئوية، وربطها بالوعي، حيث يشكل الوجود والوعي قضية محورية في بحثنا هذا، ومصطلح الوجود بالتحديد يتصدر قائمة المصطلحات الفلسفية، التي غالباً ما يتم الجدل حولها، أما المصطلح التوأم الذي يلازمه، فهو الزمان، وهما لا ينفصلان عن بعضهما أبداً، أي من الاستحالة التفكير في الوجود بدون زمان، والعكس أيضاً يسري في المفهوم نفسه، وكلاهما يتحققان حتمياً بالنشوء، فالزمان يُرغم على النشوء متجسداً في الوجود، ولدى حديثنا عن الوجود وهو في حالة نشوء، يكون الزمان قد ولد إذا كان النشوء موجوداً، أي إذا وجدت وردتان مختلفتان في مكان ما على سبيل المثال، فهذا معناه أن الوجود والزمان موجودان هناك، أما النشوء فيتجلى في اختلاف الوردتان، لذا يمكن اعتبار النشوء حالة اختلاف وتجسد عيني للوجود، لذلك من غير الممكن الحديث عن وجود بدون نشوء وزمان، ولربما  كان الاختلاف والتباين أول خطوة على درب الصعود والارتقاء نحو الوعي، والوعي بمفهومه الكوني، حالة اختلاف وتباين لجميع الموجودات الكونية المادية والروحانية.
لا شك أن منطقة الجزيرة في سوريا الحالية، تعتبر النموذج الحيّ لما تقدمنا به من وصف  تاريخي فلسفي للواقع الاجتماعي المُعاش، ولا يمكن بجميع الأحوال فصل الجزيرة وخصائصها الاجتماعية عن الجغرافيا السورية والعراقية والتركية، انطلاقا من مبدا التفاعل الاجتماعي ومؤثراته الثقافية في جميع المراحل التاريخية وما قبلها، فالتاريخ بحد ذاته هو تعبير عن الوجود وأوجه الاختلاف فيه، وبالتالي لا يمكن بأي شكل من الأشكال عزو التاريخ لجماعة محددة، بحكم القاعدة الكونية القائمة على الاختلاف، وقد مرت هذه المنطقة ( الجزيرة ) في عدة مراحل تاريخية، من خلالها أثرت وتأثرت علاقاتها الاجتماعية ببعضها، سيما الثقافية والسياسية والدينية، كان لها جوانب إيجابية، وأخرى سلبية، وفي هذا البحث، ولكي لا ننجرّ إلى محاور تحتاج إلى التعمق والتوسع، ومن ثم احتمالية التشتت، سنحاول إعطاء وصف مكثف للتركيبة السكانية  في منطقة الجزيرة، والعوامل المؤثرة في العلاقات الاجتماعية، ووضع الرؤية المناسبة لشكل العلاقات، ووضعها في مسارها الصحيح، خاصة بعد أن شهدت سوريا على مدى ثلاثة عشرة عاماً، أزمة سياسية واجتماعية، جعلت علاقاتها الاجتماعية في أسوأ حالاتها.
 الجغرافيا -التركيبة السكانية لمنطقة الجزيرة
تُعرف الجزيرة بمعناها الواسع، بأنّها تلك المنطقة الشاسعة المثلثة الشكل التي تقع بين نهري الفرات ودجلة، حيث تتكئ قمتها إلى الشمال قليلاً من بغداد، في حين تقع قاعدتها على حواف جبال طوروس في تركيا، أما الجزيرة التي نعنيها في هذه الورقة، فهي القسم الذي يقع ضمن الحدود السورية. تتألف الجزيرة السورية من منطقة الجزيرة ومنطقة الفرات. تتضمن الجزيرة الأراضي الواقعة شمال وشرق نهر الخابور (الذي يفصل بين الجزيرة العليا والسفلى) ويمتد حزام من الجزيرة السفلى إلى شرقي الخابور حتى الحدود العراقية. هذه المنطقة الأخيرة، في طرفها الشمالي، أعطت بعد ترسيم الحدود شكلاً لافتاً للنظر، أُطلِق عليه اسم “منقار البطة”. يمتد منقار البطة إلى نهر دجلة الذي يجري برمته في الأراضي العراقية، فيما عدا امتداد قصير لمسافة 40كم يمر في الأراضي السورية.
تعرضت هذه المنطقة للكثير من التغييرات الديموغرافية و التقسيمات السياسية والإدارية، ولهذا سوف نقتصر البحث على مرحلة معينة، وهي مرحلة ما بعد تقسيمات سايكس بيكو ولوزان، مع الوضع بالاعتبار أنّ نسبة كبيرة من أراضي الجزيرة ظلت شبه خالية من السكان، بدليل أنه لا يوجد أية مدينة لها امتداد تاريخي يتجاوز المئة عام  أو أكثر بقليل، قياساً بالمدن المتواجدة على حواف الجزيرة كالموصل ونصيبين والرقة ومنبج وغيرها، حيث الغالبية العظمى للمدن وحتى الأرياف نشأت بعد اتفاقية أنقرة  1921المبرمة بين الانتداب الفرنسي وحركة مصطفى كمال، وأنّ المدن الموجودة غالبيتها تعتبر نُسَخاً عن مدن  قديمة واقعة ضمن الحدود التركية، كقامشلي ونصيبين، ديريك وجزيرا بوطان، عامودا والدرباسية وماردين.
وفق المعطيات الأركيولوجية والتنقيبات الأثرية، فإن السّويّات الأثرية ودلالات الاستيطان، تشير إلى أنّ آخر استيطان في الجزيرة لم يتجاوز ال 400 عام، وهذا الرقم مرتبط بشكل نسبي بالمسافة العرضية للحدود التركية، أي كلما ابتعدت المسافة من الحدود التركية نحو الجنوب، كلما زادت من الفترة الزمنية للاستيطان، فعلى سبيل المثال يذكر الخبير الآثاري  و رئيس البعثة الأثرية لتل شعير، الدكتور سليمان الياس، أنّه نتيجة لتصعيد الدولة العثمانية لنظام الضرائب والجباية، أدى إلى عدم تمدد السكان نحو الجنوب والتوجه نحو المدن الموجودة، وبالتالي بقاء المنطقة شبه خالية لحقب زمنية طويلة، ما خلا حالات التواجد البدوية الكردية المتنقلة بين المناطق العليا للجزيرة ومناطق سنجار وجبل عبد العزيز، وبعض القبائل العربية القادمة تباعاً من البادية السورية وحواف الفرات والعراق، لهذا ظلت سهول الجزيرة لحقبة زمنية طويلة مجرد بوادي رعوية شاسعة، تابعة للقبائل الكردية القاطنين في سفوح جبال طوروس، لحين التقسيمات السياسية والإدارية السالفة الذكر، التي نتجت عنها تغييرات ديموغرافية واسعة النطاق، كان لمنطقة الجزيرة نصيبٌ كبيرٌ منها، كمجازر نظام الاتحاد والترقي التركي بحق الأرمن والسريان والآشوريين، ما أدّى إلى نزوح الآلاف منهم باتجاه الجزيرة، وأيضاً بعض القبائل الكردية التي تعرضت للإبادة من قبل الأنظمة التركية والعراقية، على خلفية الثورات الكردية المتعاقبة، حيث شكل ذلك نسيجاً اجتماعياً متنوعاً بنسب متفاوتة تتبع لسوريا.
طبيعة العلاقة الاجتماعية بين مكونات الجزيرة – العوائق والمشتركات.
العوائق:
لا شك أنّ طبيعة العلاقة بين مكونات الجزيرة، ظلت متأثرة بالواقع السياسي والفكري على مدى المراحل التاريخية، سيما التاريخ المعاصر الذي شهد تحولات متسارعة، بسبب تصاعد الفكر القومي خلال حقبة القرن المنصرم، والذي أنتج دولاً قومية مبنية على الأسس التمييزية والعنصرية.
فهذه التقسيمات لم تأتِ إلّا بعد مخاضات اجتماعية عسيرة، تغيرت من خلالها وبشكل كبير حالة التوازن الاجتماعي بين سكان المنطقة، فالحدود المصطنعة كان لها تأثير ملموس على العلاقة الطبيعية بين المكونات، سيما مسألتي الهوية والانتماء، التي تبدلت تدريجياً باتجاهات أخرى، هذا إلى جانب مؤثرات تاريخية مهيئة للواقع الجديد،  كسياسة التمايز التي اتبعتها السنن والشرائع الدينية، التي وضعت ضوابط لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال، فعلى سبيل المثال مسألة تحريم الزواج بين معتقدي الديانان والمذاهب، قلّصت كثيراً من عملية التمازج و التكامل الثقافي، وأيضاً أشعرت الأقليات الدينية والمذهبية بالمظلومية في معظم المراحل، فحصيلة تلك التوجهات جعلت من المجتمعات أكثر بعداً عن الروابط التي من المفترض أنْ تكون أساساً لشكل وسوية العلاقات الجامعة، ناهيك عن التنمر الذي ظهر فيما بعد بين الفئات نتيجة التربية الأسرية المبنية على المفاهيم التمييزية، والمناهج التربوية والتعليمية، ودور العبادة، والجانب السلبي للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، الذي لعب دوراً كبيراً في تصعيد خطاب الكراهية، كل ذلك أدى إلى تخزين  كمّ لا بأس به من العوامل السلبية في العقل الفردي والجمعي لمكونات المنطقة، لتشكل أرضية ربما كانت الأنسب لانتشار الفكر القومي في مرحلتنا الراهنة، فضلاً عن التركيبة الاجتماعية المعاصرة لمنطقة الجزيرة، التي تشكلت عبر مراحل تاريخية متفاوتة، سيما وأنها تعتبر منطقة تماس بين ثقافتين رئيسيتين هما، الآرية، والسامية، لذلك ظهر في الكثير من الأحيان جدلٌ حول هوية المنطقة، الشيء الذي أوصل عملية التعايش المتكامل إلى أعلى مستويات التنافر والعنصرية. وقد كان لسياسات الأنظمة السورية، وعلى وجه الخصوص حكومتي الوحدة والبعث، الدور الأبرز في خلق الانقسامات بين مكونات المجتمع، فحصيلة عملية الإحصاء الاستثنائي لمنطقة الجزيرة 1962، ومشروع الحزام العربي والإصلاح الزراعي الذي تم  بموجبه  الاستيلاء على أكثر من مليوني دونم من أملاك سكان المناطق الحدودية من كرد وعرب وسريان، ووهبها لعرب الغمر، وصولاً لأحداث قامشلو 2004 وتبعاتها المخزية، جعلت من العلاقات الاجتماعية ، خاصة بين بعض الشرائح العربية والكرد في أسوأ حالاتها.
كل ما سبق ذكره من عوامل اجتماعية وسياسية، شكلت بيئة مناسبة للتطرف بكل مسمياته، الإثنية، والدينية، والإيديولوجية، بأن يتصدر مقدمة الإشكاليات الاجتماعية، وبالتالي التأثير على مسار التعايش السلمي بين المكونات، حيث بات من الصعوبة طرح الأفكار التي تدعو إلى التماسك الاجتماعي، وطرح ما يمكن من حلول سلمية توافقية شاملة في خضم التناقضات السالفة الذكر. علاوة على ذلك، ظهور جماعات تكفيرية لا تتقبل مطلقاً ثقافةً أو معتقداً غير الشريعة الإسلامية السلفية، كجماعة الإخوان المسلمين والفصائل التابعة لها، إلى جانب جماعات قومية شوفينية ترفض أيّ شكل من أشكال التنوع الثقافي، كالبعثيين المتواجدين ضمن النظام والمعارضة، هؤلاء الذين كان لهم الدور الأبرز في إثارة النعرات الطائفية، فضلاً عن ظهور الخلافات السياسية بين وداخل مكونات المنطقة. فعلى سبيل المثال خلقت الخلافات الكردية-الكردية الكثير من التناقضات الاجتماعية، ولا يمكن إنكار تقلص العلاقات بين مؤيدي طرفي الخلاف السياسي والإيديولوجي، في الأوساط الكردية والعربية. فرغم دعوة الكثيرين من فعاليات المجتمع المدني إلى إقامة علاقات سوية مبنية على التكامل الثقافي والتسامح والتعايش المشترك، وتطرح برامج توعية بشأن قضايا المناصرة والسلم الأهلي، إلّا أنّ جميع المعوقات التي ذكرناها جعلت من هذه النشاطات ضعيفة وغير كافية لتشكيل علاقات اجتماعية نموذجية.
المشتركات:
بجميع الأحوال، ولكي لا نبقى متشائمين حتى النهاية بشأن سويّة العلاقات الاجتماعية بين مكونات المنطقة، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الكثير من القواسم المشتركة الإيجابية التي تميزت بها مكونات الجزيرة، والتي كانت تبنى عليها علاقات سليمة ومطوِّرة للواقع الاجتماعي، وبطبيعة الحال تلك القواسم لم تخلق من عدم، إنما هي تعبير واضح عن الاختلاف الإيجابي الذي ذكرناه في المقدمة، وهي طبيعة الإنسان المتقبل للآخر، فرغم المعوقات الكثيرة، إلّا أنّ هناك تجارب يمكن الاعتماد عليها، وبناء علاقات مميزة من خلالها.
لا شك أنّ حالات المصاهرة التي جمعت بين الكرد والعرب، كانت لها نتائج أفضل من عدمها، وأيضاً العلاقات الاقتصادية القائمة بين المكونات المسيحية والمسلمة، التي حافظت بشكل لا باس به على الروابط الاجتماعية، فضلاً عن الكثير من المورثات الثقافية التي جمعت بين المكونات المختلفة كالتمازج اللغوي الجزئي الذي أنتج لهجة جزراوية لها مكانتها الخاصة بين اللهجات السورية، إلى جانب الفن والموسيقا، من خلال الألحان الموسيقية وتداولها فيما بينهم، حتى إنّ  بعض الفنانين مازج بين اللغات في أغانيهم، أمثال عمر سليمان وعدنان جبوري وجان كارات، سعيد يوسف، كربيتي خاجو، وآرام ديكران، وإبراهيم كيفو، ودلوفان، وغيرهم الكثيرين الذين ساهموا في تقوية الروابط الثقافية، زد على ذلك، ثقافة  (الكريفانية) التي انتشرت بين المسلمين والطوائف المسيحية والكرد الإيزيديين، كان ذلك نتيجة الشراكات القائمة سواء في مشاريع الزراعية، أو الصناعية، او التجارية، على سبيل المثال هناك العديد من قرى جنوب الرد العربية سمت أبنائها بأسامي مسيحية وكردية، أسوة بشركائهم، حتى إنّ غالبية الأرمن وقسم من السريان والعرب يتحدثون الكردية بطلاقة، كل ذلك مؤشرات واضحة على المحبة والتمازج الثقافي.
وعليه فإّنه بالإمكان اتباع عدة آليات في المرحلة المقبلة لتقوية العلاقات الاجتماعية وهي:
1- إعادة إحياء التكامل الاقتصادي عبر بناء وتطوير الشراكات الاقتصادية والتنموية، فمن المعروف أن كل مكون من مكونات الجزيرة تميز بطابعه الاقتصادي الخاص، وهذه الخاصية معروفة لدى العامة، فعلى سبيل المثال تميز الكرد بالزراعة، والأرمن والسريان بالصناعة، والعرب بالثروة الحيوانية وتربيتها، رغم أنّ هذه القاعدة لم تكن ثابتة وشاملة، إلّا أنّ هذا ينمّي من عملية التكامل الاقتصادي، ويقوي من الروابط الاجتماعية والثقافية.
2- دعم وتطوير ثقافة المجتمع المدني الحر، بكل جوانبه الاجتماعية، عبر التكثيف من الملتقيات الفكرية والسياسية والثقافية، بهدف التواصل المستمر، وإزالة الرؤى النمطية المنتشرة بين المكونات وشرائحها المجتمعية والسياسية، وإرساء أفكار التعايش الإيجابي المدني، البعيد عن الطبائع التعصبية المثيرة لخطاب الكراهية المكتسبة من الفكر القومي الشوفيني.
3- للإعلام ومواقع التواصل دورٌ هام، سواء في تقوية العلاقات أو في تقويضها، لذلك ينبغي على النخب الثقافية الحذر من الانجرار إلى حالات مثيرة للنزعات الطائفية والميول التعصبية.
4- العمل على توحيد المناهج التربوية والتعليمية، بحيث تكون منسجمة مع متطلبات المرحلة التي تدعو إلى التسامح والتعايش المشترك، وتخلو من أفكار العنف وخطابات الكراهية، مناهج لا تتضمن الأفكار التعصبية والدينية التي تميز بين مكون وآخر، يكون فيها التاريخ ملكاً للجميع، وليس لفئة محددة.
5- إنّ المصالحات حاجة مرحلية ملحّة، ومن دونها لا يمكن تحقيق أية نتائج إيجابية، ومن الضرورة أن تكون بدايتها سياسية، كون المنطقة تتعرض لتهديدات مستمرة، وهذه التهديدات وجودية، من الصعب مواجهتها في ظل انقسام شعوب المنطقة وأطرافها السياسية.
ختاماً:
في محاضرتي هذه توخّيت الحيادية في طرح أفكاري، كتجربة يمكن الاقتداء بها في جميع الخطابات الفكرية والسياسية، ولم استند كثيراً للمراجع التاريخية، ذلك بسبب عدم قناعتي الكافية بما نشر عن تاريخ وخصوصية منطقة الجزيرة.
للأسف غالبية المقالات والدراسات المنشورة عن المنطقة، كتبت من مبدأ الأنا الإثنية، كتّاب عرب، وكرد، وسريان وأرمن، مستشرقين، حتى اليهود الذين لم أذكرهم بسبب زوالهم من المنطقة، جميعهم لم يقنعوني بحقيقة هذه المنطقة التي لاقت الويلات من الأنظمة الفاسدة، هناك واقع اجتماعي متنوع يجب علينا تقبله بدون تعصب وبدون تحفظ سواء ضمني أو علني. وبناءً عليه يجب إزالة كل المعوقات والتحديات التي تواجه هذا الواقع، عبر نشر وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش المشترك للوصول إلى نظام ديمقراطي تعددي لامركزي، يضمن حقوق جميع المكونات، وعلى ما أعتقد مشروع الإدارة الذاتية سيكون المشروع الأمثل فيما لو أجمعت عليه جميع المكونات والأطر السياسية.
وليد جولي
كاتب وباحث كردي سوري
المداخلات
أ. عامر هلوش 
منطقتنا كانت تسمى بادية نصيبين  وبنيت بعد سايكس بيكو بالاساس كمنطقة تعايش وكانت ارض بور سابقا  ودخلت الى المنطقة عشائر عربية وكردية وسريانية من  اجل الرعي وعندما جاء المحتل الفرنسي بنى المنطقة على اساس التعايش السلمي وهذه العشائر تؤمن بقضية العيش المشترك بدون تنظيم سياسي  ولا اعتقد ان الانظمة السياسية اثرت على العلاقات الاجتماعية في المنطقة فنحن لدينا مورورث ثقافي اجتماعي عشائري نعتز فيه وهناك شواهد كثيرة على ذلك ولازالت العلاقات الاجتماعية قوية وقائمة والذين يخلقون الخلافات هي المحاور السياسة فالكرد  مثلا  في خطين ساسيين متوازيين   ينعكس سلبا علينا جميعا
واؤاكد بان العوامل الاجتماعية هي الاساس الذي نعتمد عليه في العيش المشترك والسلم الاهلي
أ. نايف جبيرو 
لا اعرف المقصد من  قول المحاضر بان المدن في الجزيرة السورية لاتتجاوز عمرها مئة عام  مع ان التاريخ يثبت بان هناك مدن ك نصيبين عمرها الاف السنين  وكانت هناك قرى في الجانب السوري كانت على شكل مدن  مثل ليلان التي كانت عاصمة ونتيجة الحروب تغيرت كثير من الشعوب والمعالم وكانت شرق الفرات جزءا من بلاد ما بين النهرين وكانت المنطقة عامرة على مدى التاريخ وفي العهد العثماني كان التنقل بين منطقة واخرى نوعا من الهجرة الداخلية  وان الكلام الذي يقال بان الكرد وافدون من تركيا  الى سوريا هو غير صحيح ويعبر عن فكر  شوفيني
أ. عبد الباري احمي
الحالة الاجتماعية ليست بمثالية. ولكنها من افضل المناطق في سوريا والخلافات التي تحصل هي بسبب الخطوط  السياسية  التي تتناولها النخبة فلم تكن تتواجد الصراعات السياسية من قبل  ولذلك كانت الحالة الاجتماعية افضل  والان كل المكونات تحاول ان تعطي احقية تاريخية لوجودها قبل الاخر  وما اتمناه من السياسيين والمثقفين ان يتجنبوا هذه الخلافات التي تؤثر على العلاقات الاجتماعية وان يعلموا باننا جميعا شركاء في هذا الوطن
أ. أحمد زكي
اعتقد  ان الحديث عن المشتركات وطرح مفهوم المصالحات اشياء بدائية والاصح ان نطرح دولة القانون  والمواطنة  لكي يتساوى فيها كل المواطنين فقد عملت كل الحكومات في بث حالة الانشقاق بين المكونات لتستفيد منها  فالحل في الدولة المدينة   دولة القانون والمواطنة المتساوية
أ. فيصل ابو ريناس 
المنطقة انقسمت بعد اتفاقية سايس بيكو باربع او خمس سنوات وقبلها كانت دمشق ولاية  وكل منطقة كانت تتخذ شكلا خاصا بها  وكانت المنطقة تحت النفوذ الفرنسي  ان وجهات النظر التي طرحت باتخاذ اشكال مختلفة للحكم في كل منطقة تبنتها فرنسا وبريطانيا ولكن بشكل استعماري فيما بعد
د . محمد مصطفى 
الهجرات كانت لاسباب متعددة  كالاضطهاد الديني  او المجاعة … والجزيرة السورية كانت مستقلة مثلها مثل ولاية دمشق وولاية حلب والجميع كانوا يتبعون لاستنبول  وكانت اراضي الجزيرة خصبة   فقصدها  المهاجرون. والمدن ليست قديمة في الجزيرة وقد بناها اولا المسيحيون
والهجرة ليست عيبا فقد حكمت الظروف على الناس بان تهاجر من منطقة الى اخرى  ولم يكن هناك استقرار  الا بعد الاصلاح الزراعي وتوزيع الاراضي  والنعرات القومية لم تكن  موجودة حتى ان جاء. الاتحاد والترقي وبدأت هذه النعرات بالسياسة هي التي عكرت صفوة العلاقات الاجتماعية ونؤكد على ان مايجمع هذه المكونات هي اكثر بكثير مما تفرقهم
د. عبد الباقي درويش
هذا الموضوع هام ويحتاج الى عدة جلسات
حتى ١٩٢٠ لم تكن دولة باسم الجمهورية  التركية
لقدعصفت بالمنطقة  الكثير من الاحداث وبينت مدى التجانس بين المكونات  وكمثقفين ونخبة يجب ان نعمل من اجل ترسيخ العلاقات الاجتماعية والسلم  في العائلة والمدرسة  .. في الدرباسية كانت العلاقات بين المكونات منذ القديم جيدة وخاصة مع المسيحيين الذين بنوا مدينة الدرباسية  اؤكد مرة اخرى على اهمية السلم الاهلي والدعوة الى عقد جلسات متعددة من اجله
أ. هيفاء محمود 
.
العلاقات الاجتماعية في سوريا الحديثة لم تكن جيدة حيث كان هناك لون واحد يفرض نفسه على الجميع  فالمكون الكردي مثلا كان محروما من لغته ولايسمح له بالتحدث بها  وهذه كانت تؤثر بشكل سلبي على العلاقات الاجتماعية  فلا بد من دولة قانون  تحمي حقوق المكونات حتى تكون هذه العلاقات سوية فالجغرافية السورية في كل منطقة لها تاريخها وخصائصها والحل في انشاء دولة حديثة بدستور علماني ديمقراطي ينصف كل السوريين
د. سنحريب برصوم 
موضوع العلاقات الاجتماعية هو جوهر المحاضرة   فهناك موروث ثقافي لجميع المكونات  يحث على التعايش السلمي ولكن الانظمة عملت على ضرب هذا هذا الموروث وحاولت خلق عدوات بينها  ولانستطيع ان نتهم بعضنا فيما ارتكبت من بمجازر بحق هذا المكون اوذاك  بقدر ما تتحمله الانظمة الحاكمة   فالمجازر التي ارتكبت بحقنا   يتحمل مسؤليتها الحكم العثماني الذي استخدم شعوب المنطقة لاجل تنيفذها  واليوم تحاول هذه الانظمة لضرب هذه المكونات ببعضها حتى تنفذ مصلحتها في ترسيخ استبداها
وذلك على اساس تميزها عن بعضها قوميا اودينا ….
علينا  ان نعمل وفق موروثنا الثقافي حتى تترسخ هذه العلاقات الاجتماعية اكثر .
أ. اكرم حسين
المحاضرة كانت شاملة وكان لابد من هذا السرد التاريخي عن كيفية تشكيل المنطقة فهذه المنطقة تعرضت لغزوتين  على يد هولاكو مرة واخرى على يد تيمورلنك ولابد من التأكيد بان العرب والكرد والسريان شعوب اصيلة في المنطقة فهذه المنطقة كانت خالية في فترة ليست قصيرة ولم تكن هناك مدن والفرنسيين شجعوا السريان على بناء المدن وكذلك تم تهجيرهم من قبل الترك باتجاه هذه المناطق  وفي الارياف كان يتواجد الكرد  والعرب في السهول ولاحقا اصبح هناك نوع من الاندماج وبدأت تتطور العلاقات الاجتماعية  والسلطة كانت تمارس سياسة فرق تسد وكانت هناك وسائل اكراه لضبط هذه العلاقات  فكانت الصراعات الاجتماعية متواجدة ولكنها برزت على السطح بعد ٢٠١٢  وحتى ان الثورة السورية اكتسبت طابع طائفي
فلنعترف بهذه الحقائق حتى نستطيع  السير في الطريق الصحيح
مسعود سفو:
للوقوف حول اسباب تمتين العلاقات والروابط الاجتماعية أو تفكيكها في المنطقة علينا العودة الى الاسباب والمسببات عوضاً عن الحديث وشرح المشاكل البينية ولذلك اعتقد ان من اهم الاسباب الاساسية هو ::
١..انعدام القانون
٢..فقدان العدالة الاجتماعية نتيجة انعدام القانون
٣..ترسيخ الضوابط من خلال عقد اجتماعي ديمقراطي
٤..تأسيس مؤسسات للتكافل والتضامن الاجتماعي برعاية الدولة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…